الدولار في السوق.. بين احتكار التجار والعجز السابق

عزا متخصصون بالاقتصاد، استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق المحلية وعدم بيع مكاتب الصرافة،…

عزا متخصصون بالاقتصاد، استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق المحلية وعدم بيع مكاتب الصرافة، إلى عزوف التجار عن الدخول للمنصة الإلكترونية للبنك المركزي واعتمادهم على هذه المكاتب التي تسحب الدولار فقط من المواطن، فضلا عن العجز الذي حدث خلال الأشهر الماضية بوفرة الدولار، فيما بينوا أن الأزمة بحاجة لأشهر أخرى يضخ فيها البنك المركزي كميات كبيرة من الدولار، أكدت وزارة الداخلية أنها مستمرة بعمليات اعتقال من يبيع الدولار بغير سعره الرسمي.

ويقول الباحث الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “سبب امتناع شركات الصيرفة عن بيع الدولار والاكتفاء بشرائه من المواطنين، إلى وجود عقوبات ضد من لا يبيعه بالسعر الرسمي، وهم لا يعرضون هذه العملة بسعرها الرسمي، إنما يقومون ببيعها في السوق السوداء بسعر غير رسمي لبعض التجار، ولهذا فأن المواطنين لا يحصلون عليها من هذه الصيرفات”.

ويرى التميمي، أن “سبب بقاء سعر صرف الدولار مرتفعا في السوق المحلية، رغم تخفيض سعر الصرف الرسمي من قبل البنك المركزي، بسبب عدم حل المشكلة الأساسية للحوالات الخارجية، ورغم التحسن مبالغ تلك الحوالات خلال مزاد بيع العملة لبعض الأيام، فالعراق يحتاج لحوالات بنحو (200) مليون دولار يوميا”.

ويضيف أن “التاجر مازال يتمنع عن شراء الدولار من المصادر الرسمية ويعتمد على السوق السوداء، وهذا بسبب بعض الإجراءات الروتينية والمطالب التي يفرضها البنك المركزي، ولهذا هو يعتمد على شراء الدولار من السوق السوداء بالاتفاق مع بعض شركات الصيرفة، التي تعمل على اخذ الدولار من البنك المركزي والمواطن”.

وشهدت مبيعات البنك المركزي من الدولار خلال الأسبوع الحالي، تحسنا ملحوظا، بدأ بارتفاع كبير ومفاجئ، حيث بلغت 305 ملايين دولار، بسعر صرف بلغ 1305 دنانير لكل دولار يوم الأحد الماضي، ومن ثم أخذت تتراوح بين 100– 200 مليون دولار، بعد أن كانت مبيعاته قبل الأزمة تقدر بنحو 300 مليون دولار بشكل يومي.

وما زال سعر صرف الدولار أمام الدينار في السوق المحلية مرتفعا، ويتراوح بين 150 – 154 ألف دينار لكل مائة دولار، وهذا إلى جانب امتناع أغلب مكاتب الصرافة عن بيع الدولار للمواطنين، ويعتمدون فقط الشراء وبالسعر الرسمي.

يذكر أن مجلس الوزراء، صادق مطلع الشهر الحالي، على قرار البنك المركزي، القاضي بتعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار، ليكون السعر:  1300 دينار للدولار سعر الشراء من وزارة المالية، 1310 دنانير للدولار سعر البيع للمصارف و1320 ديناراً للدولار سعر البيع من قبل المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية للمستفيد النهائي.

وكان سابقا السعر الرسمي للدولار 145 ألف دينار لكل مائة دولار، ويباع في السوق بنحو 148 – 149 ألف دينار لكل مائة دولار، وهي ذات النسبة عندما كان سعره الرسمي 118 ألف دينار ويباع بنحو 120 – 121 ألف دينار لكل مائة دولار.

من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “شركات الصيرفة تشتري من المواطنين بسعر غير رسمي، بل بفارق كبير عن الرسمي، وهذه الشركات تعمل على جمع الدولار من المواطنين إضافة إلى حصصها من البنك المركزي، وهي ترفض بيع الدولار، وبعد جمع هذا الدولار تبيعه بشكل غير علني لبعض التجار، وهذا يحقق لهم ربحا كبيرا”.

ويبين المشهداني أن “هناك عجزا كبيرا في بيع الدولار في السوق المحلية وتراكم لأكثر من أربعة أشهر، وسد هذا العجز يحتاج الى وقت طويل يقارب الثلاثة أشهر مع شرط ارتفاع مبيعات البنك المركزي بشكل يومي خلال هذه المدة، حتى نستطيع السيطرة على السوق، ويكون سعر الصرف في السوق هو نفسه السعر الرسمي”.

ويردف أن “قضية عدم دخول غالبية التجار للمنصة الإلكترونية والاعتماد على السوق السوداء لشراء الدولار، هو ابرز أسباب بقاء أسعار صرف الدولار مرتفعة في السوق المحلية، خصوصاً أن هؤلاء التجار يرفضون تلك المنصة بسبب الإجراءات الروتينية المطولة، ولهذا هم يبحثون عن إجراءات سريعة في التعاملات إذ مازالوا يعتمدون على شركات الصيرفة في حوالاتهم، ولهذا يجب تقديم تسهيلات اكبر للتجار حتى يدخلون ضمن المنصة الإلكترونية، وهذا ما يدفع إلى استقرار سعر الصرف بالسعر الرسمي، وبخلاف ذلك فأن من الصعب جداً حل هذه القضية تحتاج إلى أشهر بصراحة”.

وتعرضت السوق العراقية، إلى شلل تام بسبب ارتفاع سعر الدولار، وبكافة المجالات الغذائية والإنشائية بسبب الارتفاع الذي طرأ على الأسعار بشكل كبير ووصل إلى 25 بالمئة.

وكانت “العالم الجديد” كشفت أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، سيبدأ بالانخفاض بشكل تدريجي بعد نحو أسبوعين من قرار تخفيض سعر الدولار، وذلك بعد بيع البضاعة من قبل التجار، التي أشتروها بسعر الدولار المرتفع.

جدير بالذكر، أن البنك المركزي أعلن في 11 من الشهر الحالي، عن اتفاقه مع المصرف الأمريكي الشهير، جي بي مورغان، على أن يكون وسيطا، لإيصال مبالغ التجار العراقيين إلى الصين وتغطية استيراداتهم، بعد أن كان البنك يتعامل مع مصارف في الإمارات والأردن، وبحسب تقرير “العالم الجديد” فأن الاتفاق الجديد سيحد من الفواتير المزورة التي كانت منفذا لتهريب العملة لخارج البلد.

بالمقابل، يفيد المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “الجهات الأمنية تعمل على مراقبة ومتابعة عمل شركات الصيرفة، التي تعمل على بيع وشراء الدولار بغير السعر الرسمي، وهناك إجراءات شديدة تجاه كل من يخالف تلك التعليمات”.

ويؤكد المحنا أن “هناك أرقام شكاوى مخصصة من قبل الجهات الأمنية وكذلك البنك المركزي”، داعيا “المواطنين إلى التبليغ عن أي شركة تخالف التعليمات الرسمية بشان التعامل في الدولار، والحملات الأمنية ضد المتلاعبين مستمرة ومتواصلة وهناك اعتقالات لهؤلاء بشكل شبه يومي في بغداد وباقي المحافظات العراقية”.

ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام “سويفت” المالي الدولي.

يذكر أن مزاد العملة في البنك المركزي، كان يعد من أبرز منافذ تهريب العملة، نظرا لتقديم فواتير استيراد مزورة وبمبالغ عالية، فيما تصل البضائع دون ما قدم في الفاتورة بنسبة كبيرة جدا، وذلك بتأكيد من نواب وجهات رسمية أخرى، فضلا عن مقاطعة بيانات وزارة التخطيط بشأن البضائع المستوردة في القطاع الخاص مع مبيعات البنك المركزي، وأتضح أن الفرق كبير جدا، ما يعني أن الدولار الفائض يذهب للتهريب.

إقرأ أيضا