خطة السونار لرصد الدولار.. لماذا وصفت بـ”المضحكة”؟

قوبل القرار المشترك بين بغداد وأربيل، القاضي بنصب نقاط تفتيش على الطريق بين المدينتين ووضع…

قوبل القرار المشترك بين بغداد وأربيل، القاضي بنصب نقاط تفتيش على الطريق بين المدينتين ووضع أجهزة “سونار” لاكتشاف العملة المهربة والحد من هذه العملية، بانتقاد شديد من قبل متخصصين بالأمن والسياسة، ففيما وصفوا القرار بـ”المضحك”، شددوا على ضرورة تفعيل قسم مكافحة الجريمة المنظمة والجهد الاستخباري بدلا من اللجوء لمثل هذه الحلول، مبدين استغرابهم من استخدام جهاز “سونار” لكشف الأموال

ويقول الفريق المتقاعد جليل خلف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن فكرة نصب جهاز لكشف الدولار “هي أمر مضحك، فالدولة تقول إنها لم ترفع الدولار بينما الأحزاب الأخرى تطالب بتخفيضه، والكل ينادي بهذا المطلب، وهذا التخبط هو دليل على ضعف الدولة وسوء تدبيرها”.

ويضيف خلف أن “أجهزة السونار وبحسب معرفتنا، فأنها تختلف بحسب واجباتها، ولكن لم نسمع بمثل هكذا سونارات تخص كشف عملة الدولار، كما أننا نملك تجربة سيئة في عمل السونار الذي يستخدم في السيطرات والذي كلفنا ٨٠ مليار دولار بلا جدوى”.

ويتحدث الفريق المتقاعد عن أن “التهريب في بالأساس يمر عن طريق الإقليم ومن ثم إلى الدول المجاورة، وهذا أكثر ما اثر على العملة في العراق، إذ تجري عمليات شراء بشكل مجنون للدولار من المدن العراقية ومن ثم يتم تهريبها”، لافتا إلى أن “استعمال السونار للحد من هذه العمليات هو إجراء غير مقنع إطلاقًا ولا ننسى أيضا أن العديد من السيطرات في الإقليم غير خاضعة لسيطرة الحكومة الاتحادية كما أن هناك منافذ غير رسمية يهرب منها كل شيء”.

ويتابع خلف أن “ضبط إيقاع الدولار يحتاج إلى إجراءات أخرى أفضل من السونار، كالتعاون الدولي والاستعانة بخبراء اقتصاد لرسم سياسة واضحة لمساعدة الدولة في معالجة مشاكلها الاقتصادية”.

وكانت وزارة الداخلية، أعلنت أمس الأول، أنه بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق، تمت المباشرة بنصب أجهزة السونار على الطرق الخارجية التي تربط المحافظات لرصد حالات تهريب العملة الأجنبية ومحاسبة المضاربين بموجب القانون.

وجاء هذا القرار، بعد أن بلغ سعر صرف الدولار في السوق المحلية 167 ألف دينار لكل مائة دولار، وبالتزامن مع حملة أمنية نفذت في بورصات بغداد، لاعتقال المضاربين بالدولار وأصحاب مكاتب الصرافة غير المجازين.

يذكر أن العراقيين، لديهم تجربة سابقة مع أجهزة السونار، التي كانت مهمتها كشف المتفجرات في البداية، وتبين لاحقا أنها خاصة بغسيل السيارات، ما أثار موجة غضب كبيرة أدت إلى إيقاف استخدامها، لاسيما وأنها انطوت على صفقة فساد كبيرة يقف خلفها سياسيين ورجال أعمال.

من جانبه، يبيّن الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مديرية مكافحة الجريمة المنظمة التابعة إلى وزارة الداخلية اضطلعت بدور كبير في غضون الأيام الماضية، إذ تملك ضباطا متخصصين بشؤون غسيل الأموال وملاحقة الجريمة المنظمة، قاموا بتتبع التجار وتفكيك بعض مكاتب الحوالات والصيرفة غير المجازة”.

 

لكن أبو رغيف يشدّد على أن “السيطرة لم تتم حتى الآن على نزيف الحوالات والفواتير المزورة وكذلك لا سيطرة على بعض مكاتب ومحال الصرافة، وهذا من شأنه أن يفتك بالاقتصاد العراقي ما لم ينظم هذا العمل المالي بقانون”، لافتا إلى أن “دور مديرية مكافحة الجريمة المنظمة الاستخباري والفني قطعا هو أفضل من تنصيب سونارات لكشف عمليات تهريب العملة الصعبة”.

وعن فكرة تنصيب هذه الأجهزة، يردّ الخبير الأمني “لا نعلم مدى دقة هذا الأمر، لأن الدولار قطعاً لا يمكن كشفه ما لم تكن هناك معلومة استخبارية مسبقة، لاسيما أن هناك بعضا من مكاتب الصرافة تقوم بتجميع الدولار وشرائه من السوق وبيعه في الإقليم ما يؤدي إلى نقص حاد في هذه العملة الأمر الذي تسبب بهذا الارتفاع”.

وخلال الفترة الماضية، خضعت المصارف العراقية، إلى ضوابط صارمة للحد من تهريب العملة خارج البلد، وذلك بإشراف أمريكي، لاسيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المصارف، وذلك بعد فرض عقوبات على 4 مصارف مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، ومنها مصرف الشرق الأوسط، ما تسبب برفع سعر صرف الدولار في السوق المحلية.

وكانت “العالم الجديد”، من أوائل الصحف التي كشفت أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل برا إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ”الحوالات السود“.

يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قرر اليوم الأثنين، إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى مخيف من منصبه بناءً على طلبه، وكلف علي محسن العلاق بإدارة البنك المركزي بالوكالة، كما أحال مدير المصرف العراقي للتجارة على التقاعد، وكلف بلال الحمداني لإدارة المصرف العراقي للتجارة إضافة إلى مهامه.

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي احمد العبادي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق من ضمن الدول التي انضمت إلى النظام الأمريكي سويفت، وهو نظام تكون فيه جميع الودائع داخل البنك الفيدرالي الأميركي، ويقوم بتتبع الحوالات”.

ويضيف العبادي أن “اتفاق بغداد أربيل يأتي ضمن المشروع الذي بدأت به أميركا مؤخراً وهو تتبع الدولار”، لافتا إلى أن “المشروع كان من المفترض أن يبدأ منذ عام ٢٠١٤ ولكن الحكومات العراقية منذ ذلك الوقت وحتى الآن كانت تطلب سماحا من الأميركان أن يمهلوهم فترة ليتمكنوا من السيطرة على السوق وعلى الدولار باعتبار أن العراق كان يمتلك تعاملات غاز مع إيران وتعاملات أخرى مع تركيا”.

ويتابع أن “أمريكا بعد أن طبقت برنامج تتبع الحوالات خاطبت وزارة الخارجية العراقية وأبلغتها بأن موعد تطبيق البرنامج كان محددا قبل سنتين وجرى التبليغ به، وتم البدء بتطبيقه الآن”، لافتا إلى أن “اتفاق بغداد أربيل هو اتفاق تنفيذي تابع لهذا البرنامج الذي تعمل به الجهات الأميركية”.

جدير بالذكر، أن مبيعات البنك المركزي من الدولار، انخفضت من نحو 300 مليون دولار يوميا، إلى 50 مليون دولار يوميا، بعد خضوع المصارف للرقابة وتطبيق النظام العالمي.

إقرأ أيضا