الشلل يصيب السوق العراقية.. والعلاج ما زال غائبا

تعرضت السوق العراقية، إلى شلل تام بسبب ارتفاع سعر الدولار، وبكافة المجالات الغذائية والانشائية بسبب…

تعرضت السوق العراقية، إلى شلل تام بسبب ارتفاع سعر الدولار، وبكافة المجالات الغذائية والانشائية بسبب الارتفاع الذي طرأ على الاسعار بشكل كبير ووصل إلى 25 بالمئة، وهذا الأمر شمل حتى مكاتب الصرافة، التي باتت لا تبيع وتشتري الدولار، وفيما دعا متخصصون بالاقتصاد وزارة التجارة لأخذ دورها ببيع المواد الغذائية المدعومة للسيطرة على الأسعار، أكد مراقب للشأن السياسي، أن واشنطن لن تتراجع عن خطواتها لمراقبة الدولار، رغم الضغط من قبل أطراف عراقية لها ارتباطات إقليمية.  

ويذكر محمد عدنان، صاحب محل للمواد الغذائية، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “جميع المواد ارتفع سعرها من 5- 6 آلاف دينار، ابتداءً بالدجاج وليس انتهاء بالبيض الذي ارتفع سعر الصندوق الواحد منه من 65 إلى 80 ألفا، والحال نفسه بالنسبة للبقوليات والمواد الغذائية الأخرى”.

ويضيف عدنان، أن “القدرة الشرائية للمواطن انخفضت بشكل كبير، إذ أصبح يشتري كميات قليلة بما يكفي ليوم واحد”.

ويشهد سعر الدولار تقلبا حادا منذ قرابة الشهرين، حتى بلغ مؤخرا 167 ألف دينار لكل مائة دولار، وهذا الأمر عزي إلى مراقبة واشنطن لحركة الدولار، للحد من تهريبه وفرضها إجراءات صارمة على بيع الدولار بمزاد العملة، حيث انخفضت مبيعات البنك المركزي من 300 مليون دولار يوميا إلى نحو 60 مليون يوميا.

ويوم أمس، أعلنت وزارة التجارة عن بيعها البيض بسعر مدعوم أقل من 5 آلاف دينار للطلقة الواحدة، وجرت عملية البيع في مراكز بجانبي العاصمة بغداد الكرخ والرصافة، بعد أن وصل سعره في الأسواق إلى 8 آلاف دينار.

من جانبه، يشير مصطفى الغري، صاحب صيرفة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “كل السيولات متوقفة منذ أكثر من يومين تقريبا بسبب التقلب الكبير في أسعار الدولار، فخلال ساعات قليلة يتقلب سعر الدولار بزيادة أو نقصان بمقدار خمسة آلاف دينار تقريباً”.

ويضيف الغري، أن “جميع غروبات بيع وشراء الدولار الآن متوقفة بسبب تقلب سعر الصرف إذ وصل إلى حد أن السعر الرسمي أصبح غير معروف”، لافتا إلى أن “عمليات البيع والشراء متوقفة والحوالات أيضا بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرض لها أصحاب الصيرفات”.

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أعلن يوم أمس عن إطلاق السلة الغذائية للمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية، وتحسين مفرداتها، في مؤتمر صحفي عقده في وزارة التجارة وظهرت خلفه أكياس الطحين.

وأكد السوداني خلال المؤتمر، أن الحكومة اتخذت إجراءات للحد من ظاهرة الفقر، ولن نتساهل مع من يحاول المساس بقوت المواطن، فيما بين أن ارتفاع الأسعار أمر وقتي، وقد اتخذنا قرارات بحق من يحاول المضاربة والتأثير على السوق.

فيمنا قال وزير التجارة خلال المؤتمر، أن المخازن مليئة بالمواد الغذائية وهي تكفي لثلاثة أشهر، وهناك من يحاول التلاعب الأسعار وسنعمل على مواجهتهم.

بدوره، يؤكد أحمد جاسم، صاحب معمل الفهد للألمنيوم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الشراء متوقف الآن، والجميع ينتظر نزول سعر الدولار، إذ وصل الفرق الحالي عن السابق تقريبا إلى 25 بالمئة، فهناك تخوف وتردد للإقدام على الشراء، إذ انخفض النشاط إلى أكثر من 50 بالمئة”.

ويضيف جاسم، أن “ربطة الألمنيوم الصينية الصنع كانت سابقاً بسعر 5750 دينارا والآن أصبحت بحدود 8 آلاف دينار، وكذلك الحال بالنسبة للمواد التركية”.

وقد شهدت السوق العراقية ارتفاعا كبيرا بأسعار المواد الغذائية منذ عامين، المرة الأولى بعد تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار مطلع العام 2021، وهو ما تسبب برفع الأسعار نظرا لأنها جميعها مستوردة، وحتى المحلية منها فإن موادها الأولية مستوردة، والموجة الثانية للارتفاع جرت بعد الحرب الروسية- الأوكرانية، التي تسببت برفع الأسعار بشكل عالمي، خاصة بعد توجه العديد من الدول لمنع تصدير المواد الغذائية.

من جانبه، يجد الخبير الاقتصادي ناصر الكناني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحلول التي يجب اتخاذها بدلا من الحلول الترقيعية هي أن تتولى وزارة التجارة وبمراقبة وإشراف الصحة كافة عمليات الاستيراد للسلع الاستهلاكية والأدوية فما موجود الآن جميعها مهربة”.

ويضيف الكناني أن “استيراد السلع من قبل التجارة بأسعار مناسبة كالبيض وكذلك الطحين قبل فترة، هو الحل الأفضل ثم تعكسها على التجار في السوق”، مشيرا إلى أن “الاستيرادات الحكومية دائما ما تكون بكميات كبيرة وهذا يشكل فارقا بشكل كبير بالنسبة للأسعار إضافة إلى التخلص من أجور النقل وغيرها كونها لأن لديها أسطول نقل، وبالتالي هذه الخطوات تقلل العبء وترفعه عن كاهل المواطن”.

وكان رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس حذر في تشرين الأول أكتوبر الماضي، من أخطار التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض الإنتاجية واستنزاف إمدادات الطاقة العالمية وارتفاع أسعار الفائدة على البلدان النامية، متوقعا أن تستمر تلك الأخطار إلى ما بعد عام 2023. ورجح أن تسير الأمور في البلدان النامية من سيء إلى أسوأ حتى لو استقرت أوضاع الاقتصادات المتقدمة، وشبه أخطار العالم النامي بـ”الانتكاسة”.

بدوره، يعتقد المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الولايات المتحدة لن تتراجع عن تطبيق نظريتها وخطواتها التي تراها داعمة لنفوذها بالمنطقة، إذ أطلقت سابقا بدم بارد حصارا على العراق دام أكثر من ٢٢ عاما دون أن تكترث، فهي لا تهتم باستخدام الضغط الجماهيري”.

ويضيف البيدر أن “الجهات المهربة قد تلجأ لاستخدام أسلوب الضغط لاسيما أنها مرتبطة بأطراف إقليمية وأحزاب لها وسائل إعلام نافذة وتسخر إمكانياتها للضغط، إلا أن شيئا لن يتغير بالنسبة لواشنطن”، لافتا إلى أن “ما يتطلبه المشهد الآن هو حكومة قوية تجابه كل التحديات وتسعى لضبط تحرك الأموال داخل العراق وتواجه الأطراف المسؤولة عنها بكل أنواع الطرق”.

يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قرر اليوم الأثنين، إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى مخيف من منصبه بناءً على طلبه، وكلف علي محسن العلاق بإدارة البنك المركزي بالوكالة، كما أحال مدير المصرف العراقي للتجارة على التقاعد، وكلف بلال الحمداني لإدارة المصرف العراقي للتجارة إضافة إلى مهامه.

إقرأ أيضا