“خلطة” دولية جديدة.. ما سر تحركات الأردن في العراق؟

كشفت التحركات الأردنية تجاه العراق، عن حراك جديد يرتبط بالصراع الروسي الأمريكي في المنطقة، وعن…

كشفت تحركات الأردن تجاه العراق، عن حراك جديد يرتبط بالصراع الأمريكي الروسي في المنطقة، وعن مساع لـ”الاستقواء” ببغداد في صراعه “العربي” حول الوصاية على “المقدسات الفلسطينية”، فضلا عن محاولته العودة لسوريا ولبنان عبر بوابة الكتل الشيعية العراقية، في ظل حديث عن تغير المعادلة الدولية بعد سيطرة الحزب الجمهوري “المتساهل” نسبيا مع موسكو على الكونغرس الأمريكي. 

ويقول المحلل السياسي الأردني حازم عياد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التحركات الأردنية الحالية، تندرج ضمن تحركات إقليمية عديدة، أبرزها الانفتاح على العلاقة مع روسيا، حيث زار نائب وزير الخارجية الروسي الأردن، والتقى بوزير الخارجية الأردني قبل أن يبدأ بتحركه إلى الكويت، وهذا تزامن مع وجود رئيس البرلمان الأردني في العراق”.

ويضيف عياد، أن “هذه التحركات تزامنت أيضا مع زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى لبنان، لذا فالتحركات حاليا تجري بكل الاتجاهات، كما أن هناك استمرارا للقاءات التركية الروسية السورية”.

ويشير عياد إلى أن “التحركات الأردنية تجاه العراق لها خصوصية، فهي تأتي لأسباب عدة، أولها البحث عن عمق عربي وإسناد بقضية نقل إسرائيل للوصاية على المقدسات في فلسطين إلى السعودية، عبر صفقات يجري الإعداد لها، وهذه تقلق الأردن، لذا لجأ إلى العراق”.

ويتابع السياسي، أن “قضية نقل المقدسات، ينطوي على تحولات في المنطقة، سواء على الدور السعودي أو التحرك إسرائيل، وفي هذه المرحلة التواصل ضعيف مع السعودية، لذا يحاول الأردن أن يؤمن العمق العربي له، وهذا ينطبق على العراق والكويت، فالكويت تحاول أن تمارس التأثير في هذا الجانب، كما أن الأردن يحاول أن يخدم المصالح العراقية من جانبه، لذا تحرك على الدولتين في آن واحد، وهو ما دعاه إلى بحث قضية ترسيم الحدود المائية بين العراق والكويت، بهدف تقليل التوترات بين البلدين، وهذا يخدم مصالح الأردن في المرحلة المقبلة”.

ويوضح أن “الأردن يتحرك ضمن المساحة المتوفرة له، وهي ضيقة، لكن العراق يعتبر إحدى المساحات المهمة ويمثل العمق العربي المهم الذي جعل الاردن يبدأ باكتشاف أهميته بالنسبة له ولمصالحه وتأثيره حتى على المصالح الأردنية في سوريا ولبنان”، متابعا أن “التحرك على العراق قد يخلق تأثيرا إيجابيا بشأن التقارب مع كل المكونات وخاصة المكون الشيعي، المؤثر في كلا من لبنان وسوريا”.

ويشير إلى أن “الأردن له مصلحة كبيرة في التقرب من القوى الشيعية، وهو أساس لقاء رئيس برلمانه مع قادة القوى الشيعية في العراق، وكذلك الكويت أيضا قد يكون لها تأثير على مدى العلاقة مع إيران، وهذا أمر ايجابي في ظل التحديات التي يواجهها الاردن، وهذه الخطوات تتبع حسابات إستراتيجية”.

وكان رئيس البرلمان الأردني أحمد الصفدي، زار العراق في 10 كانون الثاني يناير الحالي، والتقى بداية مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ومن ثم رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، لينطلق بعدها بعد لقاءات مع زعماء الكتل السياسية، استمرت أيام عدة.

وبحسب وكالة الأنباء الأردنية بترا، فأن لقاء زعماء الكتل السياسية، هو ضمن جدول أعمال زيارة الصفدي، بهدف تدعيم مشاريع التعاون والتكامل الاقتصادي الأردني المصري العراقي.

وقد التقى الصفدي كل من: رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي، زعيم حركة عصائب أهل الحققيس الخزعلي، زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، زعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر.

وقبل أن يغادر الصفدي بغداد، ظهر بلقاء متلفز وكشف عن وجود زيارة جديدة له للعراق، من المفترض أن تجري قريبا، للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

يذكر أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، زار في 15 من الشهر الحالي، الكويت وبحث مع وزير خارجيتها سالم عبدالله الجابر، القضايا الإقليمية وسبل التعامل معها ومنها أهمية استكمال ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق الشقيقة لما بعد العلامة 162، فضلا عن التطورات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، والأوضاع في سوريا ولبنان واليمن.

من جانبه، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأردن بوابة ومفتاح أمريكا في الشرق الأوسط، بينما روسيا اقرب إلى إيران، والشيء الذي يلوح بالأفق إن الحزب الجمهوري سيستلم البرلمان في أمريكا بمعنى أن الأغلبية البرلمانية في الكونغرس لصالح الجمهوري الذي لا يدعم أوكرانيا، بل يميل لبوتين وهو اقرب له وهذا سيغير بالمعادلة لان روسيا موقفها سيكون اقل دعما لإيران بعد وصول الجمهوريين للبرلمان”.

ويضيف الدعمي، أن “الأردن كدولة تبحث عن مصالحها، وتريد تفعيل جميع الاتفاقيات القديمة التي امتدت من المالكي، وحتى الحكومة الحالية، سواء مد أنبوب النفط والبضائع المعفاة من الضريبة وغيرها من الاتفاقات، وقد حصلت على وعود من الإطار التنسيقي والسوداني بهذا الاتجاه”.

ويتابع أن “رئيس البرلمان الأردني زار كل الفعاليات التي تشكلت الحكومة منها وهذا يؤكد محاولة الإطار لتقريب وجهات النظر مع المحيط الإقليمي للعراق، لأنهم يدركون انه من دون تحسين الجو مع هذه الدول فلا يمكن للحكومة أن تستمر إلى أمد طويل وتحقق رضا”.

وبشأن الحديث عن صفقة إقليمية أو تغيير في خارطة التحالفات، يرى الدعمي أن “هذا غير موجود، وزيارة رئيس البرلمان الأردني للقيادات الشيعية فهذا ينبع من انه يعلم أن الحكومة الحالية لا تستطيع أن تسير دون التفاهم مع الفعاليات التي شكلتها وهي أحزاب الإطار التنسيقي بالتالي فان إقناعهم له دور كبير في إقناع رئيس الوزراء في تحسين العلاقات”، مشيرا إلى أن “الزيارة المنفردة للصدر قد تكون بطلب من الأخير”.

يشار إلى أن الحزب الجمهوري فاز بأغلبية مقاعد الكونغرس الأمريكي، بمقابل تراجع عدد مقاعد الحزب الديمقراطي، وهو حزب الرئيس الامريكي جو بايدن، وذلك في انتخابات التجديد النصفي التي جرت مؤخرا.

وتأتي هذه المتغيرات في الكونغرس الأمريكي، في ظل صراع دخلته واشنطن مع موسكو، بعد توغل الاخيرة في أوكرانيا ومحاولتها السيطرة عليها، حيث أصدرت واشنطن عقوبات على موسكو وأوقفت تحركاتها الاقتصادية.

واستمرار لهذه المتغيرات، فأن تريكا بدأت اولى الخطوات للحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك بدعم روسي، في محاولة للتوصل إلى نقاط التقاء وعقد حوار مباشر، بغية السيطرة على المناطق الكردية في سوريا من قبل الأسد، بعد أن شكلت تهديدا لتركيا، وهذه المساعي جرت أيضا بتدخل إماراتي حيث زار مسؤولين كبارا من الإمارات دمشق وعقدوا لقاءات مع الأسد بهذا الصدد.

بدوره، يفيد المحلل السياسي إحسان الشمري، بأن “الأردن لا تمتلك القدرة لتبادر وتمضي باتجاه صياغة صفقة إقليمية لحل أزمة المنطقة بشكل كامل”.

ويبين الشمري، أن “زيارة رئيس البرلمان الأردني لبغداد تصب في هدفين أولهما إحياء وتفعيل الاتفاق السابق لما فيه من مردودات اقتصادية كبيرة للأردن”، مبينا أن “الأمر الآخر إن زيارته للقيادات الشيعية لإدراك الأردن أن هذه الزعامات الشيعية هي المتحكمة بالقرار التنفيذي في العراق وعليه فهي تبحث عن مصالحها بالعراق في استمرار النفط والتجارة وخط أنبوب البصرة العقبة”.

وعن تحديد الجانب الأردني موعد زيارة للصدر، يذكر أن “الأردن لا تمضي بسياسة الإقصاء او عدم التواصل مع زعيم سياسي دون آخر، وهي براغماتية وتعرف أن التيار الصدري قد يصبح يوما ما الطرف الأقوى في الحكومة، فبالتالي تمضي بهذا الاتجاه والأمر الآخر هو إعطاؤه خصوصية لثقله السياسي والإقليمي”.

يشار إلى أن الأردن، استضاف أواخر العام الماضي، قيمة بغداد 2، بمشاركة بعض الدول العربية وإيران، وكانت بدعم فرنسي كبير، وعدت استكمالا لمؤتمر بغداد 1، الذي عقد في العراق، إضافة إلى القمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن، التي عقدت جولاتها الثلاث في زمن الحكومة السابقة.

وكان خط أنبوب النفط الواصل من البصرة إلى العقبة، أبرز مخرجات القمة الثلاثية، وقد حاول الأردن تفعيل هذا الأمر مؤخرا، رغم أنه يعود لثمانينيات القرن الماضي، وكان من المفترض أن يباشر العراق بإنشاء هذا الأنبوب لكن جرى تأجيله أيضا.

إقرأ أيضا