استبدال شمخاني.. هل يؤثر في الاتفاق الإيراني السعودي؟

تساؤلات عديدة أثيرت حول تغيير أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، وتأثير ذلك على…

بعد نجاحه في ملفات عدة أبرزها إعادة الروح للعلاقات الإيرانية السعودية، وإطفاء بؤر التوتر بين طهران وعواصم عربية وخليجية، تأتي الإطاحة بالأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، لتفتح الباب على مصراعيه أمام تكهنات عدة حول مستقبل العلاقات المضطربة للجمهورية الإسلامية بمحيطها، لكن محللين ومتخصصين قللوا من انعكاس هذا التغيير على السياسة الخارجية لإيران، رغم صعود قيادي بالحرس الثوري مكان شمخاني.

ويقول الباحث المختص بالشأن الإيراني مشتاق الحلو، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المرشد الإيراني علي خامنئي، هو القائد وفق الدستور الإيراني، وهو الذي يرسم الخطوط العامّة للسياسة الخارجية والداخلية والأمنية والاقتصادية والثقافية للبلاد، وأي منصب دونه لن يكون سببا لأي تغيير جذري في السياسة الإيرانية”.

وكان شمخاني، أعلن عن تقديمه استقالته يوم الأحد الماضي، وسرعان ما أصدر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قرارا بتعيين الجنرال علي أكبر أحمديان الذي كان يتولى رئاسة المركز الاستراتيجي للحرس الثوري، أمينا جديدا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

وبشأن تنصيب عضو في الحرس الثوري، خلفا لعلي شمخاني، يوضح الحلو، أن “شمخاني ابن الحرس الثوري، وقد بدأ منه في العام 1985، إبان حكومة علي خامنئي الثانية، حينما كان الأخير رئيسا للجمهورية، حيث تسنم منصب وزير الحرس الثوري، وهو المنصب الذي تم إلغاؤه لاحقا”.

ويتابع، أن “مجلس الأمن القومي الإيراني يتألف من رؤساء السلطات الثلاثة (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وممثلين اثنين عن المرشد، ووزراء الأمن والخارجية والداخلية، ورئيس أركان الجيش، وقائد الحرس الثوري، وقائد الجيش، ورئيس منظمة التخطيط والموازنة العامة، بالإضافة إلى أي وزير تخضع حقيبته للنقاش في المجلس، فتغيير شخص واحد من بين هذه المجموعة لا يعني تغييرا جوهريا فيها”.

ويؤكد المختص في الشأن الإيراني، أن “ما قام به شمخاني كان تنفيذا لإرادة المرشد، وهي السياسة التي سمّاها الأخير في حديثه يوم السبت الماضي، بضرورة الانعطاف في السياسة الخارجية ببعض الأحيان”.

ويرى، أن “تغيير المتصدين للمناصب من قبيل الأمين العام لمجلس الأمن القومي أو رئيس الجمهورية أو قائد الحرس وغيرهم لا يؤثّر على الخط العام للسياسة الإيرانية في العراق والمنطقة، ولذا نرى أن الجماعات المسلحة تأسست في العراق بين أعوام 2003 و2005 في ظل حكومة محمد خاتمي، واستمرت السياسة نفسها لعقدين دون أن يؤثر عليها تغيير الوجوه”.

ويعزو السبب وراء تغيير شمخاني لـ”عدة أسباب داخلية، أهمها إعدام مستشاره السابق علي رضا اكبري بتهمة التجسس لبريطانيا، وتهم الفساد الكبيرة التي شاعت عن ابنه، وأيضا عدم رغبة منافسيه بتسجيل الإنجازات الدبلوماسية الأخيرة باسم شخص عربي الأصل بدأ يأخذ حجما أكبر مما رسم له”.

يذكر أنه جرى إعدام مستشار شمخاني، وهو علي رضا أكبري، في كانون الثاني يناير الماضي بتهمة التجسس لصالح الاستخبارات البريطانية،

وشمخاني المولود عام 1955 بمدينة الأهواز جنوب غربي إيران، ينحدر من أصول عربية لأسرة تنتسب إلى عشيرة الشماخنة التابعة لقبيلة بني ربيعة، ساهم في تأسيس الحرس الثوري بمحافظة خوزستان، وأصبح وزيرا للمؤسسة العسكرية في حكومة مير حسين موسوي (1989-1988)، ثم وزيرا لحقيبة الدفاع في حقبتي الرئيس محمد خاتمي (1997-2005).

ويعد شمخاني من الشخصيات المقربة للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وعينه مستشارا له بعد استقالته من منصبه قبل يومين، كما سبق وأن شغل شمخاني عضوية في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ورئيسا للمركز الاستراتيجي للقوات المسلحة الإيرانية في عهد الرئيس أحمدي نجاد، ثم عين أمينا للمجلس الأعلى للأمن القومي عام 2013 في بداية رئاسة حسن روحاني، ومكث في منصبه 10 أعوام.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي السعودي عبد الله العريفج، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحرس الثوري الإيراني هو المتنفذ في ايران، مثل حزب الله في لبنان، أو الحوثي في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، كما أننا نعتقد أنه لا سبيل للخروج من الأزمة الإقليمية إلا بتقليص الدور الأمريكي الذي يلعب على التناقضات”.

ويبين العريفج، أن “قضية التغيير في المناصب داخل الدولة الإيرانية شأن داخلي، ونحن لا نتدخل بهكذا قضايا داخلية، لكننا نعتقد أنه إذا كانت هناك إرادة إيرانية في الانفتاح على دول الخليج العربي، فعليها التخلي عن دعم المنظمات الإرهابية”.

ويتابع، أن “قضية تغيير أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، لن تؤثر على سير عودة العلاقات لطبيعتها ما بين طهران والرياض، كما أننا على ثقة بحكماء ايران والكرة في ملعبهم الآن من أجل عودة العلاقات الإيرانية لطبيعتها مع كافة دول المنطقة والخليج العربي”.

من جانب آخر، يعتبر أحمديان، مقربا من الرئيس الإيراني، الذي يعد أحد أذرع الحرس الثوري، ووصول الأخير للسلطة شكّل انتقالة في السياسة الإيرانية، حيث تمكن الحرس الثوري لأول مرة من الظفر بهرم السلطة التي كانت لفترة بيد “المعتدلين”.

ويعرف شمخاني بمهندس العلاقات الإيرانية العربية، الذي مثل بلاده في مفاوضات بكين التي توجت باتفاق طهران والرياض في آذار مارس الماضي.

يذكر أن الاتفاق الأمني بين إيران والسعودية، تمحور حول العودة إلى بنود الاتفاق السابق بين البلدين والذي يعود للعام 2001 حين كان مهندسها شمخاني يشغل منصب وزير للدفاع.

واكتسبت تحركات شمخاني المقرب من خامنئي، أهميتها من النجاح الذي تحقق بإعادة رسم السياسات الإيرانية مع دول إقليمية مثل العراق والإمارات والسعودية، حيث زار العراق في آذار مارس الماضي، بعد زيارة قصيرة للإمارات أجرى خلالها مباحثات مع كبار المسؤولين، بمن فيهم رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

ووقع شمخاني في بغداد، مع نظيره مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وبحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اتفاقا أمنيا، يعد ثمرة مشاورات ثنائية استمرت لأشهر بين بغداد وطهران، بحسب بيان لمجلس الأمن القومي الإيراني، حيث من المفترض أن يسهم بتقليص واحتواء التحديات الأمنية.

ولا يختلف المحلل السياسي المقيم في واشنطن نزار حيدر، عن الرؤيتين السابقتين، قائلا إن “تغيير شمخاني، امر طبيعي ولا يؤثر على الدور الإيراني في العراق وعموم المنطقة، خصوصاً أن هذا المنصب يدار من قبل المرشد الإيراني الأعلى حصراً، مهما كان اسم من يرأس هذا المنصب، سواء كان من الحرس الثوري أو غيره من الأجهزة الإيرانية”.

ويبين حيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، ليس بالأمر المهم جداً في إيران، وحتى الجانب الأمريكي لا يهتم بهذا المنصب كثيراً، كونه منصبا غير فاعل بالقضايا المهمة سواء في العراق والمنطقة وعموم العالم”.

ويضيف المحلل السياسي المقيم في واشنطن، أن “القضايا المهمة في العراق والمنطقة تدار وبشكل مباشر من قبل المرشد الإيراني الأعلى، وهو دائما ما يستخدم الحرس الثوري لتنفيذ الأجندة الإيرانية في العراق وعموم المنطقة، لكن تسمية شخصية من الحرس الثوري بمنصب الأمين المجلس الأعلى للأمن القومي، ليس بذتلك الأهمية، فالملفات الحساسة تدار من قبل المرشد الإيراني الأعلى وفريقه الخاص”.

يذكر أن شخصيات راديكالية في إيران طالبت بإقالة شمخاني في وقت سابق من أجل إدارة أفضل لقمع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عقب مقتل مهسا أميني، على يد شرطة الأخلاق في العام الماضي،

إقرأ أيضا