التصعيد ضد الوجود الأمريكي.. استهلاك إعلامي أم نهاية تهدئة؟

تتزامن الذكرى الثالثة لـ”حادثة المطار”، مع دعوات إيرانية لحشد التصعيد مجددا ضد القوات الأمريكية في…

تتزامن الذكرى الثالثة لـ”حادثة المطار”، مع دعوات إيرانية لحشد التصعيد مجددا ضد القوات الأمريكية في العراق، ما عدّه مراقبون “استهلاكا إعلاميا” فقط، نظرا للعلاقة التي باتت تربط الحكومة والإطار التنسيقي المقرب من طهران، بواشنطن، في ظل تهدئة واضحة بعد اشتراك الفصائل بتشكيل الحكومة، وعدم رغبتها بتعقيد المشهد.

ويقول المحلل السياسي فلاح المشعل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “إيران التي تعاني اقتصاديا وسياسيا تحاول أن تعيد نشاطها وتمارس الضغط من خلال أطراف عراقية تسمي نفسها بالمقاومة، في محاولة للعودة إلى النهج الإيراني السابق بتهديد المواقع الأمريكية، لكن وضع الحكومة العراقية سيكون محرجا”.

وخلال اليومين الماضيين، صدرت العديد من الدعوات للتظاهر أمام السفارة الأمريكية، وعودة التصعيد ضد القوات الأمريكية، وذلك بالتزامن مع الذكرى الثالثة لاغتيال واشنطن لكل من قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد الدولي في 3 كانون الثاني يناير 2020. 

وكان عباس كعبي عضو مجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور في إيران، دعا الفصائل المسلحة في العراق إلى مواصلة العمليات العسكرية ضد القوات والمصالح الأميركية، وذلك خلال مهرجان تأبيني احتضنته مدينة البصرة بمناسبة للذكرى الثالثة للحادثة. 

ويضيف المشعل، أن “التوجه بفتح جبهة ضد الأمريكان ستكون له عواقب وخيمة، ليس أقلها الحصار الكامل على العراق من قبل الولايات المتحدة”، لافتا إلى أن “هذا الأمر يشكل حرجا وضغطا كبيرين على رئيس الحكومة محمد شياع السوداني والمناخ السياسي العراقي الداخلي والخارجي”.

ويبين أن “التحشيد ضد الأمريكان الذي سينطلق في ذكرى قادة النصر، سيكون صورة أمام الجماهير فقط، من دون أن يكون له صدى على أرض الواقع، لاسيما وأن أمريكا الآن لديها علاقات واسعة وتمثيل دبلوماسي ولقاءات مستمرة تجريها سفيرتها في العراق مع شخصيات حكومية وأطراف فاعلة بالإطار التنسيقي، وعليه فإن هذا التحشيد ليس سوى استهلاك إعلامي”.

وجاءت عملية الاغتيال صباح 3 كانون الثاني يناير 2020، بعد أسابيع من تظاهر فصائل مسلحة عند بوابة السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وتحطيم بوابتها الخارجية، احتجاجا على قصف أمريكي لأحد مقار الفصائل المرتبطة بالحشد قرب الحدود مع سوريا، وذلك ردا على عمليات مسلحة ضد قواتها المنتشرة في العراق وسوريا.

جدير بالذكر، أن العام الماضي، شهد تظاهرات حاشدة في ساحة التحرير وقرب أبواب المنطقة الخضراء، للحشد الشعبي إحياءً للذكرى الثانية لحادثة المطار، بالإضافة إلى الذكرى الثانية لاقتحام أسوار السفارة الأمريكية عام 2019، من قبل قادة الفصائل المسلحة.

بدوره، يوضح المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي كاظم الحاج، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المطالبة بثأر قادة النصر من المبادئ الثابتة بالنسبة لإيران وبعض فصائل المقاومة، وهذه الفصائل موقفها ثابت في ما يخص التواجد الأمريكي عدا فصيلين داعمين للحكومة”.

ويضيف الحاج، أن “الفصائل التي تدعم الحكومة معروفة وهي تتبنى هذا الدعم والموقف من أمريكا بشكل صريح، كما أن الفصائل التي تنادي بخروج الأمريكان واضحة كذلك، وعليه فأن من يشعر بالحرج عليه أن يكون أكثر وضوحا مع الشعب العراقي”.

ويبين أن “الأخذ بثأر قادة النصر وإخراج القوات الأمريكية ما تزال مواقف قائمة”، مبينا أن “بعض فصائل المقاومة التي تتبنى خطاب الحكومة تستخدم لهجة التصعيد ضد الأمريكان حينما يكون هناك تراجع في تأييد جمهورها لها، خصوصا في ما يتعلق بالثوابت كالمطالبة بمحاسبة قتلة سليماني والمهندس”.

ويرجع الحاج خطاب التهدئة خلال هذه الفترة إلى أن “تشكيل الحكومة يتطلب توافقا وطنيا ودوليا، وهذا أحد أسباب التهدئة الحاصلة خاصة أن فصائل المقاومة تقول إن هذه هي حكومتها وبالتالي لا تريد تعقيد المشهد السياسي”.

وبعد أن كان ملف إخراج القوات الأجنبية من العراق، من أبرز ما نادى به الإطار التنسيقي خلال الحكومة السابقة، واستخدمه ضدها، اتخذت الحكومة الحالية المشكلة من قوى الإطار، الصمت تجاه هذا الملف، وهو ما ربطه محللون سياسيون حسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، بهدنة أمريكية إيرانية، بالإضافة إلى عدم التأثير على حكومة السوداني.

ومنذ عامين، صعدت الفصائل المسلحة وقوى الإطار التنسيقي من مطالباتها بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وضغطت بكل السبل لتحقيق هذا الأمر، وهذا إلى جانب ظهور فصائل بأسماء وهمية، تبنت كافة عمليات استهداف المصالح الأمريكية في العراق.

جدير بالذكر، أن استهداف المصالح الأمريكية عبر الطائرات المسيرة والصواريخ، كان حاضرا في ذروة الأزمة السياسية التي استمرت لأكثر من عام، حيث جرت استهدافات عدة ومن أبرزها ضد القاعدة العسكرية الأمريكية قرب مطار بغداد الدولي، وذلك في أيار مايو 2021. 

من جانبه، يرى المحلل السياسي راجي نصير، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التحشيد ضد أمريكا ليس جديدا، إذ يمتد منذ حادثة المطار والموضوع أيضا لا يتعلق بالعراق فقط، بل يشمل إيران التي تحركت منذ ذلك الوقت للمطالبة بمحاكمة قتلة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، وأنها تمتلك ملفا حول المشتركين في الحادثة، أما الفصائل في العراق فتتحرك وفق المساحة التي تستطيع التحرك فيها وهي لا تمثل دولة”.

ويضيف نصير، أن “علاقة الحكومة العراقية بأميركا ليست على ما يرام حاليا لاسيما مع توجيه أصابع الاتهام للأخيرة بضرب الدينار العراقي”، منوها إلى أن “السياسة الأمريكية ليست ثابتة، بل تتحرك وفقا لمصالحها وهذا ديدنها كما هي أغلب دول العالم، وعليه يمكن أن تغير موقفها بأي لحظة إذا ما استدعت مصالحها، وهو ما يوجب على العراق أن ينطلق خطابه من مصلحته”.

يذكر أن السفيرة الأمريكية لدى العراق إلينا رومانوسكي، عقدت مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، لقاءات كثيرة، وكانت من أكثر الشخصيات الدولية التي التقت به، بداية من تكليفه بتشكيل الحكومة وبعد منحه الثقة من البرلمان.

وكانت واشنطن أكدت دعمها لحكومة السوداني، بأكثر من مناسبة، وعبر مسؤولين رسميين في وزارة الخارجية الأمريكية وغيرهم.

إقرأ أيضا