المدن الجديدة.. التخطيط تنتظر التعليمات واقتصاديون: بحاجة شراكة الجميع

كشفت وزارة التخطيط، عن عدم تلقيها أي تعليمات تنفيذ أو معلومات حول مشروع بناء مدن…

كشفت وزارة التخطيط، عن عدم تلقيها أي تعليمات من قبل مجلس الوزراء بشأن قرار تشكيل فريق للإشراف على مشروع بناء المدن الجديدة، الذي أعلن عنه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وفيما أوضحت أن البلد بحاجة إلى 3 ملايين وحدة سكنية حسب الوضع الحالي دون الأخذ بنظر الاعتبار الزيادة السكانية، أشار متخصصون بالاقتصاد إلى أن هذه المشاريع بحاجة إلى شراكة جميع الجهات لتوفير بنى تحتية وخدمات وطرق جديدة. 

ويقول المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “لجنة تشكلت برئاسة وزير الإعمار والإسكان، تنضوي بداخلها عضويات جهات متعددة، من ضمنها وزارة التخطيط لتتولى مشروع إنشاء المدن الجديدة”.

وكان مجلس الوزراء، قرر في جلسته أمس الأول الثلاثاء، تأليف فريق برئاسة وزير الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، وعضوية كل من وزير البيئة ورئيس هيئة المستشارين، ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، وأمين بغداد، ومحافظ المحافظة المعنية، ورئيس الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومدير عام دائرة التنمية الإقليمية في وزارة التخطيط، بهدف التخطيط والعمل والإشراف على تأسيس المدن الجديدة وإيجاد بيئة حيوية لإنجاحها.

ويضيف الهنداوي، أن “المشروع لم تتضح ملامحه بعد، ولم ترسل لنا أي تعليمات بشأن دور وزارة التخطيط إلى الآن، ولكن بشكل عام يكمن دور وزارة التخطيط في المشاريع السكنية بتقييم ودراسة ما يتم تقديمه من تصاميم، جدوى اقتصادية، مخططات، وتخصيصات، لتعطي الوزارة في نهاية المطاف توصيات أو اقتراح إضافات معينة”.

ويتابع أن “المرحلة اللاحقة تمثل أهم أدوار وزارة التخطيط، عبر متابعة تنفيذ المشروع، والإشراف على أغلب مراحل العمل، للوقوف على دقة تنفيذ التصاميم والمخططات النهائية، وبعد تسليم المشروع للجهة المستفيدة ينتهي دور وزارة التخطيط”.

وعن حاجة العراق لوحدات سكنية بغية القضاء على أزمة السكن، يؤكد الهنداوي أن “العراق بحاجة لثلاثة ملايين وحدة سكنية في الوقت الراهن، نسبة للكثافة السكانية الحالية، دون الأخذ بعين الاعتبار التغيرات المستقبلية على حجم السكان”.

وكان قرار مجلس الوزراء، قد أضاف للفريق المكلف، مهمة وضع آليات وضوابط ومعايير لتوزيع الأراضي والاستثمار في هذه المدن، وتسهيل إجراءات منح الإجازات الاستثمارية وكذلك اقتراح نماذج التمويل، ورفع مستوى الخدمات الحكومية، وحوكمة كافة أشكال الإجراءات الخاصة بهذه المدن وتقديمها بالكفاءة المطلوبة.

وخول المجلس الفريق: إقرار مخططات التنمية العمرانية الجديدة وإحالتها للمصادقة، والتفاوض مع المطوّرين والمستثمرين لتنفيذ البنى التحتية وغيرها من المشاريع الاستثمارية والمواضيع المتعلقة بإنشاء المدن الجديدة، وإعداد نماذج مبتكرة للشراكات مع القطاع الخاص من خلال منحهم فرصاً استثمارية في أماكن مميزة ومجدية اقتصادياً في العاصمة والمحافظات.

ويأتي هذا القرار، بعد قرار صدر قبل أيام، يقضي بنقل الدوائر التابعة لوزارات النفط والتجارة والصناعة والمعادن، من داخل العاصمة بغداد إلى مناطق أخرى في الأطراف، وذلك لفك الاختناقات الحاصلة في الطرق.

وفي السياق ذاته، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي قصي صفوان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المشاريع السكنية ينبغي أن تتمتع ببنية مستدامة، عبر الأخذ بعين الاعتبار الطابع السائد على المحافظة التي سوف تنشأ حولها المدن الجديدة، سواء كان ذلك الطابع دينيا، تجاريا، أم صناعيا، ليستهدف إنشاء المدن بعض الأعمال التخصصية، وتصبح الفعاليات المهنية قريبة من المدن الجديدة، لتنشأ بيئة مستدامة في المستقبل البعيد”.

ويضيف صفوان: “يمكن إنشاء مدينة إدارية جديدة للعاصمة بغداد، تضم مختلف الوزارات والدوائر الرسمية، كي تخلص العاصمة من الاكتظاظ السكاني، مع إمكانية أن تتمتع تلك المدينة بوحدات سكنية يتملكها الموظفون بدوائر الدولة، وهذا يحتاج لرؤية شاملة ووسائل نقل حديثة تربط المدينة الجديدة بمركز العاصمة”.

ويبين أنه “ينبغي تحديد الأرض التي سوف يتم إنشاء المدن السكنية عليها، لمعرفة ما تحتويه من موارد طبيعية، تؤسس لصناعات مستقبلية، كما يمكن تحديد طبيعة البناء، لتوجيه الشركات الاستثمارية نحو شراء المواد الإنشائية من المصنعين المحليين، فالعراق يمتلك شركات رائدة في مجال الصناعات الإنشائية، مثل الحديد والصلب والاسمنت وغيرها، فضلا عن ذلك يمكن لهذه المشاريع إنعاش سوق المقاولات، وتقليل نسب البطالة”.

وكان الجهاز المركزي للإحصاء، أعلن مطلع العام الحالي، أنه من المتوقع أن يبلغ عدد سكان العاصمة بغداد خلال عام 2023، حوالي 9 ملايين نسمة، يعيشون بمساحة إجمالية تبلغ 4555 كم مربع، فيما بين أن الكثافة السكانية تبلغ نحو 2000 شخص لكل كم مربع واحد.

وكانت وزارة التخطيط، توقعت ارتفاع عدد السكان في العراق إلى 42 مليون نسمة بحلول نهاية العام الماضي، فيما أشارت إلى أن العراق لم يصل مرحلة الانفجار السكاني وأن نسبة النمو السكاني تقدر بـ2.6 بالمئة.

وقرر مجلس الوزراء، توزيع 500 ألف قطعة أرض سكنية للمواطنين، بعد تشكيل الحكومة مباشرة، كما قرر أيضا تحويل جنس الأراضي الزراعية إلى سكنية، وخاصة الأراضي التي شيدت عليها مبانٍ وأصبحت بأمر الواقع مناطق سكنية، لكن لغاية الآن لم ينفذ القراران.

من جانبه، يؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل جبار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أزمة السكن والحاجة الملحة لإنشاء أكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية، يحتم على العراق إنشاء مدن جديدة، وهذا بطبيعة الحال يحتاج لشبكة من الصلاحيات والاتفاقات بين مختلف الوزارات والبلديات والقطاعات”.

ويضيف العلي، أن “بالرغم من عدم وضوح المشروع، لا من حيث المكان، ولا من حيث التصميم، ولا من حيث التنفيذ، إلا أن عمل اللجنة المشكلة يأتي لتشابك الجهود وحل المشاكل حول عائدية الأراضي، ثم الانتقال لوضع الخطط والنوايا والسياسات الخاصة بإنشاء المدن الجديدة، التي تحتاج للكشف عن جدواها من الناحية الاقتصادية والخدمية”.

ويشير إلى أن “مجلس الوزراء استخدم صلاحياته بإعطاء المشاريع السكنية للشركات الاستثمارية، مع تقديم تسهيلات وحوافز، تتعلق بتمليك الأراضي المميزة للمستثمرين، بعد شرائها من الدولة، مع تحمل المستثمرين تقديم كافة الخدمات التي يحتاجها المواطن، سواء كانت بنى تحتية، أو مشاريع خدمية أخرى تحتاجها نسقية المدن”.

يشار إلى أنه بعد العام 2003، توجه العديد من المواطنين إلى استغلال أراضي الدولة لبناء منازل عليها باتت تعرف محليا باسم “الحواسم”، ما أدى إلى تكوين مناطق عشوائية، وبدأت تتطور هذه الظاهرة حتى شهدت بناء منازل فخمة، كما شهدت عمليات بيع وشراء بأسعار مرتفعة، لكنها أقل بكثير من أسعار العقارات الرسمية، وذلك بسبب أزمة السكن في البلد.

وغالبا ما يطرح هذا الموضوع للنقاش في أغلب الحكومات المتعاقبة من دون التوصل لحل جذري، وخاصة مسألة المنازل وليس المحال التجارية، فهي بقيت من دون حلول نظرا لوجود عوائل وأطفال، ما يعيق إزالتها بالقوة مع عدم عمل الدولة على توفير بدائل سريعة.

إقرأ أيضا