الدولار يعصف بأسواق الذهب.. ارتفاع في الأسعار وتذبذب بالعرض والطلب

​​​​​​​تستمر آثار ارتفاع الدولار بالظهور، وكان من أبرزها هو انعكاسه على أسعار الذهب التي ارتفعت…

تستمر أسعار الذهب بالارتفاع في العراق، نظرا لاقترانها بصعود قيمة الدولار، فضلا عن ارتفاع أسعار المعدن الأصفر في الأسواق العالمية، ما تسبب بتراجع الطلب عليه وزيادة عرضه، خصوصا بعد قيام مواطنين ببيع ما بحوزتهم من ذهب للاستفادة من أثمانه.

ويرى محمد الجبوري، الذي يملك محلا لصياغة وبيع الذهب، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك ارتباطاً في السوق بين أسعار الذهب والدولار، فصعود الأخير سيتسبّب برفع أسعار الأول”.

وحول نشاط السوق في حال ارتفاع أسعار الذهب، يضيف الجبوري إن “إقبال الزبائن بكل تأكيد يقل في حال صعود الأسعار، لاسيما بالنسبة للمشترين، أما من ناحية بيعه فالنشاط يزداد، لأن البائعين في هذه الفترة يحققون أرباحا في تقلبات السوق”.

ويلفت التاجر، إلى أن “تذبذب الأسعار ارتفاعا وهبوطا، لا نتحكم به، بل إن ذلك يعتمد على البورصة، ونحن في كل الحالات نتحمل العواقب”.

وخلال الفترة البسيطة الماضية، ارتفع سعر الدولار بشكل متسارع، فبعد أن كان سعره 145 ألف دينار لكل مائة دولار، بلغ قرابة 160 ألف دينار لكل 100 دولار، قبل أن ينخفض سعره إلى 151 ألفاً ومن ثم عاود يوم أمس الارتفاع إلى الـ160 ألفا لكل مائة دولار.

وخلال الفترة الماضية، خضعت المصارف العراقية، إلى ضوابط صارمة للحد من تهريب العملة خارج البلد، وذلك بإشراف أمريكي، لاسيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المصارف، وذلك بعد فرض عقوبات على 4 مصارف مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، ومنها مصرف الشرق الأوسط، ما تسبب برفع سعر صرف الدولار في السوق المحلية.

وقد كشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق، أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل برا إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية.

وفي العراق، يدخل سعر الدولار بالسوق المحلية في عملية حساب سعر الذهب الرسمي، الذي يتذبذب في البورصة العالمية حسب العرض والطلب، على عكس بعض الدول الأخرى التي تعتمد على سعره العالمي فقط، مع إجراء عملية حسابية لتحويله إلى عملتها المحلية، وهذا الأمر استجد في العراق بعد عام 2003، حيث كان الذهب في السابق مرتبطا بسعر رسمي تحدده الدولة يوميا.

من جانبه، يتحدث الخبير الاقتصادي ضياء المحسن، لـ”العالم الجديد”، عن أن “العراق يسير عكس القاعدة في تقلبات السوق، إذ أن ارتفاع سعر صرف الدولار يرفع أسعار الذهب، فأسعار الأخير ارتفعت نتيجة مضاربات ووجود سحب على الكتلة النقدية من الدولار وقيام البنك المركزي ببيعه للمواطنين ما أدى إلى ارتفاعه، لترتفع معه أسعار الذهب”.

ويصف المحسن إجراءات البنك المركزي لخفض سعر الصرف بأنها “ترقيعية لا تحل أصل المشكلة وهي وجود تهريب للعملة”، لافتا إلى أن “زيادة بيع الدولار لمكاتب الصيرفة رفعت من عمليات التهريب ولم تحد منها”، لافتا إلى أن “الدولار والذهب مشتركان من حيث البيع الذي يتم بالدولار، وعليه فأن أي ارتفاع أو انخفاض لسعر الدولار فان الذهب يتأثر به”.

لكنه يؤكد أن “العملية عكسية خارج العراق، إذ أن ارتفاع سعر الدولار يؤثر سلباً على أسعار الذهب فتنخفض، وهذا غير موجود في العراق لأننا نقوم بتعويم الدينار العراقي، وإن كان بصورة غير رسمية، وهذه العملية ستؤثر على الاقتصاد”.

ولغاية 2003، كان على صاحب ورشة صياغة الذهب، التوجه لجهاز التقييس والسيطرة النوعية، لفحص مصوغاته وختم كل قطعة منها بختم رسمي، يحمل رقم عيارها، سواء 18 او 21، وهذا ما فقده البلد بعد 2003 في ظل غياب الرقابة على المحال والورش، ما أدى إلى انخفاض عيار الذهب نتيجة لتلاعب كبير بنسبته مقابل النحاس، وهو ما دفع المواطنين إلى الاعتماد على شراء الذهب الإماراتي والتركي، فضلا عن تنوع الموديلات التي يفتقر لها الذهب المحلي، وهذه الأخيرة دائما ما تكون أجورها مرتفعة.

وشهدت تجارة الذهب في العراق ازدهارا كبيرا في السنوات ما بين 2010 لغاية 2014، إذ كانت تلك الفترة أشبه بـ”الذهبية” في ظل استقرار الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار النفط العالمية وعدم وجود مشاكل في دخل المواطن، الأمر الذي شجع الكثيرين من أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في سوق الذهب، حيث شهد افتتاح محال بيع المفرد أو الجملة.

ويشرح أحمد عادل صاحب محل صياغة الجوادين في الكاظمية، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “سعر أونصة الذهب يتأثر مباشرة بسعر صرف الدولار، وأن تحصيل سعر الذهب، يتم عبر تقسيم الأونصة على الدولار ليتم احتساب السعر بالدينار العراقي فالتعامل كله بسعر الدولار”.

ويضيف عادل أن “المواطنين عادة ما يستثمرون بالذهب في مثل هكذا ظروف، فيكون الشراء قليلا وبيعه يزداد بسبب ارتفاع أسعاره”.

ويعد الذهب في العراق، من الصناعات التقليدية والقديمة جدا، وتعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، وقد شهدت ازدهارا كبيرا في مطلع القرن العشرين، إبان وجود العائلات اليهودية وسط بغداد، ومن ثم انتقلت هذه المهنة إلى طائفة الصابئة المندائيين، الذين اشتهروا بها وسيطروا على اغلب مفاصلها في منتصف القرن السابق، قبل بدء هجرتهم إلى خارج العراق.

إقرأ أيضا