قلقة من “الفصائل و”بي كا كا”.. هل تدعم تركيا القناة الجافة العراقية؟

تعود القناة الجافة إلى الواجهة مجددا، بعد كشف رئيس الحكومة أنه سيبحث إنشاءها مع تركيا،…

يعود مشروع القناة الجافة إلى الواجهة مجددا، بعد إعلان رئيس الحكومة وضعه ضمن أجندات زيارته اليوم الثلاثاء إلى تركيا، وفيما أكد متخصصون بالاقتصاد والعلاقات العراقية التركية، دعم أنقرة للمشروع، كونه سيعظم وارداتها، أشروا مخاوفها من احتمال تعرض الخط لهجمات حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، ومجاميع مسلحة أخرى، أكدوا من جانب آخر على أن إيران ستحاول استغلال القناة لنقل بضائعها، لكنهم اختلفوا حول قدرة العراق على منعها.

ويقول الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط “اورسام” التركي، عادل زين العابدين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك مجموعة من المشتركات بين تركيا والعراق، أولها موضوع النفط والغاز المستخرج من إقليم كردستان وثانيها الموضوع الأمني الخاص بحزب العمال الكردستاني وثالثها القناة الجافة”.

ويضيف زين العابدين، أن “تركيا تتابع مراحل بناء ميناء الفاو بأهمية كبيرة، لأنها تعتبر هذه القناة ممرا للانفتاح التركي نحو المياه الخليجية، ومن جانب آخر فإن تركيا ستتحول إلى ممر استراتيجي بين الشرق والغرب، أي بين أوروبا والهند والصين”، مبينا أن “تركيا في العام 2020، وخلال زيارة رئيس الحكومة العراقي السابق مصطفى الكاظمي إلى أنقرة، أعلنت عن تقديم 5 مليارات دولار بصيغة ديون مؤجلة للعراق، وخصصت للاستثمار، وقد زارت وفود تركيا العراق لبحث آليات استثمار هذه المبالغ، وهذا الدعم يشمل القناة الجافة، ويمكن أن يتحقق على أرض الواقع إذا طلب العراق ذلك”.

ويلفت الباحث المقيم في تركيا، إلى “قلق أنقرة من عاملين قد يعيقان مشروع القناة الجافة، أولهما احتمال استهدافه من قبل حزب العمال الكردستاني (المعارض) المتمركز في سنجار غربي نينوى، كون الخط يمر بالمحافظة، والعامل الثاني هو الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران، فتركيا تتوقع أن تعمل هذه الجماعات على ضرب المصالح التركية ومنها القناة الجافة”.

ويتابع أن “تكلفة القناة الجافة تصل إلى 20 مليار دولار، بشقيها سكك الحديد والطريق البري السريع، وهذه التكلفة لا يمكن للعراق أن يتحملها لوحده حتى إذا استمرت أسعار النفط بهذا المستوى، لذا من المتوقع أن يتفاوض مع تركيا من أجل أن تشارك ببعض التكاليف”.

ومن المقرر أن يزور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، تركيا لبحث عدة ملفات منها المياه والعمليات العسكرية والتبادل التجاري، إضافة إلى القناة الجافة.

وكان السوداني، قال يوم أمس: نتطلع إلى تنفيذ مشروعات اقتصادية طموحة مع تركيا، في قطاعي الطاقة والنقل وتحويل العراق الى مركز للتجارة العالمية بين آسيا وأوروبا من خلال مشروع ميناء الفاو الكبير، ونهدف من هذا المشروع العملاق الذي سيمتد على مساحة تزيد عن 20 ميلا مربعا إلى فتح الطريق أمام وثبة اقتصادية للعراق.

كما أكد السوداني، أن مشروع ميناء الفاو الكبير سيشمل ممر القناة الجافة التي سيشكلها طريق سريع وخط للسكك الحديدية ويمر عبر الديوانية والنجف وكربلاء وبغداد والموصل، ويمتد إلى الحدود التركية، وسنناقش تفاصيل هذه المشروعات مع المسؤولين الأتراك في إطار مساعينا لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية مع تركيا.

ومن المؤمل أن يتحول ميناء الفاو، إلى نقطة للربط بين شرق آسيا وأوروبا، ونقل البضائع، عبر خطوط حديثة إلى تركيا، ما يختصر الفترة الزمنية للنقل إلى ساعات، بدلا عن 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس المصرية.

وكان محافظ نينوى نجم الجبوري، أعلن في 20 أيلول سبتمبر 2020، أن الملاكات الهندسية والفنية المختصة، وبالتعاون مع شركات إعمار هندسية تركية، ستبدأ بمد خط حديث للسكة الحديد يربط بين مدينة الموصل وتركيا، مؤكدا أن المشروع هو الأول من نوعه في مدينة الموصل.

ومنذ مطلع العالم 2021، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة إلى إعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

 وكان قضاء سنجار هو الهدف التركي المعلن، حيث يعتبر معقلا لعناصر حزب العمال الكردستاني، وهو ما دفع بالفصائل المسلحة العراقية لإرسال ألوية عسكرية الى القضاء، وتمركزت فيه لصد أي عملية تركية محتملة داخل القضاء الذي يقع في جنوب غربي نينوى، ويعد موطنا لتواجد أبناء المكون الإيزيدي في العراق، والذي تعرض إلى إبادة على يد تنظيم داعش في آب أغسطس 2014، حيث اختطف التنظيم آلاف النساء والأطفال، فضلا عن قتل آلاف آخرين.

إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن الاقتصادي باسم أنطوان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مفاوضات إنشاء مشروع القناة الجافة، لن تكون سهلة وستكون بمراحل متعددة، وسيكون هناك فرض شروط ومطالب متبادلة بين الجانب العراقي والتركي، خصوصاً أن هذا المشروع مهم وسيكون ممرا لنقل البضائع نحو أوروبا، فهو سوف يختصر الوقت من شهرين الى أسبوعين أو أقل من ذلك، إذ سوف تدخل ضمن هذا المشروع بعض القضايا السياسية والأمنية وغيرها التي تخص الجانب التركي ودول المنطقة”.

ويبين أنطوان، أن “الوضع الاقتصادي لتركيا لا يساعدها بالدخول في هكذا مشاريع عملاقة من ناحية الصرف، خصوصا بعد الزلازل التي ضربتها، فهذا كلفها خسائر مادية كبيرة، ولهذا نعتقد أن تركيا سوف تترك العبء المالي الأكبر على العراق، وهو ما سيخضع لاتفاقيات موثقة، تحتاج لوقت ليس بالقصير”.

ويستبعد “استغلال مشروع القناة الجافة من قبل إيران لنقل بضائعها نحو تركيا وأوروبا، خصوصاً مع استمرار العقوبات الاقتصادية على طهران، وأن المشروع سيكون تحت التصرف العراقي بشكل كامل، ولذا فالعراق سيكون حذرا في قضية السماح لإيران باستغلال هذا المشروع للمصالح الإيرانية”، لافتا إلى “حضور الرقابة الأمريكية الرافضة بشدة لاستغلاله من قبل طهران، بل حتى تركيا لن تقبل بذلك”.

وفي تموز يوليو 2019، أعلن وزير النقل السابق، عبد الله لعيبي، عزم بغداد ربط البلاد بسكك حديد مع تركيا، مبيناً أن “كل عملية ربط بين دول تخضع لمعيارين، الأول هو الجدوى الاقتصادية، والثاني الاعتبارات السياسية”.

وتأتي هذه التطورات، في وقت تحاول كل من إيران والكويت ربط خطوط سكك حديد مع محافظة البصرة للاستفادة من موقع العراق المهم على مستوى التجارة الدولية، ولتكون بديلا عن ميناء الفاو من خلال استقبال البواخر والسفن التجارية في موانئ الدولتين، فيما يتحول العراق الى مستقبل للبضائع فقط وممر بري لها فقط، في وقت سيتيح ميناء الفاو الفرصة للعراق لأن يكون المستقبل للسفن والبضائع مباشرة، ويتحول الى قوة اقتصادية كبرى في المنطقة.

وأجمع خبراء ومختصون على تأثير مشاريع الربط السككي مع الكويت وإيران سلبيا على نشاط الموانئ العراقية، ما سيؤدي لانتقال الحركة التجارية إلى الموانئ الكويتية والإيرانية القريبة من البصرة، كما أن نقل البضائع للعراق عبر القطارات سيؤدي إلى إقصاء الموانئ العراقية من المنافسة بالكامل.

وكانت إدارة الشركة العامة لسكك حديد العراق، أعلنت في العام 2021، عن إجرائها لقاء مع وفد شركة (يابي مركزي) التركية لمناقشة الربط الى تركيا عبر القناة الجافة اضافة الى امكانياتها برفع كفاءة الخطوط الفرعية والرئيسية بتأهيلها ضمن المواصفات العالمية لزيادة وتأمين انسيابية سير قطارات المسافرين والبضائع.

من جهته يعتقد الباحث في الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تركيا ستوافق على مشروع القناة الجافة، كون هذا المشروع سوف يورد لها عائدات مالية كبيرة جداً، كما أن أهميته تزداد من كونه مشروعا دوليا لا يخص العراق وتركيا فقط”.

ويبين الكناني، انه “في حال تم العمل بمشروع القناة الجافة، فستكون المصاريف المالية لهذا المشروع ضمن الحدود العراقية من مسؤولية الحكومة العراقية والعمل على المشروع ضمن الحدود التركية، سيكون الصرف المالي عليه من قبل الحكومة التركية، وهذا سيكون ضمن اتفاق موقع ما بين الطرفين، بعد الاتفاق بشكل نهائي  على المشروع، كما أن العراق سيكون مسؤولا عن تأمين هذا الخط الناقل داخل حدوده”.

ويؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي، أن “مشروع القناة الجافة، سيكون له مصلحة لكافة دول العالم والمنطقة وإيران سوف تستغل هذا المشروع بكل تأكيد من أجل نقل بضائعها نحو تركيا وأوروبا، ومع وجود عقوبات أمريكية على ايران، فالعراق على تواصل مستمر مع الولايات المتحدة الأمريكية حول هذا المشروع، إذ أنه لا يخطو هكذا خطوة الا بعد وجود موافقات أمريكية على هكذا مشروع دولي كبير”، منوها إلى أن “القضايا السياسية لدول المنطقة ستكون محل نقاش ضمن ذلك المشروع”.

ومن المتوقع أن يمتد مسار “القناة الجافة” إلى منطقة فيشخابور عند المثلث الحدودي العراقي التركي السوري، وهي المنطقة التي سبق لتركيا أن أعلنت أنها تفكر بإنشاء معبر حدودي إضافي فيها باسم “أوفا كوي” مع العراق بموازاة معبر “خابور” الحالي.

وما يزال العمل جاريا في “ميناء الفاو الكبير”، من قبل الشركة الكورية “دايو”، بعد أن حصلت على العقد، عقب لغط كبير بسبب منافستها من قبل شركة أخرى صينية بين منحها العقد أو للشركة الصينية المنافسة في العام 2020.

إقرأ أيضا