جولات الحوار السعودية الإيرانية.. هل بإمكان السوداني تفعيلها واستغلالها؟

بعد توقفها عند الجولة الخامسة، عاد إلى الواجهة الحديث عن جولات الحوار بين السعودية وإيران…

بعد توقفها عند الجولة الخامسة، عاد إلى الواجهة الحديث عن جولات الحوار بين السعودية وإيران برعاية العراق، إذ أكد متخصصون بالشأن السياسي قدرة بغداد على تحويل مسار هذه المفاوضات بشكل إيجابي ينعكس على البلد عبر استخدامها للعمقين “العربي والمذهبي” للتوصل إلى حل، مشيرين إلى أن طهران والرياض توقفتا عند نقطة “إيقاف الحرب الإعلامية”، لكن هذا الطرح رافقه انتقاد لعدم إدارة الحكومة الحالية ملف الحوار بشكل جيد وتفعيله، وبالمقابل قللت بعض التحليلات من إمكانية وقوع آثار سلبية كبيرة على العراق تشبه ما جرى قبل سنوات في حال عدم اتفاق الدولتين الجارتين.

ويقول المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تقريب وجهات النظر بين قطبي المنطقة إيران والمملكة العربية السعودية خطوة إيجابية، فالعراق سيكون المتضرر الأول من وجود أزمة بين هاتين الدولتين فقد تستخدم السياسة العراقية كجزء من هذا الصراع، ولذلك فأن هذا التقارب يمكن أن يستثمر في مساعدة العراق وتقوية مؤسسات الدولة والعمل على أن يكون الواقع العراقي أفضل فليس من مصلحة العراق وجود هذا الصراع”.

ويضيف البيدر أن “العراق ممكن أن يستثمر العمقين، العربي والمذهبي في الاقتراب من المملكة العربية السعودية وإيران، كما أن خلق حالة من التوأمة بينهما تمثل نجاحا كبيرا لهذه الحكومة التي تسير على خطوات من سبقها”، لافتا إلى “إمكانية أن يحقق السوداني التوازن في علاقات العراق، كما يمكن ان نعمل على حماية مصالحنا خاصة وان لتلك الدول إمكانيات جيوسياسية وثروات طبيعية”.

وعن أبرز نقاط الخلاف بين الدولتين، يتابع أن “الخلاف يتعلق بالنفوذ الإيراني في المنطقة وهو ما تتحفظ عليه المملكة العربية السعودية لاسيما وأن تلك التدخلات تعتبر جزءا من عقيدة النظام في إيران الذي يحاول نشر الثورة الإسلامية وأهدافها وأفكارها في المنطقة وهذا ما لا تريده السعودية”.

 

ولا ينسى المحلل السياسي نقطة خلاف أخرى وهي “التدخل الإيراني في الشأن السعودي ومحاولات احتواء شيعة المملكة وتأليبهم بالضد من النظام السعودي، في حين أن شيعة المملكة أو شيعة البحرين يتمتعون بحياة أفضل من نظرائهم في طهران أو بغداد”.

ويعتقد انه في حال لم يحدث اتفاق بين الطرفين أن “العراق سيشهد أزمات ولكن ليست خطيرة تصل لمستوى انفجار الأوضاع كما حصل في عام 2006 أو عام 2014 ولكن أزمات على الصعيد السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي، لاسيما أن بعض الأطراف التي تحمل السلاح قريبة من السلطة الآن ولديها تمثيل سياسي”.

ويؤكد البيدر على ضرورة أن يؤدي “رئيس الوزراء دور الحياد بأن يكون عامل مساعد في رأب الصدع فالسوداني دائما ما يشير إلى عدم رغبة العراق في الدخول بسياسة المحاور كما حدث سابقا أو الوقوف مع طرف ضد آخر”.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أكد يوم أمس، أن هناك أرضية متوفرة لعقد جولة سادسة من المفاوضات مع السعودية، إلا أنه لا يمكن تحديد موعد للجولة الجديدة من المفاوضات بعد، فيما بين أن الجهود العراقية مستمرة، والجانبان يثقان بجهود الطرف العراقي، ونرحب بجهود الوساطة.

يذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال خلال حوار أجرته معه صحيفة النهار اللبنانية قبل أيام، “أنا مقتنع بأنه لا يمكننا إيجاد أي حل لمشكلة لبنان والعراق وسوريا إلا في إطار حوار لتقليص التأثير الإقليمي الإيراني”.

جدير بالذكر، أن إيران والسعودية شاركتا بمؤتمر بغداد 2، الذي عقد الأسبوع الماضي في العاصمة الأردنية عمان، بمشاركة فرنسا ودول عربية أخرى. 

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي فلاح المشعل خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “جولات الحوار التي كان العراق فيها وسيطا بين السعودية وإيران تكررت بمضمون واحد، وهو تنقية العلاقات والخلافات بين الطرفين بالاستناد إلى جملة من العوامل منها إيقاف الحرب الإعلامية بين الطرفين وعودة الأمور إلى طبيعتها  وتطبيع العلاقات بينهما”.

ويتساءل المشعل عن مدى “استفادة العراق من هذا الصلح إن تحقق وعادت العلاقات إلى طبيعتها وهل سيستثمر هكذا خطوة سياسيا أو دبلوماسيا أو اقتصاديا؟”، مشيرا إلى أن “العراق ممكن أن يحقق فائدة من حالة الهدوء والسلام بين الدولتين، فهذه الخلافات طالما كانت تلقي بظلالها على العراق”.

ويتابع أن “هذه المبادرة جاءت وفق وجهة نظر سياسة الحكومة العراقية التي تبنت هذا المشروع وفكرت بأن الكسب من الصلح سيكون بإحلال السلام وتهدئة الداخل العراقي”، مستدركاً أن “هناك إستراتيجيات تتقاطع بين إيران والسعودية وأبرزها يمكن قراءته من خلال الوضع الأمني فالسعودية تسعى إلى بسط نوع من السلام في المنطقة لكونها ملتزمة بمشاريع اقتصادية عملاقة بمليارات الدولارات كما أنها تمتلك مشروعا اقتصاديا مع جمهورية الصين الشعبية”.

ويفيد المشعل بأن “إشكاليات كثيرة تقف بين السعودية وإيران تحتاج إلى زمن طويل وتنازل من كلا الطرفين كي يتم الوصول لا إلى حل، فكل منهما يفكر في الكسب لصالح مصالحه الإستراتيجية”، لافتا إلى أن “تقاطع الاستراتيجيات هو الذي يجعل الجلسات والمؤتمرات واللقاءات تتكرر دون أن تتقدم إلى الأمام”.

يشار إلى أن العراق، استضاف جولات سرية للحوار السعودي الإيراني على أرضه، منذ انطلاق أولى الجولات في 9 نيسان أبريل 2021، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران، ضمن إطار مفاوضات إيرانية مع الإمارات، وذلك بحسب ما نقله مصدر عن وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد.

يذكر أن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، علق مطلع العام الحالي، حول الحوار السعودي الإيراني على أرض العراق، بأن “جزءا كبيرا من الصراعات الداخلية العراقية له علاقة بالصراعات الإقليمية، لذا لإدارة الصراع في الداخل نحتاج إلى إدارة الصراع على الحدود، ومن هذا المنطلق بدأنا نبادر ونطرح أفكارا”.

من جانبه، يعتقد المحلل السياسي أحمد العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “العراق أصبح لاعبا فعالا دوليا وإقليميا فهو المؤسس لهذه الحوارات في زمن الكاظمي، وتكمن النقاط الجوهرية في أن السعودية حتى وقت قريب هي في خندق الامريكان بينما إيران بعيدة عن هذا الخندق بل هي العدو الرئيسي له وعليه فأن أمريكا تذهب في باتجاه عدم نشوء هكذا اتفاق أو تقارب بين السعودية وإيران بعيدا عن مصالحها”.

ويؤكد العبادي “عدم وجود جو ايجابي في هذه الحوارات وحتى الأيام الأخيرة شهدنا تصعيدات من خلال التصريحات وما لم ينضج حوار جيد بالملف النووي فلن يكون هناك تقابل بين إيران وكل ملحقات المحور الأمريكي بينها السعودية”.

وأشار إلى أن التوتر سائد ولن يكون هناك صدامات او احتكاكات سياسية عنيفة خاصة وان ملف روسيا واوكرانيا ما يزال ملتهب وعليه ستكون هناك حوارات الى ان يصل الامريكان باتفاق معين مع ايران ويلتحق به الجميع بعد ذلك.

ويوضح أن “العراق مؤسس لهذا الحوار وهو من يديره ويحتضنه”، لافتا إلى أن “حكومة الإطار لو كانت تمتلك قليلا من الذكاء لكانت ساهمت بإنضاج هذا الحوار وتقريب وجهات النظر وخلق جو ايجابي لأن ذلك ينعكس إيجابا على العراق”، مؤشرا وجود “مشكلة في إدارة الملف، فإلى الآن لا توجد أولويات ولا نعرف ما هي رغم أن هذا الملف هو من أهم الأولويات الخارجية.”

جدير بالذكر، أن سفير إيران لدى الكويت محمد إيراني، ذكر في تصريحات لصحيفة “الراي” الكويتية في آب أغسطس الماضي، أن عقد جولة سادسة من المحادثات بين السعودية وإيران في بغداد سيتم عندما تكون الظروف مواتية في العراق، مشيرا إلى أنه “كان من المقرر عقد جولة جديدة من المحادثات الشهر الماضي لكنها تأجلت بسبب التطورات الأخيرة في العراق، وهناك اتفاق على استئناف المباحثات بجولة سادسة لكن علينا انتظار دعوة عراقية بعد الأحداث الجارية في العراق، وهذه المحادثات تهدف إلى التوصل لاتفاق لعقد اجتماع مباشر بين وزيري خارجية السعودية وإيران”، وكان التصريح هذا، في ذروة الأزمة السياسية التي كانت قائمة في البلد حول تشكيل الحكومة الجديدة، والتي انتهت في تشرين الأول أكتوبر، بتشكيل حكومة السوداني.

إقرأ أيضا