فئة العملة الجديدة.. إقرار بالتضخم واستجابة للعجز بالموازنة؟

عد متخصصون بالاقتصاد، توجه البنك المركزي لطبع عملة جديدة من فئة 20 ألف دينار، بأنه…

اعتبر متخصصون بالاقتصاد، توجه البنك المركزي لطبع عملة جديدة من فئة 20 ألف دينار، اعترافا من قبل الدولة بوجود مشكلة التضخم، وإذ أكدوا انعكاس الأمر سلبا على الاقتصاد العراقي القائم على الاستهلاك وانعدام التنمية، عزوا خطوة العملة الجديدة إلى تغطية العجز الكبير في الموازنة، وهو ما نص عليه قانونها.

وتقول الخبيرة في الشأن الاقتصادي، سلام سيمسم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أي طبع للعملة يعد تكلفة للدولة، فأوراق العملة ليست اعتيادية وهي خاصة، كما يجب أن يكون هناك رصيد بمقابلها أي تكون مغطاة”.

وتضيف سميسم، أن “توجه الدولة لطباعة فئة جديدة، يعني أن هناك أموالاً كثيرة لدى الدولة، ويعني أيضا الإقرار من قبل الدولة بوجود التضخم، إذ باتت هناك حاجة لفئات أكبر”، مبدية استغرابها من “طباعة فئة 20 ألف دينار، في ظل وجود فئات أخرى كالـ10 آلاف والـ25 ألفاً، حيث لا داعي لطباعة هذه الفئة”.

وتتابع أن “كل الحلول الحالية هي ترقيعية وتغطية للأزمة الاقتصادية الحقيقية، ولا تصل لحلها من جذورها”، مؤكدة أن “طباعة فئة جديدة ستزيد من التضخم الموجود”.

وأعلن البنك المركزي، يوم أمس، أن دائرة الإصدار والخزائن فيه تعمل على دراسة إمكانية طبع فئة نقدية 20 ألف دينار، وخلال الأيام المقبلة ستتخذ القرار بطبعها أو عدمه.

ويأتي توجه البنك المركزي في ظل متغيرات مالية كثيرة جرت منذ بدء العام الحالي، أولها سعر صرف الدينار أمام الدولار، حيث ارتفع لمستويات قياسية بلغت 170 ألف دينار لكل مائة دولار، قبل أن تتخذ الحكومة خطوات لخفضه، حيث استقر مؤخرا على سعر 155 آلاف دينار لكل مائة دولار، رغم تخفيض سعره الرسمي من 145 ألف دينار إلى 132 ألف دينار لكل مائة دولار.

وجاء هذا الإرباك، نتيجة لتدخل واشنطن بحركة الدولار في العراق للحد من تهريبه، وفرض عقوبات على المصارف العراقية الخاصة وإبعادها عن مزاد العملة، ما أدى إلى انخفاض مبيعات البنك المركزي من 300 مليون دولار يوميا إلى أقل من 100 مليون دولار، فضلا عن اتخاذ البنك المركزي إجراءات عديدة وفتح نافذة إلكترونية للتجار، ما دفعهم إلى الاعتماد على السوق السوداء لشراء الدولار، بسبب الروتين والصعوبات في سحب الدولار بشكل رسمي.

وكان محافظ البنك المركزي السابق مصطفى مخيف، أعلن في أيلول سبتمبر الماضي، أن البنك يعمل على إكمال فئة جديدة بقيمة 20 ألف دينار بناء على دراسة وأبحاث مقارنة مع دول الجوار، ويعمل على استكمال شكل الورقة وسوف يتم الإعلان عنها.

وعانى العراق منذ تسعينيات القرن الماضي، وخلال فرض الحصار الاقتصادي عليه، من تضخم كبير في العملة، ما دفع النظام السابق إلى التوجه لطبع العملة محليا، وبعد العام 2003، تم إتلاف العملة السابقة وإصدار فئات بطبعات جديدة، وتم تثبيت سعر صرفها أمام الدولار، بأمر من الحاكم المدني للعراق في حينها بول بريمر، الذي كشف عن شكل العملة الجديدة وسعر صرفها.

إلى ذلك، يبين الباحث بالشأن الاقتصادي نبيل جبار خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مشروع قانون الموازنة، تضمن أن يتم تمويل العجز عبر أذونات الخزينة، بالنتيجة أن يعني طبع العملة بحدود 23 تريليون دينار، وهذه ستغذي الحكومة الجديدة وموازنتها، فعملية الإصدار النقدي تعني زيادة الكتلة النقدية، وهو ما تحتاجه الحكومة الآن”.

ويؤكد جبار، أن “زيادة الإصدار فيه مخاطر برفع نسبة التضخم، لكن ليس كل إصدار جديد يعني تضخما، بل أحيانا أن السوق يحتاج إلى نقد إضافي ويساهم بتحريك عجلة التنمية، لكن الأخيرة مفقودة بالعراق وأن البلد استهلاكي والسوق جامدة، لذلك هذه الأموال ستساهم برفع التضخم، وخاصة أسعار العقارات”.

ويلفت إلى أن “قضية فئة العملة، أصبحت قديمة والتوجه الحالي دوليا هو الرقمنة، فما يجري بالعراق هو أسلوب قديم جدا، والرقمنة هي أشبه بالإصدار، أي أن تقول لدي 50 تريليون دينار ورقية وأخرى مرقمنة، وهي عبارة عن حسابات فقط يتم تداولها دون الحاجة لأي أوراق نقدية”.

وكان المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، كشف العام الماضي، أن البنك المركزي العراقي وضع مشروع حذف ثلاثة أصفار من العملة العراقية، بغية إصلاح نظام المدفوعات النقدية الذي تضرر نتيجة الحصار الاقتصادي الذي فرض في تسعينيات القرن الماضي، لكنه رهن حذف الأصفار بالنمو الاقتصادي العالمي والاستقرار السعري والسياسي، مؤكدا أن أهمية حذف الأصفار من العملة وترشيق وحدات العملة، تأتي لخفض الأرقام المحاسبية وتسهيل التعاطي الحسابي.

يذكر أن العديد من الخيارات طرحت للسيطرة على الأزمة المالية، منها طبع فئات نقدية جديدة منها 100 ألف دينار، لكن وفقا لمتخصصين بالاقتصاد تحدثوا سابقا لـ”العالم الجديد”، فإن حذف الأصفار من العملة إجراء “شكلي” ولا يؤدي لحل مشاكل الاقتصاد العراقي، بل أنه سيثقل كاهله بإجراءات طبع العملة الجديدة.

يشار إلى أن “العالم الجديد” تناولت في تقرير سابق، أهمية عودة العمل بالفئات الصغيرة من العملة (الفكة)، نظرا لارتفاع الأسعار بشكل مضاعف بسبب غياب هذه الفئات عن التداول.

إقرأ أيضا