بعد زلزال تركيا.. هل تصدير النفط العراقي بمأمن؟

أثار توقف تصدير النفط عبر خط ميناء جيهان التركي، بسبب الزلزال المدمر، الحديث عن منافذ…

أثار التوقف المفاجئ لتصدير النفط عبر خط ميناء جيهان التركي، على خلفية الزلزال المدمر، الحديث مجددا حول منافذ تصدير النفط في حال تعرضت لخطر الكوارث الطبيعية أو الحروب، وفيما أكد متخصصون أن هذا الخط لا يمثل نسبة تذكر من مجموع تصدير النفط العراقي، واعتماده على منافذ البصرة في الخليج العربي، بينوا أن هذه المنطقة محمية دوليا ولن تتعرض لأي حرب، كونها تمد العالم بـ25 بالمئة من النفط، لكنهم اختلفوا حول جدوى إنشاء خط العقبة في ظل المتغيرات الدولية الجارية. 

ويقول الخبير النفطي كوفند شيرواني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أنبوب نقل النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي توقف لاحترازات أمنية، بغية تقليل أي أضرار قد تطول الأنبوب، إذ تمر هذه الأنابيب بمناطق قريبة جداً من خطوط الزلازل التي حدثت مؤخراً، لكن وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان أعلنت أن يوم غد سيتم استئناف العمل به”.

ويبين شيرواني أن “شركة نفط الشمال تنقل النفط إلى إيران باستخدام الشاحنات، لاستبداله بمشتقات للنفط، لكن طريقة النقل هذه يصعب تنفيذها مع موانئ تركيا، إذ ترتفع التكلفة، وتتضرر البيئة، تبعاً للمسافات الكبيرة التي يتطلبها سير الشاحنات، وبالتالي فالأرباح تتناقص بشكل ملحوظ”.

وكانت وزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان، أكدت يوم الاثنين الماضي، أن حكومة الإقليم أوقفت عمليات تدفق النفط عبر خط الأنابيب التي تجري من حقول كركوك إلى ميناء جيهان، ووفقا لمصادر مطلعة فأن الإقليم يضخ يوميا 400 ألف برميل نفط فيما تضخ الحكومة الاتحادية 75 ألف برميل عبر هذا الخط.

وجاء التوقف، بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب عشر ولايات تركية، وعد الأقوى خلال المائة سنة الماضية، وتسبب لغاية الآن بمقتل قرابة 6 آلاف شخص وإصابة نحو 40 ألفا.

ومن المفترض أن يعاود تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي خلال الساعات المقبلة، بعد رسو السفن فيه استعدادا لتحميل النفط، وذلك بعد سماح أنقرة بفتح الميناء ودخول السفن له.

وكانت شركة بوتاش التركية لتشغيل خطوط الأنابيب، أكدت أنه لم تلحق أضرار بخطوط الأنابيب الرئيسية التي تحمل النفط الخام من العراق وأذربيجان إلى تركيا.

يشار إلى أن رئيس الحكمة محمد شياع السوداني، بحث خلال الفترة الماضية، إمكانية توسيع منافذ تصدير النفط العراقي، وزيادة إمكانية التصدير ورفعها لمستويات أعلى من الحالية.

يشار إلى أن خط أنبوب النفط الواصل من البصرة إلى العقبة، ما زال مثار جدل منذ ثمانينيات القرن الماضي، وقد تجدد الحديث بشأنه والاتفاق على تنفيذه في مخرجات القمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن التي عقدتها الحكومة السابقة، وقد حاول الأردن تفعيل هذا الأمر مؤخرا أيضا، عبر زيارات عديدة لمسؤولين أردنيين للعراق في ظل الحكومة الجديدة.

من جانبه، يؤكد الخبير النفطي حمزة الجواهري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يمتلك أهم منفذ في العالم لتصدير النفط، وهو منفذ الخليج العربي، ويعد أكثر مواقع التصدير أمنا في العالم، كونه يسهم بتصدير 25 بالمئة من النفط العالمي، ولو تضرر أو توقفت الملاحة فيه، فإن العالم كله يتضرر، وبلدان عديدة تعلن إفلاسها ويرتفع سعر برميل النفط إلى 500 دولار، تبعا لذلك فمياه الخليج العربي محمية من جميع دول العالم”.

ويضيف الجواهري، أن “الأهمية الإستراتيجية لمياه الخليج العربي تنفي الحاجة لأنبوب آخر لنقل النفط، سواء من ميناء جيهان التركي أو من العقبة، الذي يفقد الجدوى الاقتصادية تماماً، فضلاً عن أنه لا يستوفي شرط الجانب الأمني، لأنه يمر بوادي حوران، المنطقة التي تمتلئ بمجرمي داعش، ويمر بغرب وجنوب الأردن، وهي مناطق تمثل حواضن إرهابية لا يمكن السيطرة عليها”.

ويبين أن “أنبوب نقل النفط عبر ميناء جيهان تم بناؤه في ثمانينيات القرن المنصرم، إبان الحرب الإيرانية العراقية، وتعذر تصدير النفط العراقي للخارج، عدى ذلك ليس هنالك أي سبب منطقي يبعد العراق عن تصدير النفط عبر الخليج العربي، لكن ما يتم تصديره الآن هو نفط إقليم كردستان، الذي ترفض حكومته الرجوع لبغداد في عمليات التصدير”.

يشار إلى أن خبراء بالنفط من العراق وأمريكا، حذروا سابقا من أن الأنابيب الناقلة للنفط العراقي التي تصدر حاليا نحو 3.3 ملايين برميل يوميا عن طريق جزيرة الفاو وباقي الموانئ تستطيع أن تستوعب شحن وتصدير 1.6 مليون برميل يوميا من دون أي مخاطر للتسرب، وما زاد على ذلك فإنه خطر كبير قد تنجم عنه كارثة بيئية.

يذكر أنه في أيلول سبتمبر الماضي، كشفت وكالة رويترز، أن صادرات الخام من ميناء البصرة توقفت بسبب تسرب، وأن الأمر قد يستغرق أكثر من أسبوع، لكن شركة نفط البصرة، سرعان ما أعلنت أن الفرق الفنية والهندسية قد عالجت تسربا للنفط الخام في منظومة خزانات الفوائض في ميناء البصرة النفطي، وأن عمليات التحميل والتصدير من العوامات الأحادية لم تتوقف، ويتم التحميل منها بالمعدلات الطبيعية المخطط لها.

إلى ذلك، يبين الخبير النفطي عصري موسى، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تصدير النفط عبر ميناء جيهان يتم لصالح إقليم كردستان بمعزل عن الحكومة العراقية، لكن كميات قليلة من النفط يصدرها العراق مع نفط الإقليم عبر ميناء جيهان التركي، ترجع عائداتها إلى الخزينة الاتحادية”.

ويضيف عصري أن “النفط العراقي ينقل بشكل شبه كلي عبر مياه الخليج العربي وموانئ البصرة، لكن نفط الإقليم لا يمكن نقله عبر موانئ الخليج العربي، ما لم تعقد اتفاقات جديدة، تؤدي لربط أنبوبي مع الشمال”.

ويبين أن “المنفذ الجنوبي يمتلك مشروعاً لتصدير النفط عبر العقبة، كان مبنياً على وفق جدوى اقتصادية مهمة للعراق في عام 1983، لكن في الوقت الراهن انتفت الجدوى الاقتصادية له، بفعل التغيرات الكبيرة في أسواق النفط وأسعاره، كما حدثت تغيرات جيوسياسية كبيرة في العالم، لكن فائدته الوحيدة في الوقت الراهن تكمن في تشغيله عند تعذر نقل النفط من الخليج العربي، نتيجة للحرب أو الكوارث الطبيعية”.

ويردف عصري أن “أوروبا لم تعد تستورد النفط العراقي كما في السابق، فقد وجدت سوقاً قريبة منها، سواء من بريطانيا التي بدأت تنقب في بحر الشمال، أو روسيا، أو شمال إفريقيا، لكن بعد الحرب الروسية الأوكرانية بدأت أوروبا تفتش عن النفط العراقي، وبدأت البواخر تتحرك باتجاه أوروبا، مما يتيح الفرصة أكثر لإتمام أنبوب البصرة العقبة”.

وكان معاون مدير عام شركة تسويق النفط “سومو” وممثل العراق في منظمة أوبك محمد سعدون محسن، أكد أواخر العام الماضي، وجود خطة تتضمن تبديل الأنابيب البحرية التي سترفع التصدير بمعدل 900 ألف برميل يومياً، إضافة إلى خطة أخرى حول القرض الياباني وخور الزبير والتي ستزيد بمعدل 900 ألف برميل يومياً أيضا، وهذه من المفترض أن تضاف لما يصدره العراق يوميا والبالغ 3.6 ملايين برميل، ليكون المجموع 5.5 ملايين برميل يوميا.

إقرأ أيضا