بعد إحاطة بلاسخارت.. هل حصل السوداني على الضوء الأخضر للتحرر من الإطار؟

جاءت إحاطة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في مجلس الأمن، لتكشف عن وجود دعم دولي…

جاءت إحاطة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في مجلس الأمن، لتكشف عن دعم دولي واضح لرئيس الحكومة، بمعزل عن قوى الإطار التنسيقي التي شكلت الحكومة، وخاصة القوى المرتبطة بالفصائل المسلحة، بحسب مراقبين للشأن السياسي، أكدوا أيضا أن هذا الدعم سيمنح السوداني مساحة للتحرّر من قوى الإطار.

ويقول المحلل السياسي فلاح المشعل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك تحوّلا بالموقف الدولي تحديدا إزاء حكومة السوداني المشكلة من الإطار، والسبب ربما يعود إلى المناخ الإقليمي ومساهمة العراق بالتغييرات السياسية مثل الصلح بين السعودية وإيران وتقريب وجهات النظر بين مصر وإيران والمساهمة بعودة سوريا للجامعة العربية، وبالتالي فالموقف العراقي الداعي لمشاريع الصلح وتهدئة المنطقة خصوصا في الجوانب الأمنية، كلها كانت عوامل إيجابية لحكومة السوداني”.

ويضيف المشعل، أن “إحاطة بلاسخارات ودعمها لحكومة السوداني بنيت على أساس المناخ العام للشرق الاوسط، وما يلائم معايير مجلس الأمن الدولي، وهذا الأمر يؤكد أن السوداني يتلقى دعما دوليا ويستطيع بموجبه أن يقوي حكومته وخطواته ويعطيه حرية للتحرر من شروط الإطار التنسيقي”.

ولم يبين المشعل تلك الشروط أو بنودها، إلا أن العرف السياسي القائم في العراق بعد 2003، يضع رئيس الحكومة ووزراءها رهن قرارات الكتل السياسية التي تأتي بهم.

وكانت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، قدمت أمس الخميس، إحاطتها في مجلس الأمن، وفيها أكدت الحكومة العراقية تركز على توطيد دعائم الاستقرار السياسي والعراق يمتلك إمكانات هائلة، ومن خلال الخطط الطموحة للحكومة يمكن معالجة العديد من عوامل عدم الاستقرار، شريطة تنفيذها بشكل كامل، وأن كل الأنظار تتجه إلى مجلس النواب، والاتفاق على ميزانية فعالة، عاجلاً وليس آجلاً، أمر بالغ الأهمية، إذ توفر الموارد اللازمة لتحويل أهداف معينة للحكومة إلى واقع- بما في ذلك الخدمات العامة الملائمة وتنظيم انتخابات مجالس المحافظات.

وبينت أن: حكومة العراق اتخذت موقفاً صريحاً وواضحاً ضد الآثار الضارة المترتبة على الفساد، والإصلاحات لن تتجذر إذا خُنقت بالأعشاب الضارة من المحسوبية والكسب غير المشروع، ولمؤسسات الدولة المستقلة أهمية بالغة.

يذكر أن بلاسخارت، قدمت في تشرين الأول أكتوبر الماضي، وخلال ذروة الأزمة السياسية في البلد، إحاطة في مجلس الأمن، وبينت فيها، أن الخلاف والتفرد بالسلطة ساد في العراق وحملة السلاح زادت حماستهم، وأن أصغر شرارة تكفي لإيصال العراق إلى الكارثة.. وأن الطبقة السياسية في العراق غير قادرة على حسم الأزمة.

وشكلت الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، بعد أن أنسحب التيار الصدري من العملية السياسية، وتشكل تحالف إدارة الدولة الذي ضم كافة القوى السياسية، وجرى الاتفاق على أن يشكل الإطار التنسيقي الحكومة، لكون المنصب من حصة المكون الشيعي.

إلى ذلك، يؤكد المحلل السياسي غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اجتماعات مجلس الأمن ومناقشة إحاطة بلاسخارات تقف إلى جانب البرامج الإصلاحية الحكومية لإحداث تغييرات جذرية في بنية النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وتتبنى تشجيع العراق، وهذا مبني على تصريحات السوداني التي يؤكد فيها تعزيز وتطبيق نظام السوق المفتوح والانفتاح على الاستثمارات الدولية والعربية وخططه لإنقاذ ملايين المواطنين تحت خط الفقر وإعادة بناء القاعدة الصناعية والبنى التحتية”.

ويجد فيصل، أن “موقف بلاسخارات يأتي ضمن إطار المؤشرات التي تعطي انطباعا بأن سياسات الحكومة ومنهج السوداني يهدف لإجراء تغييرات جذرية، وفي الوقت نفسه، يقف مجلس الأمن موقفا واضحا تجاه الجماعات المسلحة التي تستهدف المصالح الأمريكية، خاصة وأن تلك الجماعات تنسجم مع إيران التي تبرر شنّ الهجمات ضد القوات الأمريكية، فيما لم يصدر المرجع السيستاني أي فتوى أو دعوة لشن حرب أو مقاومة مسلحة ضد قوات التحالف أو القوات الأمريكية الموجودة وفقا لاتفاق بين بغداد وواشنطن”.

ويتابع “بالتالي كل هذه الأنشطة المعادية لقوات التحالف أو القوات الأمريكية، لا تنسجم مع الحكومة أو مرجعية النجف، وهي مدانة من قبل مجلس الأمن الدولي، الذي يرفض التعامل مع قياداتها، أي أن الإشادة بدور الحكومة لا تشمل هذه الجهات”.

ويضم الإطار التنسيقي، قوى مرتبطة بفصائل مسلحة، تعلن بشكل رسمي تبنيها لـ”مقاومة” القوات العسكرية الأمريكية والأجنبية، لكنها تتنصل باستمرار عن الهجمات التي ترتكبها فصائل غير معروفة.

يذكر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقع الثلاثاء الماضي، مرسوما يمدّد من خلاله حالة الطوارئ الوطنية، المتعلقة بالأوضاع في العراق، وفقا لبيان البيت الأبيض.

وأشار البيان إلى أسباب تمديد حالة الطوارئ، ومنها: لا تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق، وهذه العقبات تشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة الأمريكية أيضا.

يشار إلى أن السفيرة الأمريكية في بغداد ألينا رومانوسكي، قالت يوم الثلاثاء الماضي، إن العراقيين لا يريدون دولة تسيطر عليها “ميليشيات” وأن الولايات المتحدة “لن ترحل عن المنطقة.. وأن العراق يمثل أهمية استراتيجية كبيرة لدى واشنطن”.

ومنذ تكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة في تشرين الأول أكتوبر الماضي، بدأت السفيرة الأمريكية ألينا رومانسيكي، اجتماعاتها مع السوداني، ثم استمرت بعد تشكيله الحكومة ونيله ثقة البرلمان، وكثفت من اجتماعاتها معه في الفترة الأولى بعد تسمنه منصبه.

واستمرت رومانسيكي، بعقد لقاءات متعددة وبشكل مستمر، مع بعض الوزراء وزعماء الكتل السياسية، وخاصة قادة كتل الإطار التنسيقي، ووفقا لتقرير “العالم الجديد” حول هذه التحركات، فقد كشف المتحدثون أن الإدارة الأمريكية سلمت ملف العراق للسفيرة دون تدخل وزارة الخارجية أو الرئيس الأمريكي بشكل مباشر، وذلك ما يضمن لها حرية التحرك ومرونة بإيصال الرسائل، فيما بينوا أن سبب هذه الخطوة هو وضع اشتراطات على السوداني تخص الفصائل المسلحة، وبعد أن يتم تنفيذها تعود العلاقة بشكل مباشر مع واشنطن ويتقنن دور السفيرة الحالي.

إقرأ أيضا