الصراع الدولي على العراق.. إلى أي محور تتجه بغداد؟

عُدّت زيارة وزير الدفاع الأمريكي ووزيرة الخارجية الألمانية إلى بغداد بوقت واحد، جزءاً من الصراع…

أرجع مراقبون تزامن زيارتي وزير الدفاع الأمريكي ووزيرة الخارجية الألمانية إلى بغداد، إلى صراع دولي حول العراق، بهدف محاولة جرّ الحكومة إلى محور معين من جهة، ومن جهة ثانية لتأكيد الوجود الأمريكي فيه وإيصال رسائل لروسيا، التي تقربت سابقا من بغداد، وبالمقابل فإن الإطار التنسيقي رأى أن ما يجري يقع ضمن سياق الدولة، وأنه مبني على أساس مصالح البلد.

ويقول المحلل السياسي خالد عبد الإله، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن إلى المنطقة مؤشر على أن الولايات المتحدة متمسكة بمنطقة الشرق الأوسط، من خلال تطبيق رؤية بايدن أو في ما يتعلق بالإستراتيجية الأميركية الجديدة”.

ويضيف عبد الإله: “في ما يتعلق بالمملكة الأردنية الهاشمية فهناك علاقات متينة وقوية مع أمريكا، وكلنا نتذكر مناورات الأسد المتأهبة التي كانت تجريها الولايات المتحدة الأميركية مع الكثير من البلدان في منطقة الشرق الأوسط داخل المملكة الهاشمية”، لافتا إلى أن “الحديث عن هذه الزيارة ليس جديدا، لكنها جاءت لتؤكد على إستراتيجية جديدة قد يكون فيها لوزارة الدفاع الأمريكية دور كبير خاصة عندما يتحدث أوستن عن جاهزية القوات الأمريكية للبقاء في المنطقة من ناحية، وأيضا هي رسالة إلى بعض البلدان لاسيما روسيا التي تخوض صراعا مع أوكرانيا وتتواجد في سوريا”.

ويتابع أن “زيارة أوستن للعراق تتعلق بمسارين؛ الأول هو اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين بغداد وواشنطن، والمسار الثاني هو الحديث عن دور الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة الناتو، والحديث يأتي عن رغبة العراق بأن تكون هنالك علاقة جديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال دعوة السوداني لإعادة النظر باتفاقية الإطار الاستراتيجي من ناحية وعدم الرغبة بوجود قوات أجنبية في العراق، أما إذا كانت هناك قوات فهي للتدريب والاستشارة فقط”.

ويتحدث عبد الإله عن أن “تزامن زيارة وزيرة الخارجية الألمانية مع وزير الدفاع الأمريكي يدخل في إطار القبول والمقبولية بين البلدين”، لافتا إلى أن “الوزيرة الألمانية جاءت من أجل تنفيذ ما يتعلق بتنفيذ المذكرات والاتفاقيات التي وقعها السوداني في برلين”.

ووصل يوم أمس، إلى بغداد، في زيارة غير معلنة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وبعد ساعات من وصوله، وصلت وزير الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك.

والتقى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وأكد السوداني حرص الحكومة على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن أن نهج الحكومة هو إتباع علاقات متوازنة مع المحيط الإقليمي والدولي. فيما أكد أوستن للسوداني، التزام بلاده بدعم استقرار العراق.

وكانت وكالة رويترز، نقلت عن مسؤول أمريكي قوله، إن الهدف من زيارة أوستن إلى بغداد هي الإبلاغ بأن واشنطن ليست مهتمة فقط بالجانب العسكري، لكنها ترغب بشكل كبير بإقامة شراكة إستراتيجية كاملة مع الحكومة العراقية، وأن قواتها باقية في العراق.

يشار إلى أن أوستن وصل بغداد من العاصمة الأردنية عمّان، حيث أجرى لها زيارة التقى خلالها العاهل الأردني عبدالله الثاني، وأكد فيها على سعي واشنطن لاستقرار المنطقة.

كما التقى أوستن، شخصيات سياسية عراقية عدة، ومن ثم توجه إلى أربيل وعقد اجتماعا مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، وبحث اللقاء العلاقة بين بغداد وأربيل، وضرورة استمرار الحوارات.

بدوره، يقرأ المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، تزامن زيارة وزير الدفاع الأمريكي مع وزيرة الخارجية الألمانية بـ”عدم وجود صدفة في عالم السياسة، فكل شيء مرتب  وزيارة الوفد الأمريكي والألماني وحتى زيارة وزير الخارجية الروسي إلى العراق جميعها محسوبة بدقة في التوقيتات، فهناك رغبة بجذب العراق إلى المحور الأوربي الأمريكي”.

ويعتقد الدعمي، أن “هذا التهافت على العراق إن لم يجد صدى لدى الحكومة العراقية فانه سيتراجع وبالتالي ستكون نقطة سلبية على العراق، أي أن هذه الزيارات والرغبة الأمريكية الأوربية تحتاج إلى أن تقابلها رغبة عراقية حقيقية وصدق في هذا الجانب، ومن الممكن أن يعود ذلك بالنفع على الحكومة والشعب العراقي وما دون ذلك فستكون نتائج هذه الزيارات سلبية إذا لم يتعامل معها العراق بايجابية”.

ويضيف أن “هناك صراعا على العراق بين المحور الأمريكي والإيراني والحكومة العراقية تريد أن تبدو وكأنها خارج سياسة المحاور، لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك، إضافة إلى أن إيران لن تقبل أن تبتعد عنها الحكومة العراقية، ولا أمريكا وأوربا يقبلون بالشيء نفسه، فالدعم اليوم مشروط بالمواقف وكلما كانت مواقف الحكومة العراقية واضحة، كانت مواقف الدول الأخرى أكثر وضوحا، ولأن هناك تناقضا بين الموقف الأمريكي والإيراني والأوربي فالأيام المقبلة لن تكون سهلة وقد يسبب ذلك إحراجا للحكومة العراقية”.

يذكر أن السوداني، التقى أيضا وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ورعى خلال اللقاء توقيع ثلاثة عقود مع شركة سيمنز للطاقة، وأكد أهمية استمرار التواصل والتعاون الثنائي وتبادل المعلومات في الجانب الأمني مع ألمانيا.

كما أكدت بيربوك رغبة حكومة بلادها باستئناف أعمال اللجنة العراقية الألمانية المشتركة مجددا.

ومطلع الشهر الحالي، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بغداد، وعقد لقاءات مع الرئاسات، وخلالها جرى التأكيد من بغداد وموسكو على أهمية العلاقة بين البلدين وتطويرها خاصة في مجال الاستثمار، لكن بغداد أكدت على ضرورة الحل السلمي لأزمة أوكرانيا.

بالمقابل، يرى جاسم الموسوي، وهو محلل سياسي مقرب من الإطار التنسيقي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زيارة وزير الدفاع الأمريكي ووزيرة الخارجية الألمانية الآن تختلف عن زيارتهم في أوقات الحكومة السابقة، فالسوداني رجل مستقل وشجاع ويعمل بدبلوماسية منتجة ويريد بناء العراق”.

ويؤكد الموسوي أن “الموقف العام للقوى السياسية يتمثل بدعم خطوات السوداني”، لافتا إلى “عدم وجود لمفهوم المنافسة الأمريكية الألمانية على العراق، فالأمريكان لديهم اتفاقيات مع العراق والألمان أيضا”.

ويرتبط العراق بعلاقة متينة مع إيران والصين وروسيا، وكان يعد جزءا من هذا المحور، الذي يعارض السياسة الأمريكية، لكن مؤخرا وبعد تشكيل الحكومة الجديدة، تطورت العلاقة بين بغداد وواشنطن، وحظيت هذه الحكومة بدعم أمريكي كبير.

وكانت “العالم الجديد”، سلطت الضوء عبر سلسلة تقارير على التحول بموقف القوى العراقية المقربة من إيران، وتوجهها نحو أمريكا.

يذكر أن العلاقات الأوروبية – الأمريكية تمر بمرحلة فتور، منذ اجتياح روسيا لأوكرانيا، حيث تضاربت الرؤى بشأن الرد ومصير القارة العجوز، خاصة بعد إيقاف روسيا لإمدادات الغاز لها.

إقرأ أيضا