زيادة الخطة الزراعية الشتوية.. هل تسبب أزمة بسبب انخفاض الخزين المائي؟

تعديل جديد يطال الخطة الزراعية الشتوية، وقد جرى بقرار من مجلس الوزراء، المتمثل بإضافة مليون…

تعديل جديد يطال الخطة الزراعية الشتوية، جرى بقرار من مجلس الوزراء، المتمثل بإضافة مليون دونم لها بسبب كميات الأمطار الأخيرة التي هطلت، وبحسب وزارة الزراعة فإن الخطة ارتفعت بالمجمل إلى 8 ملايين دونم مشمولة بكافة أنواع الري، وستكون للحنطة الحصة الأكبر منها، لكن هذا الأمر قابله خبير مائي بالانتقاد، نظرا لانخفاض الخزين المائي للعراق من جهة، وعدم قدرة البلد على تخزين مياه الأمطار التي هطلت في الوسط والجنوب.

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، حلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الخطة الزراعية للموسم الشتوي أقرت في منتصف شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي بسنة 2022، وتم التعديل عليها في نهاية شهر تشرين الثاني نوفمبر من السنة الماضية، حسب كمية الأمطار المتوقعة، ونسبة الأمطار لهذا السنة فاقت الأعوام الماضية، بكميات كبيرة جدا، ما دفعنا إلى إضافة مليون دونم للأراضي الزراعية، التي تسقى بالري السيحي، ليكون مجموع هذه الأراضي مليونين وخمسمائة دونم”.

ويزيد الخزاعي “بالإضافة إلى أربعة ملايين دونم تسقى عن الطريق الآبار وهذه الأراضي هي الصحراوية، فضلا عن مليون و800 دونم للبساتين ومليون دونم خصصت لمحافظة ديالى، وهذا يعني ما يقارب ثمانية ملايين دونم مشمولة بالخطة الزراعية الشتوية الخاصة بزراعة الحنطة”.

ويبين أن “الخطة الزراعية الشتوية ستكون مخصصة من أجل الحنطة وهذا هو موسم الحنطة، وهذا هو محصول استراتيجي، ونعمل للوصول بهذا المحصول لحالة الاكتفاء الذاتي، خصوصاً أن هناك مشاكل كثيرة بقضية استيراد الحنطة من الخارج، لاسيما بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الحنطة في الأسواق الدولية وقلة المحاصيل، ولهذا نريد الوصول إلى الاكتفاء الذاتي للحنطة”.

وكان العراق حقق الاكتفاء الذاتي من إنتاج الحنطة في عام 2019، بعد أن كان يستوردها من أمريكا وأستراليا، لكن في العام ذاته تعرضت حقول الحنطة إلى حرائق كبيرة أتت على قرابة 53 ألف دونم.

يذكر أن العراق، ومنذ عام 2021، قلص المساحات المزروعة إلى 50 بالمئة بسبب شح المياه، ما أدى إلى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي، كما يعاني القطاع الزراعي من تدهور حاد، ووفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد”، فإن محافظة ديالى فقدت غالبية أراضيها الزراعية، وشهدت هجرة كبيرة للفلاحين نحو المدينة.

كما يعاني العراق من أزمة كبيرة في المياه، بسبب تقليل تركيا لإطلاقات نهري دجلة والفرات وقطع إيران لمنابع الأنهر الواصلة للعراق، ما أثر بشكل كبير على الخطة الزراعية، فضلا عن تأثيره على الأسماك، حيث ارتفع اللسان الملحي وأدى لنفوق كميات كبيرة في أحواض محافظة البصرة (550 كلم جنوبي البصرة)، مطلع شهر آب أغسطس 2021.

يشار إلى أن مجلس الوزراء، قرر في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، التريث في تنفيذ فقرة توصيات لجنة الأمر الديواني (26 لسنة 2020)، المتعلقة بتقديم الدعم للمحاصيل الزراعية (الحنطة والشعير والشلب والذرة الصفراء) للموسم الزراعي الحالي بشأن استخدام تقنيات الري الحديثة بتقديم الدعم الزراعي بمقدار 50 بالمئة للأسمدة و70 بالمئة للبذور و100 بالمئة للمبيدات، بحسب طلب وزارة الزراعة، لعدم وجود منظومات ري بالرش كافية لتغطية المساحات المطلوبة لزراعة المحاصيل الإستراتيجية.

من جهته، يؤكد الخبير في الشأن المائي والزراعي عادل المختار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وزير الموارد المائية السابق، ذكر أن المخزون المائي انخفض عن السابق بنسبة 50 بالمئة، بينما أكد وزير الموارد الحالي أن الخزين المائي انخفض بنسبة 60 بالمئة ورغم هذا الانخفاض تمت زيادة الخطة الزراعية الشتوية، وهذا التصرف خطير في ظل هذه الأزمة المائية، ولا نعرف ما هي المبررات للقيام بهكذا خطوة”.

ويبين المختار أن “الخزين الحالي يقل عن 8 مليارات متر مكعب، وهذا رقم قليل جداً، خصوصاً أن الموسم الصيفي، سيكون شديدا وصعبا، كما أن موسم الأمطار التي هطلت خلال الأيام الماضية، بالنسبة لصلاح الدين صعودا إلى أربيل والسليمانية، فكل الأمطار التي سقطت في هذه المنطقة تخزن، أما الأمطار التي هطلت ابتداء من جنوب سامراء حتى البصرة، فهذه الأمطار لا نستطيع خزنها، لكن نستفيد منها في تدعيم الوضع المائي بالأهوار وسقي المزروعات في الموسم الشتوي وجزء منها يذهب لدفع اللسان الملحي في البصرة”.

ويضيف أن “كمية الأمطار التي سقطت خلال الأيام الماضية، تقدر بـمليار متر مكعب، ونحن هنا استطعنا خزن 50 مليون متر مكعب فقط في ظل كمية الأمطار الكبيرة المتساقطة وهذا رقم قليل جداً”.

وفي ما يخص الأهوار، يتابع الخبير المائي أن “نسبة إغمار الاهوار وصلت إلى 60 بالمئة وهذا بحد ذاته سيكوّن في الصيف مسطحا مائيا واسعا وسيكون هناك تبخر ما يتطلب لإمدادات مائية في الصيف من اجل المحافظة على الأهوار، كما أن الخطة الزراعية للمساحات المزروعة في الصيف سوف تحتاج إلى تدعيم للمياه، كما انه إذا لم تأت الامطار خلال شهري شباط فبراير وآذار مارس، سيظهر هنا عجز مائي، وربما ندخل في محنة كبيرة، بسبب الانخفاض الكبير في الخزين المائي، وهذا ما نحذر منه، ولهذا يجب أن تكون هناك إدارة سلمية للوضع المائي في العراق، لكن مازال هناك سوء إدارة لهذا الملف المهم”.

 يشار إلى أن “العالم الجديد” سلطت الضوء في أيلول سبتمبر الماضي، على واقع الأهوار في البصرة وذي قار وواسط، عبر سلسلة تقارير، وفيها كشفت عن آثار كارثية تعرضت لها الاهوار، ففي البصرة لم يتبق سوى 25 بالمائة منها مغمورة بالمياه، والشيء ذاته في المحافظات الأخرى التي شهدت جفاف أكثر من 70 بالمائة من الأهوار، فضلا عن تدمير قطاع تربية الجاموس.

يذكر أن إيران قطعت المياه المتدفقة إلى سد دربندخان بالكامل، مطلع أيار مايو الماضي، ما أدى لأزمة كبيرة في حوض نهر ديالى الذي انخفضت مناسيبه بنسبة 75 بالمئة، وذلك بحسب تصريحات مسؤولين في المحافظة.

جدير بالذكر أن إيران غيرت مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة.

إقرأ أيضا