إقرار بخضوع مفوضية الانتخابات للأحزاب.. ماذا لو تكرر الاتهام بالتزوير؟

دفع توجيه رئيس الحكومة بإبعاد مفوضية الانتخابات عن التدخل السياسي، إلى إقرار الإطار التنسيقي ومراقبين…

بعد تنويه رئيس الحكومة للتدخل السياسي في عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أقر الإطار التنسيقي بوجود هذا النوع من التدخل وخضوع أغلب مسؤوليها لجهات حزبية، لكن مراقبين شككوا في قدرة الحكومة على الحد من هذا التدخل وضمان شفافية الانتخابات، متوقعين تكرار ظهور الاتهامات بتزوير النتائج من قبل أي خاسر.

ويقول المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المفوضية العليا للانتخابات وزعت ضمن المحاصصة لفترة طويلة كأنها استحقاق انتخابي وليست مفوضية مستقلة وهذا ما عانينا منه، لكن في الدورة الانتخابية الماضية أصر العراقيون من خلال التظاهرات أن تكون المفوضية مستقلة، والقضاة هم من يقودون هذه المفوضية”.

ويضيف جودة، أن “الدورة القادمة أيضا ستشهد اشتراك القضاة في عمل المفوضية، لكن تبقى مسألة عدم تقبل الخسارة وانعدام الروح الرياضية للخاسر مشكلة قائمة، فعندما تخسر أي جهة سياسية توجه أصابع الاتهام إلى المفوضية بالتزوير والانحياز والتلاعب في أعداد المقاعد البرلمانية، والتخلص من هذا الأمر يتطلب الوصول إلى مرحلة النضج الديمقراطي”.

ويتابع، أن “المحاصصة التي يتوزع من خلالها عمل لجان المؤسسة التشريعية والحكومة التنفيذية طالما موجودة فإن المفوضية ستبقى تحت عنوان استحقاق انتخابي وممثل مكون، وهذا سيكون خسارة لنا”.

ويتساءل جودة عن “وجود نية لاستبدال المفوضية الحالية أم نعود إلى المربع الأول ونختار مفوضية جديدة وتوزع حصة لكل حزب، وسيكون استقبال النتائج ليس بالقبول والشفافية إنما بجملة من الاتهامات”.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ترأس أمس الخميس، اجتماعاً خُصّص لبحث استعدادات إجراء انتخابات مجالس المحافظات، بحضور رئيس وأعضاء مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ووجّه خلاله المفوضية بضرورة التزام الحيادية في أداء العمل، ورفض التدخلات من أيّ طرف، وبأيّ شكل كان، من أجل الحفاظ على شفافية العملية الانتخابية، وثقة المواطنين في نتائجها ومخرجاتها.

وكان مجلس النواب، صوت في آذار مارس الماضي، على تعديل قانون الانتخابات المحلية والنيابية، وحدد 6 كانون الأول نوفمبر المقبل موعدا لإجراء الانتخابات المحلية، وذلك بعد أن اعتمد قانون سانت ليغو واعتبار كل محافظة دائرة واحدة.

 يشار إلى أن مجلس الوزراء، وافق في الثاني من الشهر الحالي، على قيام وزارة المالية بتمويل العملية الانتخابية بمبلغ 150 مليار دينار (نحو 100 مليون دولار).

إلى ذلك، يؤكد المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة يفترض أن تضع لجنة قضائية لمتابعة ومراقبة الانتخابات وأن تقوم ببعض الإجراءات مثل أن يتم الإشراف على انتخابات محافظة المثنى من قبل موظفي محافظة النجف والإشراف على انتخابات النجف من قبل موظفي الديوانية وعمل تغيير في القيادات المتقدمة والمتوسطة في إدارات المكاتب الانتخابية داخل المحافظات من أجل منع عمليات التزوير”.

ويضيف البيدر، أن “مفوضية الانتخابات ليست بالجهة المستقلة بشكل مطلق ونتحدث هنا ابتداء من مجلس المفوضين وحتى أصغر الموظفين فتلك العناوين جذبتها الأحزاب السياسية وتعمل لخدمة تلك الأحزاب ولا تعرف درجة التمرد التي حصلت من قبلهم ولكن السائد داخل مفوضية الانتخابات هي عناوين تمثل واجهات حزبية أو تعمل على خدمة واجهات حزبية فئوية معينة”.

ويتابع: “من هذا المنطلق نجد ان للكرد  حصة معينة وللسنة حصة معينة في مجلس المفوضين، وكذلك للأحزاب أو التيارات الشيعية حصة معينة وبالتالي السيطرة المطلقة على عمليات التزوير هو أمر شبه مستحيل في ظل الظروف الحالية ولكن عندما نقوم بإجراءات وخطوات جادة لمنع هذه العمليات من الممكن أن نصل لمستويات جيدة من القبول والتقبل والشفافية التي تحقق إرادة المواطن”.

 يذكر أن الانتخابات النيابية السابقة في 2021، شهدت لغطا كبيرا، لاسيما ما يخص أجهزة تسريع النتائج والعد والفرز الإلكتروني، وجرى توجيه اتهامات باختراق الوسيط الناقل (السيرفرات) للتلاعب بالنتائج، وقد رفع تحالف الفتح برئاسة هادي العامري دعوى أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات، لكن المحكمة ردتها وصادقت على النتائج.

يشار إلى أنه جرى اعتماد الدوائر المتعددة في الانتخابات التي جرت في عام 2021، وهو ما يحصل لأول مرة في الانتخابات العراقية، حيث كانت تجري سابقا باعتماد كل محافظة دائرة واحدة، وفق نظام سانت ليغو، وتختلف نسب تقسم الأصوات من انتخابات لأخرى وفق ما يقره البرلمان في حينها.

من جانبه، يرى عضو ائتلاف دولة القانون، وائل الركابي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أساس الانتخابات وتفاصيلها وإجراءاتها وفرزها يكون عن طريق المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبالتالي نحن مررنا بتجارب عديدة كانت فيها تدخلات واضحة وسافرة من قبل بعض الأطراف المتنفذة والتي لديها تأثير على عمل المفوضية”.

ويضيف الركابي: “نحن نريد تأسيس دولة عراقية حقيقية مبنية على نظام انتخابات تنتج منه حكومة حقيقية وبالتالي مالم تكن الأرضية والاساس صحيحين لا يمكن أن تولد من هذه الحكومة والانتخابات أشياء إيجابية”.

ويتابع أن “دعوة السوداني لعدم التدخل وإعطاء المفوضية الفرصة الحقيقية لإنجاح هذه الانتخابات يعتمد بشكل تام على عمل وإيمان الكتل السياسية بالعمل الديمقراطي وتمسك الحكومة الحالية بإنجاح الانتخابات القادمة ابتداءً من مجالس المحافظات نهاية هذا العام”.

ويشير إلى أن “الحكومة قادرة وجادة في إنهاء كل ما يتعلق بهذا الشأن مثل أي عمل آخر سعت فيه لترتيب الأوضاع من خلال تجاوز المشاكل ومخلفاتها”.

يذكر أن الإطار التنسيقي، حاول في انتخابات 2021، تدويل مطلبه، وهو العد والفرز اليدوي الشامل، لكن اعترافات المجتمع الدولي بنتائج الانتخابات حالت دون تدويله القضية، فضلا عن عدم تعاطي وزارة الخارجية مع مطلبه.

 ومما شهدته الانتخابات السابقة، هو ما كشفه رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، بوجود شكاوى عديدة من بعض المناطق، تتمثّل بقيام بعض الكيانات والأحزاب بتهديد المواطنين بجلب بطاقات عائلاتهم جميعاً، والإدلاء بأصواتهم لها، بالإضافة إلى تأكيده أن بعض الجماعات حاولت ابتزاز الناخب، والتأثير على قرار التصويت لديه بالقوة، ومحاولة التجاوز على الدولة والقانون.

إقرأ أيضا