خطط وعقود لا تحل مشكلة الكهرباء.. دعوات متجددة لتكرار لتجربة “مصر- سيمنز”

عقود وخطط كثيرة، من المفترض أن تحلّ أزمة الكهرباء في البلد لو تحققت، لكن ما…

دعا نواب ومتخصصون بالطاقة الحكومة إلى الاقتداء بالتجربة المصرية عبر تعاقدها مع شركة سيمنز، التي حلت أزمة الكهرباء وحولت مصر إلى دولة مصدرة للطاقة خلال سنوات قليلة، بدلا العقود الكثيرة التي لن توفر للعراق متطلباته، وفيما أشاروا إلى أن أي توقف في ضخ الغاز الإيراني، فإنه سيخفض 5 آلاف ميغاواط من إنتاج العراق البالغ 19 ألفا، أكدوا أن الحاجة الحقيقية لسد النقص تبلغ 35 ألف ميغاواط يوميا. مشككين بجدية الحكومة لحل المعضلة، إذ لن تتحول المشاريع والخطط المعلنة إلى حقيقية حتى يتم توقيعها بمواعيد تنفيذ محددة.

ويقول عضو لجنة الطاقة النيابية غالب محمد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مسألة البيانات الحكومية حول الكهرباء لن تجدي نفعا، فتارة يقولون محطات حرارية وتارة أخرى لا يوجد غاز، وكل حكومة تقول إنها ستوفر الغاز خلال أشهر، وهذه كلها دون نتائج ولن تتحقق”.

ويضيف محمد، أن “قضية الكهرباء ليست مسألة توليد فقط، فهي مراحل عدة تبدأ بالتوليد وتمر بمحطات النقل والتحويل، وهذه كلها بحاجة لمحطات وأموال، وهذا الأمر يتطلب أن تتعاقد الحكومة مع شركة رصينة مثل سيمنز، وتبلغها بكمية الإنتاج التي تريدها، وتأخذ الشركة على عاتقها إنشاء كل ما يتعلق بتجهيز الكهرباء باستثناء الوقود يبقى على العراق”.

ويستشهد النائب بـ”التجربة المصرية مع شركة سيمنز، حيث أبلغ المصريون شركة سيمنز بأنهم بحاجة إلى 15 ألف ميغاواط، فبدأت الشركة بتجهيزها بدءا من محطات التوليد، وحتى وصولها للمواطنين، كما تم تقسيط المبلغ على مدى طويل، لكن عقد سيمنز مع العراق من أجل تجهيزه بـ5 آلاف ميغاواط بعد 5 سنوات”.

ويلفت إلى أنه “كان يمكن للحكومة أن تتعاقد مع سيمنز كما تعاقدت مصر، وتخيرها إما أن تأخذ أموالا أو نفطا، على مدى سنوات يتم الاتفاق عليها لحل هذه الأزمة”، مضيفا أن “العراق صرف على الكهرباء أكثر من 70 مليار دولار طيلة العقدين الماضيين، لكن موسم الصيف يأتي ساخنا دائما ودون كهرباء”.

وبشأن الإنتاج الحالي من الكهرباء، يوضح محمد، أن “إنتاج الكهرباء حاليا هو 19 ألف ميغاواط، وعند انقطاع الغاز الإيراني لمدة يوم واحد فقط، فإن الإنتاج ينخفض إلى 5 آلاف ميغاواط، وهذه لا تكفي بضع محافظات فقط”.

وكانت وزارة الكهرباء، قد أعلنت يوم الخميس الماضي، عن وجود مجموعة من الخطط تعمل عليها، وأقرت جزءاً منها داخل البرنامج الحكومي وجزءاً على الموازنة والجزء الآخر على القروض، وتتضمن نصب وحدات الدورة المركبة وهي عبارة عن وحدات توليدية لا تحتاج إلى وقود لكي تعمل، وتضيف طاقة 4 آلاف ميغاواط، فضلا عن المضي بمشاريع إنشاء المحطات الحرارية وهي محطات تعمل على شتى أنواع الوقود وستضيف طاقات توليدية كبيرة، فضلا عن تأكيدها على وجود توسعة لشبكات النقل وإنشاء خطوط ناقلة، وترقية ارتباط شبكات النقل ما بين المحافظات، فضلا عن تطوير شبكات التوزيع.

ويأتي إعلان الوزارة، بعد أن رعا رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في 16 من شباط فبراير الماضي، توقيع مذكّرة تفاهم مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية، لتطوير قطاع الكهرباء في العراق، وتضمنت أعمال صيانة طويلة الأمد ولمدّة خمس سنوات، لإدامة عمل وحدات إنتاج الطاقة التي تم تجهيزها من الشركة، إلى جانب زيادة كفاءة عمل وحدات إنتاج الطاقة العاملة حالياً من خلال تحديث المنظومات الملحقة بها، وإنشاء محطات جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية على مراحل تتناسب مع الوقود المتوفر والتمويل، فضلا عن إجراء الدراسات لاستغلال الغاز المصاحب وتنفيذ عدد من المحطات الثانوية سعة (400 و133 KV) مع ارتباطاتها في مختلف محافظات العراق.

جدير بالذكر، أن السوداني زار ألمانيا منتصف كانون الثاني يناير الماضي، على رأس وفد حكومي، وقد وقعت وزارة الكهرباء العراقية مذكرة تفاهم مع شركة سيمنز الألمانية، لتطوير منظومة الكهرباء في العراق، تشمل إنشاء محطات توليد جديدة والاستفادة من الغاز المصاحب.

يشار إلى أن العراق, سبق وأن وقع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع شركة سيمنز، منها ما وقعها رئيس الحكومة الأسبق عادل عبدالمهدي، وكانت بقيمة 14 مليار دولار.

إلى ذلك، يوضح الخبير بالطاقة كوفند شيرواني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يتجه دائما لصيانة محطات الكهرباء القديمة، لكن عوضا عنها كان يجب الاقتداء بالتجربة المصرية، عبر تعاقدهم مع شركة سيمنز، وحل مشكلة الكهرباء بشكل كامل، حيث باتت تصدرها إلى الأردن”.

ويؤكد أن “هناك عشرات المشاريع التي تطرح، كخطط أو عقود أولية، ومنها الطاقة الشمسية والربط الخليجي ومن جهة أخرى يجري الحديث عن استثمار الغاز العراقي، لكن هذه المشاريع والخطط تتحول إلى واقع بحالة واحدة، عندما يتم توقيع عقد يتضمن مواعيد بدء وتصاميم وكلفة، وهنا يكون المشروع حقيقيا ونتأمل خيرا بتنفيذه، لكن يبدو هناك جهات تعرقل دائما هذه المشاريع، ومنها بالأخص الربط الخليجي”.

ويلفت شيرواني، إلى أن “العراق بحاجة لنحو 35 ألف ميغاوط، لكن مقارنة بما ينتج فأن العجز يصل لأكثر من 12 ألف ميغاواط، وفي الحقيقة فأن العجز أكبر، لأن أغلب المحطات وبسبب تقادمها لا تعمل بكل طاقتها كما أن نسبة ضياع الكهرباء خلال نقلها تصل إلى 15 بالمئة، بالتالي فإن الأزمة مستمرة”.

وتعاني أغلب المحطات الكهربائية في العراق من التقادم، حيث لجأ العراق إلى استيراد الطاقة الكهربائية من إيران، فضلا عن استيراد الغاز لتشغيل المحطات الكهربائية، وحصل بصورة دورية على استثناء من العقوبات الأميركية المفروضة عليها لاستمرار الاستيراد.

وقبل أيام، أعلنت إيران أن صادراتها من الغاز للعراق ارتفعت بمقدار 4 أضعاف لتصل إلى 40 مليون متر مكعب، لكن بحسب تقرير لـ”العالم الجديد”، فأن هذا الرقم أقل ممّا متفق عليه بالعقد بين البلدين، وهو 50 مليون متر مكعب.

ويُعد العراق ثاني دولة بعد روسيا في حرق الغاز المصاحب، وذلك وفق تصنيف عالمي، وقد قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.

يذكر أن الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، أبرمت العديد من الاتفاقيات، منها مع مصر والأردن وفرنسا، بالإضافة إلى الربط الكهربائي الخليجي ومشاريع الطاقة الشمسية، لكن أغلب هذه الاتفاقيات شهدت انتقادات وإشادات من القوى السياسية الفاعلة، وذلك نظرا للتوجهات السياسية لكل منها.

إقرأ أيضا