حتى بعد انتهاء “خليجي 25” وهي أكبر فعالية رياضية شهدتها البصرة عبر تاريخها، بإمكانك أن تشاهد الحياة وهي تدبّ في كورنيش المدينة، فقوافل السياح لم تزل تتجه جنوباً، خاصة مع اعتدال الأجواء فيها، حيث باتت مقصدا لمواطنين من مختلف محافظات البلاد، فضلا عن استمرار تدفق السواح الخليجيين، لتنافس بذلك عواصم السياحة العراقية في إقليم كردستان، وهو ما بات واضحا من خلال عشرات الإعلانات التي تبثها شركات سياحية من مختلف المحافظات خلال عطلة نصف السنة المدرسية الأخيرة.
الشركات السياحية التي عرفت بتسيير قوافل السياحة إلى أربيل والسليمانية ومدن عربية وأجنبية، هي ذاتها بدأت تروّج وبأسعار مغرية تشجع السياح للسفر برحلاتها إلى مدينة السياب وشط العرب وكورنيش العشار والسمك المسكوف وقيمر العرب، إذ يقول محمد قابل، مدير إحدى شركات السياحة في بغداد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الاتصالات انهالت علينا ما أن قررنا تنظيم رحلات سياحية إلى البصرة، فالإقبال على رحلة البصرة أصبح يضاهي الإقبال على مدن الشمال”.
ويتوقع قابل، أن “يكون هناك خط ثابت للرحلات إلى البصرة، خصوصا في أيام الشتاء والربيع، ولتحقيق ذلك، رتبنا كافة الأمور اللوجستية في البصرة من فنادق وأماكن ترفيهية”.
يذكر أن البصرة، وللمرة الأولى تشهد امتلاء الفنادق الرسمية وفنادق الخمس نجوم والشعبية بشكل تام دون وجود أي شاغر خلال بطولة الخليج العربي بكرة القدم “خليجي 25″، والتي استضافتها الشهر الماضي، وهو أمر لم يحدث سابقا في المنطقة الجنوبية، باستثناء مواسم الزيارات المليونية التي تشهدها محافظة كربلاء، حين تحتضن الملايين من الزائرين الوافدين من داخل وخارج العراق.
إلى ذلك، يرى سالم قحطان، وهو مدير شركة سياحية أخرى، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “البصرة باتت تمتلك مقومات سياحية متعددة، نحن نراها كممتهنين في مجال السياحة ونتوقع أنها ستشكل نقطة جذب للزبائن لو مضى مسؤولو البصرة بالخطوات ذاتها التي يعملون بها الآن فستكون المدينة من دون شك قبلة سياحية كما كانت سابقا”.
ويؤكد قحطان، أن “العلامة الفارقة التي شكلت طفرة في واقع البصرة وربما في تاريخها الحديث هي بطولة “خليجي 25” التي جعلت الجميع ينتبه للمحافظة”، لافتا إلى أن “هناك أكثر من موقع يصلح أن يكون نقطة جذب سياحية، فهناك بحر وأنهر وريف وأهوار وصحراء وميناء ومحطة قطار، فضلا عن الإرث الحضاري والأماكن التراثية كالشناشيل ومسجد الخطوة”.
وعلى الرغم من انتهاء فعاليات كأس الخليج، لا تزال البصرة تشهد حركة توافد مواطنين من دول الخليج، وذلك مع سريان قرار الحكومة الذي يسمح بالدخول دون تأشيرة، إذ يستقبل منفذ سفوان الحدودي مع الكويت، والواقع في غرب جنوبي المحافظة، يومياً مواطنين من الخليج، قادمين بمركباتهم.
من جانبه، يؤكد حاتم عواد، مدير فندق في البصرة، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “هناك ضيوفا من الخليج أتوا بعد انتهاء البطولة، وهو ما لم نكن نتوقعه، وكذلك اتصلت علينا مكاتب سفر وسياحة من العاصمة بغداد للتنسيق من اجل تنظيم رحلات إلى البصرة”.
يضيف أن “عدة شركات حجزت في فندقنا ونعمل على توفير كل سبل الراحة لهم، سنعمل بكل طاقتنا ولن ندخر جهدا في سبيل أن تكون البصرة وجهة سياحية بالإضافة إلى مكانتها الاقتصادية”.
وتعتبر البصرة عاصمة العراق الاقتصادية، وثاني أكبر مدنه من حيث عدد المساحة والثالثة بعدد السكان، كما تعدّ بوابة العراق البحرية، والمصدر الرئيس للنفط الخام الذي يعتمد العراق على بيعه.
إلى ذلك، يذكر مدير مكتب هيئة السياحة في البصرة حسين التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “البصرة أصبحت واجهة سياحية خاصة بعد نجاح بطولة خليجي 25 وتداعياته من الجانب السياحي والوفود القادمة من دول الخليج والمحافظات العراقية”.
ويضيف التميمي، أن “كل ذلك عكس صورة إيجابية عن البصرة وما تحتويه من أماكن سياحية وترحاب لكل القادمين، وهذا بحد ذاته يمثل نقطة إيجابية مهمة جدا، فجميع الرحلات السياحية القادمة سوف تلاقي الراحة والإيجابية والقبول لمحافظتنا العزيزة.. ونقول حياكم الله في بصرتكم”.
ويتابع أن “الفرق التابعة لهيئة السياحة تتابع بشكل ميداني الواقع السياحي في المحافظة وتدون ملاحظاتها من أجل تعزيز النقاط الإيجابية ودعمها وتكرار نجاحها، ومعالجة أية سلبية يتم تشخيصها والاستفادة منها في الخطوات المقبلة”، مشيرا إلى أن “فنادق المحافظة باتت تمتلك الوعي الكامل بتفاصيل الجانب السياحي من ناحية الدليل السياحي والتواصل مع إدارات الأماكن الترفيهية والتجارية والتراثية من أجل نقل صورة واقعية وممتازة عن جمال البصرة”.
يذكر أن “العالم الجديد”، تناولت في تقارير سابقة، انتعاش الوضع الاقتصادي في المحافظة، من ناحية تشغيل العمال في الفنادق، فضلا عن انتعاش حركة الاسواق الشعبية والمطاعم، ما خلق فرص عمل جديدة.
كما شهدت المحافظة تطويرا لبعض المناطق فيها، ومن أبرزها الكورنيش، الذي ظهر بحلة جديدة، بالتزامن مع بطولة الخليج، وشهد حفلات موسيقية وسهرات، في ذروة البطولة.
بدوره، يفيد علاء العلي مسؤول إعلام بلدية البصرة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “البصرة بعد بطولة خليجي 25 تغير وضعها، فقد لاحظنا حجم توافد الضيوف عليها، وهو ما يشكل مسؤولية أمام مديريتنا والمواطنين كذلك في أن تظهر المدينة بشكل يليق باسمها وتاريخها”.
ويضيف العلي، أن “أعمال الإدامة والصيانة والتشجير والتزيين ستكون حاضرة وبشكل يومي، فالغالبية بدأت تعي أهمية التعاون مع الدوائر الخدمية لكون عمل الأخيرة يعتبر مشتركا، وبلدية البصرة ماضية بعملها مع سير الأعمال التي أظهرت البصرة في شكل جديد”، لافتا إلى أن “كوادر التنظيف تعمل وفق نظام الشفتين الصباحي والمسائي، فالعمل في مدينة البصرة يحتاج إلى جهد مضاعف نتيجة الكثافة السكانية”.
ويؤكد المسؤول المحلي، حرص بلدية البصرة، على أن “تكون المدينة مثالا يحتذى من ناحية النظافة والجمال، فالحفاظ يعتمد على جهود البلدية ووعي المواطن، ونحن مستمرون في أعمال رفع التجاوزات من شوارع وأرصفة المناطق كافة”.
يشار إلى أن الفنان العراقي الشهير، إلهام مدفعي، أعلن مؤخرا عن نيته إقامة حفل غنائي في البصرة، عبر منشور له، في سابقة هي الأولى من نوعها في محافظة جنوبية لا تشهد في العادة حفلات جماهيرية لمطربين.
من جانبه، يقول حكيم المياحي، مدير قسم المواطنين في الحكومة المحلية، لـ”العالم الجديد”، إن “المحافظ (أسعد العيداني) بين في أكثر من مناسبة بأنها بعد خليجي 25 ستختلف عما كانت قبله، إذ ستكون قبلة سياحية لأبناء البلد والخليج”.
ويضيف المياحي، أن “هناك جهودا وأفكارا وخططا لتنمية المشاريع في المحافظة وإيجاد مشاريع جديدة للمعالم السياحية، وأن الكورنيش من الضفة الأخرى في قضاء شط العرب سيشرع العمل به، فضلا عن الحديقة الكبيرة في ما يعرف بمتنزه لبنان، بالإضافة إلى جزيرة السندباد التي ستنظم لاستقبال السياح”، مؤكدا أن “خطة عام 2023 ستشهد توسعا وتطورا كبيرا في مدن وشوارع المحافظة، وأن هناك طرقا استراتيجية جديدة ستعمل على تخفيف الزخم المروري”.
جدير بالذكر، أن ناشطين نفذوا قبيل انطلاق بطولة “خليجي 25” حملات طوعية للمساعدة في تهيئة المحافظة، إلى جانب عمليات التطوير التي نفذتها الحكومة المحلية.
