أسبوعان أمام انهيار الدينار.. هل من حلول؟

توقع مسؤول وخبراء بالاقتصاد، أن يصل سعر صرف الدولار في العراق لمستوى قياسي لم يصله…

توقع مختصون، ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق لمستوى قياسي لم يصله منذ عام 2003، مع قرب تطبيق البنك المركزي لنظام العمل بالمنصة الإلكترونية لبيع الدولار، استجابة لقرار البنك الفيدرالي الأمريكي، وفيما بينوا أن الحل يتمثل بخفض سعر الدولار بشكل رسمي، قللوا من أهمية إرسال أي وفد عراقي لواشنطن لطلب مهلة، متوقعين مدة 6 أشهر حتى يعتاد التجار والمواطنون على التعاطي مع الحالة الجديدة.

ويقول مسؤول في البنك المركزي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “إيقاف البيع النقدي بشكل مباشر من قبل البنك المركزي، سوف ينتهي منتصف شباط فبراير المقبل، وسيتم اعتماد العمل بالمنصة الإلكترونية، كحال الحوالات، وهذه سياسة فرضها البنك الفيدرالي الأمريكي، والعراق ملزم بتطبيقها، فعدم التزامه ربما سيعرضه لعقوبات أو إيقاف للحوالات بشكل كامل”.

ويوضح المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “البنك المركزي بعد تطبيق هذه السياسة الجديدة، لن يبيع أي مبالغ نقدية بشكل مباشر، بل سيتم تحويل طالبي هذه المبالغ من التجار أو المواطنين، إلى مصارف حكومية وأهلية، ويصل عددها إلى أكثر من 22 مصرفاً”.

ويضيف أن “هذه العملية مكملة لعملية المنصة الإلكترونية الخاصة بالحوالات، فهذا الإجراء سيمنع أيّ تلاعب بالعملة ويمنع استلام الأشخاص أو الشركات أكثر من مرة، كما سوف يكشف الكثير من الأوراق غير الرسمية والدقيقة، التي على إثرها يتم تسليم تلك العملة”.

ويتابع المسؤول في البنك المركزي، أن “تطبيق هذه الخطوة الجديدة، سيقلل من الدولار في السوق، فهناك الكثير من العمليات غير الرسمية وغير القانونية سوف تكشفها هذه العملية التي سيكون لها تأثير بكل تأكيد على قضية سعر صرف الدولار في السوق المحلي، وسيكون هناك ارتفاع بالسعر بعد تطبيق هذه العملية وحتى قبل تطبيقها”.

وكان البنك المركزي، أصدر يوم أمس، بيانا تضمن نفيا وتأكيدا لمعلومات امتناعه عن بيع الدولار بشكل مباشر للمواطنين، حيث ورد في بيانه “ينفي البنك المركزي العراقي منع أو تقييد البيع النقدي للمواطنين، وأن التسجيل الإلكتروني يضمن تلبية حاجة المواطن للدولار ويمنع تكرار البيع للشخص ذاته، ويعتبر هذا الإجراء فرصة لحصول المواطنين على الدولار للأغراض المشروعة دون قيود”.

وسجل سعر صرف الدولار في بغداد يوم أمس الأحد، 166 ألف دينار لكل 100 دولار، بعد أن انخفض خلال الأيام الماضية لنحو 158 ألف دينار.

يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قرر في 23 من الشهر الحالي، إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى مخيف من منصبه بناءً على طلبه، وكلف علي محسن العلاق بإدارة البنك المركزي بالوكالة، كما أحال مدير المصرف العراقي للتجارة على التقاعد، وكلف بلال الحمداني لإدارة المصرف العراقي للتجارة إضافة إلى مهامه.

من جهته، يذكر الخبير في الشأن المالي نبيل جبار التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قضية إيقاف البيع المباشر من قبل البنك المركزي هو إجراء جديد من قبل البنك الفدرالي الأمريكي، وتطبيق هذه العملية الجديدة، سوف يحدث انفجارا كبيرا في السوق المحلية من حيث ارتفاع سعر صرف الدولار، وأكيد ستكون له نتائج على ارتفاع أسعار البضائع الغذائية وغيرها”.

ويتوقع التميمي، أن “هذه العملية ستخلق أزمات كبيرة في السوق المحلية، لكن البنك المركزي العراقي ملزم بتطبيقها، فالإجراء الجديد سوف يقلل من عمليات تهريب العملة وغسيل الأموال”.

ويجد الخبير في الشأن المالي، أن “الحل الوحيد في الوقت الحالي لأزمة الدولار، أن يقوم البنك المركزي العراقي بتخفيض سعر الصرف من قبله أي أن يكون السعر الرسمي هو 1350 دينار لكل دولار، وهذا يعزز إمكانية السيطرة على السوق، وهو الحل الأفضل للازمة، مع وجود التعليمات المشددة من البنك الفدرالي الأمريكي”.

وخلال الفترة الماضية، خضعت المصارف العراقية، إلى ضوابط صارمة للحد من تهريب العملة خارج البلد، وذلك بإشراف أمريكي، لاسيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المصارف، وذلك بعد فرض عقوبات على 4 مصارف مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، ومنها مصرف الشرق الأوسط، ما تسبب برفع سعر صرف الدولار في السوق المحلية.

جدير بالذكر، أن أنباء انتشرت خلال الأيام الماضية، تفيد بأن العراق عازم على إرسال وفد إلى واشنطن لطلب مهلة بشأن تطبيق ضوابط الحد من تهريب العملة، فضلا عن عزم رئيس الحكومة بحث هذا الملف خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن، والتي لم يحدد موعدها لغاية الآن.

جدير بالذكر، أن مبيعات البنك المركزي اليومية من الدولار، انخفضت خلال الفترة الماضية من 300 مليون دولار يوميا إلى نحو 50 مليون دولار كمعدل، بعد تشديد الرقابة على الدولار وفرض ضوابط لشراء الدولار.

بدوره، يرى الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اعتماد البنك المركزي العراقي على المنصة الإلكترونية وكذلك العمل الإلكتروني بقضية البيع النقدي، هي الطريقة الوحيدة لإنهاء عمليات تهريب العملة وغسيل الأموال، وهذه الإجراءات مفروضة على العراق من قبل الفيدرالي الأمريكي الذي يتابع كل دولار يخرج من العراق”.

ويبين الصوري، أن “التجار والمواطنين يحتاجون إلى أكثر من ستة أشهر للاعتياد على التعامل مع المنصة الإلكترونية في ظل أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق المحلية، خصوصاً أن هذه العملية تسهم في تقوية الاقتصاد العراقي، من خلال منع تهريب العملة، وإيقاف عمليات غسيل الأموال، لاسيما أن العراق لا يملك أي طرق أخرى لإيقاف تلك العمليات”.

ويضيف أن “ذهاب وفد عراقي إلى الولايات المتحدة الأمريكية لطلب وقت من أجل تأجيل تطبيق العمل بالمنصة الالكترونية، لن يفيد بأي شيء فالأمريكان عازمون على تشديد هذه الإجراءات لمنع وصول الدولار إلى الدول التي عليها عقوبات، وعلى رأسها إيران، ولهذا فأن العراق سيكون مجبرا على تطبيق أي شيء يريده البنك الفدرالي الأمريكي، وبخلاف ذلك ربما يكون العراق معرضا للعقوبات الأمريكية، كونه محطة نقل لتهريب الدولار”.

يذكر أن الحكومة السابقة وفي أواخر 2020، أعلنت عن تغيير سعر صرف الدينار من 1182 دينارا لكل دولار إلى 1450 دينارا لكل دولار، ما أثار موجة سخط شعبية كبيرة، خاصة بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وتم تثبيت هذا الأمر في الموازنة الاتحادية التي صوت عليها مجلس النواب في 31 آذار مارس من عام 2021.

وأعلنت وزارة الداخلية، مؤخرا، أنه بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق، تمت المباشرة بنصب أجهزة السونار على الطرق الخارجية التي تربط المحافظات لرصد حالات تهريب العملة الأجنبية ومحاسبة المضاربين بموجب القانون.

وكانت “العالم الجديد”، من أوائل الصحف التي كشفت أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل برا إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ”الحوالات السود”.

إقرأ أيضا