انتصار للقضية الإيزيدية.. محاكمة داعشية هولندية تفتح الباب لمطالبات بالتدويل

شكلت محاكمة امرأة هولندية منتمية لداعش، إضافة جديدة للقضية الإيزيدية، إذ وصفها ناشطون بأنها “انتصار”…

شكلت محاكمة امرأة هولندية منتمية لداعش، إضافة جديدة للقضية الإيزيدية، إذ وصفها ناشطون بأنها “انتصار” للقضية الإيزيدية، فضلا عن أن هذه المحاكمة تعني تدويل القضية، لاسيما وأنها تلاحق المتهمات باستعباد المختطفات، فيما اقترحوا أن تشكل محكمة دولية خاصة بهذه القضية، نظرا لأن الأحكام الحالية تتوافق مع نظام كل دولة أوروبية، وهي “بسيطة” قياسا بالتهم، حسب رؤيتهم.

ويقول الأمين العام لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق، نهاد القاضي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “محاسبة مجرمي داعش، من دون شك، أمر في غاية الأهمية وخطوة بالاتجاه الصحيح لإحقاق الحق ومنح كل ذي حق حقه، وخاصة إذا ما كانت المحاكمات في دول أوروبية أقرت برلماناتها الإبادة الجماعية للإيزيديين”.

ويأمل القاضي، أن “تكون هناك خطوات أخرى لمحاسبة مجرمي داعش كافة، خاصة وأن محاكمتهم لم تكن فقط في هولندا، فحسب معلوماتي هناك دول أخرى قد أجرت قبل هولندا محاكمات لهم بتهمة الانتماء إلى تنظيمات إرهابية وبتهمة استعباد النساء الإيزيديات واسترقاقهن وبيعهن بمبالغ بسيطة، وهذا النوع من الجرائم قديم جدا ومرفوض من دول العالم كافة”، لافتا إلى أن “قرار محاكمتهم بتصوري أقر في الاتحاد، وهذا يعني أن الدول الأوروبية مهتمة بمحاسبة المجرمين من رعاياها أو حملة جنسياتها”.

ويرى، أن “محاكمة مجرمي داعش، سواء كانت في العراق أو خارجه، تعتبر موضوعا مهما، فهي تعطي دورا للقضاء في محاسبة المجرمين من داعش، وتشكل رادعا لأية جرائم أخرى قد تمر دون محاسبة قانونية، وبذلك يعم العدل”، لافتا إلى أن “هذه الخطوة هي عملية تطمين وانتصار للضحايا وعائلاتهم ومنحهم الأمل بأن ما ارتكب بحقهم كان جريمة لا تغتفر، لذلك فإن العالم يحاول بالمحاكم والقضاء والعدالة أن يحاسب المجرمين”.

ويتابع القاضي أن “هذا يعني تدويل قضية الإيزيديين إضافة إلى أن تقديم هؤلاء لعدالة القضاء هو طريق قانوني لمنع فكر الحقد والكراهية والانتقام الشخصي أو العائلي إنما العمل وفق القضاء والعدالة سيوجد الأمن والأمان في المنطقة”.

ويكشف أن “هناك 100 امرأة شاركت في الإبادة الجماعية للإيزيديين مع داعش ولكن حسب ما ورد من قبل السلطات القضائية الهولندية عادت بعض منهن وتم اعتقال أخريات”، لافتا إلى أن “مجموع ما وصل إلى هولندا هو 12 امرأة فقط من حملة الجنسية الهولندية وسيقوم القضاء الهولندي بمحاكمتهن وفق الأدلة والثوابت التي تحدد نوع جرائمهن”.

لكن الأمين العام لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق، يؤكد أن “المحاكم الدولية الأوروبية تصدر أحكامها وعقوبتها وفق قوانينها، ونرى أن هذه العقوبات بسيطة قياسا بالتهم الكبيرة التي اقترفها مجرمو داعش ضد الايزيديين والمسيحيين والكاكائيين والتركمان وغيرهم، لذلك نجد من الأفضل أن تشكل محكمة دولية خاصة بمجرمي ومجرمات داعش على أن يكون مقرها في إحدى الدول الأوروبية أو في إقليم كردستان كي تكون لها عقوباتها التي تتماشى مع حجم الجريمة المرتكبة بحق المكونات، وقد كان الإقليم قد أقر هذه المحكمة ولكن للأسف لم نر حتى الآن أي وجود لها”.

ويشدد القاضي على ضرورة “وجود محكمة دولية خاصة بمجرمي داعش كي تتمكن من إقرار بعض القرارات التي تخدم الضحايا وعائلاتهم وتقر بتعويضهم  ماديا ومعنويا وتساهم في تأمين الأمن لهم، وفي الوقت نفسه تصدر أحكاما لمعالجة المتضررين نفسيا وتعويض من أصيب بآثار وأمراض نفسية وجسدية”.

وكان الادعاء العام في هولندا أصدر قبل نحو 10 أيام، حكماً على امرأة هولندية لم يعلن عن مدته بعد، كانت قد انضمت إلى تنظيم داعش في سوريا عام 2015 بتهمة استعبادها واسترقاقها لامرأة فضلاً عن عضويتها في التنظيم ومشاركتها في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وتسعى أوروبا بكل وسعها أن تحاسب عناصر تنظيم داعش وفق قوانين الدول التي يحكمون فيها، وربما لا تكون العقوبات قاسية بحق المجرمين فهي عادة ما تكون بالسجن بين ثلاث إلى خمس سنوات وقد تكون أكثر وفق نوع الجرائم المرتكبة.

وكانت “العالم الجديد”، سلطت الضوء على محاكمة متهمين اثنين بجريمة سبايكر في فنلندا عام 2018، وواكبت سير المحاكمة ورفع جلساتها، ونشرت تفاصيل الأدلة المقدمة من بينها فيديو يظهر شخصا يرتدي قبعة حمراء (يقال انه احد الشقيقين)، وهو يطلق النار على الضحايا، وقد نشر الفيديو في اطار اصدار دعائي لتنظيم داعش يوثق نشاطاته العسكرية، وقد عثرت الشرطة الفنلندية على بعض التفاصيل التي شوهدت في الفيديو مع المتهمين اثناء القبض عليهما، مثل القبعة الحمراء والخاتم.

من جانبها، تأمل مديرة المؤسسة الإيزيدية الحرة، پري إبراهيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تؤدي تهمة الاسترقاق التي اقترفتها إحدى عناصر تنظيم داعش الماثلة أمام النيابة الهولندية إلى الحكم بالإدانة”.

وتضيف إبراهيم، أن “أعضاء داعش الأوروبيين -ذكورا وإناثا- مسؤولون عن أفعالهم وجرائمهم ضد الإيزيديين، ونأمل أن تنجح هذه القضية في تحقيق العدالة لشعبنا”، لافتة إلى أن “هذه القضية أيضا ستساعد في إظهار أن عضوات داعش الهولنديات لسن بريئات من ارتكاب أي مخالفات كما يزعمن أمام الشعب الهولندي”.

يذكر أن عضو البرلمان الهولندي والمدافع عن العدالة والمساءلة في أعقاب الإبادة الجماعية الإيزيدية بيتر أومتزيغت علق على القرار بأنه “جيد، ولكن بعد فوات الأوان، لا يمكن النظر إلى الدولة التي تخضع لسيادة القانون على هذا النحو إلا إذا كانت تعاقب على أبشع الجرائم، مثل الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية”.

ولم تكن هولندا أول دولة تحاكم مواطنيها الذين انضموا إلى تنظيم داعش، وارتكبوا الجرائم ضد المكون الايزيدي عام 2014، بل أن ألمانيا المجاورة لهولندا اتخذت أولى خطوات تحقيق العدالة للضحايا الإيزيديين من خلال محاكمة عدد من عناصر التنظيم لارتكابهم الجرائم ومشاركتهم في الإبادة الجماعية، وهناك جهات إيزيدية رسمية تعمل مع الحكومة الفرنسية على ملف لمحاكمة المواطنين الفرنسيين الذين شاركوا في الإبادة الجماعية.

وفي 3 آب أغسطس 2014، هاجم عدد كبير من مسلحي تنظيم داعش، انطلاقاً من قضاء تلعفر، مدينة سنجار غربي نينوى، ومجمعات الإيزيديين في القضاء، حيث هاجموا أولاً مجمع “سيباشيخدري” بعد هجوم أولي لتمشيط المنطقة، استخدمت فيه قنابر الهاون بكثافة منذ الساعات الأولى من صباح الثالث من آب أغسطس 2014، وكما حدث لدى سيطرة التنظيم على الموصل بعد انسحاب القوات العراقية وتسليمها المناطق التي كانت تسيطر عليها دون قتال، انسحبت قوات البيشمركة التي كانت تسيطر على قضاء سنجار بوصفها مناطق متنازع عليها، ولم يجد عناصر التنظيم أمامهم سوى المدنيين الإيزيديين الذين دافعوا بأسلحتهم الخفيفة مد عناصر داعش، حتى الصباح الباكر، وبالأخص رجال مجمع “سيباشيخدري” الذين قتل أغلبهم بعد ذلك على يد عناصر داعش، ولولا وقوفهم بوجه الهجوم وتأخير دخول عناصر التنظيم إلى بقية المناطق لوقع جميع الإيزيديين أسرى بأيديهم.

يشار إلى أن فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة، أعلن في 2021، وفي إحاطة له حول اجتياح داعش للعراق، إنه وجد “أدلة واضحة ومقنعة على أن الجرائم بحق الإيزيديين تمثل بوضوح إبادة جماعية”، ونجح الفريق أيضا في تحديد 1444 من الجناة المحتمل تورطهم في جريمة الإبادة الجماعية بحق المجتمع الإيزيدي.

إقرأ أيضا