كيف سينعكس اتفاق طهران والرياض على بغداد.. وهل يتغير خطاب الفصائل؟

في الحرب والسلم، تلقي العلاقة بين السعودية وإيران بظلالها على العراق، وحاليا بعد تصفير الخلافات…

دائما ما تُلقي العلاقة بين السعودية وإيران بظلالها على العراق، وبعد توصل البلدين لاتفاق برعاية صينية، فإن مراقبين للشأن السياسي والأمني، اعتبروه ثمرة لاستقرار العراق من جهة، ولبحث الطرفين عن مصالحهما، وخاصة النفطية من جهة أخرى، ما يسلط الضوء على طبيعة الفصائل المسلحة المحسوبة على إيران في العراق، وتعاطيها مع السعودية.

ويقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التصالح الإيراني السعودي سيلقي بظلاله الإيجابية على أمن المنطقة كلها وليس العراق فحسب، وسيكون وفقاً لهذا الصلح تعاون أمني بين العراق وإيران والسعودية، إضافة إلى أن الهدوء سيغطي بغداد لاسيما من جانب حلفاء إيران”.

وبشأن موقف بعض الفصائل، يضيف أبو رغيف، أن “السوداني منذ أن تسلم الحكومة عمل على تصفير الاحتقانات وسحب الأزمة بين الجانب الخليجي والكتل السياسية التي تمثل الفصائل المسلحة، وعقد العراق شراكات وعلاقات مع دول الخليج”، لافتا إلى أن “الالتزام بالهدوء من قبل الموالين لإيران، يتوقف على مدى الاستقرار السياسي بين إيران والسعودية وتأقلمهم معه”.

وأعلن أمس الأول، من العاصمة الصينية بكين، عن توصل السعودية وإيران لاتفاق بعودة العلاقات، يقضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح سفارتي الرياض وطهران في غضون شهرين، وجرى الاتفاق بحضور أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني ومستشار الأمن القومي السعودي مساعد بن محمد العيبان، وووانغ يي، أكبر دبلوماسي صيني.

كما تضمن الاتفاق توجيه الشكر للعراق وعمان، على استضافتهما جولات الحوار بين السعودية وإيران، كما أن الرياض وطهران اتفقتا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وأن المباحثات جرت في بكين وفق اتفاق بين قيادتي السعودية وإيران مع الرئيس الصيني، كما جرى الاتفاق على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين.

يشار إلى أن العراق، استضاف 5 جولات سرية للحوار السعودي الإيراني على أرضه، منذ انطلاق أولى الجولات في 9 نيسان أبريل 2021، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران، ضمن إطار مفاوضات إيرانية مع الإمارات، وذلك بحسب ما نقله مصدر عن وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد.

وتم قطع العلاقات الإيرانية السعودية، في كانون الثاني يناير 2016 بعد اقتحام السفارة السعودية في طهران إثر خلاف بشأن إعدام الرياض لرجل دين شيعي.

من جانبه، يوضح المحلل السياسي علي فضل الله، خلال حديث لـ”العالم الجديد”،  أن “الاتفاق السعودي الإيراني قد ينعكس إيجابا على الجغرافية العراقية على اعتبار أن صراعا وخلافا وأزمات كبيرة بين الجانبين انتهت كانت تؤثر سلبا على العراق، واليوم بعد هذا الاتفاق سنشهد حالة من الاستقرار قطعا، وفي الوقت نفسه فإن استقرار العراق كان سببا في موضوع التقارب بين الجانبين الإيراني والسعودي”.

وفي ما يخص الفصائل، يعتقد فضل الله، المقرب من الإطار التنسيقي، أن “علاقة الفصائل بإيران ليست علاقة ولاء، إنما هي علاقة وفاء باعتبارها جمهورية إسلامية ساندت العراق في مراحل صعبة جدا، وبالتالي لا نتوقع أن حالة الصلح بين إيران والسعودية ستتحول أيضا إلى حالة صلح مع الجانب السعودي خاصة أن الفصائل تعتقد أن هنالك جرائم ارتكبت بحق العراقيين من قبل الجانب السعودي وفي حضور القانون والقانون الدولي فان الجريمة لا تسقط”.

ويضيف أن “الفصائل المسلحة وخصوصا التي لم تشترك في العملية السياسية حتى الآن غير ملزمة بالاتفاق السعودي الإيراني، وكذلك اليمن التي لديها خلاف مع الجانب السعودي أيضا، ولكن في الوقت نفسه فإن الاتفاق الإيراني السعودي سيكون بادرة جيدة لتقريب وجهات النظر وحلحلة كل الأزمات في المنطقة وهو يشكل خطوة أولى في الطريق الصحيح الذي قد ينعكس على كثير من المحاور والقضايا في المرحلة القادمة”.

ويلفت المحلل السياسي إلى أن “الاتفاق مبدئيا سيؤثر ايجابيا على جغرافية المنطقة”، لافتا إلى أن “هناك تفاصيل تحتاج إلى حوارات معمقة أبعد من الاتفاق الذي أبرم الآن ولذلك نحتاج إلى حوارات أكثر في المراحل القادمة”.

ويرتبط العراق مع إيران، بعلاقة سياسية وأمنية وطيدة جدا، تتمثل بارتباط بعض القوى السياسية بطهران، فضلا عن دعم الأخيرة لتأسيس الفصائل المسلحة ودعمها بالسلاح.

كما توجد ملفات اقتصادية بين العراق وإيران، أبرزها أنه يعد المستورد الأبرز لبضائعها بكافة أنواعها وبلغ حجم التبادل التجاري 20 مليار دولار، إلى جانب استيراده الغاز منها لتشغيل محطات الكهرباء.

يذكر أن تهديدات عديدة صدرت من الفصائل المسلحة تجاه السعودية، كما أن اتهاما وجه للفصائل المسلحة باستهداف الأراضي السعودية بطائرات مسيرة، لكنه لم يثبت لغاية الآن.

ولغاية الآن، فأن المقربين من الفصائل المسلحة، نشروا تغريدات أكدوا فيها استمرارهم بخطابهم ضد السعودية وأنهم لن يغيروا مواققهم، وعدوا ما جرى بأنه دبلوماسي ولا يعنيهم.

بدوره، يفيد المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “هذا الاتفاق يخدم البلدين بالدرجة الأساس، فهو يخدم المملكة العربية السعودية التي تعتقد نفسها دولة كبيرة حققت نموا اقتصاديا وتجاريا وأمنيا وصناعيا، ولذلك فإنها تهدف إلى تأمين مشترياتها ووارداتها وصادراتها من النفط في حالة حصول أي طارئ بين إيران وإسرائيل”.

ويضيف الدعمي، أن  “بعض الدول ومنها السعودية تريد أن تخرج عن إطار أنها جزء من محور ما وتبدأ بخدمة شعبها، وهذه هي الفائدة الكبرى التي تحققها السعودية، أما إيران فإنها تعتقد أنها عندما تتحالف مع السعودية قد تجد منفذا جديدا للحصول على المنافع، أم العراق فلن تكون له فائدة كبرى، والشيء المهم فقط هو أن العراقيين الذين لديهم علاقة بإيران قد يوقفون حملاتهم الدعائية ضد السعودية، والجهات التي ستهادن السعودية فإنها ستلتزم بعدم خرق هذه الهدنة”، متوقعا أن “نرى مشاريع سعودية في العراق وقد تفتح مجالات الاستثمار أيضاً”.

وكانت وزارة الداخلية، وقعت في شباط فبراير الماضي، مذكرة تفاهم مع وزارة الداخلية السعودية، ووفقا للبيان فهي الأولى من نوعها منذ العام 1983، وقد شملت المذكرة جميع أشكال التعاون الأمني وتبادل الرؤى وتفعيل العمل الأمني المشترك لما يضمن المزيد من الأمن للجانبين العراقي والسعودي، وعدت في حينها من قبل متخصصين بالأمن والسياسة فأنها تعود لـ”الدفء” بين طهران والرياض.

يشار إلى أنه في العام 2017، تم تأسيس مجلس التنسيق العراقي السعودي في القمة التي جمعت رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي بالعاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز في الرياض، لوضع خطط تعاون اقتصادية وتجارية وثقافية وتعاون أمني واستخباري بين البلدين، لكن لغاية الآن لم تنجح أغلب المشاريع الاستثمارية السعودية في الداخل العراقي بسبب معارضة علنية من قبل الفصائل المسلحة.

وتعرض مخفر قرب الحدود العراقية السعودية في العام 2021، إلى هجوم من قبل فصيل مسلح، وذلك في ذروة جولات الحوار السعودية الإيرانية، وقد كشفت “العالم الجديد” في حينها التفاصيل الكاملة للهجوم.

يذكر أن السعودية، سبق وأن طرحت مشروع استثمار الصحراء الغربية في العراق، الممتدة من الأنبار إلى المثنى، وقد برز للواجهة عام 2020، بعد إصدار الأمانة العامة لمجلس الوزراء قرارا بمنحها 150 ألف دونم من صحراء المثنى من أجل استثمارها كخطوة أولى، ضمن مشروع يمتد لمدة 50 عاما، وهو ما أثار في ذلك الحين ردود أفعال رافضة، أخذت طابعا سياسيا واقتصاديا، وانطوى على تهديد فصائل مسلحة دخلت على الخط، وهددت بإشهار السلاح في حال بدأت السعودية الاستثمار في صحراء العراق.

إقرأ أيضا