قمة بغداد 2.. لقاء “شكلي” ودور فرنسي غير واضح

تقترب قمة بغداد 2 من الانعقاد في العاصمة الأردنية عمان، لكن محللين سياسيين عربا قللوا…

تقترب قمة بغداد 2 من الانعقاد في العاصمة الأردنية عمان، لكن محللين سياسيين عربا أبدوا عدم تفاؤلهم بمخرجاتها وأنها لن تكون ذات تأثير على العراق أو الدول الأخرى، ولا تتعدى كونها لقاء “شكليا” فقط، مقللين من أهمية دور فرنسا فيها، كونها في الوقت الحاضر تبحث عن موطئ قدم في المنطقة لا أكثر، فيما رأى محلل سياسي عراقي أن القمة ستساهم بتقليل التوتر في المنطقة.

ويقول المحلل السعودي عبدالله غانم خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “التمثيل غير معروف حتى الآن فقد يحضر كما حصل في قمة بغداد الأولى وزراء خارجية عدا الدولة المضيفة والعراق وفرنسا”.

وبالنسبة للسعودية يضيف الغانم أن “علاقات واستراتيجيات المملكة مع العراق ثابتة بغض النظر عمّن يقود العراق سواء الكاظمي أو السوداني، إن ما يهم المملكة العربية السعودية إيجاد بيئة إستراتيجية جيدة تسمح بقيام علاقات متنامية وبسط الأمن والاستقرار والتعاون الثنائي في كل المجالات وهذا ما تسعى إليه المملكة مع كل جيرانها والعراق يقع في المقدمة”.

ويرى أن “القمة التي تنعقد في الأردن لن تأتي بجديد، ولا اعتقد أن لها مخرجات مؤثرة جدا على الأوضاع بالنسبة العراق وأي بلد آخر”، مشيرا إلى أن “الأوضاع الدولية مختلفة والبيئة الدولية في مأزق الحرب الأوكرانية الروسية، فماكرون وفرنسا يعانون في القارة الأوربية ولن يستطيعوا أن يقدموا الكثير لغيرهم في منطقتنا العربية”.

ويضع المحلل السعودي علامة استفهام على “مشاركة إيران في القمة”، متسائلا عن “ما يمكن أن تقدمه للعراق بشأن الأمن والاستقرار وما يريده العرب وجيران العراق الآخرين”، لافتا إلى أن “الاجتماع تنسيقي ربما لتبادل آراء ومناقشة أوضاع المنطقة بشكل عام والخروج ببيانات شاملة أو عموميات لا تدخل في التفاصيل وليس لها آليات عمل تتبع هذا الاجتماع”.

ويتمنى غانم أن “يكون الاجتماع جيدا ومثمرا وأن يعود بالفائدة للعراق”، مستدركا أن “الغرب يعاني مشكلات حاليا فالأوروبيون يعانون نقص الطاقة ويواجهون احتجاجات شعبية ضد التضخم مع استنزافهم في الحرب بأوكرانيا وكل هذه المشكلات لا تعطيهم الفرصة والإمكانية لتقديم أي شيء لغيرهم”.

وقلل غانم من إمكانية فرنسا في تقديم شيء بقوله “إنها لم تستطع أن تقدم أي شيء للبنان فالدولة منهارة بلا رئيس جمهورية ولا أمن، وبالتالي من لم يستطع مساعدة لبنان البلد الوديع لن يستطيع مساعدة الدول الأخرى وهي اكبر بكثير ولديها أزمات أكبر وتدخلات خارجية أكثر”

ومن المفترض أن تعقد قمة بغداد 2، يوم الثلاثاء المقبل، في الأردن، وهي امتداد لقمة بغداد الأولى التي عقدت في آب أغسطس 2021، بالعاصمة العراقية، لكن هذه القمة ستشهد مشاركة دولتين جديدتين وهما البحرين وعمان، إلى جانب العراق ومصر والسعودية والإمارات وقطر وتركيا وإيران وفرنسا. 

ولغاية الآن لا يعرف مستوى التمثيل لكل دولة، إذ امتنعت الرئاسة الفرنسية عن كشف مستوى التمثيل في القمة، وهو ذاته ما أقدمت عليه الدول المشاركة الأخرى.

يذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بحث هاتفيا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الرابع من الشهر الحالي سبل إنجاح وتحقيق أهداف مؤتمر بغداد بنسخته الثانية المقرر عقدها في العاصمة الأردنية عمان.

من جانبه، يؤكد الكاتب الأردني حسن ابو هنية خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه القمة استكمال للأولى التي عقدت في بغداد إذ كانت مسألة أمن واستقرار العراق هي الملف الجوهري في القمة الأولى وستكون كذلك في الثانية”.

وفيما يشير إلى أن “انعقادها قد تأخر إذ أطلقت في ظروف غير مستقرة”، يفيد أبو هنية بأن “عدم الاستقرار هو وضع اعتيادي للعراق رغم انتخاب رئيس وزراء جديد، ولكن شاهدنا خلال الأشهر الماضية الهجمات التي تنفذها إيران وتركيا داخل الأراضي العراقية بحجة وجود جماعات أو منظمات إرهابية”.

ويعتقد أبو هنية أن “انعقادها مهم من الناحية الشكلية أما من ناحية المضمون فلن تكون بأهمية القمة الأولى فلم تتبلور قرارات أو شيء عملي مباشر بدليل أن الانتهاكات لا تزال موجودة كما انه ليس هناك وضوح في موضوع الممثلين وليس هناك علم ما إذا كانوا رؤساء أو وزراء خارجية”.

ويلفت إلى أن “فرنسا ستكون الراعية الرئيسية بالإضافة إلى العراق فهي  مهتمة جدا بمحاولة توسيع علاقاتها كما تحاول أن تستفيد من العراق وتقديم الدعم والاستقرار له ورغم أنها شريكة في التحالف الدولي لكن أدوارها ثانوية حتى الآن على الرغم من محاولتها من خلال شراكاتها أن تعمق علاقتها بالمنطقة في ظل وجود حديث عن أن هناك تراجعا للوجود الأمريكي في المنطقة”.

ويستغرب أبو هنية “عدم دعوة لبنان وسوريا على الرغم من دعوة دول بعيدة مثل البحرين وغيرها وبالتالي ستكون هناك مشاكل من الناحية الشكلية والتحضيرية”.

جدير بالذكر، أن ماكرون والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، دعيا في أيلول سبتمبر الماضي إلى عقد مؤتمر جديد في “أسرع وقت ممكن” حول رهانات الشرق الأوسط يضم إيران والسعودية على غرار مؤتمر بغداد في عام 2021.

يشار إلى أن قمة بغداد الأولى، شدد بيانها الختامي على دعم جهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وفقا للآليات الدستورية، وأقر المشاركون بأن المنطقة تواجه تحديات مشتركة تقتضي تعامل دول الإقليم معها على أساس التعاون المشترك والمصالح المتبادلة ووفقا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام السيادة الوطنية.

إلى ذلك، يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري خلال حديث لـ”لعالم الجديد” أن “هذه القمة أو المؤتمر غايته دعم العراق، فالقمة السابقة التي عقدت إبان حكومة الكاظمي اتفق فيها على استمرار عقدها في البلدان المشاركة بشكل دوري”.

ويضيف الشمري أن “العراق يستفيد من هذه القمم فهي مساحة دبلوماسية لتعزيز العلاقات والتعاون بما يرتبط بالمجال الاقتصادي خصوصا في ظل أزمة المتغيرات العالمية”.

ويشير إلى “محاولة دفع المنطقة من خلال هذه المؤتمرات للمزيد من الاستقرار وإنهاء التوتر بين الدول كما أن هذه الأمور ذات ارتدادات ايجابية على العراق حيث أن الفائدة ستكون سياسية من خلال توثيق علاقاته ولعب دور أكثر في هذه المؤتمرات، كما أن الجانب الاقتصادي هو الاهم لاسيما وان العراق يعاني أزمة اقتصادية ووجوده بمثل هكذا مؤتمرات يساهم بتنشيط التنمية الاقتصادية وبما لا يقبل الشك ان موضوع الطاقة واحد من أهم النقاط التي ستتم مناقشتها”.

جدير بالذكر أيضا، أن ماكرون كان قد زار بغداد أكثر من مرة، في أعوام 2020 و2021، وأجرى لقاءات مع الرئاسات الثلاث وزار نينوى أيضا.

وتعاني الدول الأوروبية من أزمة بإمدادات الطاقة، بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، حيث قللت روسيا إمدادات الغاز الواصلة لأوروبا.

إقرأ أيضا