خلافات حادة.. هل ينقلب السوداني على الإطار التنسيقي؟

خلافات كبيرة بدأت تسيطر على العلاقة بين الإطار التنسيقي ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، تتمحور…

خلافات كبيرة بدأت تسيطر على العلاقة بين الإطار التنسيقي ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، تتمحور حول عدم “خضوعه” لقرارات الإطار في القضايا الداخلية مثل عدم التوجه لانتخابات مبكرة، أو الخارجية مثل ملف إخراج القوات الأمريكية، وفقا لمصدر مطلع، وفيما رجح محللون سياسيون اتساع الخلافات بعد محاولة السوداني “شقّ طريقه” بعيداً عن الإطار، وإمكانية دخول زعيم التيار الصدري على الخط ودعمه السوداني، نفى مقرب من الإطار وجود أية خلافات من هذا النوع، مؤكدا التزام السوداني بحضور اجتماعات الإطار.

ويكشف قيادي بارز في الإطار التنسيقي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، عن “خلافات بين عدد من قادة الإطار ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بشأن ملفات عدة، أبرزها ملف الانتخابات البرلمانية المبكرة، وملف إخراج القوات الأمريكية، وهي قضايا تتعلق باتخاذ قرارات مهمة”.

وبشأن الانتخابات البرلمانية المبكرة، يبين القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “بعض قادة الإطار يرغبون باستمرار الحكومة لدورة كاملة دون إجراء أية انتخابات مبكرة، لكن السوداني يصر على إجرائها وفق موعدها الذي حدده في برنامجه الحكومي، لخشيته من تحرك الجمهور الصدري ضد حكومته في حال لم يعمل على إجرائها”.

ويضيف أن “قادة في الإطار، إضافة إلى قادة في فصائل مسلحة يمارسون ضغوطات على السوداني من أجل تفعيل ملف إخراج القوات الأمريكية، وفق قرار مجلس النواب السابق، لكن السوداني لا يرغب العمل بهذا الملف، خشية من فقدان الدعم الأمريكي الكبير لحكومته، وهذا الملف أثار خلافات عميقة بينه وبين قادة الإطار والفصائل المسلحة”.

ويخلص القيادي البارز في الإطار التنسيقي، إلى أن “قادة الإطار أبلغوا السوداني خلال اجتماعهم الأخير معه، بضرورة إبلاغ الهيئة القيادية للإطار بأي قرار مهم يريد اتخاذه لغرض مناقشته قبل ذلك، وهذا ما يرفضه السوداني، مؤكدا لهم أن عمل الدولة يجب أن يكون بعيدا عن الأجندة السياسية”، مشيرا إلى أن “تلك الملفات هي ما أثار المشاكل خلال الآونة الأخيرة بينهم وبين السوداني، فهي محل خلاف بينهما حتى الساعة”.

يشار إلى أن السوداني، تم ترشيحه من قبل قوى الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة، وذلك بعد خلافات استمرت عاما كاملا مع التيار الصدري الذي حاول تشكيل الحكومة، ورفض ترشيح السوداني للمنصب، لكونه مقربا من ائتلاف دولة القانون، وكان عضوا فيه قبل أن يستقيل منه في العام 2019.

ومنذ تكليفه بتشكيل الحكومة في تشرين الأول أكتوبر الماضي، توطدت علاقة السوداني مع واشنطن، وذلك عبر لقاءات كثيرة أجرتها السفيرة الأمريكية في العراق ألينا رومانوسكي، قبل وبعد تكليفه، بالإضافة إلى اجتماعاتها مع بعض الوزراء في حكومته بشكل مستمر أيضا، وقد عبرت السفيرة عن الدعم الكبير لواشنطن لحكومة السوداني.   

من جانبه، يرى المحلل السياسي نزار حيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أصل الخلاف بين قوى الإطار نفسها، وخاصة بين الخزعلي من جهة والمالكي والفياض من جهة أخرى، فيما يفضل العامري الصمت حتى الآن، فكل يريد حصته من الكعكة التي اتفقوا عليها عندما توافقوا على تسمية السوداني كمرشح توافقي بينهم ليشكل الحكومة الجديدة”.

ويؤكد حيدر، أن “المستوى الثاني من الخلاف بين الإطار والسوداني، كذلك حول الامتيازات والنفوذ والتحاصص، ولا علاقة لهذه الخلافات بالمصالح العليا للبلاد، والدليل أننا لم نسمعهم يتحدثون عن خلافاتهم معه في ملف الإسكان مثلاً أو الصحة أو التعليم وغيرها، إنما يتمحور كل حديثهم حول مصالح حزبية وشخصية وكتلوية”، منبها إلى أن “ما يجري الحديث عنه من وجود خلافات بين الطرفين بشان قضايا استراتيجية مثل استمرار التواجد العسكري الأمريكي في العراق فهو من باب ذر الرماد في العيون، لا أكثر، وإلا فإن الإطار تُرك يشكل حكومته بعد أن تعهد بالالتزام بالخطوط الحمراء ومنها هذا الملف”.

ويضيف أن “السوداني فضح حقيقة الموقف تحديداً في حواره المتلفز خلال زيارته إلى ألمانيا، قائلا؛ بان القوى السياسية في الإطار متفقة ومؤيدة وداعمة لرؤية الحكومة بشأن الموقف من استمرار التواجد العسكري الأميركي في العراق، وكذلك قوات التحالف، وتحدث عن أن (الأصدقاء في واشنطن كذلك متفهمون لهذا الموقف، فهو يدعم الأمن والاستقرار) فالسوداني من جانبه رأى نفسه منذ لحظة تصديه رسمياً لرئاسة الوزراء، بأنه أمام مسؤولية كبيرة هي مسؤولية إدارة الدولة في ظل بحر متلاطم الأمواج من الخلافات والمشاكل والمراقبة الشديدة من قبل المجتمع الدولي بالإضافة إلى الإقليمي”.

ويعتقد حيدر أن “السوداني وقف عند مفترق طرق؛ بين أن يقبل أن يلعب دور (المدير العام عند الإطار) كما وصفه الخزعلي بذلك، أو أن يكون رئيساً للحكومة وقائداً عاماً بصلاحيات دستورية كاملة، وبين أن يكون رئيساً لحكومة برؤية إستراتيجية لبناء ما يمكنه من الدولة المنهارة التي تسيطر عليها الدولة العميقة، وبين أن يكون رئيسا لحكومة خدمية (ام الـست اشهر والله وياك)، كما وصفها المالكي”.

ويعتقد مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن أن “السوداني مصمم على أن يختار الطريق الأول، وهو الأمر الذي يتطلب منه أن يستقل أكثر عن الإطار ولا يخضع لضغوطاته، وان يتعامل معه كجهة سياسية يبلغها بما يفعله أو ينوي فعله، وليس بالعودة إليه في كل صغيرة وكبيرة كلما فكر في فعل شيء، خصوصا انه إذا تحلى بالشجاعة اللازمة لاختياره هذا الطريق، فانا على يقين بان الخلافات ستظل تتسع وتتسع بينه وبين الاطار حتى يصل الى نقطة اللاعودة، أما إذا لم يتمكن من ذلك فسيكون أمام خيارين؛ الفشل او الانهيار”.

وكان السوداني، قد أكد في حوار متلفز مع قناة DW الألمانية قبل يومين، أن حكومته تتجه وبدعم سياسي نحو تحديد المهام وعدد القوات الأمريكية، مؤكدا أن ذلك يواجه بقبول الأصدقاء في أمريكا. 

وإذ تعد قضية إخراج القوات الأمريكية، من القضايا المحورية لقوى الإطار التنسيقي، والتي كان قد وعد بتنفيذها في حال تشكيله الحكومة، إلا أنه منذ تسنم السوداني لمنصبه، لم يتم تقديم أي خطوة بهذا الشأن، فضلا عن توقف الهجمات المسلحة ضد المصالح الأمريكية.

من جانبه، يؤكد المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، وجود تلك “الخلافات بين السوداني وبعض قادة الإطار التنسيقي، حتى وصل الأمر إلى أن هناك بعضا من قادة الإطار أبلغ السوداني بضرورة الابتعاد عن المشاريع الاستراتيجية، وهذا الأمر، دفع السوداني إلى التمرد على قرارات الإطار وأجندته السياسية”.

ويضيف الدعمي، أن “الخلاف بين قادة الإطار والسوداني ليس كبيرا جداً، فهم يخشون من تدخل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في أي وقت، ولذا فإنهم يسعون للاستمرار بوحدة القرار، والسعي لحل أي خلاف فيما بينهم”، مؤكدا أن “المرحلة المقبلة ربما تشهد تقاربا بين التيار الصدري وبعض أطراف الإطار التنسيقي، وهذا الأمر قد يؤدي إلى اختلاف التوجهات والأجندة ما بين قادة الإطار التنسيقي، ودعم السوداني من قبل الصدر أمر أيضا وارد إذا ما ثبت للصدر بأن الحكومة الحالية قادرة على تقديم الخدمات للمواطنين، فالتيار الصدري إذا لمس نجاح لهذه الحكومة فسيكون داعما لها”.

يذكر أن السوداني، أجرى تغييرات عديدة في المناصب العليا بالدولة، وأغلبها ذهب لشخصيات مرتبطة بكتل الإطار التنسيقي وبعض الكتل التي تمتلك أذرعا مسلحة، ومنهم من قربه منه، فضلا عن منحه المناصب في مكتبه لائتلاف دولة القانون.  

جدير بالذكر، أن السوداني حدد حكومته بعام واحد، وبعدها إجراء انتخابات مبكرة، لكن هذا الأمر رفضه الإطار التنسيقي، بحسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، وأكد أن الحكومة ستكمل دورتها بالكامل، ولغاية الآن لم يحسم هذا الملف بشكل تام. 

بالمقابل، يذهب المحلل السياسي المقرب من قوى الإطار التنسيقي، عباس العرداوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “كل ما ينقل عن وجود خلافات جوهرية أو كبيرة ما بين قادة الإطار التنسيقي ورئيس الوزراء، غير دقيق، فالسوداني هو عضو في الإطار، ويحضر كافة اجتماعات الإطار الأسبوعية ويناقش كل الملفات مع القادة”.

ويضيف العرداوي، أن “هناك بعض الاختلافات بشأن بعض الإجراءات بين السوداني وقادة الإطار على أولويات عمل الحكومة، وهذا الأمر يناقش في الاجتماعات الأسبوعية، وتتم حل هذه القضايا من خلال التصويت عليها، حسب الأولويات، ونتائج الحوارات والنقاشات ما بين المجتمعين”.

ويبين أن “السوداني ما زال يحضر ويشارك بكل اجتماعات الإطار التنسيقي، وكذلك اجتماعات ائتلاف إدارة الدولة، وهو يناقش كل القضايا السياسية والأمنية وغيرها مع هذه القوى، ويعمل على الاتفاق على أوليات عمل حكومته مع القوى الداعمة له دون أي خلافات جوهرية وكبيرة، لكن هناك اختلافات في وجهات النظر وهذا أمر طبيعي جداً”.

وفي الفترة الماضية، أعلن الإطار التنسيقي عن عقده اجتماعه الدور، ونشر الصور وفيها تبين حضور السوداني للاجتماع، لكن هذا الإعلان صدر لمرة واحدة ولم يكرر ولم تنشر صور تفيد بمشاركة السوداني لاحقا.

إقرأ أيضا