“مكاسب” نور زهير.. تكشف حجم الداعمين وتنذر بتكرار السيناريو

تتجه قضية المتهم الأبرز بسرقة القرن، نور زهير، إلى الغلق شيئا فشيئا، بعد رفع الحجز…

تتجه قضية المتهم الأبرز بارتكاب سرقة القرن، نور زهير، إلى الغلق شيئا فشيئا، بعد رفع الحجز عن إحدى شركاته، وفيما عد الأمر قانونيا، وفقا لمختصين، رأى مراقبون أن “المكاسب” التي حصل عليها زهير، تؤكد تورط جهات سياسية كبيرة، محذرين من تكرار الأمر مع شخصيات أخرى.

ويقول الخبير القانوني ماجد مجباس، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار محكمة تحقيق الكرخ الثانية القاضي برفع الحجز عن الشركة العائدة للمتهم نور زهير جاسم وأفراد أسرته، المسير إلى وزارة المالية، وتبين أن هذا الكتاب لاحق لكتاب سابق سيرته المحكمة للجهة ذاتها، وهو ما يعني وجود مخاطبات سابقة وفق الأصول القانونية بين الجهتين بشأن الحجز”.

ويضيف مجباس، أن “كتاب المحكمة الخاص برفع الحجز أشار إلى كتاب مصرف الرافدين الفرع الرئيسي بالعدد (192 في 11/1/2023)، وهذا الكتاب يؤكد إيداع المتهم نور زهير جاسم لمبالغ في حساب الأمانات الضريبية، وهو ذات الحساب الذي سرقت منه أموال سرقة القرن)، وأكد كتاب المصرف المشار إليه استمرار المتهم بإيداع الأموال”.

ويجد الخبير القانوني، أن “قرار المحكمة في رفع الحجز تم وفق القوانين النافذة، ففضلا عن قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية النافذين الحاكمين لموضوع إصدار أمر القبض وإجراءاته بحق المتهم، نذكر قانون استرداد الأموال رقم 9 لسنة 2012 الذي يجيز في المادة 4/ سادسا و سابعا منه، استرداد الأموال خلال مدة لا تتجاوز الستة أشهر، فهذا القانون وان كان للوهلة الأولى يوحي بان نطاقه يطبق على الأموال المنهوبة من العراق قبل 2003 إلا انه ليس فيه ما يمنع ان يبسط نطاقه على الأموال المنهوبة بعد 2003 ولعل المادة 9 منه تؤكد ذلك”.

ويتابع أن “قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 39 لسنة 2015 أجاز بموجب المواد 23 و24 و25 منه للمحكمة سلطة الحجز على أموال المتهمين وسلطة رفع الحجز متى توافرت أسبابهما، وكذلك نص القانون على ان هذا الحجز هو حجز احتياطي تطبق عليه أحكام الحجز الاحتياطي المنظم في المواد ( من 231 إلى 251) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل وهذا القانون هو الآخر اعطى للمحكمة سلطة تقديرية واسعة بتسيير إجراءات الحجز ووضعه ورفعه وفق الأسباب المتوافرة لديها، كما ان قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم 30 لسنة 2011 قد نظم بداخل الهيئة تشكيلا إداريا باسم مديرية الاسترداد، فجميع القوانين سالفة الذكر تمكن المحكمة من إدارة التقاضي محل البحث وفق ما تراه مناسبا بما في ذلك وضع الحجز و رفعه”.

ويرى حسن أن “قرار المحكمة برفع الحجز كان موافقا للقانون، ويقع ضمن سلطتها بإدارة إجراءات التقاضي ولا تثريب عليها إن رفعت الحجز متى توافرت أسباب رفعه كما ذكرنا، ونجد من الضرورة بمكان أن نهيب و بكل احترام للكافة إلى عدم التأثير على سير القضاء او الإساءة له بالتصريح أو بالتلميح، لان هذا الفعل يعد فعلا مجرما يعاقب عليه قانون العقوبات العراقي النافذ”.

ويوم أمس، تسرب كتاب من محكمة استئناف الكرخ، موجها إلى وزارة المالية، بشأن رفع شارة الحجز عن شركة العاصمة لاستيراد وخدمات وصيانة القطارات والسكك الحديد والاستثمارات العقارية والصناعية ونصب وتشغيل وصيانة محطات توليد الطاقة الكهربائية، العائدة للمتهم نور زهير جاسم المظفر وزوجته رؤی حسین شیهان وأولاده كل من فاطمة ومحمد ومنن والولي الجبري عليهم نور زهير جاسم المظفر.

وكانت القوات الأمنية اعتقلت المتهم الأبرز بسرقة القرن، نور زهير، في 24 تشرين الأول أكتوبر الماضي، قبيل فراره لخارج العراق بطائرة خاصة من مطار بغداد الدولي، حيث جرى منع الطائرة من الإقلاع بعد صعوده على متنها واعتقاله.

وكان نور زهير، قد أطلق سراحه في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، بعد اتفاق بينه وبين محكمة تحقيق الكرخ الثانية، على جدولة لاسترداد كامل المبلغ في حوزة المتهم.

ويرى المحلل السياسي إياد العنبر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “عملية رفع الحجز عن شركات نور زهير استكمال لمناقلة الأموال واستعادتها، ويمكن أن تكون تلك العملية تحت سقف القانون، إذ لم يشهد ذلك الرفع أي اعتراضات على الصعيد القانوني”.

ويعتقد العنبر أن “المكاسب التي يحصل عليها نور زهير تدلّ على تورط بعض الجهات السياسية بهذا الملف بشكل كبير، تبعاً لذلك فإن ما حصل وما يحصل من قبيل إطلاق سراح المتهم، مع انعدام الضامن الحقيقي لاسترداد الأموال المسروقة، سوف يكون مثلبة في تاريخ النظام والقانون الذي يتعلق بمحاربة الفساد، وعلى ادعاءات الحكومة، وعلى القوى السياسية، التي ترفع هذا الشعار”.

ويشير إلى أن “كل ما تم الحديث عنه والتداول به في وسائل الإعلام لا يشكل إلا نسبة قليلة من الحقيقة”، لافتا إلى أن “هذا الملف اختبار حقيقي لمصداقية الحكومة في استرداد الأموال، ومتابعة الإجراءات المتعلقة بهذا الملف، أما على مستوى توقيتات استرداد الأموال فلم يكن هنالك أي إشارة لالتزام”.

يذكر أن رئيس الوزراء سرد سابقا، ما توصلت إليه اللجان التحقيقية، وهي صرف 114 صكا للمتهم نور زهير، بمبلغ إجمالي أكثر من تريليون دينار، صرف 37 صكا بمبلغ إجمالي قدره 624 مليار دينار لشركة بادية المساء، وصرف 66 صكا بمبلغ إجمالي 982 مليار دينار لشركة الحوت الأحدب لمديرها المفوض الهارب عبد المهدي توفيق ومالكها المتهم قاسم محمد، وصرف 45 صكا بمبلغ إجمالي 607 مليارات دينار لشركة رياح بغداد لمديرها المفوض عبد المهدي توفيق ومالكها الملقى القبض عليه حسين كاوة.

يشار إلى أن مستشار رئيس الحكومة السابق هيثم الجبوري، اعتقل في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، بتهمة تضخم الأموال وتورطه بسرقة القرن، وأطلق سراحه مطلع الشهر الحالي بكفالة مالية.

يشار إلى أن الكشف عن سرقة القرن، يعود إلى عهد وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار، حيث كشف خلال إعلانه استقالته من منصب وزير المالية وكالة، عن سرقة 2.5 مليار دولار (3.7 ترليون دينار) من أموال الضريبة في مصرف الرافدين الحكومي.

في السياق ذاته، يؤكد المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “شخصية مثل نور زهير، له القدرة على سرقة مبلغ كبير من المال، ويحصل على قرار بالإفراج عنه، مع مكاسب تتبع ذلك الإفراج، لابد أن تكون شخصية غير تقليدية، لها ارتباطات بأطراف سياسية، وشخصيات لها نفوذ في المشهد السياسي، فبقاء نور زهير خلف القضبان سيفتح الباب على مصراعيه باتجاه كشف المتورطين الآخرين، الذين من المرجح أن يكونوا عملاء لدول إقليمية، ما قد يسبب مشاكل سياسية لها تبعات على مختلف الصعد، وبالتالي فالضغط باتجاه عدم توريط نور زهير يجري بوتيرة متصاعدة”.

ويلفت البيدر إلى أن “هذا الملف سوف يتيح لأطراف أخرى القيام بتكرار هذه السرقة، وربما الآن تفكر جهات أخرى بالاستيلاء على المال العام، لذا فعدم تحقيق العدالة في ملف زهير سوف يعرض المال العام للهدر بطريقة مباشرة وغير مباشرة، عبر انتشار ثقافة السرقة دون حسيب أو رقيب، من أبسط مواطن أو موظف إلى أبرزهم”.

 وكان السوداني، قد ظهر قبل شهرين، في مؤتمر صحفي، تم الترويج له قبل عقده بساعات، وهو يتوسط 182 مليار دينار (نحو 120 مليون دولار)، معلنا عن استردادها من خارج البلاد، ضمن ما بات يعرف بـ”سرقة القرن”.

وقد كشفت “العالم الجديد” سابقا، أن الأموال التي كانت بحوزة نور زهير، داخل العراق تبلغ أكثر من 55 مليون دولار، اشترى بها عقارات في بغداد، لكن بما أنه لم يكمل إجراءات تحويلها باسمه قبل عملية القبض عليه، قام بفتح بيانات بها في التسجيل العقاري مع البائعين فقط، ولم تصل عملية البيع إلى مرحلة التقرير النهائي.

إقرأ أيضا