الموازنة لا تستوعبهم.. هل ينفذ المحاضرون المجانيون تهديدهم بـ”شل” الدوام؟   

يتفاعل ملف المحاضرين المجانيين على أعلى المستويات، وكان آخرها الاجتماع الذي جمع وزير التربية بوزيرة…

يتفاعل ملف المحاضرين المجانيين على أعلى المستويات، وكان آخرها الاجتماع الذي جمع وزير التربية بوزيرة المالية إلى جانب لجنة التربية النيابية، لكن هذا الاجتماع وفقا للجهات المعنية ذاتها فإنه بحث كيفية تعيين المحاضرين وحصر أعدادهم، إلا أن مصدرا بوزارة المالية كشف عن استحالة تعيين جميع المحاضرين بسبب عددهم الكبير، والاتجاه لتعيين جزء بسيط فقط، بعد أن بلغ حجم الرواتب في الموازنة 65 تريليون دينار، في ظل أنباء عن تعيين فئات أخرى، وهو ما قوبل بتهديد صريح من المحاضرين بـ”شل” الدوام داخل المدارس في حال تسويف قضيتهم.

ويقول المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “لقاءً تشاوريا جرى بين وزير التربية ووزيرة المالية، حضره احد أعضاء لجنة التربية البرلمانية، ونوقش خلال اللقاء ملف المحاضرين، وهذا اللقاء التشاوري يأتي بعد يوم واحد من لقاء رئيس الوزراء مع ممثلي المحاضرين في عموم العراق، بدأت على إثره مديريات التربية في عموم البلاد برفع الكلف الخاصة بالمحاضرين إلى وزارة المالية”.

ويضيف السيد أن “هناك ما يقارب 282 ألف محاضر، ويتطلب أن ترفع هذه الأعداد مع التفاصيل والمعلومات الكاملة، حتى يتم وضع هذه الملفات أمام من يعنيه القرار من أجل تحديد الاستقطاعات التقاعدية والضمان وغيرها من التفاصيل”.

ويبين أن “وزارة التربية أثبتت جديتها وحرصها على المحاضرين من خلال متابعة ملفهم وتسهيل كل ما من شأنه تحقيق مطالب المحاضرين”.

وشهد يوم أمس، زيارة وزير التربية إبراهيم الجبوري ورئيس لجنة التربية النيابية زيتون الدليمي، إلى وزيرة المالية طيف سامي لبحث ملف المحاضرين المجانيين وكيفية تثبيتهم على الملاك الدائم.

ومنذ أيام، تشهد اغلب المحافظات تظاهرات كبيرة للمحاضرين المجانيين، بغية تثبيتهم على الملاك الدائم بعد أن تحولوا إلى عقود، وقد رافقت هذه التظاهرات أحدا عدة، من بينها استخدام القوات الأمنية للقوة بغية تفريقها.

يذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، استقبل ممثلي تنسيقيات المحاضرين المجّانيين أمس الاول، وأكد خلال لقائه معهم أن ملفهم يحظى باهتمام الحكومة، ودعاهم إلى العودة لمدارسهم، مؤكدا تواصل الاجتماعات مع وزارة المالية والمحافظين لتحديد أعداد المحاضرين المجانيين، والتخصيصات اللازمة لحسم هذا الملف ضمن موازنة 2023، وأن الحكومة تعمل بشكل متواصل وتبذل كل الجهود لخلق فرص عملٍ في قطاعات جديدة متنوعة.

إلى ذلك، يكشف مصدر مسؤول في وزارة المالية، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الوزير طيف سامي أبلغت الجهات الحكومية والبرلمانية أن هناك صعوبة كبيرة في تثبيت كامل المحاضرين على الملاك الدائم خلال موازنة سنة 2023، فالوزيرة أكدت أن الموازنة التشغيلية بلغت لغاية الآن 65 ترليون دينار، فكيف نضيف على هذه الموازنة درجات وظيفية بهذه الأعداد الكبيرة”.

ويبين المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه أن “وزيرة المالية أكدت أن هناك درجات وظيفية أخرى يريد إطلاقها مجلس الخدمة الاتحادي وتقدر بأكثر من 75 ألف درجة، فهذا يعني تحويل الموازنة كموازنة تشغيله وإلغاء أي موازنة استثمارية كون الأموال كلها ستكون من أجل دفع الرواتب فقط”.

ويؤكد أن “الوزير تعمل على إيجاد ضوابط وتعليمات لتثبيت بعض المحاضرين وفق شروط معينة، وقد لا يشمل كل المحاضرين بل أجزاء قليلة منهم، ويتم حسم أمر باقي المحاضرين على شكل وجبات خلال الموازنات المقبلة”.

يشار إلى أن لجنتي التربية والمالية النيابيتين في الدورة النيابية السابقة، دخلتا في سجال وتبادل اتهامات بعد إقرار موازنة 2021 دون تضمينها المادة الخاصة بحقوق المحاضرين المجانيين، ففيما كانت لجنة التربية النيابية تطالب بتضمين فقرة تحويل المحاضرين إلى عقود في الموازنة، كانت اللجنة المالية موافقة على التخصيص وتعترض على فقرة التحويل، بوصفها اختصاصا حكوميا.

وأنهى مجلس الوزراء في نيسان أبريل 2021 ذلك الجدل، بقرار التعاقد مع المحاضرين والإداريين المجانيين، وفق الغطاء المالي المخصص لهم في الموازنة السابقة، وهو ما تم تفعيله بأغلب المحافظات.

من جهتها، تؤكد عضو لجنة التربية البرلمانية زيتون الدليمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك نية حكومية جادة لحسم ملف المحاضرين وفق ضوابط وتعليمات خلال مشروع موازنة سنة 2023، خصوصاً أن هؤلاء المحاضرين لديهم تخصيصات مالية ودرجات وظيفية، لكن هناك بعض الإجراءات من اجل ضبط الأعداد الحقيقية للمحاضرين في عموم العراق”.

وتبين الدليمي انه “خلال لقائها مع وزيرة المالية برفقة وزير التربية أبلغتنا أن هناك استمارات يجب ملؤها بشكل ورقي وحفظها في أقراص من أجل بيان العدد الحقيقي للمحاضرين لمعرفة حجم التخصيصات المالية التي يحتاجها حسم هذا الملف، ونحن نعتقد أن العدد الحقيقي للمحاضرين هو 130 ألفا، وتم تقديم طلب رسمي للوكيل الإداري لوزارة التربية لكشف العدد الحقيقي والمسجل لدى الوزارة بأعداد المحاضرين”.

وتشير إلى أن “هناك نقصا كبيرا في أعداد الكوادر التدريسية مع الارتفاع الكبير بالنسب السكانية، فهناك مدارس في بعض القرى والأرياف لغاية الآن لا تمتلك مدرسين بسبب النقص في الكوادر التدريسية، ولهذا نريد مفاتحة رئيس الوزراء لتخصيص درجات تعيين جديدة على ملاك التربية لسد النقص ونحن نحتاج حالياً إلى أكثر من 50 ألف مدرسا لسد جزء من النقص في الكوادر التدريسية”.

وبين فترة وأخرى تنشط تظاهرات المحاضرين المجانيين، وخاصة العام الماضي، حيث شهدت محافظات الوسط والجنوب تظاهرات كبرى لهم، فضلا عن تطويقهم مكاتب مفوضية الانتخابات، قبيل إجراء الانتخابات السابقة وهددوا بعرقلتها في حال عدم حسم ملفهم.

بالمقابل، يعتقد ممثل المحاضرين في العراق مالك هادي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك جدية من قبل الحكومة بحسم ملف المحاضرين، لكن في الوقت نفسه هناك خشية من أن هذه الجدية قد تتحول إلى وعود كحال الوعود الحكومية السابقة، فلا أمان للنية الحكومية إلا بعد صدور قرار رسمي بهذا الأمر”.

ويضيف هادي أن “هناك خشية من أن تثبيت المحاضرين ربما لا يشمل الجميع ويختصر وفق ضوابط وتعليمات واختيار اختصاصات محددة، وهذا الأمر لن نقبل به وستكون هناك ردة فعل على مختلف الأصعدة”.

ويتابع أن “الإضراب العام للمحاضرين سيكون حاضرا وبقوة في حال التسويف بحسم ملف المحاضرين، خصوصاً أن المدارس تعتمد على المحاضرين بنسبة 80 بالمئة وأي إضراب للمحاضرين يعني شل التدريس في كافة المدارس بسبب عدم وجود كوادر تدريسية”.

وشارك المحاضرون المجانيون في أغلب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وكان المطلب الاساسي هو تحويلهم الى عقود وصرف مستحقاتهم بشكل كامل، خاصة وانهم مارسوا عملهم دون انقطاع، ومن ثم تحول مطلبهم إلى التعيين الدائم.

إقرأ أيضا