بعد التدخل الدولي.. هل تنجح الداخلية بحصر السلاح بيد الدولة أم..؟

وصفت محاولات وزارة الداخلية للسيطرة على السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، وبحثها الأمر مع الأمم…

وصفت محاولات وزارة الداخلية للسيطرة على السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، وبحثها الأمر مع الأمم المتحدة، بأنها “بلا جدوى” من قبل متخصصين بالأمن، إذ رهنوا السيطرة على السلاح بالإرادة السياسية وضبط الحدود وتفعيل قانون حيازة السلاح، وسط انتشار بيعه بشكل عشوائي في بعض مناطق العاصمة.

ويقول الخبير الأمني أعياد الطوفان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما يمنع حصر السلاح بيد الدولة هو انعدام سلطة القانون داخل العراق، على الرغم من وجود قانون كان نافذا ويعمل به قبل العام 2003، اسمه قانون الحيازة والحمل، ينظم حيازة السلاح بيد المواطنين الذين تتجاوز أعمارهم 18 عاماً فقط، ويمنع خروجه من المنزل، ويسمح بحيازة الأسلحة الخفيفة حصراً، وعدم إمكانية إضافة كاتم صوت للسلاح المحاز”.

ويضيف الطوفان، أن “السلاح المنفلت والمنتشر في عموم العراق يأتي من مصادر محددة، المصدر الأول هو الجيش العراقي السابق، والمصدر الثاني هي الأسلحة التي تمت السيطرة عليها من الجماعات الإرهابية أو من المداهمات في المناطق الغربية من العراق، والتي لم تتسلمها السلطات، بل تم بيعها من قبل منتسبين في السوق السوداء”.

ويشير أيضاً إلى أن “العشائر تمتلك أسلحة متوسطة وثقيلة، وفي بعض مناطق جنوب العراق فإن أسلحتها تضاهي أسلحة السلطات الرسمية، وبذلك فالعشيرة تمثل خطراً كبيراً، ينبغي التعامل معه بجدية أكبر”.

ويكمل الطوفان: “إذا ما توافرت الإرادة الحكومية والسياسية للسيطرة على السلاح خارج سلطة القانون فإننا بحاجة لشهر واحد فقط لحصر السلاح، مع تطبيق تام لقانون الحيازة والحمل، الذي يمثل حلاً وحيداً في الوقت الراهن”.

وكان وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، ترأس يوم أمس، اجتماع اللجنة الوطنية الدائمة لتنظيم الأسلحة وحصرها بيد الدولة، بحضور مديرة البرنامج العالمي للأسلحة النارية في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات سيمونيتا غراسي، وفيه جرى الاتفاق على إجراءات نظامية وقانونية مشددة لتنفيذ حصر السلاح بيد الدولة وترخيص الأسلحة بشكل قانوني وردع استخدام غير المرخصة منها.

ويشهد البلد انتشارا كبيرا للسلاح المنفلت، سواء على مستوى الأفراد أو الفصائل المسلحة أو العشائر، ودائما ما يستخدم بالنزاعات الشخصية أو السياسية أو العشائرية.

وسبق لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وأن أورد في منهاجه الوزاري، فقرة تخص السيطرة على السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، وهي ذات الفقرة التي وردت في كافة البرامج الحكومية لرؤساء الحكومات السابقة، لكن لم تنفذ، لا سابقا ولا حاليا.

وتزدهر تجارة السلاح بشكل عام في بعض مناطق المحافظات، وفي بغداد فأن مركزها يكاد يكون أطراف مدينة الصدر شرقي العاصمة.

وعن السبل الناجعة لحصر السلاح بيد الدولة، بدوره، يبين الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك طرقا عديدة لحصر السلاح بيد الدولة، وهي إعادة النظر بكافة إجازات حيازة وحمل السلاح من قبل المواطنين، وإعادة النظر بكافة المكاتب والشركات التي تستورد السلاح الخاص”.

ويؤكد أبو رغيف على ضرورة “تكثيف الجهد الاستخباري لمراقبة الأسواق السوداء، وبالأخص أسواق شرق القناة في بغداد، التي تبيع السلاح بطريقة عشوائية، تؤدي لاستشرائه بشكل خطير، ويترافق كل ذلك مع منع دخول وخروج الأسلحة بأساليب غير شرعية”.

ويشدد على أن “السلطات العراقية يجب أن تولي العشيرة أهمية كبيرة إذا ما أرادت حصر السلاح بيد الدولة، إذ تقتني العشائر أسلحة بكميات كبيرة، لذا على السلطات تقنين ذلك، وإلزام كافة شيوخ العشائر والوجهاء بتوجيه أفراد عشائرهم بعدم استخدام الأسلحة على الإطلاق، وإبلاغهم أن استخدامها من قبل أحد أفراد العشيرة سوف يعرض الشيخ للمساءلة ويحمله المسؤولية”.

يذكر أن الفصائل المسلحة، غالبا ما تستعرض بسلاحها الخفيف والثقيل بشكل علني، وخاصة غير المنضوية في هيئة الحشد الشعبي، وقد نفذت هذه الفصائل العديد من الهجمات التي طالت المصالح الأجنبية في العراق، بواسطة صواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيرة والعبوات الناسفة.

وتشهد أغلب مناطق الجنوب وبعض مناطق بغداد نزاعات عشائرية مستمرة، وبعضها يدوم لأيام وسط عجز الأجهزة الأمنية عن إيقافها، وتستخدم في هذه النزاعات مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. 

من جانبه، يؤكد الخبير الأمني عماد علو، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تجارة السلاح لها سوق رائجة على مستوى العالم، لكنها تدخل إلى العراق من بوابتي إيران وسوريا، فإذا ما أرادت القوات العراقية حصر السلاح فعليها مسك الأشرطة الحدودية بشكل كامل”.

ويضيف علو أن “مداهمات خجولة هنا وهنالك تستمر مدة يومين غير كافية على الإطلاق للسيطرة على السلاح المنفلت، إذ يحتاج العراق لحملات عسكرية كبيرة، تترافق معها حملات دعائية وإعلامية، تجذب المواطنين للتعاون مع القوات المسلحة، لمصادرة كافة الأسلحة خارج إطار الدولة”.

ويشير إلى أن “ضرورة استحداث مكاتب متخصصة لبيع السلاح، لكن ينبغي أن تبيع هذه المكاتب السلاح الخفيف حصراً، والذي لا يمكن استعماله إلا في حالات الدفاع عن النفس، ولا يمكن حمله في الأماكن العامة، مع السيطرة التامة على أسواق بيع السلاح بصورة غير قانونية”.

يشار إلى أن مجلس القضاء الأعلى، وفي خطوة للحد من النزاعات العشائرية، أصدر في تشرين الثاني نوفمبر 2018 قرارا يقضي بتوجيه تهمة الإرهاب ضد الأشخاص المتورطين ما يعرف بـ”الدكة العشائرية” وهي إطلاق الرصاص الحي على طرف النزاع الآخر، إلا أن النزاعات العشائرية شهدت، رغم صدور القرار ارتفاعا لافتاً، خصوصاً في الأطراف الشرقية للعاصمة بغداد وفي محافظات ميسان وذي قار والبصرة.

يذكر أن القوات الأمنية دائما ما تنفذ حملات للبحث عن السلاح غير المجاز، في بعض الأقضية والنواحي في المحافظات، وتنتهي الحملات بضبط بعض الأسلحة الخفيفة فقط.

إقرأ أيضا