منع التعامل بالدولار في السوق.. انعكاس سلبي وتحذير من ارتفاع بالأسعار

أبدى متخصصون بالاقتصاد استغرابهم من القرار الحكومي بمنع تداول الدولار في السوق المحلية وتوقيع التجار…

أبدى متخصصون بالاقتصاد استغرابهم من القرار الحكومي بمنع تداول الدولار في السوق المحلية وتوقيع التجار على تعهّدات بذلك، وفيما أكدوا أن هذا التوجه لن يحل الأزمة، بل سيكون سلبيا على سعر الدولار ويتسبب بارتفاعه، حذروا من تنامي حالات التهريب، وارتفاع الأسعار. 

ويقول الخبير الاقتصادي عبدالرحمن المشهداني، لـ”العالم الجديد”، انه “لا يوجد أي سند قانوني لمحاسبة كل من يتعامل بالدولار من التجار والمواطنين في السوق المحلي، كما أن هذا ليس حلاً خصوصاً مع وجود مكاتب الصيرفة والمصارف التي تتعامل بالدولار”.

ويبين المشهداني، أن “الهدف من هذه الخطوة إنهاء ظاهرة (الدولرة)، لكن هذا الأمر ربما يكون له انعكاسات سلبية، من خلال أن يكون التعامل بالدولار بشكل غير معلن، ويكون التعامل في السوق السوداء، وهذا ممكن أن يؤثر حتى على رفع الأسعار في السوق”.

ويضيف الخبير الاقتصادي، أن “التعامل بالدولار في العراق ليس وليد اليوم، بل معمول به منذ ما يقارب 40 سنة، وهو وسيلة من وسائل مخزن القيمة للمواطنين، فالدولار يبقى دولارا، فالأمر ممكن أن يسبب شحة في الدولار في السوق، وهذا قد يعيد رفع سعر الصرف في السوق المحلي، كون التعامل بالدولار سيكون فقط بالسوق السوداء، خصوصاً مع وجود مكاتب الصيرفة”.

وكان مدير قسم العمليات في مديرية الجريمة المنظمة بوزارة الداخلية العميد حسين التميمي، صرح أمس الاحد، لجريدة الصباح شبه الرسمية، أن المديرية أصدرت تعميماً بمنع تعامل التجار والمواطنين في الأسواق والمحال والمراكز التجارية بالدولار وحصر هذه العملية بالدينار، ويأتي ذلك ضمن الحملة التي أطلقتها الوزارة بالتنسيق مع البنك المركزي العراقي تحت عنوان دعم الدينار العراقي، وأُخِذت تعهدات خطية من أصحاب المحال والمراكز التجارية بأن يكون التعامل بالدينار بدلاً من الدولار، وجرى نشر مفارز مدنية لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.

كما بين التميمي، أن المديرية مستمرة بتكثيف حملاتها لمراقبة غلاء أسعار المواد الغذائية والدواء في الأسواق المحلية في بغداد بالتنسيق مع دوائر الرقابة التجارية والاستخبارات للكشف عن المتلاعبين بالأسعار أو المحتكرين للسلع والبضائع، وأن الرقابة التجارية تقوم بمقارنة الأسعار وفقا لتسعيرة وزارة التجارة وفواتير التجار للكشف عن ضعاف النفوس المستغلين لارتفاع أسعار الدولار. 

وخلال الأيام الماضية، عاد سعر الدولار في السوق المحلية إلى الارتفاع لنحو 148 ألف دينار لكل مائة دولار، بعد أن استقر في الأسابيع الماضية عند 144 ألف دينار لكل مائة دولار.

وكشفت “العالم الجديد” مؤخرا، أن “الحوالات السود” مستمرة بإرباك الاقتصاد العراقي، لاسيما أن المسؤولين عنها دائما ما يبتكرون طرقا جديدة لضمان تهريب الدولار خارج البلاد، وآخرها عبر البطاقات الائتمانية، ما دفع خبراء بالاقتصاد من للتحذير من تشديد اشنطن الإجراءات، خاصة وأن هذه الحوالات قائمة لثلاث دول وهي تركيا والإمارات والأردن.

وكانت “العالم الجديد”، من أوائل الصحف التي كشفت أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل برا إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ”الحوالات السود”.

من جانبه، يوضح الباحث المختص في الشأن الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “منع التعامل بالدولار للتجار والمواطنين في السوق المحلي، ممكن أن يكون له نتائج عكسية، لكن الحكومة والبنك المركزي، يريدان من هذه الخطوة إنهاء ظاهرة (الدولرة) أي منع ظاهرة انتشار الدولار في السوق المحلي والتعامل به بدل الدينار العراقي”.

ويعتقد التميمي، أن “منع التعامل بالدولار للتجار والمواطنين في السوق المحلي ليس خيارا صائبا أو سيكون له نتائج إيجابية قوية وملموسة على المستوى الاقتصادي الداخلي، فإن المشكلة الحالية تتعلق بالحوالات، خصوصاً مع استمرار الحوالات السوداء بمختلف الطرق القانونية وغير القانونية”.

ويضيف، أن “منع التعامل بالدولار للتجار والمواطنين في السوق المحلي، يمكن أن يقوي الدينار العراقي نوعا ما، فالتعامل هنا سيكون فقط بالعملة المحلية، وهذا يحمي ويقوي العملة، خصوصاً أن أي دولة تتعامل بعملة غير عملتها دائما ما تدخل بعدم استقرار اقتصادي، كما حدث مؤخرا في لبنان، وأدت الأزمة الاقتصادية إلى انهيار قيمة العملة المحلية هناك”.

ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام “سويفت” المالي الدولي.

وقد أصدر البنك المركزي 3 حزم إجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة، ومن ثم عاود مؤخرا الارتفاع لمستواه السابق والبالغ نحو 300 مليون دولار يوميا.

جدير بالذكر، أن البنك المركزي سبق وأن اتفق مع المصرف الأمريكي الشهير، جي بي مورغان، على أن يكون وسيطا، لإيصال مبالغ التجار العراقيين إلى الصين وتغطية استيراداتهم، بعد أن كان البنك يتعامل مع مصارف في الإمارات والأردن، وبحسب تقرير “العالم الجديد” فأن الاتفاق الجديد سيحدّ من الفواتير المزورة التي كانت منفذا لتهريب العملة لخارج البلد.

 يذكر أن البنك المركزي، قرر مؤخرا، واستنادا إلى قرار مجلس الوزراء، أن تكون الخدمات المالية الالكترونية المقدمة داخل العراق من خلال “أجهزة الصراف الآلي، أجهزة نقاط البيع، بوابة الدفع الالكتروني”، بعملة الدينار العراقي.

إقرأ أيضا