الموازنة.. ضغط إطاري لتمريرها دون الحلبوسي واللجنة المالية: تستغرق شهرا

جاء تجديد موعد القراءة الثانية للموازنة، ليعيد الحديث عن مسار تمريرها، وفيما أكدت اللجنة المالية…

أعاد تجديد موعد القراءة الثانية للموازنة، الحديث حول مسار تمريرها، وفيما أكدت اللجنة المالية أن الأمر قد يستغرق أكثر من شهر، لاسيما وأنها تعمل على خفض قيمتها، أشار خبير اقتصادي إلى أن تأخر تمريرها كل هذا الوقت سينعكس سلبا على المواطن والمنهاج الحكومي للسوداني، لكن مراقبا للشأن السياسي عزا “الاستعجال” بتمريرها إلى ضغط الإطار التنسيقي لتوجيه “ضربة” للحلبوسي من جهة، ودعم الحكومة ومنهاجها من جهة أخرى.

وتقول عضو اللجنة المالية النيابية محاسن حمدون، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “النقاشات ما تزال مستمرة بشأن الموازنة، خاصة وأن ستشهد تعديلات عدة، أبرزها تخفيض قيمتها“.

وتضيف حمدون، أن “اللجنة ستبدأ باستضافة الوزارء والمحافظين بعد القراءة الثانية للموازنة، بهدف مناقشة النفقات، وهذه العملية قد تستغرق شهرا”.

وتتابع، أن “اللجنة استقبلت مقترحات عديدة من النواب بشأن الموازنة وجميعها تخضع للدراسة”، مؤكدة أن “العمل على الموازنة ما زال اقتصاديا بحتا ولا يوجد أي تدخل أو ضغوط سياسية“.

وكان النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي، أعلن يوم أمس السبت، أن رئاسة مجلس النواب تسلمت تقرير اللجنة المالية المتعلق بالموازنة، وسنشرّع في القراءة الثانية لقانون الموازنة في جلسة يوم غد الأحد (اليوم)

وبلغت قيمة موازنة العام الحالي والعامين المقبلين، 200 تريليون دينار (151 مليار دولار) لكل عام، وأرسلت لمجلس النواب بعد التصويت عليها من قبل مجلس الوزراء، وتم بناء الموازنة، على سعر 70 دولارا للبرميل، فيما بلغت نسبة العجز فيها 63 تريليون دينار.

يشار إلى أن أعلى موازنة في تاريخ البلد، كانت في عام 2012، خلال تولي نوري المالكي لدورته الحكومية الثانية، بواقع 118 مليار دولار، وعدت في حينها بـ”الموازنة الانفجارية“.

وكان رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، كشف في لقاء متلفز مطلع الشهر الحالي، وجود اعتراض داخل الإطار على الموازنة، وأن الإطار بصدد معالجة الموازنة وليس رفضها.

العودة لـ1/12

إلى ذلك، يؤكد الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يخص موازنة العام الحالي، فقد توقعت منذ العام الماضي، أنها لن تقر قبل الشهر السادس، وما زالت على قولي هذا، وهذا بسبب الانتحار بين الكتل السياسية حول الحصص والمغانم“.

ويضيف الكناني، أن “في الموازنة هناك ما يسمى بالتخصيصات الحاكمة، وهي المحافظات والوزارات، وهذه فيها مشكلة كبيرة لأن مبالغها مرتفعة جدا، وكل جهة تريد أكبر حصة، ومطالب هذه الجهات تتم بغياب التعداد السكاني”، متابعا أن “الوزارات أو المحافظات تخضع للمحاصصة، بالتالي كل منها تعود لفلان شخصية أو الجهة الفلانية، وكل منها تريد حصة كبيرة“.

ويؤكد أن “تأخر تمرير الموازنة سيؤثر بشكل مباشر على المواطن، فسيقع الضرر الأكبر عليه، إضافة إلى المشاريع، وحتى التعيينات التي أعلن عنها جميعها متوقفة على الموازنة، إضافة إلى أن منهاج السوداني لن يتحقق بدون الموازنة“.

ويشير إلى أن “البلد الآن يسير على نظام 1/12، وهو قائم على اعتماد موازنة العام السابق، وعام 2022 مضى بدون موازنة، فجرت العودة لموازنة 2021، لكن أضيف لها ما تبقى من مبالغ قانون الأمن الغذائي الذي أقر العام الماضي، ودورت للعام الحالي، وهذه المبالغ هي 8 تريليون و200 مليار دينار، وهي ما تبقت من قيمته البالغة 25 تريليون دينار“.

 

ويسير البلد حاليا وفق المادة 13 أولا من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 التي تنص على أنه “في حالة تأخر إقرار الموازنة العامة الاتحادية حتى 31 كانون الأول ديسمبر من السنة السابقة لسنة إعداد الموازنة يصدر وزير المالية إعماما بالصرف بنسبة 1 على 12 فما دون من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الجارية للسنة المالية السابقة بعد استبعاد المصروفات غير المتكررة على أساس شهري ولحين المصادقة على الموازنة العامة الاتحادية.

ومضى العام الماضي دون إقرار موازنة، بسبب عدم تشكيل الحكومة، وكانت الحكومة السابقة تصريف أعمال منذ تشرين الأول أكتوبر 2021، وقد منعتها المحكمة الاتحادية من تقديم مشروع قانون الموازنة، لكن اللجنة المالية النيابية قدمت مشروع قانون الأمن الغذائي بغية تسيير أمور البلد، وأقر منتصف 2021 بقيمة 25 تريليون دينار.

ضغط سياسي

من جانبه، يؤكد المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يعمل عليه النائب الأول لرئيس البرلمان من إسراع بتشريع قانون الموازنة، هو بدفع وضغط من قبل الإطار التنسيقي، الذي يعمل على إفراغ منصب رئيس البرلمان والتأكيد على أن غياب الحلبوسي لن يؤثر على عمل البرلمان التشريعي والرقابي“.

ويتابع جودة، أن “نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي محسوب على الإطار التنسيقي بشكل رسمي، خصوصاً وأنه يشارك بكل اجتماعات قادة الإطار الدورية، وهذا يؤكد أن تحركات المندلاوي هي بدفع من قادة الإطار، الذين يريدون الإسراع بتشريع الموازنة من أجل دعم حكومة السوداني“.

وبشأن زيارة الحلبوسي إلى السعودية، يرى جودة أن “زيارة الحلبوسي إلى المملكة العربية السعودية، لا تخلو من مناقشة الوضع السياسي في العراق، خصوصاً الخلاف السني – السني، والخلاف ما بين الحلبوسي ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لكن لا نعتقد أن هذه الزيارة سيكون لها تأثير على المشهد السياسي العراقي“.

وقبل أيام انتهت الإجازة التي منحها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لنفسه ومدتها 15 يوما، وقد تزامنت هذه الإجازة مع معلومات وردت بشأن خلافات بين الحلبوسي وبين رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بشأن تنفيذ الاتفاق السياسي، لكن مكتب الحلبوسي نفى وجود خلافات.

كما شهدت فترة إجازة الحلبوسي، حراكا كبيرا لإقالته من منصبه، وشن العديد من سياسيي المكون السني، حملة بهذا الاتجاه، فضلا عن كشف ملفات فساد بمحافظة الأنبار، وجرى فيها اتهام الحلبوسي، والذي نفى أيضا صلته بالأمر، وخاصة قضية بيع أراض قرب مطار الأنبار بأسعار بخسة، رغم أنها تابعة للدولة ولا يمكن بيعها.

كما جرى تداول معلومات، أمس الأول، حول محاولة الحلبوسي للقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال وجوده حاليا في السعودية، لكن الأخير رفض لقائه، وهو ما نفاه الحلبوسي في ثالث بيان نفي خلال أيام فقط، ومن ثم جرى الإعلان يوم أمس عن لقاء الحلبوسي وبن سلمان بشكل رسمي.

وكانت “العالم الجديد” كشفت في تقرير سابق، أن قضية تغيير الحلبوسي، مرهونة بإيجاد البديل له، وهو ما لم تتوصل له الأطراف الداعية لتغييره حتى الآن، وسط أنباء عن طرح النائب خالد العبيدي كمرشح عنه.

يذكر أن الإطار التنسيقي، سبق وأن أكد أن قرار تغيير الحلبوسي بيد الكتل السنية حصرا، ولا يمكن له أن يتحرك بهذا الاتجاه بمعزل عن الكتل السنية، وهذا إلى جانب الكشف عن وجود اتفاق بين كتلة العزم بقيادة مثنى السامرائي والإطار التنسيقي على تغيير الحلبوسي، إبان مفاوضات تشكيل الحكومة.

إقرأ أيضا