الأمطار تغرق أمانة بغداد بالتهم والأخيرة تدافع: أكبر من طاقتنا

أصبحت بغداد مهدّدة بالغرق تحت وابل المطر، قبل أن تصدر توقعات جديدة بموجة مطرية أخرى…

أصبحت بغداد مهدّدة بالغرق تحت وابل المطر، قبل أن تصدر توقعات جديدة بموجة مطرية أخرى منتصف الأسبوع الحالي، وفيما عللت لجان نيابية متخصصة هذا الأمر إلى الفساد وسوء الأداء في أمانة بغداد، رغم صرف تخصيصات مالية كبيرة لها، لكن الأخيرة دافعت عن نفسها عبر تأكيدها أن كميات الأمطار كانت أكبر من الطاقة الاستيعابية، وأنها عمدت إلى تصريف المياه عبر العجلات الحوضية.

وينتقد رئيس لجنة الخدمات البرلمانية محما خليل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، “أداء أمانة العاصمة بغداد، بسبب التقصير الذي بدا واضحا للجميع عندما أضحت العاصمة معرضة للغرق بأول موجة أمطار شديدة، ما يدل على أن هناك قصوراً في التحضيرات للأمانة لمواجهة الأمطار مع دخول فصل الشتاء”.

ويضيف خليل أن “أمطار يوم واحد أغرقت اغلب شوارع العاصمة”، متسائلا عمّا “ستفعله الأمانة لمواجهة هذه المياه لو استمر المطر أكثر، خصوصاً أن هناك جهدا  يساعد الأمانة في مواجهة المياه كمديرية الدفاع المدني وباقي الآليات في وزارة الدفاع والداخلية ووزارات خدمية أخرى”.

ويتابع أن “لجنة الخدمات البرلمانية، لديها الكثير من الملاحظات على عمل وأداء أمانة العاصمة بغداد، وسيكون لنا حراك باتجاه هذا الملف في القريب العاجل لمعرفة أسباب هذا التقصير رغم وجود صلاحيات كافية لها للعمل ودعم غير محدود من التخصيصات المالية، غير الأموال التي صرفت في السنوات السابقة من أجل تأهيل وتطوير البنى التحتية في بغداد، خصوصاً المتعلقة بشبكة المجاري وتصريف المياه”.

وشهدت العاصمة بغداد، قبل يومين موجة أمطار شديدة، سرعان ما أدت إلى غرق أغلب مناطق العاصمة وتضرر المنازل حيث غمرتها بالمياه بشكل كبير، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، فيما امتنع أصحاب المولدات الأهلية من جانبهم عن تشغيل مولداتهم بسبب دخول المياه لها أو حدوث انقطاع في بعض الأسلاك الواصلة للمنازل.

وتحوّل غرق العاصمة إلى مادة تهكمية في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تركزت المنشورات على الاستعانة بالزوارق للخروج من المنازل، فيما كان للجانب السياسي حصة من المنشورات، حيث عمدت جماهير التيار الصدري والإطار التنسيقي للدخول بمناكفات حول الخدمات المقدمة في زمن كل منهما. 

يذكر أن توقعات الطقس تشير إلى حدوث موجة أمطار أخرى خلال الأيام المقبلة، ومطلع الشهر المقبل، إلى جانب التوقعات بسقوط الثلوج في المناطق الشمالية.

يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ركز منذ تسمنه الحكومة على تحسين الواقع الخدمي، وشكل فريق الجهد الخدمي لغرض إنجاز البنى التحتية وتحسينها، وكان لأمانة بغداد حصة كبيرة من هذه الجهود.

من جانبه، يكشف عضو لجنة النزاهة البرلمانية هادي السلامي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك الكثير من الشبهات في المشاريع التي أنجزتها أمانة العاصمة خلال السنوات السابقة، إذ أنجزت مشاريع ليست بالمستوى المطلوب ولم تصل إلى المواصفات المطلوبة، خصوصاً تلك المتعلقة بشبكة المجاري ومضخات سحب المياه”.

ويبين السلامي أن “أي ملف تدور حوله شبهات فساد، سينعكس بشكل مباشر على أدائه ويؤدي إلى كوارث، ولهذا فأن العاصمة غرقت في أول نزول شديد للأمطار مع بداية فصل الشتاء، وهذا ما يدل على أن بغداد ستغرق مع كل موجة أمطار في قادم الأيام، ما يتطلب حراكا حكوميا وبرلمانيا لإيجاد حلول سريعة”.

ويشير إلى أن “لجنة النزاهة البرلمانية ستراقب وتراجع كافة المشاريع التي أنجزتها أمانة العاصمة خلال الفترات السابقة، خصوصاً المتعلقة بقضية شبكة المجاري ومضخات سحب المياه، وستكون لنا وقفة حقيقية تجاه هذا الملف لكشف أي شبهات أو تلاعب، فالفساد هو أساس أي فشل وإخفاق بتقديم الخدمات على كافة الأصعدة”.

يذكر أن أمين بغداد عمار موسى، تفقد في وقت سابق، محطات تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي للعمل بطاقتها القصوى عند هطول الأمطار، ووجه دائرة مجاري بغداد والدوائر البلدية بتهيئة محطات المجاري الرئيسة والفرعية ومشاريع معالجة مياه الصرف الصحي لتكون جاهزة.

وتعرضت أغلب مدن العراق العام الماضي، إلى موجة أمطار غزيرة، تسببت بغرق الطرق وبعض الأحياء السكنية، سواء في العاصمة بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية، كما تسببت بسقوط ضحايا مدنيين جراء انهيار بعض المنازل الطينية، فضلا عن سقوط أعمدة كهرباء في الطرقات العامة، الأمر الذي أدى إلى استنفار أغلب أجهزة الدولة الخدمية والأمنية لمنتسبيها لتصريف مياه الأمطار من المدن والأحياء السكنية.  

بالمقابل، يفيد المدير العام للعلاقات والإعلام في أمانة بغداد محمد الربيعي، خلال لـ”العالم الجديد”، بأن “كوادر الأمانة بعد الشدة المطرية التي شهدتها العاصمة، انتشرت في كل مناطق بغداد بأكثر من 340 حوضية وشافطة وتم العمل بأقصى الطاقات من اجل سحب مياه الأمطار من الشوارع، خصوصاً أن الشدة المطرية كانت تعادل 70 ملم بالساعة، وهذا الرقم يكاد يكون أكثر الأمطار شدة التي شهدتها بغداد خلال السنوات العشرة الماضية، وممكن أن تكون هناك اشد منها في قادم الأيام”.

ويبين الربيعي “أننا في أمانة بغداد مستعدون لأي موجة أمطار، والنفير موجود والطوارئ جاهزة وخطوطنا نظيفة، لكن هناك مشكلة في الطاقة الاستيعابية، فهذه الطاقة الاستيعابية غير متوقعة، وكل ما تكون الطاقة الاستيعابية أكثر من السعة، ستكون بعض شوارع بغداد غارقة بمياه الأمطار”.

ويضيف “نعرف جيداً في أمانة بغداد النقاط الرخوة، إذ تكون معالجة مياه الأمطار فيها بعد ما يقارب 6 ساعات، فنحن لم نبق أي شارع غارقاً ليوم كامل، كما كان سابقاً بل مجرد ساعات قليلة ويتم سحب مياه الأمطار، فيما كانت العاصمة سابقاً تبقى غارقة لأيام طويلة”.

ويؤكد المدير العام للعلاقات والإعلام في أمانة بغداد الحاجة إلى “جهد فرق الدفاع المدني ووزارة الداخلية والدفاع في سحب المياه من المناطق الزراعية، وهنا تنسيق لإنجاح هذا العمل وفق فرق مساندة”. 

وتشهد أغلب مدن البلد، ترديا كبيرا بالواقع الخدمي، وعلى كافة القطاعات، سواء الطرق والجسور أو المياه والمجاري أو التخطيط العمراني، وغيرها الكثير، على الرغم من وجود تخصيصات كبيرة للجهات والوزارات الخدمية، لكن غالبا ما يتم إرجاع الفشل بالمشاريع إلى الفساد المستشري في دوائر الدولة.

إقرأ أيضا