هل ينهي “جي بي مورغان” حقبة تزوير فواتير الاستيراد المقدمة للبنك المركزي؟ 

عد اتفاق العراق مع مصرف جي بي مورغان، ليكون وسيطا بنقل أموال التجار العراقيين إلى…

عد متخصصون اتفاق العراق مع مصرف جي بي مورغان، كوسيط بنقل أموال التجار العراقيين إلى الصين، بدلا من المصارف السابقة المتواجدة في الإمارات والأردن، خطوة هامة للحد من الفواتير المزورة التي كانت شائعة لسنوات في العراق، ومن خلالها يتم سحب ملايين الدولارات من البنك المركزي، مشيرين إلى أن هذا الاتفاق لا علاقة له ببيع الدولار للمواطنين. 

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مصرف جي بي مورغان يعد واحدا من المصارف المهمة في العالم، إذ يمتلك تاريخا طويلا يمتد لأكثر من 140 عاما، كما يملك فروعاً بأكثر من 120 دولة، يمكن للعراق الاستعانة به كمراسل لأغلب هذه البلدان”.

ويضيف المشهداني أن “العراق كان يستعين سابقا بالبنك المصري الإفريقي أو مجموعة مصارف أخرى، حيث كان غسيل الأموال جارياً، وبعلم هذه المصارف الوسيطة، بينما لن يسمح مصرف جي بي مورغان بذلك إطلاقاً، لأنه يصدر تقارير منتظمة عن 120 دولة، في عمل شبيه بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تبعاً لذلك فإن من مهامه الرئيسة الحفاظ على سمعته، وليس لديه استعداد للتفريط بها في غسل أموال داخل العراق”.

ويبين أنه “إذا ما أصبح جي بي مورغان بنكاً مراسلاً للمصارف العراقية فإنه سيسهم بإنجاح خطة الحكومة بالحد من الفساد، لأن عمليات الفساد المستمرة داخل العراق تتم عبر فواتير مزورة، ومبالغ حوالات غير حقيقية، وضبط هذه العملية سوف يقوض تحركات الفاسدين ويجبرهم على الرضوخ للنظام الالكتروني القادم، سيما وأن هذا المصرف يعمل كوسيط لأفراد أو شركات، وبالتالي يمكنه شغل وظيفة أغلب المصارف المراسلة مع العراق”.

ويشير المشهداني إلى إن “عمليات بيع الدولار داخل العراق هو شأن عائد للبنك المركزي العراقي، ولا شأن لمصرف جي بي مورغان بذلك، ولكن التوقيع مع هذا المصرف خطوة في الاتجاه الصحيح، كونه سيضبط عمليات التبادل التجاري، بعد أن يشتري التاجر حاجته الحقيقية من الدولار داخل البنك المركزي، ثم يرسلها عبر المصرف الوسيط جي بي مورغان، كما أن حصول هذا المصرف على وساطات مصرفية لعدد كبير من البنوك داخل العراق سوف يصحح كثيراً من مسار التعاملات التجارية بين العراق والعالم”.

وكان البنك المركزي العراقي، أصدر يوم أمس بيانا، أعلن فيه عن لقاء جمع المحافظ علي العلاق مع نائب رئيس مجلس الإدارة في مؤسسة جي بي مورغان دانيال زيليكو على هامش زيارته لواشنطن، وبحسب البيان فقد جرى الاتفاق على قيام مصرف جي بي مورغان بتسهيل المدفوعات من النظام المصرفي العراقي إلى جمهورية الصين الشعبية لتمويل استيرادات القطاع الخاص بشكل مباشر.

ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام “سويفت” المالي الدولي.

وطالت الإجراءات الأمريكية أغلب المصارف العراقية، التي خضعت لضوابط صارمة للحد من تهريب العملة خارج البلد، لاسيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المصارف، وذلك بعد فرض عقوبات على 4 مصارف مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، ومنها مصرف الشرق الأوسط. 

يذكر أن مزاد العملة في البنك المركزي، كان يعد من أبرز منافذ تهريب العملة، نظرا لتقديم فواتير استيراد مزورة وبمبالغ عالية، فيما تصل البضائع دون ما قدم في الفاتورة بنسبة كبيرة جدا، وذلك بتأكيد من نواب وجهات رسمية أخرى، فضلا عن مقاطعة بيانات وزارة التخطيط بشأن البضائع المستوردة في القطاع الخاص مع مبيعات البنك المركزي، وأتضح أن الفرق كبير جدا، ما يعني أن الدولار الفائض يذهب للتهريب.

وباتت قضية تهريب الدولار من العراق، من أبرز الملفات التي خيمت على العلاقة بين واشنطن وبغداد، وأخذت حيزا كبيرا من المفاوضات، وهي أساس وصول الوفد العراقي برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين إلى واشنطن.

من جانبه، يؤكد المتخصص في الشأن الاقتصادي قصي صفوان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يمتلك تعاملات اقتصادية سابقة مع مصرف جي بي مورغان، فالأخير كان يدير حساب العراق في مرحلة الحصار الاقتصادي، وجي بي مورغان مصرف يمكن للعراق الاعتماد عليه لتسهيل عمليات التبادل التجاري، إذ يمتلك المصرف شبكة متكاملة من المصارف المراسلة حول العالم”.

ويضيف صفوان، أن “العراق قبل اتفاق البنك المركزي مع هذا المصرف كان يتعامل مع مصارف مراسلة في دول وسيطة، ولكن مع دخول نظام السويفت بات لزاماً على العراق تتبع حركة الأموال، والتأكد من أن خروج الأموال تقابله مجموعة من السلع والخدمات بالقيمة نفسها، وأن الدولار الذي يخرج من العراق لا يذهب إلى الدول المعاقبة أو المشبوهة”.

ويبين المتخصص أن “الحوالات كانت سابقا تذهب إلى الأردن أو إلى الإمارات ثم تذهب إلى الصين، حيث كان نظام تتبع حركة الأموال بسيطاً، ويسمح بتزوير الفواتير، وتضخيم المبالغ المستوردة، أما في الوقت الراهن مع دخول مصرف سويفت كمصرف مراسل يمكن للحوالات التجارية أن ترسل بشكل مباشر إلى الصين من العراق، مع مراقبة شديدة لمصدر الأموال ورأس مال المجهز”.

جدير بالذكر، أن مدينة إسطنبول التركية، شهدت الأسبوع الماضي، اختتام اجتماعات البنك المركزي العراقي مع الخزانة الأمريكية، وحسب بيان البنك المركزي فأن وزارة الخزانة الامريكية أكدت دعمها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في العراق، وأبدت استعدادها للمرونة اللازمة لتحقيق الأهداف المشتركة.

كما جرت مكالمة هاتفية بين رئيس الحكومة محمد شياع السوداني والرئيس الأمريكي جو بايدن، ووفقا للبيت الأبيض، فأنها تضمنت مناقشة جدول الأعمال الاقتصادي لرئيس الوزراء وخططه لضمان تلبية الاقتصاد العراقي لاحتياجات العراقيين، واستعداد الولايات المتحدة لتأييد سياسته بالكامل.

وكان مجلس الوزراء، صادق الأسبوع الماضي، على قرار مجلس إدارة البنك المركزي بتعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار، ليكون السعر:  1300 دينار للدولار سعر الشراء من وزارة المالية، 1310 دنانير للدولار سعر البيع للمصارف و1320 ديناراً للدولار سعر البيع من قبل المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية للمستفيد النهائي.

وكانت “العالم الجديد”، من أوائل الصحف التي كشفت أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل برا إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ”الحوالات السود”.

إقرأ أيضا