أعمال نفطية تهدد بجفاف “هور العظيم” المشترك بين العراق وإيران

أعمال نفطية تهدد “هور العظيم”، أحد أكبر المستنقعات النفطية في إيران، والذي يقع في محافظة…

أعمال نفطية تهدد “هور العظيم”، أحد أكبر المستنقعات النفطية في إيران، والذي يقع في محافظة خوزستان، كما أنه يعد من الأهوار المشتركة مع العراق، من جهة محافظة ميسان.

صحيفة “اعتماد” الإيرانية أشارت إلى أن “عمليات تطوير في حقل سهراب النفطي، يهدد بجفاف حقل العظيم الواقع بين العراق وإيران”، مضيفة أن “أن مستنقعات الهور على وشك الجفاف مع بدء عمليات تطوير ذلك الحقل في المنطقة المحمية”.

السلطات الإيرانية سبق وأن أعلنت أنها لم تصدر تراخيص للعمل بالمشروع.

“هور العظيم” من الجانب العراقي يقع في ناحية المشرح في ميسان وله مدخلان بريان هما طريق ناحية المشرح-هور العظيم وطريق الكحلاء – المعيل – المشرح .

هو أحد الأهوار التي تعرضت إلى عمليات التجفيف ثم عادت إليها المياه بصورة طبيعية بعد سقوط النظام السابق لتغمر مساحة كبيرة منه لا أنه لا زالت هنالك أراضٍ مجففة استغل منها للزراعة وكذلك سكنتها عدة تجمعات سكنية.

يتم تغذية هذا الهور وانعاشه بالمياة من خلال منافذ داخلية هي نهر المشرح ومنافذ خارجية هي نهر الطيب ونهر الدويريج ونهر الكرخة ونهر نيسان ونهر الخفاجية كما أن المياه التي تغذيه تكون في حالات متفاوتة لسد نقص مياهه وهو يعتبر أيضا من ضمن الحدود المشتركة بين إيران والعراق ويبدأ من ناحية المشرح إلى هور أم نعاج

مر هور “العظيم”، أحد أبرز الأهوار المشتركة بين العراق وايران، بمراحل تجفيف وجفاف قاسية لنحو أربعة عقود من الحروب والنزاعات، حيث شاركت سياسات البلدين بالتأثير سلبا على واقعه الذي لا زال يحتضن كائنات مهددة بالانقراض، فبعد قطع ايران لأنهرها التي تصب في بلاد الرافدين، أثير مؤخرا ملف “تجفيفها” لهور العظيم (الحويزة)، من أجل استخراج النفط من قاعه، رغم إدراجه ضمن لائحة التراث العالمي، ودون أي موقف رسمي عراقي.

وتستعرض “العالم الجديد”، مع ناشط مختص أبرز سمات هور “العظيم” والتحولات التي مر بها.

وكان الناشط المختص بشؤون الأهوار جاسم الأسدي، صرح في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، إن “مساحة هور العظيم تبلغ 3500 كيلومتر مربع، 79 بالمائة منها في العراق و21 بالمائة داخل الحدود الايرانية”.

ويضيف الأسدي، أن “الهور تعرض الى تجفيف من قبل الجانبين العراقي والايراني خلال حرب الثمانينيات، وذلك عبر إنشاء السواتر والسدود تبعا للعمليات العسكرية القائمة آنذاك، ثم تعرض الى إبادة وتجفيف استمر منذ العام 1991 الى 2003، نتيجة لسياسة النظام السابق”، مردفا “ثم تعرض الى الجفاف في اعوام 2009 و2015 و2018، اضافة الى العام الحالي”.

وسلطت “العالم الجديد” الضوء على جفاف هور العظيم، عبر تقرير مفصل بعنوان: هور العظيم.. سيرة جفاف و”تجفيف”

يذكر أن الأمم المتحدة اعتبرت عمليات تجفيف الأهوار العراقية في تسعينيات القرن الماضي، من أكبر الكوارث البيئية التي حدثت في القرن العشرين، وتقارن بما جرى في البرازيل من قطع الأشجار بحوض الأمازون.

وفي 17 تموز يوليو 2016، أدرجت الأهوار على لائحة التراث العالمي، حينما صوتت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بإجماع أعضائها على ضم الأهوار إلى اللائحة.

ويشير الأسدي، وهو مسؤول منظمة طبيعة العراق في محافظة ذي قار، الى أنه “في العام 2005، وضعت وزارة الموارد المائية خطة لاستعادة 80 بالمائة من الهور، كما أنه يعتمد في الجانب الجنوبي على المغذيات الايرانية، ولكنها قطعت بالكامل، وأهمها نهر الكرخة الذي كان يغذي الهور بنسبة 50 بالمائة، حيث أقيمت عليه من قبل الجانب الايراني 3 سدود وتم تحويله وتحجميه، عبر إنشاء سدة ترابية موازية للحدود العراقية الايرانية”.

ويلفت الى أنه “في حال استمرار انقطاع المياه الايرانية وقلتها من الجانب التركي، حيث منابع نهر دجلة، فان الهور سيتأثر بشكل كبير، وهذا ما حدث العام الحالي، حيث تأثر بشكل كبير رغم الإطلاقات من الخزين الاستراتيجي في سدود الموصل ودوكان والثرثار، إلا أن كمية المياه وصلت الى حدود 6 متر مكعب بالثانية في حين يفترض أنها لا تقل عن 30 متر مكعب بالثانية”.

ويؤكد أن “الهور غني بالتنوع الاحيائي بشكل كبير، خصوصا (ماكسويل) كليب الماء ذو الفراء الناعم، وهو أحد الحيوانات المسجلة في القائمة الحمراء والمهددة بالانقراض”.

وحول مساعي ايران لتحويل الهور الى رقعة استخراج نفط، يوضح الاسدي ان “اجزاء هور العظيم في ايران، عبارة عن نشاطات نفطية، حيث تمتد على طوال الهور طرق معبدة، إضافة الى أنها قللت وقطعت كمية المياه من نهر الكرخة، كما منعوا السكان المحليين بالقرى من استخدام الهور سواء في الصيد او رعي الجاموس، ولهذا فان الهور تحول الى نشاط نفطي بحت منذ سنوات”.

وينوه الى أن “ايران مارست اضطهادا على الجانب العراقي بشأن هور العظيم، وفعلوا ما لا يجب ان يفعلوه، كما أن موقف العراق ضعيف جدا من هذا الامر، خاصة وأن الموضوع وطني ولا يستوجب تدويله، إذ على العراق أن يجبر ايران على العمل بصورة صحيحة بشان الهور”.

وحول موقف العراق امام اليونسكو، يبين أن “تجفيف الهور يضع العراق بموقف سلبي لدى اليونسكو، لأنه عندما سجلت الأهوار على لائحة التراث العالمي كانت هناك التزامات على العراق القيام بها، وواحدة منها ان يوفر كميات المياه الملائمة للفعاليات البيئية وعليه ان يفي بالتزاماته”.

ويتعرض العراق لمخاطر التصحر بسبب موجات الجفاف الناتجة عن قلة الحصة المائية لنهري دجلة والفرات بعد بناء عدة سدود عليهما من قبل دول الجوار على الرغم من وجود اتفاقيات ومعاهدات دولية تنظم ذلك مثل معاهدة “رامسار” للأراضي الرطبة التي انطلقت عام 1971 في إيران وأصبحت سارية المفعول عام 1975، وتتخذ من مدينة جنيف مقرا لها، وانضم إليها العراق عام 2007.

وشهدت منطقة الاهواز في محافظة خوزستان بايران، احتجاجات شعبية واسعة على خلفية أزمة المياه والجفاف، في العام الماضي، ومساعي السلطات الايرانية تحويل مجرى نهر الكارون الى الداخل الايراني، وإبعاده عن محافظة خوزستان، الذي يعد شريان الحياة بالنسبة لها.

وبحسب الشرطة الايرانية آنذاط، فأن الاحتجاجات على نقص المياه امتدت من إقليم خوزستان جنوب غرب البلاد، وهو إقليم غني بالنفط، إلى منطقة مجاورة خلال الليل، حيث قتل شاب وأصيب سبعة، وألقت الشرطة الإيرانية باللوم على “مناهضين للثورة”.

وتم تغيير مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر الأراضي الزراعية في محافظة البصرة.

إقرأ أيضا