هل تمضي خطوة تصنيع الأدوية في العراق دون معرقلات؟

حظيت خطوة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بانتاج الأدوية داخل العراق بمساهمة القطاع الخاص والشركات…

حظيت خطوة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بإنتاج الأدوية داخل العراق عبر مساهمة القطاع الخاص والشركات العالمية، بإشادة متخصصين اقتصاديين، وفيما أكدوا وجود الإمكانيات اللازمة في حال قدمت الحكومة تسهيلات لهذه الصناعة، أشاروا إلى وجود مشاكل منها سيطرة بعض الجهات على ملف استيراد الأدوية، ما قد تعرقل المضي بإنجاز تلك الخطوة.

ويقول الباحث المختص بالشأن الاقتصادي والمالي، نبيل جبار التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق من الناحية المالية يمتلك إمكانية صناعة بعض الأدوية من خلال القطاع الخاص، خصوصاً أن هناك أدوية ذات تركيبات سهلة، لكن من الناحية الفنية يجب أن تكون هناك معامل ومختبرات وكوادر مختصة بهذا الأمر”.

ويبين التميمي، أن “إنتاج الأدوية محليا أمر مهم جداً، فهذا سيقلل من عملية استيراد الأدوية والتي تكلف خزينة الدولة كثيرا، كما سيخلق فرصا كثيرة للعاملين، خصوصا لحملة شهادة الصيدلة وغيرها، لكن تبقى هناك عقاقير لا يمكن للعراق صناعتها محليا، خصوصا اللقاحات وكذلك أدوية مرضى السرطان”.

ويعرّج الخبير على “مشكلة كبيرة تواجه عملية إنتاج الأدوية في العراق من قبل شركات القطاع الخاص، على الرغم من أن هناك محاولات لهذه العملية تجري منذ فترة، لكن ما يعرقل ذلك هو وجود جهات تعارض هذا الأمر حتى تبقى عملية الاستيراد من الخارج، وهناك شركات رفضت ذلك بعد تعرضها للابتزاز من موظفين وجهات حكومية مختلفة، وهذا الأمر هو المعرقل الرئيسي لهكذا خطوة”.

وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني اجتمع، أمس السبت، برابطة منتجي الأدوية لمناقشة سبل تطوير الصناعة الدوائية، وأكد أن سوق الأدوية في العراق ينفق نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً للاستيراد، وأغلبها لا تخضع للفحص، فيما لا ينتج العراق سوى 10% منها.

 كما أشار السوداني إلى قدرة القطاع الخاص، بمشاركة الشركات العالمية، على إنتاج أكثر من 250 نوعاً إضافياً من الدواء بالتعاون مع الشركات العالمية خلال مدة تتراوح من ستة أشهر إلى سنة، وستقدم الحكومة التسهيلات لاستيراد المواد الأولية، مع تحديد سقف زمني لتطوير المصانع ورفع قدراتها الإنتاجية وفق المواصفات المعتمدة.

وكانت “العالم الجديد” نشرت تقريرا تحدث عن خسائر متتالية عانتها شركة سامراء العراقية الواقعة في محافظة صلاح الدين، وهي أقدم شركة أدوية في الشرق الأوسط، إذ عزا خبراء بالاقتصاد وأطباء ذلك إلى الفساد وسيطرة شركتين جديدتين على السوق، والتوجه للاستيراد من أجل “العمولات”، فيما ردّت وزارة الصحة بأن نوع العلاج الذي تنتجه الشركة، لا يغطي كافة الاحتياجات.

وكان وزير الصحة صالح الحسناوي، أعلن يوم أمس، أن اجتماع السوداني مع رابطة منتجي الأدوية بحث سبل توطينها ومعالجة الشحة الحالية وتحقيق الأمن الدوائي، وأن الوزارة ملتزمة بتطبيق ما ورد في الاجتماع.

يذكر أن شركة أدوية سامراء أعلنت أن خسائرها خلال الأشهر العشرة الأخيرة من عام 2022 بلغت 31.3 مليار دينار، ما دفعها إلى إيقاف جميع أبواب الصرف والاقتصار على الطلبات الخاصة بديمومة العملية الإنتاجية.

من جهته، يؤكد الخبير في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التوجه نحو صناعة الأدوية محليا أمر اقتصادي مهم، خصوصاً أن استيراد الأدوية يكلف خزينة الدولة ملايين الدولارات، كما أن استيراد بعض الأدوية من الخارج من قبل القطاع الخاص، يدفع لبيعها بشكل مرتفع في السوق المحلية، ولهذا فأن صناعة الأدوية محليا لها فائدة اقتصادية كبيرة”.

ويرى الكناني أن “تفعيل القطاع الخاص في قضية صناعة الأدوية، يحتاج إلى تعاقدات مع شركات عالمية مختصة بهذا المجال وبناء معامل ومختبرات، وهذا الأمر يحتاج إلى تسهيلات حكومية كبيرة وكثيرة، ودون ذلك الكثير من الشركات ترفض العمل، خصوصاً مع وجود عمليات ابتزاز تتعرض لها من قبل بعض الجهات”.

ويضيف أن “هناك عشوائية كبيرة في عملية استيراد الأدوية من خارج العراق، سواء من قبل وزارة الصحة أو القطاع الخاص، ولهذا يجب تنظيم هذه العملية بشكل دقيق، خصوصاً أن هذا الملف يمس حياة المواطنين وسلامتهم”، لافتا إلى أن “هناك أدوية تباع في السوق دون أي فحص مسبق من قبل الجهات المختصة، وهذا الأمر يشكل خطورة على سلامة وحياة المرضى، ولهذا فإن التوجه لصناعة بعض الأدوية محليا سوف يبعد هذا الإشكال، كون المختبرات والمعامل ستكون تحت رقابة مباشرة من الجهات ذات الاختصاص”.

ويعاني القطاع الصحي من أزمات كثيرة، وأبرزها نقص العلاج، إذ يعتمد العراق على الاستيراد بشكل شبه تام، وتعد شركة كيمياديا، هي الجهة الأبرز لاستيراد وتوفير العلاج في العراق، وهي تابعة لوزارة الصحة، ومسؤولة عن توفير كافة الأدوية للمستشفيات أو المذاخر الأهلية، ودائما ما يثار لغط حول هذا الملف، وتطرح شبهات فساد كبيرة فيه.

يذكر أن الجهات المعنية، دائما ما تعلن عبر بيانات رسمية عن إحباط عمليات تهريب الأدوية من خارج الحدود، وخلال العام الماضي فقط، أعلن عن ضبط 100 طن من الأدوية المهربة.

وكان المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، أقر في تصريح صحفي بكانون الأول ديسمبر 2020، بوجود عمليات تهريب للأدوية داخل البلاد وأنه ملف خطير يواجه الدولة ويعرضها للدخول في قضايا حساسة تتعلق بحماية أرواح الناس وانتهاك حقوق الإنسان، مشيرا إلى عدم تحمل الوزارة مسؤولية ضبط المنافذ الحدودية.

إقرأ أيضا