أقليات نينوى: زيارة السوداني بروتوكولية.. والإطار: ضمانة لهم

أثارت زيارة رئيس الحكومة إلى محافظة نينوى ولقاؤه هناك بأهالي المكونين المسيحي والإيزيدي، الجدل، ففيما…

زيارة رئيس الحكومة إلى محافظة نينوى، ولقاؤه بأبناء المكونين المسيحي والإيزيدي، واجهت ردود أفعال متباينة، إذ وصفها ناشطون من المكونين بـ”البروتوكولية”، والخالية من أية مشاريع حقيقية لتحسين واقعهم وواقع مدنهم التي تتعرض لخطر “الجماعات المسلحة”، وأن هدفها تحسين صورة الحكومة أمام الرأي العام الدولي، لكن الإطار التنسيقي الداعم للحكومة، رد بأن هدف الزيارة هو كسب “تضامن الشعب” بكل أطيافه لبناء أرضية صلبة لتقوية البلاد.

ويقول الناشط منار الخوري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “وضع المسيحيين في العراق سواء في نينوى أو في محافظات أخرى معقد، والمسيحيون قسم منهم هاجر أو نزح بسبب داعش بعد 2014، والأرقام التي تحدثت عنها الكنيسة حول هجرة 20 عائلة شهريا غير دقيقة، فالعدد أكبر ويصل إلى 30 عائلة”.

ويضيف الخوري، أن “الحكومات يجب أن تقف على الأسباب الحقيقية لهجرة المسيحيين، والتي تتركز أغلبها في البحث عن أماكن يعيشون فيها بأمان مطمئنين على أنفسهم، فالمسيحي حينما يقع بمشكلة مع شخص آخر سيواجه قوى مسلحة وعشائر، وهذه تكون أقوى من الدولة، وبالتالي لا شيء يستند عليه المسيحي يدعوه للبقاء في البلاد”.

ويشير إلى أن “كل رؤساء الحكومات يخرجون ويتحدثون عن الشعب الواحد والتأكيد على حماية جميع الأطياف، لكننا لم  نلمس هذا الأمر”، لافتا إلى أن “هذه الزيارات تكون بروتوكولية لتحسين الصورة أمام المجتمع الدولي، ولكن الحقيقة عكس ذلك، فحتى قرى المسيحيين ما تزال مدمرة باستثناء قرى بسيطة جرت إعادة إعمارها بفعل منظمات وليس جهودا حكومية”.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، زار يوم أمس السبت، محافظة نينوى، والتقى هناك عدداً من رجال الدين من مختلف المكونات في نينوى، وشيوخ العشائر والوجهاء وممثلي الاتحادات والنقابات المهنية والقطاعية، وأكد أن زياراته للمحافظات تتمّ على وفق برنامج محدد، وبعد انتهائها سيتواجد بالمحافظة فريقٌ متخصص يتمتع بصلاحيات من جميع الوزارات لأسبوع أو أكثر، لمتابعة القضايا التي شُخّصت واتخاذِ قرارات بشأنها، وبين أن المحافظة مقبلة على عملية اقتصادية خدمية، ستكون أساس الاستقرار والأمن فيها، بعد أن شدد على ضرورة الابتعاد عن المحاصصة الحزبية لتقوية الدولة ومؤسساتها.

كما زار السوداني ناحية برطلة، وزار فيها كنيسة مارت شموني للسريان الأرثوذكس، وأكد أن البرنامج الحكومي تضمن تنفيذ مشاريعَ وبرامجَ خدمية وخططا اقتصادية للنهوض بواقع مناطق سهل نينوى، بما يعزّز أمن المواطنين ويؤكد مبدأ التعايش السلمي في عموم محافظة نينوى.

وضمن جولته في المحافظة، استقبل السوداني بمقر إقامته فيها، أمير الإيزيديين في العراق والعالم ورئيس المجلس الروحاني الإيزيدي الأعلى حازم تحسين بيك، وفضيلة بابا شيخ الديانة الإيزيدية الشيخ علي إلياس حجي، وأكد لهم على التزام الحكومة برعاية المكون الإيزيدي وكل المكونات الأخرى، ودعم حقوقهم وتأهيل مناطقهم، عبر إقامة مشاريع خدمية واقتصادية ضمن البرنامج الحكومي، بما يسهّل من إعادة العائلات الإيزيدية النازحة إلى سكناها.

وتعاني مناطق سهل نينوى التي يسكنها أبناء المكون المسيحي، وقضاء سنجار، الذي يسكنه أبناء المكون الإيزيدي، من المناطق التي شهدت دمارا كبيرا منذ اجتياح تنظيم داعش للمحافظة عام 2014، ومن بعد التحرير أصبحت هذه المناطق تعاني من الصراعات الحزبية وانتشار مجاميع مسلحة فيها.

وكانت “العالم الجديد” كشفت في تقرير سابق، أن هجرة أبناء المكون المسيحي مستمرة، وبلغت نحو 20 عائلة شهريا، نظرا لعدم شعورهم بالحماية وسلب حقوقهم في العراق، وخاصة قضية عقاراتهم التي تم الاستيلاء عليها.

بدوره، يبين الناشط الإيزيدي سيدو الأحمدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الزيارة كان مرتبا لها وهدفها حزبي وسياسي، بعيدا عن تقديم شيء لأهالي سنجار أو حل مشاكلهم، وكان يفترض أن يزور السوداني مقر الفرقة 20 في قضاء سنجار، لكن للأسف لم يصل بعد ساعات من الانتظار، وبعدها جرى إخبارنا بأنه التقى بوفد منتمٍ للحزب الديمقراطي الكردستاني، ومنه المقربون من المجلس الروحاني دون الحديث مشاكل سنجار أو القضايا العالقة”.

ويجد الأحمدي، أن “الزيارة لم تكن موفقة، فالسوداني لم يلتق أهالي سنجار ولم يناقش معهم أي شيء يخص مكوناتها”.

وما يزال قضاء سنجار، يعاني من مشاكل كبيرة وعديدة لم تحل، ورغم إبرام الحكومة السابقة اتفاقا مع أربيل لتهدئة الأوضاع في القضاء وعودة النازحين من المكون لمنازلهم، لكن لم يطبق، ومن أبرز المشاكل عدم مسك الحكومة الاتحادية لملف الأمن في القضاء وعدم حسم إدارته، فالقضاء له قائممقامان اثنان، أحدهما مرتبط بالحزب الديمقراطي الكردستاني والثاني مرتبط بالحكومة المحلية لمحافظة نينوى.

ومؤخرا بدأت عودة النازحين للقضاء، لكن لم تمض سوى ساعات على عودتهم حتى بثت العديد من الإشاعات حول حرقهم لأحد الجوامع الذي كان يستخدمه داعش خلال تنفيذه الإبادة بحق المكون وخطف النساء، لكن وفيما جرى تفنيد الإشاعة، أكد الأهالي أن عودتهم للقضاء كانت خطأ، وأن الطريق الأمثل هو الهجرة، بعدما تعرضوا له من ردود قاسية بناء على إشاعة.

ويشهد القضاء، انتشارا كبيرا للفصائل المسلحة، إلى جانب انتشار قوات مرتبطة بالحشد الشعبي وأخرى مرتبطة بحزب العمال الكردستاني (بي كا كا) المعارض لتركيا، وهذا إلى جانب بطء عمليات إعادة إعماره.

إلى ذلك، يرى القيادي في الإطار التنسيقي وائل الركابي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه الزيارة تقع ضمن مسؤوليات رئيس الوزراء، وهي مسؤولية يجب أن يشعر من خلالها بأنه رئيس وزراء للعراق وليس لمكون وفئة معينة، وبالتالي عندما يشارك الكرد مناسباتهم أو ينتقل لنينوى، فبالتأكيد أن هذا يعني تقديم ضمانات للمكونات”.

ويضيف الركابي: “اليوم كل الظروف مهيأة للعمل، والهدوء الحالي دلالة على استيعاب كل الأخطاء السابقة والمضي إلى تأسيس دولة مؤسسات مبنية على التعاون واحترام القوانين والشعور بالمواطنة، وهذه الزيارة من الأمور الجيدة التي تعيد المياه إلى مجاريها”.

وتحولت مدينة أربيل، إلى ملاذ للمكون المسيحي، حيث وفرت لهم كافة مقومات الاستقرار، وهو ما دفع الحزب الديمقراطي الكردستاني المسيطر في أربيل، إلى اعتبار المسيحيين في المدينة كدائرة انتخابية منفصلة عن الدوائر الخاصة بالمكون (الكوتا)، وبرر في حينها الحزب هذا التوجه لكونه وفر كل شيء للمكون ومن حقه زج شخصيات مقربة منه كمرشحين عن المكون.

وتعاني الأقليات بشكل عام، من سيطرة الأحزاب الكبيرة على حقوقهم السياسية وخاصة مقاعدهم في البرلمان، وفي كل انتخابات يتجدد الحديث عن استيلاء الأحزاب الكبيرة على مقاعد الأقليات عبر شخصيات مقربة منها، ما دفع المواطنين إلى التذمر لعدم وجود تمثيل حقيقي لهم داخل البرلمان.

إقرأ أيضا