الصحفي الأجنبي.. كيف ساهم التضييق الحكومي بتقييد عمله؟

مصاعب وحواجز كثيرة، باتت أول ما يواجهه الصحفي الأجنبي عند دخوله العراق، بدءا من الموافقات…

مصاعب وحواجز كثيرة، باتت أول ما يواجهه الصحفي الأجنبي لدى دخوله العراق، بدءا من الموافقات التي يتوجب حصوله عليها، وصولا إلى حرية تنقله وحمله لمعداته، وفيما وصف رئيس رابطة الصحفيين الأجانب في العراق ما يجري بأنه أشبه بالتعامل مع “مجرمين”، أشار مدافع عن الحريات الصحفية، إلى أن هذا النهج سارت عليه كافة الحكومات، فيما نفى خبير قانوني وجود أي قانون يضيق على الصحفي الأجنبي.

ويقول رئيس رابطة الصحفيين الأجانب عمار كريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “لا يخفى على أحد الوضع الخطير والتحديات التي تواجه العمل الصحفي في العراق في ظل عدم الوضوح وضياع وسائل الإعلام الأجنبية بين ثلاث مؤسسات حكومية لإصدار كتاب تسهيل المهمة للتغطيات في مختلف المحافظات، فتطالب القوات الأمنية في الشارع والمحافظات كتاب تسهيل مهمة حصرا من العمليات المشتركة والتي لا تصدر أي كتاب نتيجة قرار سابق من مدير مركز العمليات الوطني الذي ربط صدور الكتاب أعلاه بموافقة مكتبه بعد حصول المؤسسة على كتاب آخر من هيئة الإعلام والاتصالات وبالنتيجة القوات الأمنية لا تعترف بكتاب المركز ولا كتاب الهيئة و تريد حصرا كتاب المشتركة، وسط هذا الكم من الجهد”.

ويضيف كريم، أن “صحفيين أجانب يعملون في مؤسسات عريقة يواجهون كل يوم مضايقات ويقفون عند الحواجز الأمنية وكأنهم مجرمون، وهم مطالبون بكتاب تسهيل المهمة”، مطالبا “رئيس الوزراء باتخاذ قرار حاسم لحماية الحرية الصحفية وحماية الإعلام الحر ومنعه وإهانته والتعرض إلى مضايقات بالشارع”.

ويتابع: “نطالب رئيس الوزراء والجهات المعنية، بإعادة العمل وفق الإجراءات السابقة وهو كتاب يصدر من العمليات المشتركة بشكل سهل وسلس دون المرور بهيئة الإعلام والاتصالات ولا بمركز العمليات الوطني للقضاء على الروتين والتشعب بالصلاحيات”.

وتعرض خلال الفترة الماضية العديد من الصحفيين الأجانب في العراق، إلى مضايقات، بدأت بمنع صحفي من المرور في إحدى السيطرات بين المحافظات، وتأخره لساعات طويلة قبل أن تتدخل بعض الشخصيات حتى يسمح له بالمرور وإكمال طريقه.

فيما تعرض صحفي بريطاني، يوم أمس، إلى مصادرة كاميرته الخاصة، وهي صغيرة، في مطار بغداد الدولي من قبل جهاز أمني، قبل أن تعاد له بعد ساعات من المحاولات والضغط على أصحاب القرار وتدخل بعض الشخصيات.

يذكر أن عمل الصحفي العراقي والأجنبي، كان سابقا يتم باستحصال كتاب رسمي من قيادة العمليات المشتركة، لكن الكتاب ألغي قبل سنوات، إلا أن الإلغاء لم يثمر أي نتائج وما تزال النقاط الأمنية في العاصمة تطلبه مقابل السماح للصحفي والمصور بأداء عملهما.

من جهته، يرى رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق مصطفى ناصر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يحصل من تضييق على الإعلاميين والصحفيين الأجانب هو ليس الأول من نوعه، فهذا المنهج، سارت عليه كل الحكومات السابقة، منذ سنة 2003 ولغاية الآن، والقوات الأمنية تتعامل مع الصحفي على انه شخص خطير وشخص غير مرحب به، في حين أن كل الأنظمة الديمقراطية تعتبر الصحافة هي السلطة الرابعة، ولهذا هي تكون مقدسة وغير قابلة للمساس وتكون بالمستوى نفسه مع السلطات الثلاثة الأخرى”.

ويضيف ناصر: “في العراق الموضوع مختلف تماماً، فليس هناك أي قوانين تحمي الصحفيين وليست هناك قرارات تسهل مهمتهم، أو توجيهات للقوات الأمنية للتعامل مع الصحفيين بطريقة طبيعية، ولهذا نشاهد التضييق على الصحفيين سواء الأجانب أو حتى العراقيين”.

ويتابع رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة أن “القيادات السياسية والأمنية تجهل التعاطي مع الصحفيين، ولهذا تفاقمت أزمة التضييق على الصحفيين، وكان الذي ينتهك العمل الصحفي هو القائد الأمني (الضابط)، والآن أصبح حتى الجندي ينتهك حرية العمل الصحفي”.

ويخلص إلى أن “الصحفي الأجنبي قبل قدومه للعراق يجري كل الترتيبات اللازمة على مختلفة الأصعدة، لكن رغم ذلك يجري التضييق عليهم رغم حصولهم على كافة الموافقات الرسمية من مختلفة الجهات العراقية، وسبب ذلك أنهم يحملون كاميرا، ولا نعرف سبب خشية الضابط أو الجندي من الكاميرا، فيجب إصدار مجموعة من القرارات الحكومية تسهل عمل الصحفي”.

ومؤخرا، وعد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بالعودة لكتاب العمليات المشتركة، لكن لم يصدر الأمر، وبقي عمل الصحفي مرهونا بموافقة أكثر من جهة رسمية.

وتتزامن هذه الخطوات والتضييق، مع خطوات عديدة توجهت لها المؤسسات المعنية والبرلمان للحد من حرية التعبير، وآخرها توجه هيئة الإعلام والاتصالات لإقرار مسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقمي، والتي تضمنت بنودا تحد من حرية التعبير بشكل كبير، مع فرض عقوبات على المخالفين تبدأ بالغرامات وتنتهي بإحالة الملف للقضاء.

ومنذ فترة حاول البرلمان تمرير قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، حيث أدرجه على جدول أعماله قبل أن يرفع منها بضغط من بعض الكتل السياسية المدنية، ويأتي طرح هذا القانون بعد طرح قانون جرائم المعلوماتية قبله، والذي رفع من جدول الأعمال بضغط أيضا.

بالمقابل، يؤكد المختص في الشأن القانوني أمير الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، انه “لا يوجد أي قانون في العراق يضيق على عمل الصحفي الأجنبي إطلاقاً، خصوصاً الصحفيين الذين يدخلون بشكل رسمي، بل وفق الدستور هناك حرية للعمل الصحفي، لكن هناك تصرفات مؤسفة في الوقت نفسه”.

ويبين الدعمي أن “هناك روتينا لا داعي له في منح الصحفي الأجنبي ممارسة مهمته الصحفية بكل حرية في العراق، فكان الأولى تقديم تسهيلات كبيرة للصحفيين الأجانب، حتى ينقلوا الصورة الحقيقة للعراق والعراقيين، وصورة جيدة عن الأوضاع في العراق، خصوصاً أن الصحافة العالمية هي من تتصدر المشهد وحتى تسبق السياسة”.

ويضيف أن “التضييق على عمل الصحفيين العراقيين والصحفيين الأجانب، يدل على أن هناك من يحاول جعل العراق سجنا كبيرا، لعدم نقل الأحداث وعدم نقل الرأي الآخر للصحفيين الأجانب، رغم عدم وجود أي قوانين تقيد وتضيق على عمل الصحفيين الأجانب، ولهذا على الحكومة الانتباه لهكذا تصرفات، قد تكون فردية من بعض الأشخاص وليست وفق توجهات رسمية”.

جدير بالذكر، أن القضاء العراقي ما زال يعتمد على المادة 226 من قانون العقوبات العراقي في ملاحقة الناشطين والإعلاميين، وهي تنص على أن: يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس أو الغرامة من أهان بإحدى طرق العلانية مجلس الأمة أو الحكومة أو المحاكم أو القوات المسلحة أو غير ذلك من الهيئات النظامية او السلطات العامة أو المصالح أو الدوائر الرسمية أو شبه الرسمية.

جدير بالذكر، أن قرارات عديدة صدرت مؤخرا، تحد من وصول الصحفي للمعلومة، وأبرزها منع تسريب الكتب الرسمية، ووضع مسربيها وناشريها تحت طائلة القانون.

إقرأ أيضا