دخل حيز التنفيذ.. استعداد للطعن بمنع المشروبات الكحولية والداخلية تكشف مصير محال بيعها    

دخل قانون منع استيراد وبيع المشروبات الكحولية حيز التنفيذ، عبر إصدار هيئة الجمارك توجيها بهذا…

دخل قانون منع استيراد وبيع المشروبات الكحولية حيز التنفيذ، عبر إصدار هيئة الجمارك توجيها بهذا الصدد، وفيما كشف مسؤول في وزارة الداخلية عن عدم تلقيهم تعليمات بتنفيذ القرار داخل المدن وغلق محال “المشروبات” وحظره في النوادي الليلة حتى الآن، شن خبير قانوني وسياسي مسيحي هجوما حادا ضد هذا التشريع، وأكدا أن هناك توجها للطعن فيه لدى المحكمة الاتحادية لكونه يخالف مبدأ الحريات الذي كفله الدستور، ويضر بالوضع الاقتصادي العام للبلد.  

ويقول مسؤول في وزارة الداخلية، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “حتى الساعة لم ترد أي معلومات لغرض تنفيذها بشأن إغلاق محال بيع المشروبات الكحولية بعد صدور قانون واردات البلديات رقم 1 لسنة 2023، فحتى الآن لا قرار بغلق محال بيع المشروبات الكحولية”.

ويبين المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “الجهات المختصة في وزارة الداخلية تدرس كيفية التعامل مع فقرات القانون، في ما يخص بيع وتجارة المشروبات الكحولية، وربما خلال الأيام القليلة القادمة، سوف تصدر تعليمات بهذا الخصوص، تتعلق بعمل تلك المحال وحتى النوادي الليلة سواء في العاصمة بغداد وباقي المحافظات”.

وكانت الهيئة العامة للجمارك، وجهت يوم أمس، جميع المناطق والمراكز الجمركية بمنع دخول المشروبات الكحولية بأنواعها كافة، استنادا إلى قانون واردات البلدية رقم (1) لسنة 2023 والمنشور بجريدة الوقائع العراقية بالعدد (4708) لسنة 2023.

وأثار نشر قانون واردات البلديات المقر في مجلس النواب منذ العام 2016، في جريدة الوقائع العراقية يوم 20 من شباط فبراير الحالي، الجدل بسبب بعض فقراته التي تتضمن “حظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها، ويعاقب المخالف بغرامة لا تقل عن 10 ملايين دينار ولا تزيد عن 25 مليون دينار، كما تضمن: لا يعمل بأي نص يتعارض مع أحكام هذا القانون”.

وكان مجلس الوزراء، أضاف الشهر الحالي، ضريبة قدرها 200 بالمئة على المشروبات الكحولية، وهي في الأساس كانت ضريبتها 200 بالمئة، أقرت منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.

يشار إلى أن القوانين العراقية السابقة، كانت تنص على منع المسلم من استيراد أو بيع المشروبات الكحولية، فيما سمحت لأبناء الديانات الأخرى الدخول بهذه التجارة، وما تزال أغلب محال بيع المشروبات الكحولية أو المخازن هي بأسماء أشخاص من الديانات الأخرى.

إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن القانوني والدستوري علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يحتوي مكونات وأديانا متنوعة، وهناك ضوابط لمن يستورد ويبيع الكحول بقوانين صادرة منذ العهد الملكي، ومثل هذا القانون ربما يؤدي إلى إحداث إشكاليات في المنظومة المجتمعية، ففي أغلب الدول المجاورة لا يوجد منع مطلق وإنما تقييد وضوابط وأماكن محددة للبيع”.

ويبين التميمي أن “منع المشروبات الكحولية قد يشجع على تعاطي وتجارة المخدرات كما يرى البعض لأنها البديل المتوفر، وهذا انعكاس سلبي لتشريع مثل هذا القانون، الذي يبدو لم تدرس نتائجه قبل التشريع، وكان الأولى أن تكون هناك تدريجية في التطبيق بإعطاء مدة زمنية حتى تنظم الجهات المنفذة حالها وما عليها من آثار بسبب هذا القانون المباغت”.

ويضيف الخبير في الشأن القانوني والدستوري أن “هناك قوانين أهم كثيرا من هذا القانون، منها الاقتصادية والاجتماعية والأسرية هي الأولى بالتشريع”، واصفا هذا القانون بالـ”مستعجل وغير مناسب للوضع الحالي في العراق، كما توجد قوانين واتفاقيات دولية تمنع تقييد الحريات منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق العهد الدولي، خصوصا أن مثل هذه القوانين تحتاج أن تكون بطريقة تربوية وليست مباغتة وهجومية بهذا الشكل”.

ويتابع التميمي أن “هناك أماكن مثل النوادي والفنادق وغيرها من الأماكن الترفيهية، كيف ستعالج حالها بهذه السرعة ولماذا لم يأت القانون بالاستثناءات كما درجت القوانين السابقة ذات الصبغة المشابهة، من حيث التفاصيل ومراعاة الطوائف الأخرى في العراق”.

ويؤكد أن “هذا التشريع قابل للطعن أمام المحكمة الاتحادية وفق المواد 2 و17 و3، من الدستور العراقي، خصوصاً أنه أكد عدم جواز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، كما لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور”.

وبحسب إحصائية سابقة لمنظمة الصحة العالمية، حول مستوى استهلاك الكحول في العالم، حل العراق في المرتبة الـ12 عربيا بواقع 9.1 لتر لكل فرد سنويا، فيما حلت تونس والامارات في المرتبين الاولى عربيا.

وتنتشر في العاصمة بغداد، مئات محال بيع المشروبات الكحولية، فضلا عن النوادي الليلية، فيما يمنع بيع هذه المشروبات أو فتح النوادي في المحافظات الوسطى والجنوبية، لكن مؤخرا بدأت بعض المحافظات بفتح محل واحد أو أثنين فقط في مناطق بعيدة عن مركز المدينة.

من جهته، يرى رئيس كتلة الوركاء الديمقراطية المسيحية جوزيف صليوا، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا القانون تقف خلفه أجندات تهدف إلى إلحاق الضرر بالشعب العراقي، والتغطية على المشاكل الحقيقية الموجودة في البلاد من فساد ودمار وقتل، وإشغال الشعب بهذا القضايا، وهذا القرار يقيد الحريات الشخصية، وهذا يخالف الدستور العراقي”.

ويبين صليوا أن “هذا القرار سوف يسهم في زيادة المخدرات من حيث التجارة والتعاطي وهذا ربما يكون ابرز أسباب اتخاذ قرار بمنع دخول المشروبات الكحولية”، لافتا إلى أن هذه القرارات يراد منها “إيصال رسائل لكل العراقيين بأن يغادروا البلاد، كونه أصبح بلداً بلا أي حريات شخصية وفيه انتهاكات واضحة لحقوق المواطنين”.

ويضيف أن “هذا القرار الخطير لا يضر الأقليات فحسب، بل يضر كثيراً المسلمين أيضا، خصوصاً أن العمل ببيع وتجارة المشروبات الكحولية في الوسط والجنوب هي من قبل مسلمين وهذا سوف يضر برزق الكثير من العائلات العراقية، وهو بمثابة إعلان قتل صريح للحرية والديمقراطية في العراق”.

ويتابع رئيس كتلة الوركاء أن “هذا القرار سيخلف نتائج سلبية كبيرة على اقتصاد العراق وهو رسالة للمجتمع الدولي بان الحكومة في العراق هي دولة مغلقة، والمستثمر الأجنبي لا يتوجه للدول المنغلقة للاستثمار، ولهذا ستكون له تبعات خطيرة على الجانب الاقتصادي”.

ويخلص صليوا إلى أن “القانون بكل تأكيد سيتعرض إلى طعن كونه يخالف الدستور العراقي، الذي منح الحرية الشخصية، وأكد على عدم تشريع أي قانون يتعارض مع الحقوق والحريات للمواطنين كافة، والطعن أمام المحكمة الاتحادية، سيكون من قبل أكثر من شخص وجهة”.

وبموازاة هذا الأمر، فإن تجارة المخدرات باتت رائجة، وبلغت نسب التعاطي مستويات كبيرة تجاوزت الـ40 بالمئة، وخاصة في المحافظات الوسطى والجنوبية، وتحول تجار المخدرات إلى زعماء عصابات ودائما ما تدخل القوات الأمنية بمواجهات مسلحة معهم لغرض اعتقالهم، وهو ما تناولته “العالم الجديد” في تقريرها مؤخرا. 

يذكر أن العراق كان ينتج بعض أنواع المشروبات الكحولية، مثل “العرق”، وغالبا ما تكون معامله في مناطق سهل نينوى ذات الغالبية المسيحية.

وخلال السنوات الماضية، تعرضت محال بيع المشروبات الكحولية إلى هجمات شبه يومية من قبل مسلحين مجهولي، بغية إجبارهم على الإغلاق، لكن مؤخرا تحولت هذه المحال إلى ما يشبه “السوبر ماركت”، نتيجة لتخفيف الهجمات عنها، وبحسب ما يتم تداوله فأن جهات مسلحة بدأت بأخذ إتاوات منهم لحمايتهم، وهذه تدفع بشكل شهري.

إقرأ أيضا