تجوال في البصرة.. انتعاش في الأسواق وفوضى في الملاعب

يرفع سائق التاكسي علي ماجد (29 عاما)، مكبرات الصوت في سيارته، على أنشودة رياضية ترحب…

يرفع سائق التاكسي علي ماجد (29 عاما)، مكبرات الصوت في سيارته، على أنشودة رياضية ترحب بالوفود الخليجية في زحام خانق وسط كورنيش البصرة الذي بدا أكثر الأماكن دفئا في شتاء العراق، وهو يحتضن الآلاف من جماهير خليجي البصرة.

وينقل مراسل “العالم الجديد” مشاهداته الخاصة في مدينة البصرة، أثناء احتضانها خليجي 25، متحدثاً عن شوارع البصرة، وهي تضج بصخب الموسيقى، ومشاهد الرقص والمرح تكاد لا تتوقف خلال الليل، وتحديداً في الكورنيش الذي اكتسى حلة جديدة، والعشار وساحة الحرية المخصصة للمشجعين، والضواحي القريبة من مركز المدينة، فيما يتحدث عن انتعاش الحركة الاقتصادية داخل المدينة، إذ يستمر الإقبال على المطاعم وشراء البضائع حتى الفجر، فضلاً عن تأجير الفنادق والسيارات والزوارق.

يطفئ ماجد، سائق التاكسي، صوت الأغنية متحدثا لمراسل لـ”العالم الجديد” عن “عمل سائقي التاكسي الذي لم يكن بهذه الوتيرة قبل انطلاق بطولة كأس الخليج العربي، وكنت أجد صعوبات في تحقيق مبالغ كافية في هذا العمل”.

ويضيف ماجد: “عملي يبدأ من الساعة الرابعة عصراً، ولا ينتهي إلا مع طلوع الفجر، استمتع كثيراً خلال هذا الوقت بأجواء الصخب داخل المدينة، أشعر أن المدينة تنبض بالحياة، وأمر بسعادة خلال تنقلي بين شوارع المدينة، وخصوصاً في الضواحي المحيطة بكورنيش البصرة، على الرغم من الزحامات المرورية الخانقة”.

وتشهد محافظة البصرة حركة اقتصادية نادرة هذه الأيام بالتزامن مع احتضانها خليجي 25، فالأسواق انتعشت وأصحاب المحال ومنتجو الأطعمة يمارسون نشاطهم مضاعفا.

وأشارت تقارير إلى أن عدد الزوار الذين قدموا إلى مدينة البصرة في أول يومين من بطولة “خليجي 25″، عبر منفذي مطار البصرة الدولي ومنفذ سفوان الحدودي، بلغ نحو 34 ألف شخص، وذلك بفضل التسهيلات التي تم تقديمها لمختلف الوفود المشاركة من منتخبات وممثلي وسائل الإعلام والجماهير، وذلك بناء على توجيهات الحكومة، كما شهدت شوارع وطرقات مدينة البصرة حركة واسعة منذ الأيام الأولى للبطولة، حيث توافدت الجماهير من دول الخليج بشكل واضح سواء عن طريق البر أو الجو، وحضر مشجعو المنتخبات المشاركة في مدرجات البطولة، ما شجع المزيد من الجماهير الأخرى للسفر وحضور عرس الكرة الخليجية الذي يعود للعراق بعد غياب 44 عاما.

من جانبه، يؤكد حسين علي (36 عاما) صاحب مطعم شعبي في حي العشار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأرباح التي حققتها خلال بطولة الخليج فاقت أرباحي لأكثر من ثلاثة أشهر”، مضيفاً “كنت أتوقع هذا الزخم الكبير أمام مطعمي، لذا أجبرت على زيادة عدد العاملين في المطعم”.

وللمرة الأولى تشهد البصرة امتلاء الفنادق الرسمية وفنادق الخمس نجوم والشعبية بشكل تام دون وجود أي شاغر، في موسم أشبه بموسم الزيارات المليونية التي تشهدها كربلاء سنويا حينما تحتضن الملايين من الزائرين الوافدين من داخل وخارج العراق، وهو أمر لم يحدث سابقا في البصرة.

وعن الوضع الخدمي، يذكر مراسل “العالم الجديد”، أن كورنيش البصرة المطل على شط العرب، بدت عليه لمسات الحداثة والتجديد، لكن النفايات كانت تنتشر في جوانبه في أغلب الأوقات، تبعاً للزخم الجماهيري الكبير، الذي وصل للبصرة لمتابعة مباريات البطولة، وكان عمال النظافة يقومون بأعمالهم عند طلوع الفجر، مع انسحاب الناس لمنازلهم، أما عن الضواحي والشوارع الأخرى فإنها لم تكن بأفضل حال، فقد بدا الإهمال واضحاً على شارع الجزائر ومنطقة العشار، فضلاً عن ضواحي أخرى بعيدة عن مقر إقامة الوفود الخليجية.

في السياق، تجد نور مالك (30 عاما)، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني لم يقدم للبصرة شيئاً غير تبديل الأرصفة وأرضيتها (المقرنص)، فضلاً عن تعبيد بعض الشوارع قبيل انطلاق بطولة كأس الخليج العربي”.

في مقابل، ذلك يمتدح العديد من البصريين عمل العيداني، ومنهم رائد فيصل (44 عاما) الذي يؤكد أن “البصرة كانت مهملة قبل مجيء أسعد العيداني، وما قام به من تعبيد للطرق والأرصفة جهد لم نعهده من قبل، وإذا ما قارناه بمحافظين سابقين سنقف على ملفات فساد وسرقة لخزينة البصرة المالية”.

أما على مستوى تنظيم بطولة خليجي 25 فقد وثق مراسل “العالم الجديد” ضواحي ملعبي جذع النخلة والميناء، اللذين يحتضنان منافسات البطولة، كما وثق دخول الجماهير من البوابات الرئيسة للملعبين. الملعب الأول (جذع النخلة) أو ملعب (البصرة الدولي) كان محيطه عبارة عن أرض جرداء، تتوزع فيها برك المياه والطين، جراء الأمطار الغزيرة التي سقطت على مدينة البصرة، مع وجود طرق معبدة للسيارات حصراً، ولكن مع اجتياز البوابات تظهر ملامح المدينة الرياضية شاخصة، ويظهر معه التصميم والعمل المثالي في هذه المدينة.

أما ملعب الميناء الأولمبي فإنه محاط بمساحة شاسعة من العشوائيات، تسكنها آلاف الأسر، في مشهد لا يتطابق مع طابع المدينة، تلافته اللجنة المنظمة للبطولة بجدران دعائية تروج للبطولة، وترحب بالمنتخبات المشاركة.

وعلى مستوى التنظيم فإن الاتحاد الخليجي كان قد تعاقد مع شركة أمريكية لتنظيم إصدار بطاقات حضور المباريات، وطلب الحصول على هذه البطاقات يتم إلكترونياً، لكن المشكلة التي واجهت الجماهير تكمن في دخول الجماهير للملاعب دون بطاقات حقيقية، يتم ذلك بتواطؤ الموظفين الخاصين بتدقيق البطاقات، فبحسب مشاهدات مراسل “العالم الجديد”، تم دخول العديد من الجماهير ببطاقات مزيفة، تم استعمالها مسبقاً لمشاهدة المباريات.

وقد عجت مواقع التواصل الاجتماعي، بفيديوهات ترصد الخروق التي جرت في مباراة نصف النهائي خاصة، حيث تجاوز المشجعين أسوار الملعب بغية دخوله عنوة، وبعضهم لا يحمل بطاقات دخول، فيما تمكن أحد المشجعين من عبور البحيرة المحيطة بالملعب سباحة من أجل الدخول.

تبعاً لذلك، يبين أحد موظفي الشركة الخاصة بتدقيق البطاقات قبل الدخول للملعب فضل عدم ذكر اسمه إن “البرنامج المخصص لتدقيق البطاقات فعال جداً، ولا يقرأ البطاقة التي تمت قراءتها مسبقاً، إلا أننا كموظفين نتشاور مع بعضنا في إدخال المشجعين، رغبة منا في ملء المدرجات”.

وقد شاهد مراسل “العالم الجديد”، تدافعاً شديداً بين المشجعين أمام البوابات الأمامية للمدينة الرياضية، اضطر على إثر ذلك بعض رجال الأمن استخدام العصي والهراوات لإبعاد المشجعين عن البوابات، التي بدأ يتسلقها العديد من الشباب، رغبة منهم في الوصول الى الملعب، كما تسلق بعض الشباب سياجات المدينة الرياضية ودخلوا مسرعين نحو ملعب المباراة.

وفي السياق ذاته، حرم مئات المشجعين والمشجعات الذين اشتروا بطاقات المباريات، وغادرت العديد من العائلات المكان، بسبب الاكتظاظ الشديد.

ويوضح المشجع كرار عامر (23 عاما)، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، “قمت بشراء بطاقة بمبلغ 75 ألف دينار عراقي، لكني لم أتمكن حتى من الوصول إلى الموظف الذي يقرأ الباركود الخاص بالبطاقة، ثم أغلقت البوابات، بعدما تم إبلاغ قوات الأمن بامتلاء الملعب عن بكرة أبيه”.

وتعتبر البصرة عاصمة العراق الاقتصادية، وثاني أكبر مدنه من حيث عدد المساحة والثالثة بعدد السكان، كما تعدّ بوابة العراق البحرية، والمصدر الرئيس للنفط الخام الذي يعتمد العراق على بيعه.

إقرأ أيضا