بالصور.. فنانون متطوعون يزينون جدران البصرة احتفاءً بخليجي 25

يحدّق مهند عبد المحسن، 45 عاما، على مهرجان لونيّ تزينت به جدران المدارس في البصرة،…

يحدّق مهند عبد المحسن، (45 عاما)، على مهرجان لونيّ تزينت به جدران المدارس في البصرة، فنانون شباب يخطون بفراشيهم على الجدران رسومات للسندباد وعبارات ترحيب بالوافدين بألوان تجذب الأعين.

ويقول عبد المحسن، لـ”العالم الجديد”، إنه “سعيد بمشاهدة هكذا فعاليات تضعنا في أجواء احتفالية، لقد عرضت على الفرق التطوعية المساعدة إلا أنهم شكروني منه وقالوا إنهم يحتاجون أن تكون هناك رعاية لأعمالهم وعدم العبث بها”.

“من أجل بصرة أجمل”، كان عنوان الحملة التطوعية التي يقودها مجموعة من الفنانين التشكيليين في المحافظة لتزيين جدران مركز المدينة برسوم تدل على إرث وتراث المدينة والاستدلال على الحدث الأبرز في هذه الفترة وهو احتضان الفيحاء لبطولة خليجي 25.

مبادرة طوعية

مجموعة من الرسامين المتطوعين يتراوح عددهم ميدانيا ما بين 18-20 من كلا الجنسين ومن مختلف الأعمار وبمراحل دراسية متعددة وتخصصات مختلفة فضلا عن موظفين حكوميين أطلقوا مبادرة تطوعية لرسم وتزيين مجموعة من الجداريات حول محيط ومداخل الملاعب الرياضية التي ستشهد مباريات بطولة الخليج ٢٥ في البصرة.

ويقول المشرف على الفريق، الفنان التشكيلي حسين عبد علي النجار، لـ”العالم الجديد” إن “الفكرة تولّدت لدى الفريق قبل ثلاثة أشهر حول كيفية تجميل المحافظة بشكل عام وإضفاء طابع جمالي على مظهرها العام، من خلال جهد طوعي يستهدف  المساحات الفارغة والجدران المنتشرة لتجسيد مجموعة من اللوحات الفنية وتزيينها بما يعبر عن هوية المدينة، إلا أن ذلك يحتاج إلى موافقات حكومية من اجل السماح لهؤلاء الفنانين بمزاولة الرسم في الأماكن العامة والجدران، وهذا الأمر تم بعد مخاطبة إدارة الحكومة المحلية والتي بدورها وافقت واقترحت على الفريق أن يركز على البطولة وذلك ضمن الاستعدادات والتجهيز”.

وعن التحديات التي واجهت بعض الرسامين، يضيف النجار أن “التحدي الأول كان التزامهم بالدوام الدراسي والوظيفي، فمن الصعب التفرغ التام والاستمرار لإتمام أعمالهم الفنية لذا كانوا يتواصلون بين أسبوع وآخر، والأمر الآخر هو موضوع مواجهة الجدار كونهم اعتادوا الرسم على اللوحات والأوراق وبشكل منفرد وليس أمام عامة الناس وبمساحات واسعة، ما استدعى تهيئتهم فنيا على ذلك في كيفية التعامل مع الجدار والمواد التي تستخدم عليه بالإضافة إلى إعدادهم نفسيا ومعنويا على ذلك ومنحهم الثقة في القدرة على إتمام المهمة بنجاح”.

دفعة معنوية

ويشير إلى أن “البعض شكك بقدرتهم على تجميل الأماكن كونهم يشاهدون الرسم وهو غير مكتمل بسبب عدم مواصلة الرسم بانتظام، ما تسبب بردة فعل لدى بعض الرسامين لكنني تداركت الوضع بتشجيعهم وإعادة الثقة لديهم في إكمال المشوار، بعد ذلك بدت ملامح الرسم تظهر جليا أمام المارة ما انعكس إيجابا وولد ردود أفعال ايجابية سواء على مستوى المارة والمتواجدين في الأماكن المحيطة بالعمل أو على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي التي أضافت دفعة معنوية تشجيعية لأفراد الفريق في مواصلة ما بدأوا من أجله على أتمّ وجه”.

وعن محتوى الرسومات، يتابع النجار أن “الاهتمام كان منصباً في تضمين الجداريات لوحات تشكيلية تظهر جانبا من تاريخ وحضارة المدينة تمثلت بالأماكن التراثية والشخصيات الأدبية فضلا عن معالم المدينة وشواهدها”، مبينا أن “هذا النشاط يأتي كمبادرة لتعزيز المشهد بغية الارتقاء بواقع الفيحاء  نحو الأفضل وتقديم أجمل صورة ممكنة عنها وهي تستضيف أبناء الخليج العربي قبيل انطلاقة صافرة بداية البطولة المرتقبة”.

ويلفت الفنان التشكيلي إلى أن “الفريق حدد أماكن إضافية من بينها تلوين جذع النخيل في شارع الوفود بالإضافة إلى أماكن عامة أخرى”، مؤكدا “الاستمرار حتى ما بعد انتهاء بطولة خليجي 25 لأن هدف فريقه كما في عنوان المبادرة: من اجل بصرة أجمل، وهو عاكف على تزيين المحافظة لمدة قد تستغرق سنوات، ذلك نتيجة للدعم الذي قال إنه كان اكبر من توقعاتهم إذ تولد لديهم حافز نحو المضي للأمام”.

من جهته، يتحدث مدير شعبة الأشغال الفنية في تربية البصرة الفنان التشكيلي عمار حسون، لـ”العالم الجديد” عن أنهم خرجوا إلى الشارع “لمشاركة الجهد الحكومي والطوعي في تزيين وتجميل المدينة قبيل انطلاقة بطولة خليجي 25”.

خليجي بصراوي!

ويضيف حسون أن “عددا من زملائه الفنانين قد شاركوا في مبادرة للرسم على جداري مدرستين تقعان في أماكن سياحية وترفيهية تشهد توافد الكثير من ضيوف المحافظة والعوائل البصرية”، مبينا أنهم “استثمروا فترة يوم عطلة رأس السنة الميلادية بشكل كامل من الصباح حتى المساء للرسم من اجل عدم إرباك دوامهم الحكومي، واتفقوا على تصميم تشكيلي يعبر عن هوية البصرة وارثها الحضاري ويرمز إلى إخوتها مع محيطها الخليجي بالإضافة إلى شعار البطولة المتمثل بشخصية السندباد وكتابة عبارة باللهجة الدارجة (خليجي بصراوي)”.

وعن فريقه، يتابع أنه “يتكون من كلا الجنسين ومن أعمار مختلفة وشهادات عليا، اثروا على أنفسهم البقاء في ظل الحركة الترويجية الكبيرة التي تعيشها المدينة وخرجوا إلى الشارع على تماس مباشر مع المواطنين الذين أعربوا عن سعادتهم وترحيبهم بهكذا مبادرات تجمل المدن وتنقل صورة ايجابية عنها”.

ويستدرك بالقول إن تجربتهم شجعتهم “كفريق على تكرارها وان يكون للفنان البصري بصمة واضحة على الشارع وأمام الملأ وعدم الاقتصار على حدود المكان الواحد نتيجة لحفاوة الترحيب التي لاقيناها خلال العمل الميداني”.

ويصف الفنان ما يحصل في البصرة خلال هذه الأيام التي تسبق انطلاقة بطولة خليجي 25 “أشبه ما يكون بالكرنفال لأن كافة الشرائح اجتمعت واتفقت على أمر واحد وهو إظهار العراق بشكل عام والبصرة على وجه الخصوص بأبهى صورة أمام الضيوف”، داعيا الجميع سواء من أقرانه الفنانين وغيرهم من الاختصاصات إلى “الاستمرار في العطاء وعدم التوقف على حدث معين فحسب، بل المضي بتجميل المدينة لتكون مرفأ سياحيا يستقطب أنظار العالم، الأمر الذي قد يعضد الاقتصاد ويفتح موردا يساند الثروة النفطية في تعظيم واردات البلد”.

ترحيب

من جانبها، رحبت بلدية البصرة رحبت بمبادرة الرسم على جدران ملعب الميناء والمدارس الحكومية بما يصب في إنجاح تنظيم بطولة خليجي 25.

ويؤكد المتحدث الإعلامي للبلدية علاء العلي، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “هكذا مبادرات طوعية تسهم وبشكل كبير في إظهار المدينة بأبهى حلة وتنقل ثقافتها وتاريخها وتراثها إلى الأجيال والضيوف القادمة للمحافظة لحضور منافسات البطولة”، متابعا أن “المديرية منحت الموافقة لهذه الفرق للرسم على الجدران  كونها وبشكل أساسي تساهم في إنجاح البطولة من مختلف الصعد، كما أنها تشجع الآخرين على عدم ترك مهمة تنظيف وتجميل المدينة على عاتق جهة حكومية فحسب بل على العكس هي مسؤولية جماعية كون ما ستظهر عليه المدينة يمثل جميع من فيها وليس دائرة حكومية ما”.

ويدعو العلي جميع المهتمين بإظهار البصرة بمظهر يليق بتاريخها إلى “حذو خطى تلك الفرق التطوعية في عمل مبادرات أخرى تساعد كوادر البلدية في جعل البصرة أنظف وأجمل في ظل الزخم الجماهيري المرتقب”.

أم علي (62 عاما)، التي تجلس قبالة جدار آخر انتهى الفنانون من أعمالهم عليه، هي الأخرى أعربت عن سعادتها، خلال حديثها لـ”العالم الجديد”، وتقول إنها تتمنى “أن تحتضن البصرة دوما هكذا بطولات لما لها من انعكاس ايجابي على واقع المدينة الخدمي والجمالي”.

إقرأ أيضا