عقد “الفيول” مع لبنان.. “سياسي” دون مكاسب والإطار: نتمسك بدعم بيروت

تتجه الحكومة الحالية، إلى تجديد عقد تزويد لبنان بمادة زيت الكاز “الفيول”، وذلك امتدادا لما…

تتجه الحكومة الحالية، إلى تجديد عقد تزويد لبنان بمادة زيت الكاز “الفيول”، امتدادا لما بدأته الحكومة السابقة، في خطوة “سياسية”، ودون أي جدوى اقتصادية، كما يرى مراقبون، وفيما أشاروا إلى أن هذا العقد أصبح أشبه بـ”العرف”، رغم ضرره الاقتصادي للعراق الذي يعاني من مشاكل مالية عدة، دافع الإطار التنسيقي من جانبه عن العقد، وكشف عن تأييده له منذ البداية، نظرا للعلاقة التي تربط بغداد وبيروت، لكنه لفت إلى أن قضية زيادة كمية “الفيول” ما تزال قيد البحث ولم تحسم.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق أصبح لديه شبه برتوكول بمنح النفط إلى لبنان، وتجديد العقد بين بغداد وبيروت هو جزء من عملية الدعم التي يقدمها العراق إلى لبنان، وهذا التجديد فيه طابع سياسي بما لا يقبل الشك، خصوصاً أن لبنان تتوفر لديها الإمكانيات التي يمكن من خلال أن تتلافى أزمتها الداخلية”.

ويبين الشمري أن “العراق حالياً بأزمة مالية واقتصادية، مع انهيار سعر الدينار، ومظاهرات تطالب بتعديل سلم الرواتب وبطالة عالية وفقر كبير، ولذا فعملية منح النفط إلى لبنان تأتي برؤية سياسية، خصوصاً أن تجديد هذا العقد أصبح عرفا وشبه برتوكول، وهذا الأمر ربما يكون له ضرر اقتصادي على العراق خلال المستقبل البعيد”.

ويضيف، أن “قوى الإطار التنسيقي هي من ضغطت على الحكومة السابقة، برئاسة مصطفى الكاظمي من أجل منح لبنان كميات كبيرة من النفط، ولذا منح لبنان مزيدا من الكميات خلال حكومة السوداني أمر متوقع، خصوصاً مع وجود علاقات سياسية وغيرها بين قوى الإطار وقوى مهمة في لبنان”.

ويؤكد رئيس مركز التفكير السياسي، أن “الإطار التنسيقي سيعمل قدر المستطاع على تجنيب حلفائهم في لبنان موضوع المسؤولية لما وصلت إليه الأمور في لبنان من أزمة مالية واقتصادية ومعيشية، ولذا فحكومة السوداني سوف تجدد هذا العقد كجزء من الدعم غير المنظور لبعض الأطراف في الداخل اللبناني من قبل أطراف الإطار التنسيقي”.

وكان وزير الطاقة والمياه اللبناني وليد فياض، كشف يوم أمس، الاتفاق الذي يموله البنك الدولي للحصول على إمدادات كهرباء من الأردن وغاز طبيعي من مصر عبر سورية لم يشهد أي تقدم حتى الآن، لذا لبنان يسعى إلى زيادة الواردات من العراق من خلال زيادة حجم صفقة التبادل ومن خلال اتفاقيات تجارية جديدة، ونأمل في زيادة الكم ونأمل في إبرام عقد آخر نحصل بموجبه على الوقود من العراق على أساس تجاري بشروط دفع آجل.

وكان فياض، التقى قبل أيام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال وجوده في بغداد للمشاركة بمؤتمر المياه الثالث، وعرض إمكانية تمتين الشراكة وتطويرها عبر تجديد الاتفاقية وزيادة الكمية بما يخدم العلاقة واستمرارها بين البلدين.

كما التقى فياض في بغداد، وزير النفط حيان عبد الغني، وجرى خلال اللقاء الاتفاق على تسليم كل الكميات الباقية من وقود الفيول من الاتفاقية السارية المفعول حاليًا قبل انقضاء مدتها، كما أبدى عبد الغني استعداده للبحث في إمكانية زيادة هذه الكميات في حال اتفق الطرفان على تجديد اتفاقية لتزويد والبحث في إمكانية تنويع المشتقات النفطية المخصصة لعملية التبديل.

يذكر أن العراق ولبنان وقعا، اتفاقا في تموز يوليو 2021 لاستيراد الأخير مليون طن من وقود الفيول للتخفيف من أزمة الكهرباء، ووصلت أول باخرة إلى لبنان محملة بـ 31 الف طن من هذه المادة في 16 أيلول سبتمبر عام 2021.

من جهته، يؤكد الخبير في الشأن النفطي والاقتصادي حمزة الجواهري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العقد بين العراق ولبنان بشأن منح بيروت النفط، لا توجد فيه أي فائدة اقتصادية للعراق إطلاقاً، وهو عقد سياسي أكثر مما هو اقتصادي”.

ويبين الجواهري، أن “هذا العقد فيه أضرار اقتصادية للعراق وليست في أية فائدة، خصوصاً أن هذا النفط الذي يرسل للبنان دون أي مقابل، ممكن أن يوفر ملايين الدولارات لخزينة الدولة العراقية، لكن هو يرسل إلى بيروت كدعم، وهذا الدعم له أهداف سياسية”.

ويضيف أن “لبنان في وضع منهار من كل النواحي، ولهذا هي لا تستطيع تقديم أي شيء للعراق مقابل ما يرسله من النفط، فهي لا تملك الأموال ولا تملك أي شيء آخر غير مالي تقديمه للعراق، ولهذا فالأخير يرسل النفط بلا أي مقابل مادي أو غيره من الخدمات التي من المفترض أن تقدمها بيروت لبغداد”.

يذكر أن “العالم الجديد” كشفت في كانون الأول ديسمبر 2022، أن الحكومة الحالية برئاسة السوداني، تناقش مع الجانب اللبناني قضية الخدمات التي ستقدمها بيروت لبغداد مقابل أموال الكميات المرسلة من زيت الوقود، وهذا إلى جانب الكشف، أن الجانب اللبناني ابلغ العراق بتوفر الأموال التي في ذمته، وأن تسديدها سيكون عبر الخدمات الصحية والاقتصادية، لكن الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي هي التي لم تقم بتفعيل هذا الأمر.

وزار وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، بغداد في تموز يوليو 2022، والتقى مسؤولين عراقيين، بهدف تجديد عقد تزويد العراق لبنان بمادة “الفيول” لتشغيل محطات الكهرباء فيه، لكن تم إبلاغه من قبل المسؤولين العراقيين بأن الصيغة الحالية للعقد لم تعد مناسبة وتحتاج إلى تعديل، وفقا لما نشرته وسائل إعلام لبنانية.

إلى ذلك، يبيّن القيادي البارز في الإطار التنسيقي حسن فدعم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أي طرف داخل الإطار لم يكن يعترض على التعاون المتبادل والمصالح المشتركة مع لبنان، كانت هناك وجهة نظر حول بعض الآليات في هذا التعاون والسقف لهذا التعاون، فكل أطراف الإطار تتفق على بناء علاقات طيبة وتعاون مشترك مع لبنان ولبنان دولة مهمة في المنطقة”.

ويفيد فدعم، بأن “حكومة محمد شياع السوداني تعمل على أن تكون علاقات العراق مع لبنان متميزة كما هو الحال بعلاقات العراق مع باقي دول المنطقة والعالم، وهذا الأمر مدعوم من قبل ائتلاف إدارة الدولة ككل وليس الإطار التنسيقي فقط”.

ويضيف أن “تزويد لبنان بالوقود، يخضع لاتفاق بين حكومتي بغداد وبيروت، والعراق ينطلق من مصالحه بهذا الاتفاق ومساعدة أشقائه العرب والوقوف معهم في أزماتهم، بما لا يضر بالمصلحة الوطنية العليا، وهناك اتفاق وطني على أن يقوم العراق بدوره في مساعدة لبنان، مقابل أن تقدم لبنان خدمات متعددة للعراق، وهذا الأمر طبيعي، حصل في حكومة الكاظمي، وسوف يتسمر في حكومة السوداني”.

ويختم القيادي البارز في الإطار التنسيقي، قوله إن “زيادة تجهيز لبنان بالوقود من قبل العراق، أمر سيخضع لنقاش ودراسة داخل أروقة الجهات الحكومية العراقية المختصة، ثم يتم اتخاذ القرار المناسب وفق المصلحة العراقية العليا”.

يشار إلى أن وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الأسدي، زار لبنان قبل أيام، وأكد من هناك، أنه يجري بحث طلب الحكومة اللبنانية زيادة كمية النفط العراقي للبنان و مازالت المباحثات مستمرة لبحث القضايا الفنية، كما أن العراق ما زال داعما بمليون طن سنويا، وهناك طلب للبنان بزيادة الكمية وما زال البحث مستمرا بشأنها.

وكشفت “العالم الجديد” في تقرير سابق، عن كواليس الاجتماع الذي جمع فياض بوزير المالية السابق علي عبدالأمير علاوي داخل مكتب الأخير في بغداد، وفيه طالب الوزير اللبناني بتجديد العقد لمدة عام آخر، مع زيادة بكمية النفط عن العقد السابق، لكن علاوي رد عليه بأن عليه تسليم المستحقات المالية أولا، مع معرفة أوليات الشركة التي يتم تكرير النفط فيها لئلا تكون تحت طائلة العقوبات الأمريكية، ما قد يعرض العراق تبعا لذلك إلى عقوبات هو في غنى عنها.

وكان ميقاتي، زار بغداد في تشرين الأول أكتوبر 2021 والتقى الكاظمي، ووفقا لمصادر تحدثت في حينها لـ”العالم الجديد” فإن ميقاتي طلب زيادة كميات النفط العراقي الواصلة للبنان، وقد وعد الكاظمي بالاستجابة للطلب في حينها.

إقرأ أيضا