الكشف عن التفاصيل الكاملة لـ”جماعة القربان”

“جماعة القربان”، مجموعة دينية “متطرفة” جديدة نشطت جنوبي العراق، متخذة من الإمام علي “إلها” لها،…

“جماعة القربان”، مجموعة دينية “متطرفة” جديدة نشطت مؤخرا في جنوب العراق وتحديدا في محافظة ذي قار (نحو 350 كلم جنوبي بغداد)، فلفتت إليها الأنظار لغرابة طقوسها التي تنتهي بالانتحار شنقاً، ما استدعى متابعتها وملاحقتها من قبل السلطات.

تابعت “العالم الجديد” ملف تلك الجماعة، وتوصلت إلى حقائق “صادمة”، أدلت بها مصادر استخبارية وأمنية، كشفت عن بدايات تشكلها وخفايا عقيدتها المركبة، ففي الوقت الذي ترى بالإمام علي “إلهاً” لها، تتخذ من موكب “شهيد الجمعة”، بمحافظة ذي قار، والذي يرمز للمرجع الديني الراحل محمد الصدر (اغتيل بالنجف عام 1999) ووالد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مقرا لها، في حين، يقيم زعيم الجماعة في إيران. 

ويقول مصدر استخباري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مجموعة دينية بدأت تنشط منذ فترة وجيزة تمتد لأكثر من ثلاثة أشهر جنوب شرق الناصرية بمركز قضاء سوق الشيوخ، وهو المعقل الرئيس لأتباع زعيم التيار الصدري”.

يذكر أن وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية أعلنت منذ أيام عن إلقاء القبض على 4 متهمين لارتباطهم بمجموعة القربان واتخذت بحقهم الإجراءات القانونية وإحالتهم إلى الجهات المختصة”، مشيرا إلى أن “وزارة الداخلية بحسب وكالة الاستخبارات تعمل على متابعة الجماعات المنحرفة والخارجين عن القانون وتحقيق السلم المجتمعي.

ويضيف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن “هذه الحركة أطلقت على نفسها جماعة القربان، وتتخذ من الإمام علي، إلهاً يصلون من خلاله للرب المطلق ليكون راضيا عنهم وعن ولائهم وأعمالهم”.

ويشير إلى أنه ووفقا لأفراد من هذه المجموعة، فإن “أبرز معتقد ديني يؤمنون به هو أن الإمام علي لا يقل شأنا عن الله تعالى، فدائما ما يدمجون كلمتين بواحدة، وهي: الله علي، وذلك خلال إقامة مجالس العزاء والذكر، ولهم أمكنة محدّدة تجمعهم وموكب محدد خاص بهم، وكانت هذه المجموعة منضوية تحت أحد أكبر المواكب الحسينية الكبيرة المعروفة في قضاء سوق الشيوخ جنوبي محافظة ذي قار، إلا أن الخلاف في المعتقد الديني دفعهم ليكونوا منبوذين من قبل رفاقهم السابقين ويعلنوا انشقاقهم”.

وخلال الأيام الماضية، تم تداول أخبار تفيد بانتحار أشخاض ينتمون لـ”جماعة القربان” في محافظة ذي قار، الأمر الذي أثار الرأي العام المحلي والعربي، وجرى تداوله دون أي تفاصيل بشأن هذه الجماعة. 

وحول بداية تشكل تلك الجماعة، يفيد المصدر، بأن “التحوّل الديني لديها، جاء بعد تردد عناصرها في زيارات متوالية إلى مرقد الإمام الرضا في مدينة مشهد الإيرانية سيرا على الأقدام، وبما أن الأمر يتطلب أسابيع طويلة، فقد زاد احتكاكهم بمجموعة دينية تعتنق المعتقد ذاته داخل إيران، حتى زاد عددهم وقارب الخمسمائة فرد، وباتوا يرتبطون بزعيم مقيم في إيران”.

ويلفت إلى أن “السلطات الأمنية تراقب تلك الجماعة، ولديها شكوك كبيرة بامتلاكهم أسلحة وأعتدة لمواجهة أي محاولة لمنعهم أو التصدي لهم”.

ويكشف أن “الجماعة تقدم القرابين في سبيل عقيدتهم، من خلال اختيار أحدهم ليكون قربانا من خلال إقدامه على الانتحار، وهذا الانتحار لا يكون بشكل عفوي، بل خلال إقامة كرنفال ديني كمجلس عزاء لإحياء ذكرى الإمام علي أو أحد أبنائه وأحفاده، بعدها تقام قرعة بين الشباب الموجودين كي يتم اختياره قربانا، ومن يقع عليه الاختيار يقوم بشنق نفسه”، مشيرا إلى أنه “ليس هناك تعليل لسبب اختيارهم للشنق دون غيره من حالات الانتحار”.

ويتابع المصدر، أن “هذه الجماعة، تبدو للوهلة الأولى، منشقة عن التيار الصدري، وهذا ما يظهر من خلال تسمية موكبهم بشهيد الجمعة، وهي ذات التسمية لموكب التيار الصدري، بالإضافة إلى رفعهم صور الشهيد محمد الصدر، والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في مناسبات عديدة”.

وينوه إلى أن “الناصرية (مركز محافظة ذي قار)، سجلت منذ بداية العام الحالي وحتى الآن 3 حالات شنق، إحداها تمت بمساعدة رفاق المشنوق داخل موكب شهيد الجمعة”.

وبرزت بعد عام 2003 ثلاث حركات هي الأبرز على الساحة العراقية، وهي حركة جند السماء وأتباع أحمد بن الحسن اليماني والحركة الصرخية من أتباع رجل الدين محمود الحسني الصرخي وتمتلك هذه الحركات أجنحة مسلحة خاصة بها.

ومؤخرا، برزت حركة تسمى “أصحاب القضية”، وأفرادها جزء من تلتيار الصدري، وأعلنوا عن نيتهم مبايعة زعيم التيار مقتدى الصدر بانه “الإمام المهدي”، ما دفع الصدر إلى تعليق نشاط التيار لمدة عام وغلق أبواب مرقد والده الصدر الثاني.

يشار إلى أن ما يسمى بـ”أهل القضية”، يقدر عددهم بالآلاف داخل التيار الصدري، ومضى على وجودهم سنوات طويلة، وسبق للصدر وأن رفضهم وطالب بوقفهم، لكن لم يتخذ أي إجراء بحقهم.

وعادت هذه الحركة “أصحاب القضية”، إلى الظهور يوم أمس السبت، وأعلنوا عن مقطع فيديو عن خطوات مبايعة الصدر، فضلا عن كشفهم خطة للتوجه إلى العاصمة بغداد وإسقاط الحكومة. 

إلى ذلك، يوضح قائد شرطة ذي قار اللواء مكي الخيكاني، خلال حديث مقتضب لـ”العالم الجديد”، أن “هذه المجموعة الدينية مُتابعة من قبل الجهات الاستخبارية وهي قيد التحقيق، وعن مدى ارتباطهم بحالات الانتحار لم يثبت هذا الأمر لحين توثيقه قضائيا في هذا الشأن”.

يشار إلى أن الأجهزة الأمنية والقضائية، دائما ما تلاحق اعضاء هذه الحركات وتنفذ حملات اعتقالات واسعة بحقهم، بناء على أوامر قضائية، وهو ما جرى مع “أصحاب القضية” ومؤخرا مع “جماعة القربان”، وقبلهم مع جند السماء وغيرهم.

جدير بالذكر، أن حركة جند السماء، شكلت تهديدا كبيرا للأمن في البلد، ما استدعى الدخول معها بمعركة في النجف، بمشاركة القوات الأمنية العراقية والقوات الأمريكية عام 2007، ومن ثم اعتقال زعيمها لاحقا، خاصة وأنها كانت تخطط لتفجير مراقد الائمة واغتيال المراجع.

من جانبه، يجد الباحث الاستراتيجي قاسم الربيعي، خلال حديث مقتضب لـ”العالم الجديد”، أن “أهم الأسباب وراء ظهور الجماعات الدينية ذات الأفكار المنحرفة والمتطرفة هو العامل الاقتصادي الذي يدفع بالبعض للبحث عن شيء لملء الفراغ الذي يعاني منه”.

ويضيف الربيعي، أن “السبب الآخر هو التعمق في الدراسة الدينية بشكل يأخذ الفرد إلى التطرف وسط عدم وجود زعامة دينية موحدة تتحد عندها الأتباع، وهذه تكون سببا لظهور مثل هكذا جماعات، والتأريخ يشير إلى ظهور مثل هذه الجماعات بشكل متتال وغير منقطع”.

وبين فترة وأخرى، تظهر جماعة دينية متشددة في العراق، يقودها شخص يدعي انه رجل دين، وتهدف إلى زعزعة الأمن وهدم المقدسات في البلد، التي يقصدها ملايين المواطنين سنويا، وذلك في ظل ارتفاع نسب البطالة والفقر لمستويات كبيرة، فضلا عن التظاهرات التي تطالب بالتعيين وتوفير فرص عمل.  

إقرأ أيضا