خطوة جديدة.. المادة 140 في طريقها لتصبح واقعا

خطوة جديدة أقدم عليها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، نحو تطبيق المادة 140 الخاصة بالمناطق…

خطوة جديدة أقدمت عليها الحكومة، نحو تطبيق المادة 140 من الدستور المتعلقة بتطبيع الأوضاع الخاصة بالمناطق “المتنازع عليها”، وتتمثل بإجراء تعديل على قانون مؤسسة الشهداء، ليشمل مقاتلي البيشمركة خارج إقليم كردستان، وفيما عد محلل سياسي كردي القرار بـ”الطبيعي” وأنه لا يخلق مشاكل سياسية، رأى خبير ستراتيجي أن المشكلة الواجب حلها هي رواتب قوات البيشمركة ومناطق تواجدهم والأوامر التي تتلقاها هذه القوات من غير القائد العام للقوات المسلحة، بعد أن أشار إلى أن المضي بتطبيق هذه المادة لن يمر دون مشاكل.

ويقول الباحث في الشأن السياسي الكردي كاظم ياور، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قوات البيشمركة جزء من منظومة الدفاع العراقي الرسمية، وهي تتواجد في الكثير من المناطق خارج حدود الإقليم كالعاصمة العراقية بغداد وديالى ونينوى وكركوك، وهذه القوات تقوم بواجب دفاعي وامني وتقدم خسائر بشرية جراء الدفاع عن العراق والعراقيين، ولهذا فأن شمولها بقانون الشهداء أمر طبيعي كحال باقي صنوف الأجهزة الأمنية”.

ويبين ياور أن “هذه الخطوة من قبل مجلس الوزراء، تؤكد أن الحكومة العراقية تسير وفق ما متفق عليه ببنود ورقة الاتفاق السياسي، بخصوص حقوق قوات البيشمركة، وهذا ملف قانوني إنساني، ويجب أن يكون بعيدا عن أي خلافات سياسية وحزبية، وهذا الأمر ربما يكون بداية حل تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي”.

ولا يعتقد أن “هذا القرار سوف يخلق مشاكل سياسية، خصوصاً وأنه مقر من قبل مجلس الوزراء، الذي يضم ممثلين عن كافة القوى السياسية العراقية، ولذا فالقرار سيمضي خلال المرحلة المقبلة، وهو قرار إنساني لإنصاف شهداء قوات البيشمركة كباقي حال القوات الأمنية العراقية، وتواجد هذه القوات خارج الإقليم هو بقرار اتحادي، وهو تحت تصرف القائد العام للقوات المسلحة”.

وكان مجلس الوزراء، عقد جلسته الاعتيادية يوم أمس برئاسة محمد شياع السوداني، ووافق على قيام الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بإعداد مشروع قانون تعديل قانون مؤسسة الشهداء (2 لسنة 2016)، بما يفيد (عدم شمول الشهداء بإجراءات المساءلة والعدالة)، وشمول عوائل الشهداء من البيشمركة والأجهزة الأمنية في المناطق التي تقع خارج إقليم كردستان في قانون المؤسسة المذكورة آنفًا، وإحالته إلى مجلس النواب. 

وتسرب في كانون الثاني يناير الماضي، أمر من وزارة الداخلية لمديرية الجنسية والأحوال المدنية، يقضي بوقف عملية نقل القيود (سجل النفوس) للمناطق المتنازع عليها المشمولة بالمادة 140 من الدستور، كما نص الأمر على إعادة سجلات المواطنين الذين نقلت لهذه المناطق، إلى مناطقهم الأصلية.

ووفقا لتقرير نشرته “العالم الجديد” آنذاك، فأن توجيه وزارة الداخلية هو بداية لتطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها، وهناك خطوات سيتم إتباعها في المرحلة المقبلة، من أجل حسم قضية تلك المناطق وإدارتها، إما أن تكون تحت إدارة حكومة الإقليم أو الحكومة الاتحادية لفض النزاع عليها.

يشار إلى أن المحور التنفيذي بالمنهاج الوزاري لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وفي الفقرة 15 منه، ورد التأكيد على تطبيق المادة 140 وتفعيل اللجنة الخاصة بها، خلال شهر واحد من تشكيل الحكومة، كما تضمنت الفقرات التي سبقتها، التأكيد على إعادة انتشار قوات البيشمركة وعودة الأحزاب الكردية إلى محافظات كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين، وإخلاء مقراتها التي شغلت من جهات أخرى، كما ورد في المنهاج.

وتعد المادة 140 من أبرز المواد الخلافية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، حيث تطالب الأخيرة دائما بتطبيق هذه المادة الخاصة بالمناطق المتنازع عليها، بين المركز والإقليم.

وتتركز هذه المادة، حول محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى، وهي المحافظات التي تعرضت للتغيير الديموغرافي ولسياسة التعريب على يد النظام السابق، حيث نصت المادة على آلية تضم ثلاث مراحل: أولاها التطبيع، ويعني علاج التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية في كركوك والمناطق المتنازع عليها في النظام السابق وبعده، والثانية الإحصاء السكاني في تلك المناطق، وآخرها الاستفتاء لتحديد ما يريده سكانها.

من جهته، يؤكد الخبير في الشأن الأمني والسياسي سرمد البياتي، خلال حديث لـ “العالم الجديد”، أن “شمول عوائل الشهداء من البيشمركة في المناطق التي تقع خارج إقليم كردستان بقانون مؤسسة الشهداء، يأتي ضمن الاتفاق السياسي حول تفعيل المادة (140) من الدستور العراقي، وهذه المادة دائما ما كانت سببا للكثير من الخلافات ما بين حكومة المركز والإقليم وما بين القوى السياسية”.

ويبين البياتي أن “هناك إشكاليات قديمة ومتجددة بخصوص المادة (140) من الدستور العراقي، لكن منح شمول عوائل الشهداء من البيشمركة بقانون مؤسسة الشهداء أمر طبيعي وحق لهم كحال باقي العراقيين، كما هناك إشكال يجب حله بمثل هكذا قرارات المتعلقة برواتب قوات البيشمركة ومناطق تواجدهم والأوامر التي تتلاقها هذه القوات من غير القائد العام للقوات المسلحة العراقية”.

ويضيف أن “العمل على تفعيل المادة (140) من الدستور بهكذا القرارات، سيخلق مشاكل سياسية جديدة خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً تطبيق هذه المادة عليها اعتراضات سياسية وشعبية في المناطق المتنازع عليها، ولهذا هذا القرار ربما يعرقل لاسباب سياسية هدفها منع تفعيل المادة (140) من الدستور العراقي”.

جدير بالذكر، أن قوات البيشمركة المنتشرة خارج إقليم كردستان، لا تأتمر بامر القائد العام للقوات المسلحة، وما تزال اوامرها تصدر من وزارة البيشمركة أو قادة إقليم كردستان، فضلا عن الاحزاب الكردية الرئيسية، إذ يملك كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، قوات بيشمركة خاصة به.

وشكلت لجان لتطبيق أحكام المادة 140، في ظل حكومة إبراهيم الجعفري، حيث أسندت رئاسة اللجنة إلى حميد مجيد موسى، وفي حكومة نوري المالكي شكلت لجنة أخرى برئاسة وزير العدل السابق هاشم الشبلي، لكنه استقال من منصبه، ثم حل محله رائد فهمي، وأسندت رئاسة اللجنة التي أعيد تشكيلها في آب أغسطس 2011 إلى رئيس تحالف الفتح ووزير النقل الأسبق هادي العامري.

وتعد كركوك من أبرز مناطق الصراع بين بغداد وأربيل، وخضعت لسيطرة الأحزاب الكردية في عام 2014 بعد أن اجتاح تنظيم داعش محافظات عدة.

يذكر أن الرئيس السابق لإقليم كردستان العراق، أجرى استفتاء فاشلا للانفصال في العام 2017، شاملا بذلك مناطق الإقليم ومحافظة كركوك التي تم تنفيذ عملية عسكرية لاستعادتها من سيطرة أحزاب الإقليم بأمر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي، وخلالها تم إبعاد الأحزاب الكردية وغلق مقارها، لكنها عادت تدريجيا في الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي.

إقرأ أيضا