بينها العراق.. أمريكا تمنع دولاً من عبور الطائرات الروسية العسكرية فوق أجوائها

قالت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين ومصريين قولهم إن مصر تجاهلت مطالب أمريكية بإغلاق مجالها الجوي أمام الرحلات العسكرية الروسية، في اختبار لمحدودية قدرة واشنطن على خنق إمدادات موسكو العسكرية قبل هجوم مضاد أوكراني متوقع.

كانت الولايات المتحدة وأوكرانيا قد أقنعتا دولاً من بينها تركيا والأردن والعراق، بقطع وصول بعض الطائرات العسكرية الروسية على الأقل العام الماضي بعد غزو أوكرانيا، مما أجبر طائرات موسكو على التحليق 2000 ميل إضافي وما يصل إلى خمس ساعات أخرى للوصول إلى قواعد استراتيجية في سوريا، بحسب الصحيفة.

ومؤخراً، قال دبلوماسي ومسؤولون عراقيون، إن روسيا طلبت من الحكومة العراقية إعادة فتح المجال الجوي العراقي أمام الجيش الروسي لنقل القوات والمعدات إلى قواعده في شرق سوريا، وفق ما ذكره موقع “ميدل ايست آي” البريطاني.

*مصر تسمح بتحليق الطيران الروسي
لكن مصر سمحت بالتحليق الجوي الروسي، مما أعطى موسكو طريقاً ملتوياً ولكن مؤكداً إلى سوريا، حيث ساعدت قواتها بشار الأسد في حرب أهلية في السنوات الأخيرة. ويقول مسؤولون أمريكيون إن روسيا استخدمت الرحلات الجوية لنقل أسلحة إلى أوكرانيا من سوريا، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.

قال المسؤولون الأمريكيون والمصريون إن العديد من المسؤولين الأمريكيين طلبوا من مصر في فبراير/شباط ومارس/آذار 2023، إغلاق مجالها الجوي أمام الجيش الروسي، وهي خطوة ستمنع فعلياً الوصول الجوي إلى سوريا، وقال المسؤولون إن مصر لم تستجب للطلب وتواصل السماح للرحلات الجوية الروسية.

رداً على سؤال بشأن الطلب، قال متحدث باسم وزارة الخارجية “نحن نرفض التعليق على المحادثات الدبلوماسية الخاصة”، ولم ترد الخارجية المصرية على طلب للتعليق.

في حين أن دولاً أخرى مثل السعودية قد سمحت أيضاً ل‍روسيا بمواصلة استخدام مجالها الجوي، فإن دور مصر مهم نظراً إلى موقعها في نقطة الاختناق الاستراتيجية التي تربط إفريقيا وآسيا، ويحد مجالها الجوي أيضاً المجال الجوي لليونان، العضو في منظمة حلف شمال الأطلسي والتي منعت الرحلات الجوية الروسية.

*حركة طيران نشطة إلى سوريا عبر مصر
حيث نقل الجيش الروسي مزيداً من الطائرات إلى سوريا عبر المجال الجوي المصري في الأسابيع الأخيرة، وفقًا لمسؤولين أمريكيين وسجلات الرحلات التي راجعتها صحيفة وول ستريت جورنال.

في حين أن القواعد الروسية الموجودة ب‍سوريا هي من بين المنشآت العسكرية الدائمة الوحيدة ل‍روسيا خارج الاتحاد السوفييتي السابق وهي بمثابة نقطة انطلاق للرحلات الجوية إلى إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي وما وراءها.

الصحيفة قالت إن سبع رحلات عسكرية روسية قد ذهبت على الأقل من وإلى سوريا في غضون أسبوعين في أواخر أبريل/نيسان وأوائل مايو/أيار 2023، وفقاً لسجلات الرحلات الجوية. وفي أبريل/نيسان أيضاً، تظهر السجلات رحلتين على الأقل لطائرة شحن عملاقة من طراز “أنتونوف أن” 124 من جنوب روسيا إلى سوريا، ثم عادت بعد ذلك إلى منطقة البحر الأسود في جنوب روسيا، بالقرب من شبه جزيرة القرم المحتلة في أوكرانيا، وهذه الطائرات كبيرة بما يكفي لحمل المركبات وحتى الدبابات.

في حين أن تحركات تركيا والعراق والأردن لمنع بعض الرحلات الجوية الروسية تضيف نحو ألفي ميل للرحلة التي تمر عبر بحر قزوين ثم إيران والسعودية ومصر وأخيراً البحر الأبيض المتوسط، لتصل إلى القواعد العسكرية الروسية في سوريا، بحسب سجلات الرحلات التي راجعتها المجلة.

يستغرق المسار الجديد أكثر من ست ساعات للطيران من جنوب روسيا إلى سوريا، بعد أن كان أقل من ساعتين في السابق.

*مخزون روسي كبير من الذخيرة
تمتلك روسيا مخزونات من الذخيرة وعربات المشاة والدفاعات الجوية وقطع الغيار والأفراد في سوريا يمكن أن تكون مفيدة في الحرب في أوكرانيا، وفقاً لمحللين عسكريين.

يقول ماتيو بوليج، الزميل الاستشاري بمركز الأبحاث تشاتام هاوس والخبير في الحرب الروسية والصناعة العسكرية بالبلاد “إنه تكيف تكتيكي” مضيفاً “إنهم على الأرجح يسحبون المعدات والذخائر من كل مكان. لقد رأينا عمليات نشر مماثلة ومنطقاً مشابهاً عبر المناطق العسكرية في روسيا حيث يستخدمون قاعدة بيانات لما لديهم في أي وقت”.

كما تم تقييد روسيا من عملياتها في المنطقة عن طريق البحر، حيث استندت تركيا إلى حقوقها بموجب معاهدة العام الماضي لمنع روسيا من نقل سفن حربية إضافية إلى البحر الأسود عبر مضيق البوسفور، مما أعاق قدرة موسكو على التناوب في السفن الجديدة والأسلحة اللازمة للهجوم على أوكرانيا.

يقول يوروك إيشيك، رئيس “بسفور أوبزيرفر”، وهي شركة استشارية تراقب الحركة البحرية والجوية في المنطقة، “إنهم عالقون في خيار وحيد عبر النقل الجوي” مضيفاً “إنه يظهر أنهم يحملون شيئاً ثميناً لا يريدون أن يراه الأتراك حتى بالحظ”.

في حين أن مصر هي ثاني أكبر متلقٍّ للمساعدات العسكرية الأمريكية في العالم، حيث تتلقى نحو 1.3 مليار دولار سنوياً من واشنطن، لكن القاهرة غالباً ما كانت حليفاً مزعجاً.

حيث سجنت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو جنرال سابق وصل إلى السلطة في انقلاب عسكري دامٍ عام 2013، مواطنين أمريكيين ودعمت زعيم ميليشيا مدعومة من روسيا شن حرباً أهلية استمرت 14 شهراً في ليبيا عام 2019.

في المقابل يتمتع السيسي بعلاقة ودية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما قال مسؤول أمريكي إن إمكانية مطالبة مصر بإغلاق مجالها الجوي في وجه روسيا ظهرت خلال المناقشات بين الوكالات بشأن مسألة الأسلحة والذخيرة ل‍روسيا وأوكرانيا.

في المقابل، فقد أفادت الصحيفة بأن وزير الدفاع لويد أوستن طلب من مصر تقديم مزيد من قذائف المدفعية عيار 155 ملم ومعدات من الحقبة السوفييتية؛ للمساعدة في جهود الولايات المتحدة لدعم أوكرانيا خلال زيارة للقاهرة في مارس/آذار.

إقرأ أيضا