بعد قرار “الاتحادية”.. الإقليم على موعد مع أزمة جديدة

سقط قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية تمديد برلمان الإقليم وبطلان قرارته، بما يشبه الصاعقة على…

سقط قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية تمديد برلمان الإقليم وبطلان قرارته، كالصاعقة على الإقليم، ليجدّد الشرخ بين الحزبين الرئيسين، “الديمقراطي” و”الاتحاد الوطني”، ففيما أبدى الأول “ارتياحه” للقرار، كون الانتخابات ستجرى وفقا للقانون النافذ دون تعديل، والذي يلائم تطلعاته، هاجم الثاني، القانون والقرار معا، وفيما بات مصير انتخابات الإقليم بيد المفوضية الاتحادية، وسط ترجيحات بإجرائها بعد الانتخابات المحلية.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية تمديد عمر برلمان الإقليم، يجعل حكومة كردستان حكومة تصريف أعمال يومية، ويحق لهذه الحكومة أن تكون بمهام تصريف الأعمال لمدة عام واحد، أما بالنسبة لإجراء الانتخابات في الإقليم ستكون من مهام مفوضية الانتخابات الاتحادية في بغداد”.

ويبين كريم، أن “هناك إمكانية لإجراء انتخابات إقليم كردستان مع انتخابات مجالس المحافظات، التي تنوي المفوضية القيام بها نهاية السنة الحالية، وستكون الانتخابات في الإقليم بالقانون القديم نفسه، فكل القرارات المتخذة من برلمان الإقليم بعد التمديد أصبحت باطلة، ولهذا لا يمكن إجراء الانتخابات إلا من خلال القانون القديم”.

ويضيف أن “حكومة إقليم كردستان، ستعمل بكل ما تملك من صلاحيات وإمكانيات لإجراء انتخابات الإقليم نهاية السنة الحالية، وسيكون هناك تعاون كبير مع مفوضية الانتخابات الاتحادية في بغداد، لإنجاح الانتخابات، وحتى لو تم تأجيل انتخابات مجالس المحافظات، الإقليم سيعمل على إجراء انتخاباته نهاية العام الحالي، دون أي تأجيل”.

وكانت المحكمة الاتحادية، أصدرت يوم أمس الثلاثاء، قرارها بعدم دستورية تمديد عمر برلمان الإقليم، بناء على الدعوى المقامة أمامها بهذا الشأن، ونص القرار: الدستور نص على أن يكون عمر البرلمان أربع سنوات ويعد باطلاً أي نص قانوني آخر يتعارض مع الدستور.. استمرار الدورة الخامسة لبرلمان كردستان يتعارض مع أحكام الدستور، لافتا إلى اعتبار الدورة الخامسة لبرلمان كردستان منتهية وما صدر بعد التمديد باطل دستورياً.

يشار إلى أن المتحدث باسم رئاسة إقليم كردستان، دلشاد شهاب، أعلن في آذار مارس الماضي، أن رئاسة الإقليم، حددت يوم 18 من شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل موعداً لإجراء انتخابات برلمان كردستان.

وشهد برلمان الإقليم، في 22 من الشهر الحالي، خلافات بلغت مرحلة الاشتباك بالأيدي، على خلفية طرح قضية تمديد ولاية مفوضية الانتخابات في الإقليم، وفي النهاية جرى التصويت عليها، رغم كل المشاكل التي رافقت الجلسة.

ومن أبرز المشاكل بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، حول انتخابات الإقليم، هي إصرار الاتحاد الوطني على تعديل قانون الانتخابات، فيما يرفض الحزب الديمقراطي هذا الطرح، ويصف دوافع الاتحاد الوطني بأنها “حجج واهية” لتأجيل إجراء الانتخابات.

من جهته، يوضح القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني برهان شيخ رؤوف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”: “نحترم كافة القرارات الصادرة من المحكمة الاتحادية العليا، وهي ملزمة لنا، لكن المحكمة الاتحادية مطالبة بتوضيح ما هي الإجراءات القانونية والدستورية لإجراء الانتخابات في الإقليم بعد هذا القرار وكيف يمكن تعديل قانون الانتخابات ومن سيدير الملف الانتخابي”.

ويضيف شيخ رؤوف أن “العودة لقانون الانتخابات السابق، غير ممكن فهذا القانون عليه اعتراضات من جميع القوى الكردية في الإقليم عدا الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولهذا نعتقد أن قرار المحكمة الاتحادية صب في صالح الديمقراطي سياسياً”.

ويبين: “سيكون لنا حراك سياسي نحو المحكمة الاتحادية ونحو مجلس النواب العراقي الاتحادي لبحث إمكانية إجراء تعديل لقانون الانتخابات بالإقليم عبر هذه المؤسسات الدستورية، والبحث عن الجهة التي ستدير انتخابات الإقليم، خصوصاً أن الأزمة السياسية تتعمق بشكل كبير داخل الإقليم ولا حل لهذه الأزمة إلا بإجراء الانتخابات”.

وكان رئيس الإقليم، وقع في 24 شباط فبراير 2022، أمراً يقضي بتحديد الأول من تشرين الأول أكتوبر من العام الماضي، موعدا لإجراء انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كردستان، لكن جرى تأجيلها.

 ومنذ عامين، دخل الإقليم بفراغ دستوري، نظراً لعدم إجرائه الانتخابات النيابية فيه، نتيجة للخلافات بين الأحزاب الكردية.

ومؤخراً، بدأت حلحلة الخلافات، بضغط دولي، وبتدخل من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وعقدت اجتماعات بين قادة الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني.

بالمقابل، يؤكد الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “عمر برلمان الإقليم انتهى وفق المواد 1و6 من الدستور الاتحادي ولا يحق له الاستمرار لأن تفويض الشعب له انتهى والشعب مصدر السلطات، كما أن عمر مفوضية الانتخابات بالإقليم انتهى وفق قانون مفوضية الانتخابات في إقليم كردستان رقم 4 لسنة 2014 هو 5 سنوات بالتالي لا يحق لها إجراء الانتخابات”.

ويوضح التميمي أن “الانتخابات يجب أن تكون بإشراف مفوضية الانتخابات الاتحادية وفق المادة 1 ثالثا من قانون مفوضية الانتخابات الاتحادية 31 لسنة 2019، حيث يمكن أن تجري الانتخابات بموعد محدد مع انتخابات مجالس المحافظات، ثم بعد أن يشكل مجلس إقليم كردستان يعمد إلى تشكيل مفوضية الانتخابات الجديدة في الإقليم”.

ويضيف أن “هذا يعني يمكن أن تحدد انتخابات مجلس النواب في الإقليم، بتنسيق بين مجلس الوزراء في الإقليم ومفوضية الانتخابات الاتحادية، ثم بعد ذلك يتم انتخاب مفوضية الانتخابات في إقليم كردستان من قبل البرلمان المنتخب، وهذا هو المخرج القانون والدستوري”.

يشار إلى أن الحزبين، اقتربا مؤخرا من التوافق حول تعديل قانون الانتخابات، وتحديد عدد دوائره وخاصة مقاعد الكوتا، وكان من المفترض أن يصوت برلمان الإقليم على التعديلات، قبل أن يصدر قرار المحكمة الاتحادية.

يذكر أن اجتماع رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، ونائب رئيس الحكومة قوباد طالباني، الذي جرى مطلع الشهر الحالي، حدث لأول مرة منذ تفجر الأزمة بين الطرفين منذ قرابة العام، وتم خلاله الاتفاق على حل جميع المشاكل من خلال الحوار والتعاون بين جميع الكتل الوزارية ضمن التشكيلة الحكومية، وشهد مناقشة المشاكل المالية والإدارية التي تواجه حكومة الإقليم، كما تقرر من الحزبين، إيقاف حملاتهما الإعلامية ضد بعضهما البعض.

 وعلى خلفية اجتماع الطرفين، تقررت عودة وزراء الاتحاد الوطني للمشاركة بحكومة الإقليم، بعد أن انسحبوا منها، إثر بيان رئيس الحكومة الحاد ضد الاتحاد الوطني.

وكان رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، استعرض في البيان الذي أدى لانسحاب الاتحاد الوطني في حينها، المشاكل مع الاتحاد الوطني ومناطق نفوذه وهي السليمانية وكرميان وحلبجة وإدارة رابرين من قبل بارزاني، كما تطرق إلى قضية اغتيال العقيد هاوكار الجاف، حيث قال في حينها: إن هناك قرارا من مجلس وزراء الإقليم يقضي بإرسال قوات مشتركة إلى المنافذ الحدودية، ولكن الاتحاد الوطني هدد بأنه في حال تنفيذ هذا القرار سيتم افتعال الحرب الداخلية، وهذا الأمر تم إبرازه لعدم تسليط الضوء على اغتيال العقيد هاوكار الجاف في قلب عاصمة إقليم كردستان، مؤكدا أن هذه القضية هي السبب الرئيسي لهذه المشاكل لذا أطالب بتسليم المتهمين (في إشارة إلى اتهام الاتحاد الوطني بالاغتيال).

 يشار إلى أن رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، ظهر بلقاء متلفز في تشرين الثاني نوفمبر 2022، وفيه أكد أن أربيل ستخسر أكثر من السليمانية في حال حدث الانشطار، فالغاز الطبيعي في السليمانية، وعليه فانسحابنا فيه ضرر للديمقراطي الكردستاني وليس لنا، مؤكدا أنه التقى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني أكثر من 16 مرة “لكن هناك عدم تفاهم بيننا، بل هناك من يسعى لكي لا نتوصل لاتفاق، وبعض المشاكل بيننا تعود إلى أمور داخلية”، بحسب قوله.

إقرأ أيضا