“تقدم” يتراجع.. تغيير الحلبوسي بيد من؟

تعود الخلافات السياسية إلى الواجهة مجددا، وهذه المرة ما مر به حزب تقدم الذي يتزعمه…

تعود الخلافات السياسية إلى الواجهة مجددا، بظهور ما تصدع في حزب تقدم، الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وفيما عزا مراقبون سياسيون هذه الأزمة إلى كون التحالف بين أعضائه “هشا” من الأساس ومبنيا على مصالح ضيقة، أكدوا أن محاولة استبدال الحلبوسي غير ممكنة من قبل الأطراف السنية، وأرجعوها لأطراف شيعية، مقابل حديث عن الخروج بتظاهرات ضد الحلبوسي من قبل عشيرة أحد النواب المنسحبين. 

ويقول المحلل السياسي صلاح الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “الانشقاق في التحالف السني ينبع من كونه بني على أساس الصفقات خلال تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، فهو تحالف مصلحي جداً”.

ويضيف الموسوي، أن “الاتفاقات أبرمت على عجالة، على الرغم من أن المشهد كان يختزل خلافا عميقا بين الجماعات الحالية، ثم ما لبث أن عادت لتختلف من جديد، وخصوصا على مستوى الكتل السنية التي قبلت الانضمام للحكومة الجديدة”.

ويتابع أن “هذه الجهات لن تستطيع التأثير على الحلبوسي، ومن يستطيع فعل ذلك هي الجماعة التي أتت به للسلطة، وهو ائتلاف الفتح الذي وضع به الثقة عام 2018، والفتح الآن يمثل نواة تحالف الإطار التنسيقي”.

ومنذ يومين، برزت فجأة أزمة في حزب تقدم، تمثلت بتقديم ستة نواب عنه استقالاتهم من الحزب، على إثر خلافات مع رئيسه محمد الحلبوسي.

ووفقا لرواية النائب السابق مشعان الجبوري، فإن اجتماعا جرى بمنزل رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ضم الحلبوسي والنواب زياد الجنابي ووصفي العاصي وهيبت الحلبوسي وسالم مطر، وفيه دارت مشادة كلامية بين الحلبوسي ومطر، حيث اتهم الحلبوسي مطر محافظ الأنبار على التمرد والانشقاق عن حزب تقدم، حتى بات له دور في العاصمة بغداد، ومن ثم المشادة تطورت إلى شتائم واشتباك بالأيدي ومحاولات تراشق ببعض الأدوات والأحذية.

وحاولت “العالم الجديد” التواصل مع أعضاء حزب تقدم والنواب الذين قدموا استقالاتهم، لكن جميعهم امتنعوا عن الإدلاء بأي تصريح حول ما جرى من خلافات، وأتضح أن أعضاء حزب تقدم تم منعهم من التصريح بقرار من رئاسة الحزب.

من جانبه، يكشف مصدر مطلع، لـ”العالم الجديد” أن “عشيرة النائب ليث الدليمي انتفضت الآن، وتقول بأنها مستعدة للتصعيد وتقديم الدماء من أجل استعادة حقها، وعدم السكوت على ما يحصل”.

ويضيف المصدر، الذي يرفض الكشف عن اسمه، أن “عشيرة البو مرعي، اجتمعت أيضا، وطالبت رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بالحضور شخصيا لوضع حد لتصرفات الحلبوسي”، لافتا إلى أن “هناك حديثا يجري بشأن التحضير لتظاهرات من قبلها”.

ومن أبرز المنسحبين من حزب تقدم، هم ليث الدليمي ورعد الدهلكي وشمس الدين محمد وفلاح الزيدان، وقد أصدر الدهلكي بيانا أكد فيه أن قيادة تحالف “السيادة” كانت أشد “قسوة على محافظة ديالى من منافسيهم داخل وخارج المحافظة”.

كما قرر الحلبوسي، توقيع استقالة النائب ليث الدليمي، وهي استقالة قديمة مقدمة لرئاسة البرلمان، وأنهى عضويته في البرلمان، ويوم أمس، وبشكل سريع ورد رد مفوضية الانتخابات بشأن أسم النائب البديل للدليمي.

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي، غانم العيفان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التحالفات السياسية السنية هشة ولا تتمتع برصانة، وهذا ينبع من عدم وجود قضية موحدة تجتمع عليها الكتل السياسية”.

ويضيف العيفان، أن “التقاربات التي حصلت كانت لأسباب وقضايا شخصية، وعندما لم تتحقق الوعود والالتزامات فإن العقد السياسي انفرط بهذا الشكل وكان من المفترض على القوى السياسية أن تبني قضيتها بما تتطلبه بيئة المجتمع الذي يمثلونه”، مشيرا إلى أن “ما حصل يعكس حجم الخلافات وعمقها على الرغم من عدم ظهورها للسطح سابقا”.

ويتابع أن “المصالح كانت حاكمة عند عقد الاتفاقات، وكان يفترض وجود قضية تلائم حجم التحديات التي تواجه هذه البيئة”، مبينا أن “فرقاء الحلبوسي من السنة لا يملكون إمكانية إقالته لأن هذا القرار بيد الفاعل السياسي الشيعي، وهذا الأخير حتى اللحظة لا ينوي استبداله كونه لا يريد تعكير أجواء العملية السياسية، وعليه فإن عملية التصادم والمصالح هي الحاكمة”.

يذكر أن الحلبوسي سبق وأن قرر فصل الدليمي من صفوف حزب تقدم إثر خلاف في نيسان أبريل 2022، قبل أن تتم تسوية الأزمة بعودة الأخير إلى مجلس النواب ضمن تحالف السيادة في حزيران يونيو الماضي.

كما كان القيادي الأبرز في تحالف السيادة أحمد الجبوري (أبو مازن)، قد انسحب من التحالف قبيل تشكيل الحكومة الحالية، وأنضم إلى تحالف العزم بقيادة مثنى السامرائي المتحالف مع الإطار التنسيقي، وذلك بعد خلافات حول الوزارات ومناصب المحافظين.  

من جهته، يذكر المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “هذه الانسحابات أو الانشقاقات لا شك أنها مصلحية تحاول من خلالها بعض الأطراف تحجيم الموقف السني داخل المشهد السياسي والحصول على مكاسب عبر هذه التحركات في محاولة لخلق أزمة بين فترة وأخرى”.

ويضيف البيدر، أن “هذه الأطراف تتقافز بين الكتل النيابية والمشهد السياسي بطريقة مكشوفة للجميع”، لافتا إلى أن  “ما قام به رعد الدهلكي ينم على دور مصلحي كونه موجودا في حزب تقدم منذ أكثر من عامين ولم يكتشف أن قيادة الحزب تمارس دورا معينا إلا بعد كل هذا الوقت، فأي تبرير غير معقول ولو التزم الصمت أفضل”.

ويكمل المحلل السياسي أن “معظم الأطراف السياسية السنية تمارس دورا مصلحيا وتبحث عن مصالحها من خلال السلطة وفي الوقت نفسه هنالك أطراف خارج البيت السني تحاول خلق زعامات رديفة، بديلة عن الزعامات الاساسية التي أنتجتها إرادة الجماهير وبعض العناوين المجتمعية أو حتى الظروف، وبالتالي بعد أن طالبت باستحقاقات الشارع جوبهت بعدة أساليب لإضعافها ولكن الشارع السياسي وحتى المجتمع السني متمسك بهذه العناوين”.

ويفيد البيدر بأن “الحلبوسي باقٍ في المشهد ولا تمتلك الأطراف السنية بديلا عنه في هذه المرحلة خاصة وان العناوين التي تطرح نفسها كبديل عن الحلبوسي هي عناوين ربما تتاجر بالقضايا السنية وتبحث عن زيادة أرصدتها السياسية”.

ويخلص البيدر إلى أن “هنالك أطرافا أخرى خارج المكون السني تدعم بقاء الحلبوسي وإزاحة أي عنوان للرئاسات الثلاث سواء رئاسة الوزراء او الجمهورية أو حتى البرلمان ممكن أن يخلق أزمة بعد حالة استقرار سياسي شهدتها البلاد وتوافق جمعي قلب الكثير من الموازين لصالح المنظومة السياسية التي يجب أن تحافظ على هذه النجاحات وان تعمل على تعزيزها أكثر دون خلق المزيد من الأزمات”.

وكانت القوى السنية قد شكلت تحالفا بعد انتخابات عام 2018، تحت عنوان “المحور” الذي سرعان ما تعرض لانشقاقات عديدة أدت الى ظهور تكتلات نيابية جديدة، بعد موجة خلافات بين قادته.

يشار إلى أن تحالف السيادة، شكل بعد توافق الخنجر والحلبوسي، وباتفاق يتضمن يذهب بموجبه منصب رئيس التحالف إلى الخنجر، والتجديد للحلبوسي كرئيس للبرلمان مقابل ذهاب المناصب الأخرى والوزارات من حصة المكون السني، إلى الخنجر والكتل “السنية” الأخرى، وهذا بعد خلافات كبيرة انتهت بجلسة صلح قادها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

إقرأ أيضا