التضخم يسيطر على السوق.. ودعوات لعودة التداول بالفئات الصغيرة للعملة

تشهد السوق العراقية ارتفاعا كبيرا بالأسعار، بالتزامن مع أرتفاع سعر صرف الدولار، ما ولد تضخما،…

تشهد السوق العراقية ارتفاعا كبيرا في الأسعار، بالتزامن مع ارتفاع سعر صرف الدولار، ما ولد تضخما، اعتبره خبراء اقتصاديون عاليا بالمقارنة مع السنوات السابقة، ومنخفضا نسبيا بالنسبة للعام الماضي، وفيما عزوا الارتفاع للتضخم العالمي أيضا، وإلى التلاعب من قبل بعض التجار، داعين إلى طرح الفئات الصغيرة من العملات للسيطرة على التضخم والتخفيف منه. 

ويقول الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل جبار، خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “التضخم يرتبط بأسباب عدة بعضها قريبة ومتغيرة، والبعض الآخر بعيدة الأثر، وبالنسبة للعراق فأن التضخم مرتبط غالبا بأسعار السلع المرتفعة عالميا من بلاد الاستيراد، إضافة إلى أسباب أخرى متعلقة بسعر الصرف باعتبار أن المستورد مرتبط بالدولار، وأيضا يرتبط بشحة بعض السلع في الأسواق نتيجة ضعف الإمدادات وعدم كفاءة التجارة محليا والرسوم والكمارك”.

ويؤكد جبار أن “معدل التضخم الحالي العراق يصل إلى 5.05 بالمئة تقريباً عن المعدلات السابقة وهو مرتفع بالنسبة للسنوات السابقة، لكنه منخفض عن معدلات بداية سنة 2022”.

وعن مسألة طرح وحدات نقدية صغيرة للحد من التضخم، يرى الخبير الاقتصادي، أن “التضخم الذي يتفاقم منذ 20 سنة ساهم بتآكل استخدام هذه العملات”، مشيرا إلى أن “وجود هذه العملات قد يساهم بتخفيض الأسعار من 5 إلى 10 بالمئة على مستوى أسعار السلع اليومية، فأن إعادتها للأسواق من قبل البنك المركزي قد يؤدي إلى نوع المنافسة يستفيد منها المستهلك بشكل أو بآخر”.

ومنذ فترة وجيزة، ارتفعت أسعار أغلب المواد الغذائية ومنها اليومية، مثل البيض حيث وصل سعر الطبقة منه (30 بيضة) لأكثر من 8 آلاف دينار، فضلا عن ارتفاع سعر مشروب الببسي وبعض المواد الأخرى.

وخلال الشهرين الأخيرين، شهد سعر صرف الدولار تذبذبا، حيث أرتفع بداية إلى أكثر من 150 ألف دينار لكل مائة دولار، ومن ثم شهدت قفزة تجاوز فيها الـ160 ألف دينار، قبل أن يعود لنحو 152 ألف ومن ثم عاد ليتجاوز الـ160 ألف دينار.

وكان رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس حذر في تشرين الأول أكتوبر الماضي، من أخطار التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض الإنتاجية واستنزاف إمدادات الطاقة العالمية وارتفاع أسعار الفائدة على البلدان النامية، متوقعا أن تستمر تلك الأخطار إلى ما بعد عام 2023. ورجح أن تسير الأمور في البلدان النامية من سيء إلى أسوأ حتى لو استقرت أوضاع الاقتصادات المتقدمة، وشبه أخطار العالم النامي بـ”الانتكاسة”.

وأظهرت بيانات البنك الدولي مؤشر التضخم مرتفعا جدا في العام المقبل، مقابل انخفاض مؤشر النمو الاقتصادي.

من جانبه، يذهب مثنى الساعدي، احد أصحاب المحال التجارية في سوق الشورجة، خلال حديث لـ”العالم الجديد” إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعود إلى كونها “مستوردة من دول الجوار، فبعد صعود أسعار الدولار ارتفعت أسعار هذه المواد بما يقارب أكثر من 250 دينارا لكل بضاعة من أسواق الجملة”، لافتا إلى أن “هذا الصعود بكل تأكيد يدفع بائعي المفرد أيضا إلى رفع أسعار البضائع وهو ما قلل القيمة الشرائية للكثير من الحاجات إضافة إلى انه تسبب بتذمر كبير من قبل الأهالي”.

ويضيف الساعدي أن “هناك مخاوف لدى المواطنين وأصحاب المحال التجارية من عدم نزول أسعار المواد الغذائية التي ارتفعت بعد انتهاء أزمة الدولار الحالية، لأن هناك تجار جملة يعملون على استغلال ارتفاع الأسعار وتضارب السوق واحتكار المواد الغذائية ما يتسبب بأزمة كبيرة يكون ضحيتها المواطن البسيط”.  

يذكر أن الفئات الصغيرة من العملة، وهي 50 دينار و100 دينار، اختفت من التداول منذ سنوات عدة، وجرى الاعتماد على فئة 250 دينارا، لتكون الفئة الأصغر في التداول.

وعانى العراق منذ تسعينيات القرن الماضي، وخلال فرض الحصار الاقتصادي عليه، من تضخم كبير في العملة، ما دفع النظام السابق إلى التوجه لطبع العملة محليا، وبعد العام 2003، تم إتلاف العملة السابقة وإصدار فئات بطبعات جديدة، وتم تثبيت سعر صرفها أمام الدولار، بأمر من الحاكم المدني للعراق في حينها بول بريمر، الذي كشف عن شكل العملة الجديدة وسعر صرفها.

ويرجع الباحث بالشأن الاقتصادي ملاذ الأمين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، ارتفاع أسعار السلع في السوق والتضخم الحاصل إلى “ممارسات تنتهج من قبل التجار لمصالحهم الخاصة من أجل الربح المالي، إضافة إلى عدم سيطرة البنك المركزي على الوضع المالي”.

ويضيف الأمين أن “من مصلحة التجار رفع الأسعار لزيادة أرباحهم، وكذلك ارتفاع سعر الصرف فهم من يبقونه مرتفعا لزيادة النفع الخاص”، لافتاً إلى أن “هذا يتطلب إجراءات حازمة من البنك المركزي في مزاد العملة وان يكون التجار مشهودا لهم بالنزاهة، وهذه خطوات بإمكانها الدفع إلى استقرار السوق الذي ارتفع بشكل كبير إلى حد وصل إلى أن بعض الفقراء لا يستطيعون مواصلة حياتهم”.

وردا على سؤال بخصوص العملات المتدنية، يشير الخبير الاقتصادي إلى أن “هذه العملات أصبحت بلا قيمة، وأن ما يجب أن يحصل الآن هو تقريب الأسعار إلى اقرب عملة، بمعنى لو أن سعر البضاعة 1350 فيتم احتسابها بـ1500 وهذا أيضا يعود بالفائدة للتجار”.

وقد شهدت السوق العراقية ارتفاعا كبيرا بأسعار المواد الغذائية منذ عامين، المرة الأولى بعد تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار مطلع العام 2021، وهو ما تسبب برفع الأسعار نظرا لأنها جميعها مستوردة، وحتى المحلية منها فإن موادها الأولية مستوردة، والموجة الثانية للارتفاع جرت بعد الحرب الروسية- الأوكرانية، التي تسببت برفع الأسعار بشكل عالمي، خاصة بعد توجه العديد من الدول لمنع تصدير المواد الغذائية.

إقرأ أيضا