عام مكافحة المخدرات.. “مافيات” تتحكم بالداخلية وأنباء عن عودة مدان بتجارتها لوظيفته بالمخابرات

قلل متخصصون من أثر إعلان وزير الداخلية عبدالأمير الشمري، بأن العام الحالي سيكون عاما لنهاية…

قلل متخصصون من أثر إعلان وزير الداخلية عبدالأمير الشمري، بأن العام الحالي سيكون عاما لنهاية المخدرات، ففيما أكدوا أن تجار المخدرات لهم اليد الطولى داخل وزارته، وأنهم باتوا يتحكمون بنقل الضباط أيضا، وجهوا الاتهام لجهات متنفذة ومسلحة بالوقوف خلف هذه التجارة، كاشفين عن قيام رئيس الحكومة بإعادة مدان بتجارة المخدرات حصل على عفو رئاسي، إلى وظيفته في جهاز المخابرات مع ترقيته وتكليفه بمهام خارج البلد. 

ويقول الخبير في الشأن الأمني، العميد المتقاعد عدنان الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “وزير الداخلية عبد الأمير الشمري استعجل كثيرا في إطلاقه وعودا بشأن القضاء على المخدرات في العراق خلال السنة الحالية، فهذا الملف لا تستطيع وزارة الداخلية وباقي المؤسسات الأمنية الأخرى إنهاءه، فتجارة المخدرات في العراق مرتبطة بأجهزة مخابراتية وبعض الأحزاب السياسية وحتى الجماعات المسلحة، وهناك ضغوطات من أطراف خارجية على القرار العراقي بشأن هذا الملف”.

ويبين الكناني، أن “الأطراف التي تقف خلف ملف المخدرات في العراق تستطيع أن تزيح وزير الداخلية عبدالامير الشمري من منصبه، ولهذا فأن تصريح الوزير مستعجل وبعيد عن الواقع ومن الصعوبة تحقيقه”.

ويضيف أن “ملف المخدرات في العراق خطير وواسع، وتحدٍ لا تستطيع وزارة الداخلية مجابهته دون وجود إرادة صارمة من خلال اتخاذ قرارات وطنية ومنها ضبط الحدود”، لافتا إلى أن “ما يعلن بشأن إلقاء القبض عليهم من تجار مخدرات بين حين وآخر، هم من المتاجرين الصغار، وهذه لا تعدون عن كونها عمليات لتجميل صورة الأجهزة الأمنية”.

ويكشف العميد المتقاعد أن “بعض الأجهزة الأمنية هي السلاح الضارب بيد تجار المخدرات الكبار، فهؤلاء يتحكمون بمفاصل وزارة الداخلية وبعض الأجهزة الأخرى ولهم اليد الطولى بنقل الكثير من كبار الضباط الذي يعملون على عرقلة التجارة بملف المخدرات، أو ربما تصل الأمور إلى التصفية الجسدية”.

يذكر أن مديرية مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية، أعلنت يوم أمس، في بيان مقتضب، أن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري عازم على ان يكون عام 2023 عاماً لنهاية المخدرات في العراق. 

وكانت “العالم الجديد”، كشفت عن نسب تعاطي المخدرات بين الشباب “ذكورا وإناثا” في العديد من المحافظات وآخرها كركوك، حيث بلغت نسبة التعاطي فيها 5 بالمئة، فيما كشفت أيضا عن طريق وصول المخدرات إلى كركوك، ومن ثم الطريق نحو بغداد.

وورد ضمن ملف المخدرات الذي أعدته “العالم الجديد” وشمل محافظات عديدة، أن نسبة تعاطي المخدرات في محافظة كربلاء، ذات الطابع الديني، تراوحت بين الشباب بين 3-5 بالمئة خُمسهم نساء، فيما كشف الملف عن تفاصيل وأرقام صادمة بشأن تعاطي المخدرات في واسط وذي قار والأنبار، حيث بلغت نسبة التعاطي بين شباب ذي قار 20 بالمئة، بينهم 5 بالمئة إناث، فيما استفحل التعاطي بين الإناث والذكور أيضا في واسط، وبنسبة مرتفعة بحسب المتخصصين، من دون تحديد الأرقام لافتقار المحافظة إلى مراكز متخصصة، وفي الأنبار بلغت 10-15 بالمئة، بحسب مسؤولين فيها.

يشار إلى أن مفوضية حقوق الانسان، اعلنت في وقت سابق أن مادة “الكريستال ميث” هي الأكثر طلبا في العراق، بالاضافة إلى الحشيشة و”الكبتاغون” التي يتم تداولها بين الشباب، خصوصاً الفئات العمرية بين 17 و35 سنة.

بالمقابل، يؤكد المحلل السياسي نزار حيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق بات بؤرة خطيرة لانتشار وتعاطي ومرور المخدرات، فالكميات المصادرة التي يتم الإعلان عنها مهولة ومخيفة، وهي تدلل على أنها ليست للاستهلاك المحلي فقط وإنما للتجارة إلى بلدان أخرى، وأن مشروع مكافحة المخدرات الذي تعلن عنه الحكومة يشبه إلى حد بعيد بقية مشاريعها المزعومة في مكافحة الفساد وتهريب البترول والعملة وغيرها، لا ترقى، للأسف، إلى مستوى التحدي العظيم والخطير في هذه الملفات، فما شاهده الرأي العام العراقي حتى الآن مجرد تنظيرات وشعارات ومساع للإيقاع بأكباش فداء لا يغير اعتقالهم شيئاً من الواقع”.

ويوضح حيدر، “لا ننكر أن تجارة المخدرات هي تحد عالمي، ولكن في الوقت نفسه، فإن هذه الحقيقة لا تعفي الدولة العراقية من تحمل مسؤولياتها الوطنية، الدستورية والقانونية، لمواجهة هذا التحدي الآفة، كما أن مشروع مكافحة انتشار المخدرات يحتاج الى تشريعات جديدة تشدد العقوبة، خاصة على كبار التجار، فالتهاون معهم والعفو عنهم وإطلاق سراحهم بعد محاكمات شكلية، كما حصل مع أحدهم قبل سنتين، والذي أعادهُ الآن رئيس جهاز المخابرات وكالة السوداني، إلى وظيفته ضابطاً في جهاز المخابرات مع ترقيةٍ خاصة ومنحه منصب رئيس محطة للجهاز خارج البلاد”، لافتا إلى أن “كل ذلك لا يساهم في إنجاح مشروع مكافحة المخدرات وإنما يزيد الطين بلة كما يقول المثل”.

ولم يتسن لـ”العالم الجديد”، الحصول على تأكيد من جهات رسمية معنية بصحة المعلومات التي أوردها المتحدث.

ويضيف أن “العراقيين لم يروا حتى اللحظة تاجراً واحداً من كبار تجار المخدرات يقف خلف القضبان ليواجه القضاء فينزل بحقه اشد العقوبات، والسبب واضح، كما يبدو لي، وهو أن شبكات تجار المخدرات متنفذة في مؤسسات الدولة بما فيها القضاء للأسف الشديد، فضلاً عن الزعامات السياسية التي تديرها من وراء حجاب، والمشروع بحاجة الى حملة وطنية شاملة وعامة، فبالإضافة الى الدور الأساسي لمؤسسات الدولة، كذلك فان للمؤسسة الدينية والنواة الأولى للمجتمع واقصد بها الاسرة وكذلك للمؤسسة التعليمية بكل مراحلها، دور في هذا المشروع، بالتربية والتثقيف والرقابة المجتمعية والأسرية، وغير ذلك”.

ولا يغفل المحلل السياسي “إهمال الحدود وفتحها أمام المخدرات لتنساب إلى الداخل بيسر وسهولة، كما يجب على الدولة أن تشدد من إجراءات ضبط الحدود باستخدام التكنولوجيا الحديثة للكشف عنها وضبطها، خاصة مع جارتنا الشرقية، الجمهورية الإسلامية في إيران، والتي لنا معها أطول حدود 1400 كم، فهي من الدول المعروفة بكونها مصدرا مهما وطريقا لتجارة المخدرات، مع ان قوانينها بهذا الصدد مشددة جداً”

ومن أشهر قرارات العفو الرئاسية، التي صدرت بحق متهم بتجارة المخدرات، هو المرسوم الجمهوري الذي أصدره رئيس الجمهورية السابق برهم صالح، بحق جواد، نجل محافظ النجف لؤي الياسري، الذي اعتقل بتهمة تجارة المخدرات، وهو ضابط في جهاز المخابرات الوطني، وذلك بعد صدور حكم بالسجن المؤبد بحقه.

وقد أثار المرسوم الجمهوري في حينها الرأي العام، وبعد اللغط الكبير وجه صالح آنذاك بسحب المرسومين الجمهوريين المرقمين 1 و2 وذلك خلال اجتماع عاجل مع اللجنة التحقيقية المُشكلة في رئاسة الجمهورية حولهما، كما وجه بالإيعاز الى الجهات القضائية باتخاذ الإجراءات اللازمة بعد سحب المرسومين الجمهوريين، ومخاطبة وزارتي العدل والداخلية لإلقاء القبض على المُدانين وايداعهم في المؤسسات الإصلاحية، لكن هذا لم ينفذ حتى الآن.

يشار إلى أن بيانات ضبط مواد مخدرة من قبل وزارة الداخلية، أصبحت شبه يومية وغالبا ما يتم ضبط ملايين الحبوب المخدرات وكميات كبيرة من المواد المخدرة الأخرى، فيما باتت بيانات القبض على المتهمين بتجارتها أو حيازتها كثيرة أيضا وشملت كافة مناطق البلد.

من جهته، يذكر الخبير في الشأن الاستخباري أعياد الطوفان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق كان قبل سنة 2003 ممرا ضعيفا لورود المخدرات من إيران تجاه الكويت والسعودية، وبعد 2003 الأمر اختلف كثيرا، خصوصاً خلال السنوات العشرة الأولى، إذ أصبح العراق ليس فقط مستهلكا للمخدرات، إنما يدير تجارة كبيرة تشرف عليها جهات متنفذة ومنها سياسية وجماعات مسلحة”.

ويبين الطوفان أن “ملف المخدرات في العراق، تقف خلفه بشكل كبير إيران والجماعات الموالية لها، وهذا الأمر يأتي من أجل إنهاك العراق على مختلف الأصعدة، خصوصاً أن المخدرات أثرت كثيرا في المجتمع العراقي من خلال زيادة عمليات القتل والسرقة، وهذا الملف الخطير تشرف عليه مليشيات مسلحة، ولهذا فهناك تجارة بالأطنان وبعض المسؤولين أيضا لهم دور بهذا”.

ويعتقد أن “القضاء على المخدرات في العراق ليس مستحيلا، لكنه صعب ويتطلب تعاونا حكوميا مع المواطنين، خصوصاً أن دخول توريد المخدرات لم يقتصر على إيران فقط، بل أيضا أن أطنانا تدخل من جهة سوريا من مختلف أنواع المخدرات، وأيضا هذا الأمر تقف خلفه مليشيات، فهي تريد فتح أكثر من منفذ لهذه التجارة”.

ويوضح الخبير أن “هناك أمرا مخيفا جديدا وهو أن زهرة الخشخاش، وهي مادة أساسية لأحد أنواع المخدرات، بدأت تزرع داخل العراق، خصوصاً في مناطق وسط وجنوب البلاد، إضافة إلى مناطق في القائم”.

يشار إلى أن منظمة محلية كشفت في العام الماضي، عن نسب تعاطي المخدرات التي تجاوزت 40 بالمئة بين بعض الفئات العمرية من الشباب (15-35 عاما)، فيما تنحصر النسبة الأكبر للإدمان بين أعمار 17-25 عاما.

ومؤخرا كان السوداني، قرر تخصيص مبلغ مليار دينار يصرف شهريا لمكافحة المخدرات، وبالإضافة إلى تخويل وزارة الداخلية بالتصرف بمعسكرات تابعة لوزارة الدفاع لغرض إيواء المتعاطين.

إقرأ أيضا