عقد لاليغا.. توقيع بعد جدل والاتهامات تترى

يبدو أن عربة الاتحاد العراقي لكرة القدم، قد نجحت في عبور المطبات العديدة التي وضعها…

يبدو أن عربة الاتحاد العراقي لكرة القدم، قد نجحت في عبور المطبات العديدة التي وضعها معارضوه في طريق التعاقد مع رابطة لاليغا الإسبانية، فعقد الشراكة الذي يهدف إلى تطوير واقع اللعبة وإنشاء دوري محترفين، واجه انقساما حادا في الشارع الرياضي، وانتهى بتحديد موعد التوقيع اليوم الأحد، بحضور رئيس الوزراء العراقي ورئيس الرابطة الإسبانية.

ويقول مصدر من داخل الاتحاد العراقي لكرة القدم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “توقيع العقد مع رابطة الدوري الإسباني- لاليغا، سيكون في قرية دجلة وسط العاصمة بغداد، بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الرابطة خافيير تيباس”.

ويوضح أن “العقد يتضمن شقين؛ الأول يتعلق بتنظيم الدوري وكل ما يخصه كالأندية والتسويق والكوادر الطبية ومنظومة الفار والملاعب، فيما يتضمن الشق الآخر مشروع الحلم الذي يخص الفئات العمرية وسبل تطويرها وإعدادها وهو مشروع متكامل وكبير جدا”.

ويؤكد أن “الرابطة الإسبانية بموجب العقد، ستهيئ فريق عمل عراقيا متكاملا لمسك الدوري بعد انتهاء العقد الذي يستمر 3 سنوات”، لافتا إلى أن “الكلفة المالية للعقد، تبلغ خمسة ملايين يورو، وهو مبلغ يتناسب مع اسم وحجم اللاليغا الإسبانية”.

وبشأن عدد الأندية المشاركة في الدوري، يلفت إلى أن “عددها لن يتجاوز أكثر من 16 نادياً، وهذا بات سببا لشعور البعض بخطر الهبوط فأخذوا يوجهون الأندية والهيئة العامة للوقوف ضده، متذرعين بأن هذا العقد سيرفع التمويل الحكومي عن الأندية”، لافتا إلى أن “الرابطة الإسبانية عندما تمسك بزمام تنظيم الدوري فلن يكون هناك أي مجال للمجاملات التي كانت تحدث سابقا من بعض لجان الاتحاد سواء مع الأندية أو اللاعبين”.

ومن المقرر أن يوقع الاتحاد العراقي لكرة القدم برئاسة عدنان درجال عقد شراكة مع رابطة الدوري الإسباني لاليغا برئاسة خافيير تيباس، بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بحسب بيان اطلعت عليه “العالم الجديد”.

من جانبه، يشكك الإعلامي محمد خلف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، “في نجاح المشروع، لأنه غير مبني على أسس صحيحة وأرضية مهيأة للنجاح، لسبب أن أنديتنا جميعها حكومية بملاعبها وبناها التحتية، فمن الصعب تنفيذ الاحتراف الذي يبنى على الاستثمار ورعاية رجال الأعمال، وهذا يتطلب تغيير قانون الأندية، إذ يجب أن تمتلك الأندية مقرات وملاعب وبنى تحتية خاصة كما يجب أن يمتلك كل ناد حسابا مصرفيا خاصا يضمن عقود اللاعبين والعاملين فيه والكوادر الطبية وغيرهم”.

ويرى خلف أن “هذه الخطوة متسرعة، وهي تشبه من يشيّد مبنى بدءا من الطابق الرابع والخامس، مهملا الأساس والطوابق الأولى، إذ ليس هناك مرتكزات صحيحة لعمل الرابطة الإسبانية”، مشيرا إلى أن “الأخيرة لا تهتم للواقع العراقي سيأتي فريق محترف ينظم دوري بعشرين فريقا كما في السابق، فهي منظمة تجارية ربحية لها تجارب عديدة في سنغافورة ودول أخرى”.

ويعتقد أن “فرص نجاح هذه التجربة ضئيلة، لأن النجاح يعتمد على الأندية وليس اتحاد كرة القدم، وهذه الأندية مرتبطة بمؤسسات كالداخلية والدفاع والنفط والكهرباء وغيرها، وهذا الأمر يصعّب أن تفرض هذه الرابطة شروطها على الوزارات والمؤسسات التي تمتلك هذه الأندية وتموّلها”.

وعن تجارب الدول الأخرى يذكر خلف، أن “تلك التجارب أخذت وقتا طويلا حتى وصلت إلى النضج، مع أن هذه الدول يقودها ملوك وأمراء وتنفيذ أوامرهم تكون فورية بدعم مالي غير محدود، فعلى سبيل المثال أن تجربة دوري المحترفين في السعودي بدأت بـ2006 وفي قطر منذ 2002 وفي الإمارات منذ 2007، ولم تكتمل هذه التجارب إلا بعد عشر سنوات من تاريخ بدئها”.

ويخلص المتحدث الإعلامي السابق للاتحاد العراقي، إلى أن “رئيس اتحاد الكرة كان من المفترض أن يناقش تعديل فقرات القوانين مع الهيئة العامة والجمعية العمومية منذ توقيع العقد الأول لإنشاء دوري المحترفين قبل ثمانية أشهر، ليكون هناك فسحة لتهيئة الأجواء”.

وفي صيف العام الماضي، اجتمع رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم، وزير الرياضة والشباب آنذاك، عدنان درجال، مع ممثل رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم، بهدف أن تتولى الرابطةُ “إقامةَ ورش العملِ الخاصة بالأندية، وتقديم استشاراتٍ تتعلقُ بنظام الدوري وتطويره والارتقاء بقدراتِ العاملين في الأنديةِ” وكذلك في ما يتعلق بتطبيق “دوري المحترفين”، وفق ما نشره الاتحاد آنذاك، وأكد أن ممثلي لا ليغا، قدّموا عرضًا تفصيليًا عن آليةِ التطبيق التي تتضمنُ فقراتٍ مهمةً تساهمُ في تطويرِ مُسابقةِ الدوري العراقيّ، وتنفيذ مشروع الحلم (2030) للفئاتِ العمريّة عبر مركزٍ تخصصيّ في كلِ محافظةٍ عراقيّة.

وعن العقدين، أشار الاتحاد إلى أنهما سيكونان البدايةَ الحقيقيّة لانطلاقةِ كرةِ القدم العراقيّة نحو تَطبيقِ مبادئ الاحترافِ الكرويّ بعد دراسةٍ مستفيضةٍ وخطواتٍ جادةٍ قامَ بها المكتبُ التنفيذيّ للاتحادِ عقدَ خلالها الاجتماعاتَ المُتكررة التي أفضت إلى توقيع العقدِ إلكترونيا، وزيارة إلى مقرِّ اللا ليغا في إسبانيا.

بدوره، يؤكد الصحفي والناقد الرياضي إياد الصالحي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أي أحد لا يستطيع التعليق على عقد لم يطلع على بنوده وتفاصيله، وهذا العقد مبهم لغاية الآن، ما عدا نسخة مترجمة إلى العربية سربت من داخل الاتحاد وشكك الكثيرون بها، ثم ما الغاية من وسم هذه النسخة بصفة المسربة”.

ويتساءل الصالحي، أن “هذه الفوضى، هل شاهدناها عند توقيع العقود في الدول المجاورة”، لافتا إلى أن “أطرافا من داخل الاتحاد نفسه هي من تبدأ بالتسريب وتخلق الفوضى”.

ويضيف، أن “العقد حتى وقت قريب كان من المفترض أن يخضع لقراءة خبراء، وتدقيقه ماليا وقانونيا بحسب ما أعلن مستشار رئيس الحكومة خالد كبيان، لكننا فوجئنا بإنهاء كل هذه التفاصيل بعد الاجتماع الثلاثي بين درجال وكبيان وإياد بنيان المستشار الآخر لرئيس الوزراء، من دون أن يكشف إن كان قد خضع لقراءة الخبراء ومن هم الخبراء”.

ويتابع أن “العراق يمتلك تجربة مريرة في توقيع العقود، لاسيما في الشأن الرياضي، كتجربة زيكو، وأولسن، التي خسرها العراق في المحاكم ودفع شروطا جزائية بقيم مالية كبيرة، لذلك من حق الرأي العام أن يعرف تفاصيل هذه العقود بنسخها العربية والإنكليزية، وأن يعلن عنها الاتحاد بشكل شفاف حتى تتم قراءتها من قبل قانونيين كي لا يضيع حق العراق فيها”.

وكان اجتماع ثلاثي جمع عدنان درجال، مع مستشاري رئيس الوزراء لشؤون الشباب والرياضة خالد كبيان وإياد بنيان، في وقت سابق، أثمر عن التوصل لموافقة نهائية رسمية من الحكومة لدعم مشروع دوري المحترفين برعاية إسبانية، وجاء هذا الاجتماع كرد فعل لحالة الرفض التي عمت الوسط الرياضي تجاه “مشروع الشراكة”، الذي عده كثيرون لا يخدم الكرة العراقية.

إلى ذلك، يرى الإعلامي عمار ساطع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أي حدث في العراق بعد 2003 اعتدنا أن يقسم الآراء إلى نصفين مع أو ضد، حتى أن القائمة المستدعاة لتمثيل المنتخب الوطني في معسكر إسبانيا (أعلنت أمس الأول) لم تسلم من هذا، فالكل ينصب نفسه محللا فنيا ومدربا وقانونيا ليبدي رأيه من دون خبرة ودراية”.

وبشأن العقد، يضيف ساطع، أنه “سيشمل تطوير وبناء أكاديميات في جميع المحافظات العراقية لاكتشاف وتطوير المواهب وإقامة دوري محترفين على مستوى عال وتدريب كادر لمدة ثلاث سنوات لمسك التنظيم من بعد الرابطة”، لافتا إلى أن “العقد تم إلكترونيا وسيوقع غدا (اليوم) حضوريا برعاية وحضور السوداني، وكان من المفترض أن يتم قبل عام من الآن، لكن هناك من وضع العصا في العجلة”.

وعن الأندية، ومدى مطابقتها للشروط، يشير الإعلامي الرياضي، إلى أن “الأندية بعد توقيع العقد ستصبح أمام واقع حال يفرض عليها تكييف وضعها مع الشروط التي تفرضها الرابطة، فيجب أن يتعاون الجميع من أندية ومؤسسات إعلامية لإنجاح عمل الرابطة إذا ما أردنا تطوير واقع كرة القدم العراقية”.

وحول غموض بنود العقد خشية أن تحتوي ثغرات قانونية تكلف العراق، يؤكد ساطع، أن “الانتقادات التي توجه بهذا الشأن لا مبرر لها، وهناك جهات رقابية كديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، هي المسؤولة عن محاسبة الجهات المتعاقدة إذا ما ظهر أن هناك مخالفات”.

يذكر أن الإعلان عن العقد أثار انقساما بين الرياضيين، بين مرحب وداعم، وبين رافض بذريعة عدم أهلية الأندية العراقية لهذا المستوى.

إقرأ أيضا