رئاسة اللجان النيابية.. المستقلون يطالبون بها والإطار: مفاوضاتها ستشبه تشكيل الحكومة

بعد مضي قرابة عام على تشكيل مجلس النواب في دورته الجديدة، ما تزال رئاسات اللجان…

بعد مضي أكثر من عام على انعقاد مجلس النواب بدورته الجديدة، ما زالت رئاسات اللجان النيابية غير محسومة حتى الآن، في ظل اتهامات وجهها نواب مستقلون إلى الكتل الكبيرة بمحاولة السيطرة على اللجان المهمة، في حين كشف الإطار التنسيقي عن قرب البدء بمفاوضات تشبه تلك التي أفضت إلى تشكيل الحكومة، لحسم هذا الملف، وفقا للثقل النيابي لكل كتلة.

ويقول النائب المستقل هادي السلامي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “القوى السياسية المتنفذة تتصارع بكل تأكيد من أجل الحصول على رئاسة اللجان البرلمانية المهمة داخل مجلس النواب، بعد صراع سابق على الحقائب الوزارية ومؤسسات الدولة الأخرى”.

ويضيف السلامي، أن “هذه القوى المتنفذة تعمل وتسعى على تهميش وإقصاء النواب المستقلين من رئاسة أي لجنة برلمانية لها أهمية في متابعة ورقابة العمل الحكومي، فهي تريد الهيمنة على اللجان البرلمانية كما هيمنت على الحقائب الوزارية من قبل”.

ويؤكد أن “النواب المستقلين يسعون للحصول على رئاسة بعض اللجان البرلمانية المهمة، كي يكون هناك عمل رقابي وتشريعي حقيقي لهذه اللجان وتفعيلها بالشكل الصحيح، بعيداً عن أي مجاملات وضغوطات سياسية، وهذا السعي مستمر وسنعمل على ذلك مع بداية الفصل التشريعي الجديد”.

وتعتبر اللجان النيابية، ركيزة أساسية في عمل البرلمان، وذلك نظرا لتخصص كل لجنة بمراقبة أداء جهة تنفيذية معينة وتقديم مقترحات مشاريع القوانين الخاصة بها.

وقد شهدت اللجان النيابية سيطرة تامة من قبل الكتلة الصدرية، قبل انسحابها من البرلمان، وفي تلك الفترة كانت قوى الإطار التنسيقي والحليفة لها مقاطعة لجلسات البرلمان، بغية تعطيل تمرير رئيس الجمهورية، لكن بعد انسحاب الكتلة الصدرية، تغيّرت اللجان النيابية، على مستوى رئاستها والأعضاء، نظرا لدخول البدلاء، ولغاية الآن لم يحسم هذا الملف.

يذكر أن مجلس النواب، صوت في آذار مارس الماضي، على تشكيل 25 لجنة دائمية، وهي القانونية، المالية، الأمن والدفاع، النزاهة، النفط والغاز والثروات الطبيعية، العلاقات الخارجية، الخدمات والإعمار، الكهرباء والطاقة، الاقتصاد والصناعة والتجارة، الاستثمار والتنمية، التخطيط الاستراتيجي والخدمة الاتحادية، الصحة والبيئة، الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم، النقل والاتصالات، الثقافة والسياحة والآثار والإعلام، التربية، التعليم العالي، الزراعة، الشباب والرياضة، العمل ومنظمات المجتمع المدني، الهجرة والمهجرون والمصالحة المجتمعية، الشهداء والضحايا والسجناء، حقوق الإنسان، الأوقاف والعشائر والمرأة والأسرة والطفولة.

إلى ذلك، يبين القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وجود خلافات أو اختلافات في وجهات النظر بشأن رئاسة اللجان البرلمانية أمر طبيعي، ويحدث مع كل دورة برلمانية، لكن هذه الخلافات يتم حلها بالاتفاق والتوافق السياسي”.

ويبين الفتلاوي، أن “هناك إجماع واتفاقا سياسيا على حسم ملف رئاسة اللجان البرلمانية مع بداية الفصل التشريعي الجديد، فمع بدء الفصل ستخوض القوى السياسية حوارات ومفاوضات لحسم هذا الملف، بشكل توافقي ووفق اتفاق القوى السياسية، لاسيما في ما يتعلق بالقوى المنضوية تحت ائتلاف إدارة الدولة، فهناك تفاهم كبير داخل الائتلاف”.

ويلفت إلى أن “حسم ملف رئاسة اللجان البرلمانية، سيكون وفق الاستحقاق الانتخابي ووفق الثقل البرلماني لكل كتلة برلمانية، والكتلة التي تمتلك وزارة معنية سوف تأخذ اللجنة المختلفة عن مراقبة عمل وأداء هذه الوزارة”، مؤكدا أن “حسم أي خلاف في هذا الملف سيتم وفق الحوار والتفاوض كما حصل سابقا مع الحقائب الوزارية”.

يذكر أن نواباً أكدوا سابقا، عقب التصويت على اللجان، أن أكبر الأعضاء سناً سيتولى رئاسة اللجنة لحين تشكيل الحكومة وبعدها يتم التصويت على رئيس ونائب ومقرر اللجنة من داخلها.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الصراع السياسي على رئاسة اللجان النيابية ما بين الكتل والأحزاب المتنفذة أمر طبيعي، فهذه الأطراف تسعى للسيطرة على المشهد البرلماني، كما سيطرت على المشهد الحكومي، بل السياسي بصورة عامة”.

ويبين جودة أن “الكتل والأحزاب المتنفذة ستعمل بكل تأكيد على منع وصول المستقلين إلى رئاسة اللجان البرلمانية المهمة، وربما يتم إعطاء بعض المستقلين القريبين على تلك القوى، لجانا ليس لها أهمية فعلية كلجنة النزاهة، المالية، الخارجية، الأمن، التربية، التعليم وغيرها”.

ويتابع أن “الكتل والأحزاب المتنفذة، ستعمل على التوافق والاتفاق فيما بينها لمنع حصول المستقلين على رئاسة اللجان البرلمانية المهمة، خصوصاً أن توزيع رئاسة اللجان ما بين تلك القوى السياسية، سيكون وفق مبدأ المحاصصة السياسية والطائفية، كما يحصل في كل دورة برلمانية”.

جدير بالذكر، أن الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني، شكلت في أواخر تشرين الأول أكتوبر الماضي، أي مضى عليها شهرين ولم يشهد البرلمان تحركا لحسم رئاسة اللجان النيابية.  

يذكر أن الدورات النيابية السابقة، شهدت أحداثا عديدة بشأن اللجان النيابية، أبرزها الحديث عن تورط أعضائها بملفات فساد كبيرة، وتلويح أعضاء فيها بملفات الفساد في البرامج التلفزيونية، دون تقديم ما بحوزتهم من ملفات للقضاء.

إقرأ أيضا