قانون استرداد “عائدات الفساد”.. هل ينفع والأموال خارج البلد؟

يحاول البرلمان تشريع قانون استرداد “عائدات الفساد” المتمثل بإعادة الأموال المسروقة دون الاكتفاء بإصدار أحكام…

يسعى البرلمان لتشريع قانون استرداد “عائدات الفساد”، المتمثل بإعادة الأموال المسروقة، دون الاكتفاء بسجن المسؤولين عنها، كما يرى نائب مشارك بإعداد القانون، لكن نوابا وخبراء بالقانون قللوا من أهمية هذا القانون، لوجود قوانين نافذة في ذات الصدد، وأكدوا أن استعادة أموال السرقات بحاجة لتحرك دولي لاستردادها، عبر اتفاقيات مع بعض البلدان، نظرا لأن أغلب الأموال تحولت إلى خارج البلاد، ولا ينفع معها قانون داخلي.

ويقول النائب عن دولة القانون محمد الزيادي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قانون استرداد عائدات الفساد يمثل إنصافاً للعراق من الناحية القانونية، فهو يؤكد على استرداد كل حقوق العراق المسلوبة في سياق تهريب وسرقة الأموال العامة”.

ويؤكد الزيادي، أن “القراءة الأولى تمت هذا اليوم، وهي عبارة عن إعلام وتعريف الناس بالقانون، وستتبع هذا مجموعة من الحوارات والنقاشات، فضلاً عن حذف واستحداث بعض الفقرات داخل القانون، ونعتقد أن جهات عديدة سوف تدخل على الخط، لإظهار القانون بصيغة نهائية مفيدة للسلطة التنفيذية، وتسهم في تحقيق العدالة”.

ويبين أن “هذا القانون يعالج قضية محددة، ألا وهي استرداد الأموال المسروقة، أو المغيبة في صفقات فساد، بمعنى أن القانون هذا سوف يلزم الجهات المتلاعبة بالمال العام بإعادة الأموال المسروقة، دون الاكتفاء بالمعاقبة والحبس، فعلى سبيل المثال هنالك إثراء على حساب المال العام، وهذا ينبغي أن توضع له تشريعات، تستفيد منها الجهات التنفيذية المختصة”.

وكان مجلس النواب، أنهى في جلسته يوم أمس، القراءة الأولى لمشروع قانون استرداد عائدات الفساد.

يذكر أن صندوق استرداد أموال العراق، دعا أواخر العام الماضي، المواطنين داخل وخارج البلد إلى التعاون لاسترداد الأموال، مؤكدا أن المتعاونين معه من المخالفين سيتم إعفاؤهم من المبالغ المترتبة بذمتهم وبنسبة 25 بالمئة ولغاية 5 ملايين دولار من المال المسترد كحد أعلى، كما منح مكافأة للمخبر بنسبة 10 بالمائة على أن لا تتجاوز 5 ملايين دولار من المال المسترد.

وكانت وزارة العدل، كشفت منتصف العام الماضي، عن اتخاذها خطوات متسارعة لاستعادة أموال البلاد المجمدة في الخارج والتي تعود إلى أشخاص على صلة بالنظام السابق، مؤكدة أن العراق رفع دعاوى قضائية بحق العديد من الشركات والأشخاص خارج البلاد، لاستيلائهم على الأموال المجمدة، وهم كيانات وأفراد، يرفضون تسليم الأموال على الرغم من أنها تعود للدولة العراقية.

من جانبه، يرى النائب عن دولة القانون عبد الهادي السعداوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “استرداد الأموال المسروقة لا يحتاج في الوقت الراهن إلى تشريعات جديدة، إذ توجد في العراق قوانين نافذة، تعمل بها دوائر حكومية عديدة في هذا السياق، منها هيئة النزاهة، ديوان الرقابة المالية، البنك المركزي، والمصارف الحكومية، وهذه كلها تتمتع بمنافذ إدارية مهمة يمكنها استرداد المال المسروق”.

ويضيف السعداوي، أن “هذا القانون لو شرع فإنه لن يغيّر الكثير، لأن الدوائر التي تتعامل مع ملفات الفساد موجودة وفاعلة، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في آلية التنفيذ، التي ينبغي لها أن تفعل عبر توطيد علاقة الحكومة العراقية بجهاز الأنتربول الدولي والمحاكم الدولية، فضلاً عن تحركات دبلوماسية، تؤسس لعقد شراكات واتفاقيات مع مختلف دول العالم، وهذا ناتج من التعقيد في هذا الملف، إذ تحولت الكثير من الأموال المهربة إلى استثمارات”.

ويبين أن “استرداد عائدات الفساد يعني إعادة الأموال العراقية التي دخلت في استثمارات، وأصبحت شرعية في بدان أجنبية عديدة، لكن هذا التفسير لا يعني أن العراق لم يمتلك تشريعات وقدرات على إعادة تلك الأموال، لكن على ما يبدو أن تشتت الدوائر وعدم انسجامها مع بعضها ربما يعطي هذا القانون أهمية في توحيد كافة الجهود، وعدم توزيعها باتجاهات مختلفة”.

يذكر أن رئيس الجمهورية السابق قدم العام الماضي، مشروع قانون “استرداد عوائد الفساد” إلى البرلمان، لاسترداد الأموال التي نهبت خلال سنوات ما بعد 2003، ويستهدف مشروع القانون كل من شغلوا مناصب مدير عام وما فوق في كل من الشركات الحكومية والعامة منذ إنشاء النظام الجديد عام 2004، وبموجب القانون، سيتم فحص المعاملات التي تزيد عن 500 ألف دولار بالإضافة إلى الحسابات المصرفية، ولاسيما تلك التي تحتوي على أكثر من مليون دولار، وسيتم إلغاء العقود أو الاستثمارات التي تم الحصول عليها عن طريق الفساد.

يشار إلى أنه جرى الإعلان أكثر من مرة عن استعادة أموال مجمدة من بعض الدول الأوروبية، وتراوحت بين 20 – 40 مليون دولار، وهي لا تمثل نسبة عالية من مجموع المبالغ التي تقدر بأكثر من ملياري دولار.

وإلى جانب هذه الأموال، فغالبا ما يكشف النواب عن وجود ملفات فساد بمبالغ طائلة في مختلف مفاصل الدولة، وبعضهم يدعمها بالوثائق، كما تصدر هيئة النزاهة الاتحادية وبشكل مستمر، بيانات عن اكتشافها ملفات فساد أو إصدار أحكام بحق مسؤولين سابقين، لكن أغلبهم في المحافظات أو إداريين في بعض الوزارات.

من جانب آخر، يصف الخبير القانوني جمال الأسدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، هذا القانون بأنه “يمثل ضحكاً على الذقون، وليست له أي قيمة قانونية، لأن الأموال المهربة خارج العراق تستوجب الحصول على قرارات قضائية، تصل إلى الدرجة القطعية، يتزامن ذلك مع تفعيل الاتفاقات الدولية، عدى ذلك فالقانون الحالي ليست له أي قيمة، ولا يمكنه استرداد المال المسروق”.

ويؤكد الأسدي، أن “لدى العراق تشريعات كافية لاسترداد أمواله، مثل قانون استرداد أموال العراق، فضلاً عن دوائر حكومية، نصت قوانينها على استرداد الأموال، مثل صندوق استرداد أموال العراق، الذي يرتبط بمؤسسات عدة، مثل الجمارك، وزارة المالية، هيئة النزاهة، وزارة التجارة، والمساءلة والعدالة لكن المسترد حتى هذه اللحظة هي أموال بسيطة لا تتناسب وحجم التشريعات”.

ويشدد على أن “القوانين الداخلية ليست لها أي قيمة خارج العراق، إذ لا تنفذ القوانين المشرعة في البرلمان العراقي إلا على العراق، وبالتالي فالقسم الأعظم يقع على عاتق الجهات الحكومية، عبر تثبيت الواقع القانوني للسرقة، مع تثبيت الواقع القانوني بخروج الأموال، ومن ثم التحرك دولياً، والمطالبة باسترداد الأموال”.

وبين أن “الأموال المسروقة كانت قد خرجت من العراق بطريقة أصولية، ثم توطنت في بلدان لم يعقد العراق مع أغلبها أي اتفاقات ثنائية بشأن استرداد الأموال المسروقة، فضلاً عن ذلك تحولت هذه الأموال لاستثمارات، لا تسمح أغلب البلدان بخسارتها، لأنها تعد ملكاً لأفراد أودعوا أموالاً بمصارفهم”.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ظهر سابقا في مؤتمر صحفي، تم الترويج له قبل عقده بساعات، وهو يتوسط 182 مليار دينار (نحو 120 مليون دولار)، معلنا عن استردادها من خارج البلاد، ضمن ما بات يعرف بـ”سرقة القرن”.

وإلى جانب هذه السرقة، جرى الحديث عن سرقة كبرى أيضا، جرت في لبنان، عبر تحويل أموال من البنوك اللبنانية إلى مصرف الرافدين العراقي الحكومي، لكن العملية تمت على الورق فقط، فيما طالب المسؤولون عن الأموال باستلامها من بغداد.

إقرأ أيضا