أسعار مرتفعة وجودة منخفضة.. ملابس العيد تجدد المطالبة بإعادة الأسواق المركزية

بدا على وجه باسم صبيح (45 عاما)، الإرهاق والعطش بعد نهار رمضاني حار قضاه في…

بدا على وجه باسم صبيح (45 عاما)، الإرهاق والعطش بعد نهار رمضاني حار قضاه في السوق للتبضع تحضيرا لعيد الفطر، لكنه لم يكمل احتياجات أطفاله لأن التعب وارتفاع الأسعار حالا دون ذلك.

يقول صبيح خلال حديث لمراسل “العالم الجديد”، أن “بعض الاحتياجات أجلتها لما بعد العيد، واكتفيت بنصفها لتمشية الحال، لعل الأسعار تنخفض، لقد اعتدنا على جشع التجار في استغلال المناسبات، فما يسمى بالموسم الشرائي كل عام يحل كارثة علينا نحن متوسطي الدخول”.

وشهدت أسعار الملابس في السوق العراقية، ارتفاعا واضحا خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع بدء عيد الفطر، وهذا إلى جانب رداءة البضاعة المعروضة وافتقارها للجودة مقابل أسعارها المرتفعة.

يذكر أن المواد الغذائية، شهدت مع بدء شهر رمضان، ارتفاعا بالأسعار، وهذا الأمر غالبا ما تشهده الأسواق مع قرب أي مناسبة دينية، دون وجود أي إجراءات للحد من هذه الظاهرة.

ليس صبيح وحده من أجّل شراء احتياجاته، فـأم مصطفى كانت قبله قد غيّرت مسار مشترياتها واتجهت إلى أسواق أخرى، إذ تقول لـ”العالم الجديد”، إن “السوق في هذه الأيام يكون مزدحما، إضافة إلى أن الملابس المطروحة من مناشئ رديئة”.

وتتابع: “اتجهت قبل أيام إلى سوق البالة (الملابس المستعملة)، لأن الأسعار أقل بكثير، إضافة إلى أن الملابس هناك من مناشئ معظمها رصينة وماركات معروفة، ولا تحتاج سوى الغسل لتبدو جديدة، لكن الطقس محيّر هذا العام بسبب حلول العيد في موسم متقلب بين الصيف والشتاء”.

جدير بالذكر، أن متخصصين بالاقتصاد، طالبوا في تقارير سابقة لـ”العالم الجديد”، بتفعيل “الأمن الاقتصادي”، واصفين توجه الحكومة بإيكال مهمة مراقبة الأسعار إلى الأجهزة الاستخبارية بـ”التخبط”، وسط إشارة إلى صعوبة الأمر بسبب العلاقات التي تربط بعض التجار بكتل سياسية.

ويؤكد خليل، صاحب محل للبيع بالجملة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أيام الأعياد والمناسبات تشهد ارتفاعا في أسعار الملابس سواء الماركات المعروفة أو العادية، وهذا شيء طبيعي استنادا إلى كثرة الطلب عليها من بائعي المفرد”.

ويضيف الشمري أن “اغلب البضاعة المستوردة من الصين وتركيا، وفي أيام المناسبات يقومون برفع أسعارها من المنشأ، بسبب كثرة الطلب عليها من التجار هنا أيضا”.

يشار إلى أن متخصصين بالاقتصاد أكدوا سابقا لـ”العالم الجديد”، حاجة البلد للجمعيات الاستهلاكية والأسواق المركزية، وأشروا مدى انعكاسها إيجابا على المستهلك العراقي، بعد أن شنوا هجوما حادا على وزارة التجارة بسبب تفريطها بهاتين المؤسستين.

وتعرضت مباني الأسواق المركزية إلى التدمير في عام 2003، نتيجة لأسباب عديدة منها السرقة والقصف الذي تعرضت له من قبل قوات التحالف الدولية آنذاك.

بدوره، يؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي جليل اللامي أن “ارتفاعا في الأسعار طال جميع المستلزمات والسلع والمنتجات بشتى أنواعها بما فيها الملابس، إذ اعتاد تجار الملابس أن يرفعوا أسعار بضاعتهم في مثل هكذا أيام، لان البعض يعتبر هذه الأيام موسما لتحقيق ربح أكبر وتعويض أيام الكساد، فمع اقتراب حلول كل عيد أو مناسبة وبحجة غلائها من مصدر شرائها، ترتفع الأسعار رغم أنها حاليا مرتفعة أصلا بأقيام تفوق قدرة المواطنين العاديين والبسطاء، وهذا الارتفاع يشمل عادة كافة الأسواق الشعبية والمولات والمحال”.

ويضيف اللامي، أن “هذه الأسعار في مقابل أن البضائع من ماركات رديئة ومقلدة وأغلبها تأتي من الصين، فلا جودة مضمونة ولا نوعية جيدة”، لافتا إلى أن “المستورد العراقي يلجأ إلى إغراق السوق بمختلف الملابس الرديئة والبعيدة عن الجودة، ومع علم الحكومة”.

ويشير إلى أن “المعالجة تبدأ من الحكومة من خلال تفعيل شبكات التوزيع الحكومية والخاصة بشرط أن تدار من قبل جمعيات حماية المستهلك أو من قبل الجمعيات التعاونية وليس التجار، لأن عدم تنظيم التوزيع وعدم مراقبة الأسعار المحلية والعالمية يجعل الأمر أصعب في معرفة الأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار من الناحية العملية”.

وكانت وزارة التجارة، أعلنت أواخر العام الماضي، عن مخاطبة مجلس الوزراء من أجل تفعيل البيان التأسيسي لها، الذي ينص على منع افتتاح جمعيات استهلاكية إلا من خلال الأسواق المركزية، وفيما بينت أن الجمعيات الحالية تصل أسعارها إلى 5 أضعاف السعر الحقيقي، أكدت أنه لا يوجد في الوقت الحالي أي منفذ للجمعيات الاستهلاكية الحكومية التابعة للأسواق المركزية، وأن هناك مساعي لعودة الأسواق المركزية، ومن ثم العمل على إعادة الجمعيات الاستهلاكية المرتبطة بها.

من جهته، يوضح إبراهيم عباس، صاحب محل في بغداد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”: “في الحقيقة، نحن أصحاب البيع المفرد نعاني كثيرا خلال هذه الفترة، بسبب تذبذب أسعار صرف الدولار، ما اضطر بعضنا إلى ترك العمل بشكلٍ نهائي، بسبب الخسارة وفرق التصريف”.

ويضيف عباس أن “الأسعار ترتفع في أيام الأعياد والمناسبات من تجار الجملة، ما يضطرنا إلى رفع أسعارها أيضا للتعويض، وبعد العيد تعود الأسعار إلى قيمتها السابقة، ولن يستمر هذا الارتفاع، فزيادة الطلب والإقبال على الشراء هو أحد أسباب ارتفاع أسعار الملابس”.

وكانت السوق العراقية قد شهدت ارتفاعا كبيرا خلال العامين الماضيين، المرة الأولى بعد تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار مطلع العام 2021، وهو ما تسبب برفع الأسعار نظرا لأنها جميعها مستوردة، وحتى المحلية منها فإن موادها الأولية مستوردة، والموجة الثانية للارتفاع جرت بعد الحرب الروسية- الأوكرانية، التي تسببت برفع الأسعار بشكل عالمي، خاصة بعد توجه العديد من الدول لمنع تصدير المواد الغذائية.

إقرأ أيضا