بتصويته ضد روسيا.. هل انضم العراق رسميا للمحور الأمريكي؟

شكل تصويت العراق على قرار الأمم المتحدة القاضي بانسحاب روسيا من أوكرانيا، نقطة فارقة في…

شكل تصويت العراق على قرار الأمم المتحدة القاضي بانسحاب روسيا من أوكرانيا، نقطة فارقة في توجهه السياسي، ففيما وصف محللون سياسيون بأن بغداد أصبحت جزءا من “المحور الأمريكي- الأوروبي”، لاسيما وأن حلفاء روسيا امتنعوا أو صوتوا ضد القرار، أشاروا من جهة أخرى إلى أن هذه الخطوة “براغماتية”، أساسها البحث عن مصلحة البلاد، كون الوقوف لجانب روسيا يعني “الخسارة”، مؤكدين أن موسكو وطهران تتفهمان وضع العراق.

ويقول المحلل السياسي خالد عبد الإله، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق اليوم يختلف عمّا هو قبل عام 2003، إذ أن سياسته الخارجية قائمة على أساس رفض استخدام القوة العسكرية واحتلال البلدان وهو ما يفسر قراره ضد روسيا التي اتخذت خيار العنف والحرب لحل مشكلاتها بعيدا عن أسلوب الحوار”.

ويلفت عبد الإله، إلى أن “الحالة العراقية أشارت للكثير من القرارات التي انعكست سلبا على الداخل العراقي بسبب السياسات غير المتوازنة قبل عام 2003، وبالتأكيد فالعراق لا يريد أن يؤسس إلى ما كان يحدث سابقا بقدر إظهار أن النظام السياسي بعد عام 2003 هو نظام قائم على أساس أن يكون الحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية هو الحل، وهذا ما أكد عليه الدستور العراقي الدائم لعام 2005 وفق المادة الثامنة منه”.

ويشير إلى أن “الموقف العراقي مقنع للروس، صحيح أن وزير الخارجية الروسي زار بغداد، ولكن نظيره العراقي أشار أيضا إلى رغبته بالحلول السلمية في ما يخض روسيا وأوكرانيا”، مشيرا إلى أن “التصويت في الجمعية العمومية للأمم المتحدة ليس له صفة الإلزام بشكل واضح، وهذا ما يعرفه الجميع ويدركه الروس أيضا”.

ويؤكد عبد الإله “عدم رغبة العراق بأن يكون طرفا في معادلة تفهم على أنها ضد محور، فهو يريد أن يوازن في علاقاته، وهذا ما ينطلق منه البرنامج الحكومي للسوداني، لأن الابتعاد عن سياسة المحاور والتحالفات، هو تجنيب العراق خطر الصراعات”.

وكانت الأمم المتحدة، عقدت يوم أمس الأحد، جلسة في الذكرى الأولى للاجتياح الروسي لأوكرانيا، وفيها تبنت قرارا بانسحاب فوري للقوات الروسية من أوكرانيا، وحصل القرار على تأييد 141 صوتاً مقابل اعتراض سبعة أصوات، فيما امتنعت 32 دولة عن التصويت من بينها الصين والهند.

ويعيد القرار المعتمد تأكيد “الالتزام” بـ”وحدة أراضي أوكرانيا” ويطالب روسيا “بالسحب الفوري والكامل وغير المشروط لجميع قواتها العسكرية من الأراضي الأوكرانية داخل الحدود المعترف بها دولياً للبلاد”، في إشارة إلى الأراضي التي أعلنت روسيا ضمها.

كما يدعو إلى “وقف الأعمال العدائية” و”يشدد على ضرورة تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في أوكرانيا بأسرع ما يمكن وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.

من جهته، يقول المحلل السياسي، علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مثل هكذا قرارات تدخل فيها إرادات النفوذ الأجنبي أكبر من إرادة العراق، وهذا القرار تحديدا يؤشر أن النفوذ الأمريكي هو من دفع بهذا الاتجاه، وهو في المقابل يمثل ضعف الموقف الإيراني داخل المشهد في العراق الذي بدأ يجنح باتجاه الغرب من اجل تحقيق مصالحه وذلك بالتماهي مع المزاج العالمي”.

وعن تبعات التصويت ضد محور روسيا وإيران، يضيف البيدر، أن “اتجاه العراق نحو الغرب في قراره لو كان في السابق كانت ستكون نتائجه كارثية، لكن الآن الوضع مختلف والعراق لجأ اليوم للتصويت ضد الجانب الروسي كونه يعرف أن ردة الفعل لن تكون بمستوى كبير من الضرر”.

ويرى أن “انعكاسات القرار على المشهد العراقي ستكون له بعض النتائج السلبية كتحريك بعض الجماعات أو الدفع باتجاه الضغط من جانب إيران كحليف للروس أو حتى باستهداف المصالح الأمريكية كون الموضوع يصبح أشبه بالحرب بالإنابة”، لافتا إلى أن “تصويت العراق اعتراف واضح وصريح بأنه في جانب المحور الغربي”.

يشار إلى أن وزير الخارجية الصيني زار موسكو قبل أيام، وتعهد بتعميق الشراكة معها، كما طرحت بكين يوم أمس وثيقة من 12 نقطة تدعو إلى محادثات سلام و”حل سياسي”. وترفض بكين في الوثيقة أي لجوء إلى أسلحة نووية بعد أن لوحت موسكو بهذا التهديد، وشككت الدول الغربية في جدوى هذه المقترحات بشكل عام.

يذكر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، زار أوكرانيا مؤخرا وتجوّل في عاصمتها كييف.

ومطلع الشهر الحالي، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بغداد، وعقد لقاءات مع الرئاسات، وخلالها جرى التأكيد من بغداد وموسكو على أهمية العلاقة بين البلدين وتطويرها خاصة في مجال الاستثمار، لكن بغداد أكدت على ضرورة الحل السلمي لأزمة أوكرانيا.

ويرتبط العراق بعلاقة متينة مع إيران والصين وروسيا، وكان يعد جزءا من هذا المحور، الذي يعارض السياسة الأمريكية، لكن مؤخرا وبعد تشكيل الحكومة الجديدة، تطورت العلاقة بين بغداد وواشنطن، وحظيت هذه الحكومة بدعم أمريكي كبير.

بينما يعلل المحلل السياسي المقرب من الحشد الشعبي جاسم الموسوي، في حديث لـ”العالم الجديد”، ذهاب العراق في هذا الاتجاه إلى أن “التصويت بروتوكولي ولا يعني بالضرورة أن العراق مع المحور الأمريكي، ولكن أيضا من مصلحة العراق أن لا يقف ضد القرار على اعتبار أن الوقوف ضده يعني أن العراق مع الحرب الروسية على أوكرانيا، كما يعني أن العراق يعادي دولا كثيرة وكبيرة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي “.

ويضيف الموسوي أن “العراق لو اتخذ موقف التحفظ على التصويت سيقرأ على انه جزء من المحور الروسي – الإيراني والعراق لا يريد أن يسجل عليه موقف في ظل تعافيه”.

ويؤكد أن “البعض قد يقرأ أن الموقف ضد روسيا يعني انه موقف ضد إيران وهو بجانب الولايات المتحدة الأمريكية كذلك، ولكن السؤال المهم لو أن العراق لم يصوت، فبالتأكيد سوف تتم معاداته لا سيما أنه بحاجة ماسة لان يتعافى”.

ويستدرك الموسوي أن “الجانب الإيراني والصيني الذين يتحالفون مع روسيا سيتفهمون وضع وحالة العراق فالأخير لا يشكل بتصويته نقطة تحول إنما يشكل نوعا من البراغماتية لا أكثر من ذلك، فحتى إن لم يصوت فان القرار ماض”.

وكانت “العالم الجديد”، سلطت الضوء عبر سلسلة تقارير على التحول بموقف القوى العراقية المقربة من إيران، وتوجهها نحو أمريكا.

يشار إلى أنه في 1 كانون الثاني يناير 2021، وأثناء مراجعة ميزانية الأمم المتحدة لذلك العام، اقترحت الحكومة الأمريكية أن تقوم الأمم المتحدة بتنشيط لجنة العقوبات على إيران، لكن لم تتم الموافقة على الاقتراح بأغلبية 110 أصوات، لكن المندوب العراقي امتنع عن التصويت على اقتراح الحكومة الأمريكية، فيما لم يحضر ممثل الحكومة الأفغانية الاجتماع.

إقرأ أيضا